بطريرك أنطاكيا للموارنة وإلى الأساقفة والمؤمنين المرافقين له
حاضرة الفاتيكان، الجمعة 15 أبريل 2011 (Zenit.org)
بعد المقابلة الخاصة مع البطريرك بشارة بطرس الراعي، بطريرك أنطاكيا للموارنة، عند الثانية عشرة من ظهر يوم أمس في قاعة البابا أكليمندوس بالقصر الرسولي الفاتيكاني، التقى الأب الأقدس بندكتس السادس عشر بالبطريرك والأساقفة والمؤمنين الذين رافقوه إلى روما بمناسبة الاحتفال بالشركة الكنسية التي منحه إياها في 24 مارس الفائت. في ما يلي، ننشر الكلمة التي ألقاها البابا.
***
صاحب الغبطة،
أيها الإخوة الأجلاء في الأسقفية،
أبناء وبنات الكنيسة المارونية الأعزاء،
هذه الزيارة الأولى لخليفة بطرس بعد اختياركم لتولي السدة البطريركية للموارنة في أنطاكيا هي وقت مميز للكنيسة الجامعة. يسرني أن أستقبلكم هنا مع الأساقفة الموارنة والكهنة والمكرسين والمؤمنين للاحتفال بـ “الشركة الكنسية” التي عبرت لكم عنها في رسالة بتاريخ 24 مارس. إن انتخابكم الذي حصل بعد أيام قليلة من اختتام السنة المقدسة المعلنة للاحتفال بالذكرى المئوية السادسة عشرة لوفاة القديس مارون، يبدو كالثمرة الأبرز بين النعم العديدة التي نالها لكنيسته.
أحييكم جميعاً بحرارة، أنتم الذين جئتم لتكونوا حول بطريرككم في هذه اللحظات المهمة من الشركة الأخوية والوحدة الثابتة للكنيسة المارونية مع كنيسة روما، مشدداً بالتالي على أهمية الوحدة المرئية للكنيسة في كثلكتها. وفي غياب الكاردينال نصر الله بطرس صفير، أسمح لنفسي بالتعبير له عن محبتي وشكري لأنه كرس خمسة وعشرين عاماً من حياته لإرشاد الكنيسة المارونية كبطريرك، وسط محن التاريخ.
قريباً، هذه الشركة الكنسية ستجد أسمى تعبير عنها في الليتورجيا الإلهية حيث ستتم مشاركة الجسد الواحد والدم الواحد للمسيح. هنا، يتجلى كمال الشركة بين خليفة أمير الرسل والخليفة السابع والسبعين للقديس مارون، أب ورأس كنيسة أنطاكيا للموارنة، هذا الكرسي الرسولي الرائع حيث تلقى تلاميذ المسيح للمرة الأولى اسم “مسيحيين”! إن كنيستكم البطريركية، وتقاليدها الروحية والليتورجية واللاهوتية الغنية، من تقليد أنطاكيا، تزين دوماً الكنيسة جمعاء بهذا الكنز.
ولكونكم في قلب الشرق الأوسط، لديكم رسالة كبيرة تقدمونها للبشر الذين تلح محبة المسيح على إعلان بشرى الخلاص السارة لهم. خلال السينودس الأخير الذي دعوت إلى عقده في أكتوبر 2010، تم التذكير مراراً بإلحاحية اقتراح الإنجيل مجدداً على الأشخاص الذين يعرفونه قليلاً أو الذين ابتعدوا عن الكنيسة. بكل القوى الحية الموجودة في لبنان وفي الشرق الأوسط، أعلم يا صاحب الغبطة أنكم ستحرصون على إعلان كلمة الحياة هذه والشهادة لها وعيشها في الشركة، في سبيل استعادة حماسة المؤمنين الأولين الذين كانوا “يداومون على تلقي تعليم الرسل، وعلى حياة الشركة، وكسر الخبز، والصلوات” (أع 2، 42). هذه الناحية من العالم التي باركها البطاركة والأنبياء والرسل والمسيح بنفسه من خلال حضورهم وتبشيرهم، تصبو إلى هذا السلام الدائم الذي تستطيع إحلاله كلمة الحق المقبولة والمعاشة.
ستتابعون هذه المهمة من خلال تربية بشرية وروحية، أخلاقية وفكرية للشباب بفضل شبكتكم المدرسية والتعليمية التي أدرك جيداً نوعيتها. أتمنى بحرارة أن يكون دوركم في تنشئتهم مقدراً أكثر من قبل المجتمع، لكي تُنقل القيم الأساسية من دون تمييز. بالتالي، أرجو أن يصبح شباب اليوم رجالاً ونساءً مسؤولين في عائلاتهم وفي المجتمع، لبناء تضامن أكبر وأخوة أكبر بين جميع شرائح الأمة. بلغوا الشباب تقديري ومحبتي مذكرين إياهم بأن الكنيسة والمجتمع بحاجة إلى حماستهم ورجائهم. لذلك، أدعوكم إلى تعزيز تنشئة الكهنة والشباب الكثيرين الذين يدعوهم الرب في أبرشياتكم ورهبانياتكم. وليكونوا بتعليمهم ووجودهم شهوداً حقيقيين لكلمة الله لمساعدة المؤمنين على ترسيخ حياتهم ورسالتهم في المسيح!
صاحب الغبطة، أوجه إليكم تمنيات أخوية لكي يساعدكم الروح القدس في القيام بمهمتكم. فليعزكم في الشدائد ويمنحكم فرح رؤية نمو كنيستكم بالحماسة والعدد! في بداية خدمتكم، أريد أن أكرر لكم كلمات المسيح لتلاميذه: “لا تخافوا، أيها القطيع الصغير، لأن أباكم قد سر أن يعطيكم الملكوت” (لو 12، 32). فيما أوجه لكل الشعب اللبناني تحياتي الحارة، أوكلكم بخاصة إلى شفاعة سيدة لبنان، لأنكم يا صاحب الغبطة ابن الرهبانية المارونية للطوباوية مريم العذراء، وإلى شفاعة القديس مارون وجميع القديسين والطوباويين اللبنانيين. ومن كل قلبي، أمنح البركة الرسولية لكم وللأساقفة والكهنة والرهبان والراهبات وجميع المؤمنين في بطريركيتكم.
***
نقلته إلى العربية غرة معيط (Zenit.org)
حقوق الطبع محفوظة لمكتبة النشر الفاتيكانية 2011