بقلم أنطوانيت نمور
روما, 7 يوليو 2014 (زينيت) –
تجتاح مجتمعاتنا اليوم ثقافة كيفية التغلب على (التوتر) و المحافظة على اللياقة البدنية، ومن هذا الباب دخلت ممارسات عديدة منها ما هو صحي ومنها ما يستتر وراء (الصحي) : يتسلل الى الروح فيحدث الضرر. اليوغا : أبرز هذه الممارسات. وبالنسبة لكثير من المسيحيين غير المطّلعين على تاريخها ، اليوغا هي ببساطة وسيلة لممارسة الرياضة البدنية وتعزيز وتحسين مرونة العضلات. و لكن الحقيقة أن اليوغا هي أكثر بكثير من وسيلة تحسين الذات جسدياً… إن الفلسفة الكامنة وراء هذه الممارسة القديمة الآتية من الهند، تُعتبر الطريق إلى النمو الروحي والتنوير.
+ الجذور، الروحية و النظرة : إختلاف و تعارض … اليوغا كلمة سنسكريتية تعني “الاتحاد”، والهدف هو “تضافر و توحد” روح الفرد مع (المطلق المجرد الهندوسي) ، وهو المفهوم الهندوسي “لله”. هذا الإله ليس شخصاً، إنما هو الجوهر الروحي المتوحد مع الطبيعة والكون. ويسمى هذا الرأي ب”وحدة الوجود”، حيث يصبح الله والطبيعة شيء واحد!! و الكون المادي والإنسان ليسا إلا مظاهر للذات الإلهية… هناك تصبح الصخرة هي الله، الحيوانات هي الله، السماء هي الله، أنت هو الله…. وهذه النظرة تتعارض طبعاً مع النظرة المسيحية لله، الذي هو (كلي الوجود) ولكن ليس كل شيء هو الله. نعم، الله “موجود” في الشجر وفي البشر ولكن هذا لا يعني أن الشجر أو البشر هم الله. وتعتبر اليوغا أن هذا “الاتحاد” المنشود يحرر ويخلص للإنسان من العواقب التي تنجم عن خيارات و أفعال قام بها في حياة سابقة مفترضة. مما يتعارض مجدداً مع نظرة المسيحية للخلاص في الرب المسيح.
+ ولكني لا أعتنق ديانة أخرى : كل ما أفعله هو بعض التمارين …. نعم، أنت محق!! كل ما تفعله هو تمارين ولكنها أكثر من ذلك… هاثا يوغا هو جانب من جوانب اليوغا التي تركّز على الجسد من خلال وضعيات خاصة، وتمارين تنفس، وتركيز أو التأمل… ولكن كل هذه هي وسائل لإعداد الجسم لتمارين “روحية”، تقلل من “العقبات” التي تحول أمام تحقيق التنوير.
إنها الممارسة الجسدية التي ترتكز على الاعتقاد بأن الإنسان والله واحد. وهنا ما هو أكثر من تمرين إنه نوع من التركيز على الذات بل عبادتها ، إنها الروحية المتنكرة في زي الرياضة البدنية!!! أن أرسم إشارة الصليب مرات متكررة، قد يبدو للبعض مجرد تمرين للكتف ولكنه بالتأكيد أكثر من ذلك…
+ هل من الممكن بالنسبة للمسيحيين عزل اليوغا عن الفلسفة الكامنة وراءها و إعتبارها مجرد وسيلة لممارسة الرياضة؟؟؟
في الحقيقة أن اليوغا هي نظرية منهجية دينية، تقنية وأسلوب تتطور إلى مراحل وممارسات… لا بأس بممارستها إذا كنت تؤمن بها أما إذا كنت تنتمي الى المسيح فأن اليوغا نشأت مع فلسفة تتعارض مع الإيمان المسيحي بشكل صارخ!!! وهذه الفلسفة لم تتغير: تعلّم التركيز على الذات بدلا من الإله الواحد الحقيقي. و تعطي ” الخلاص” و “الراحة” من خلال تقنيات وتدريبات…. و”من المعروف أن ممارسة اليوغا تخلق للفرد خصائص فسيولوجية وتخاطر على النفس لأنها تعكس بعض الوظائف البدنية والعقلية”… كما أنها تشجع الحصول على إجابات لأسئلة الحياة الصعبة داخل الذات والضمائر بدلا من كلمة الله!!
شهادات كثيرة من مؤمنين كانوا ممارسين سابقين لليوغا تحذر من فخ إعتبار هذه الممارسات مجرد رياضة!! تقول لوريت وليس ، أن في اليوغا (مودرا) حركة اليد هي (البوابة) و هناك وضعيات أخرى كال Savasana ( وضعية الجثة) وBhujangasana وهي وضعية أفعى الكوبرا. و يتم التركيز على ما يسمى “مراكز القوى” في الجسم، وهي في الحقيقة أمور تتعلق بمعتقدات غريبة عن الإيمان المسيحي كالـ”العين الثالثة” و غيرها… كما يتم تصميم الاسترخاء في نهاية دروس اليوغا بمهارة إلى ما يؤدي الى “إفراغ العقل” و كل مؤمن يدري خطورة الفراغ و الأبواب التي يفتحها على التأثيرات الروحية الضارة. كمسيحيين، تنصحنا كلمة الله في أن “نتغيّر عن شكلنا بتجديد أذهاننا” (رومية 12:2)، وليس بتفريغها!!! فالفراغ خطير يفتح الداخل على عدو الله… “اصحوا واسهروا لأن إبليس خصمكم كأسد زائر يجول ملتمسًا من يبتلعه (1 بطرس 5:8).
قد يصنف الكثيرون هذا الرأي تحت خانة التشدد، وللأحباء نقول على لسان بولس الرسول :”أية شركة للنور مع الظلمة. وأي اتفاق للمسيح مع بليعال… وأية موافقة لهيكل الله مع الأوثان. فإنكم أنتم هيكل الله الحي كما قال الله أني سأسكن فيهم وأسير بينهم وأكون لهم إلهًا وهم يكونون لي شعبًا. لذلك أخرجوا من وسطهم واعتزلوا يقول الرب …أكون لكم أبًا وأنتم تكونون لي بنين وبنات … فإذ لنا هذه المواعيد أيها الأحباء لنطهر ذواتنا من كل دنس الجسد والروح مكملين القداسة في خوف الله.” (رسالة بولس الثانية الى أهل كورنتوس).