الحوار الاول لنيافة الانبا عمانوئيل مطران الاقصر مع موقع كنيسة الاسكندرية

الحوار الاول لنيافة الانبا عمانوئيل مطران الاقصر مع موقع كنيسة الاسكندرية

اعد الحوار مراسلى الموقع الاستاذ سليمان جندى و د. باهر دويدة

علي مدار ساعتين تقريبا التقينا بأبينا الأسقف الأنبا عمانوئيل في مقر المطرانية بالأقصر والذي فتح لنا قلبه وأجابنا بكل ما سألناه بصراحة شديدة ذهبنا إليه ونعلم أن برنامجه اليومي مضغوط للغاية فبينما يتجول من شمال لجنوب الإيبارشية مصطحبا الأيقونة العجائبية للعذراء مريم التي تبارك الإيبارشية في الفترة من 14 إلي 24 يوليو أو كما قال نيافته أنه يزور كل رعية في حماية أم النور وليس مصطحبا ايقونة ام النور لم يتأخر عن تلبية طلبنا بالحوار . إنه خالد عياد بشاي ابن كوم غريب بسوهاج الذي سيم أسقفا علي كرسي طيبة في 10 يونيو 2016 خلفا لمثلث الرحمات الأنبا يؤانس زكريا . إنه ابن كوم غريب ، هناك ولد وعاش سنوات طفولته الأولي ومن بعدها بدأ مسيرة علم واجتهاد ، مسيرة حب وصلاة ، مسيرة تأمل وطاعة .

بين طهطا والمعادي وروما هكذا سار حتي سيم كاهنا ، وبعدها وخلال ما يقرب من عشرين عاما كان فيها دارسا ومعلما ، راعيا ومرشدا ، خدم في وطنه وفي الكنيسة الجامعة .

اليوم يحمل مهام رعاية أبرشية مترامية الأطراف ، حضارتها عميقة الجذور ، شواهدها لا تُخطئها العين ، مسيحيتها بارزة في أديرتها وشهدائها وتراثها ، انتماؤها للكنيسة الجامعة وطيد ، دورها من خلال مؤسساتها الدينية والتعليمية والصحية يصب في مصلحة الوطن وابناؤه دون تمييز .

قائد متمكن ، يعمل بروح الفريق …إنسان مرهف الحس ، غزير الثقافة ، مستمع جيد ،…..هذا بعض من كثير ..

في البداية نُهنئ نيافتكم   بسيامتكم   الأسقفية ونسأل الرب أن يحفظكم سنين عديدة وأزمنة سالمة .

  • نود أن نعرف مَن هو خالد عياد بشاي ؟

أنا من أسرة كاثوليكية ملتزمة دينيا من قرية كوم غريب مركز طما محافظة سوهاج دخلت المرحلة الابتدائية بإحدى مدارس جمعية الصعيد بقريتنا قضيت بها المرحلة الابتدائية وكان للكاهن دور مباشر من خلال التعامل في المدرسة والكنيسة كنت أحب الخدمة بالقداس وقريبا من الكنيسة وأنشطتها مما كان له الأثر في تأثري بدور الكاهن وشخصيته ومدي قربه من الناس ومشاركته لهم في كل المناسبات فشعرت بانجذاب لخدمة الكاهن وقد كانت تلك هي بذرة الدعوة الكهنوتية التي نمت بداخلي وكان وقتها بعض الزملاء ممن يسبقونني بالدراسة قد التحقوا بالإكليريكية الصغرى بطهطها فكانت لدي الرغبة للانضمام والالتحاق باللإكليريكية ولم يبد أهلي اعتراض وإن لم تكن تلك رغبتهم وكنت قد صارحت كاهن الكنيسة برغبتي تلك وقد شجعني وساعدني في إقناع أسرتي وشجعهم علي تقبل الأمر . دخلت المدرسة بعمر أصغر من المعتاد فكنت في المرحلة الأولي الابتدائية وأنا في عمر اربع سنوات وانهيت المرحلة الإعدادية والثانوية وبالرغم من حماسي للالتحاق بالإكليريكية إلا إني تأثرت بشدة بالغربة والبعد عن العائلة والأب والأم والأخوة وكانت سنة قاسية للغاية لدرجة إني بعدما بدأت الدراسة بشهرين أو ثلاثة كنت قد طلبت من أبي العودة وعدم الرغبة في إكمال الدراسة وأخبرني أبي أن الأوراق الرسمية يتم سحبها آخر العام لكي يستطيع أن يتقدم بها إلي المرحلة الإعدادية وطلب مني العودة معه للمنزل لكن بعد الحوار معه قررت أن أكمل هذه السنة وأقرر في نهايتها خصوصا وأن العام الدراسي قد بدأ ولكن بدأت علاقتي بالمكان والزملاء تزداد وبعد 5 اشهر تقريبا بدأت اتكيف مع الدراسة والغربة والأصدقاء وبدأت أحب المكان والدراسة لدرجة إنه في نهاية العام أتي أبي وسألني هل ستعود معي فقلت له في الحقيقة إني سأكمل دراستي . بعد أن اتممت دراستي الإعدادية والثانوية كانت مرحلة مراجعة للنفس من جديد للتأكد من الدعوة وقد وجدت بذاتي حماس لاستكمال دعوتي و ذهبت إلي الكلية الإكليريكية الكبرى بالمعادي وقد كان وقتها أبونا كامل وليم ( نيافة الأنبا كيرلس وليم حاليا ) مدير الكلية وكنت في السادسة عشر من عمري وكان هناك من المتقدمين معي من يزيد عمره عن ضعف عمري وهو ما كان يجعل المسئولون بالإكليريكية يخشون من عدم اندماجي بالحياة هناك بالرغم من اجتيازي لكل الاختبارات المطلوبة للالتحاق بالإكليريكية لدرجة إنهم طلبوا مني ان انتظر سنة أو اثنين لكي يقترب فارق السن مع باقي الزملاء ولكني اقترحت عليهم أن ألتحق بالكلية واختبر الحياة هناك ولو استطعت الاندماج وتخطي عائق السن سأكمل وإن لم استطع سأرحل وبالفعل بقرار شجاع من أبونا كامل وليم ( نيافة الأنبا كيرلس وليم حاليا ) وافق علي التحاقي بالرغم من أن باقي الآباء كانوا مع الرأي القائل بانتظاري عدة سنوات لتقريب فجوة السن وقد عرفت أن سبب قراره هذا هو رغبتي في الدراسة وحماسي لها وبنهاية الترم الأول طلبني أبونا كامل وشجعني وأثني علي دوري وسط زملائي وعلي اجتهادي بالدراسة وإنه والآباء بالإكليريكية سعداء بقراري وتصميمي علي الالتحاق بالدراسة .

اكملت مسيرتي بالإكليريكية وفي أخر سنة وهي ثالثة لاهوت كان يجب علينا أن نلتحق بالخدمة الوطنية بالقوات المسلحة وكما هو معلوم أن كليات اللاهوت توازي التعليم الجامعي فيقضي الطلبة خدمتهم بالجيش بسلاح المشاة لمدة عام ولكن تحدث المفاجأة أن يتم منحي تأجيل للخدمة الوطنية لمدة 3 سنوات وهي مشكلة لي لأن هذا الوضع يعني تأخير سيامتي الكهنوتية ووقتها كان نيافة الأنبا مرقص حكيم أسقفا لسوهاج فلجأت إليه ورويت له ما حدث فقال لي ” أنا هارسمك لأن مفيش حاجة تمنعني في قانون الكنيسة.” ووقتها كنت ابلغ من العمر اثنين وعشرين عاما وقانون الكنيسة يضع الحد الأدنى للسيامة الكهنوتية بأربعة وعشرين عاما وفي حالة وجود متقدم أصغر سنا لغبطة البطريرك الحق في أن يمنح ” تفسيحا ” لمدة عاما واحدا أي ثلاثة وعشرون عاما وفي حالة المتقدم الأصغر من ذلك يلزم “تفسيحا” من قداسة البابا بروما شخصيا فقال لي نيافة الأنبا مرقص ” انا هاكتب لقداسة البابا… أنت خلصت دراستك واحنا محتاجينلك ومفيش سبب يمنع من رسامتك ” فأنا قلت له ” يا سيدنا انا مش متردد …دعوتي بالنسبالي واثق منها و اختياري وبالعكس أنا سعيد بالاختيار بتاعي يوميا ..أنا شايف علامات من ربنا في حياتي بتأكدلي إختياري . لكن أنا في السن ده باقول إن بدري عليا إني أخد مسئولية رعية وشعب وقيادة كنيسة ..أنا حابب إني اخد شوية وقت لتكوين خبرة رعوية …تكوين دراسي …فأنا مش مستعجل ..ده طريقي لكن مش مستعجل علي الرسامة ” وقد احترم نيافة الأنبا مرقص اختياري وقال لي ” طيب أنا كنت بافكر إنك تترسم وتطلع تكمل دراستك في الخارج فخلاص اطلع ادرس بدون رسامة ” وبالفعل ارسلني إلي روما وفي روما احتاروا في وضعي لأني لست كاهنا بالرغم من إن دراستي في تخصص الكهنة وإن وضعوني في سكن مع الشمامسة بواقع إني شماس نوعية دراستي مختلفة عن الشمامسة وفي النهاية قرروا أن المعيار هو الدراسة ولأنه يدرس علوم تختص بالكهنة لذلك فليقيم مع الكهنة وهو ما تحقق بالفعل من سكني في دير مع ثلاثة واربعون كاهنا وكنت الشماس الوحيد بالدير ولكن نشكر الله انهيت الماجستير في مجال اللاهوت الأدبي بعد مرور عامين وبعدها عدت لمصر و تمت رسامتي قبل نهاية مدة تأجيل تجنيدي بشهر ولما ذهبت لمنطقة التجنيد لإنهاء اوراق تجنيدي فوجئت بأن استلام الإعفاء النهائي بعد شهر ولأني مرتبط بدراسة الجامعة بالخارج ومرتبط بموعد للعودة لروما لاستكمال الدراسة أخبرتهم بوضعي فقالوا لي إنه يجب أن تقابل قائد التجنيد وذهبت للمطرانية بأسيوط لأسألهم إن كان لديهم معرفة باي أحد في منطقة التجنيد وللأسف لم تكن لديهم اي علاقات هناك. عدت من المطرانية و أنا في حيرة من أمري وأفكر في كيفية حل هذه المشكلة فمن المستحيل خروجي من مصر بدون ورقة التجنيد ولدي تذكرة السفر ومرتبط بمواعيد للمحاضرات والدراسة ولا اعلم ماذا افعل ووصلت لمنطقة التجنيد وفوجئت بدخول القائد فذهبت بعفوية مسرعا تجاهه فمنعني الحرس وقبضوا علي فلما رآني قائد التجنيد أمر الحرس بأن يتركوني وسألني عن طلبي فقلت له : ” حضرتك أنا اخدت تأجيل 3 سنين ورجعت قبل ميعادي واحترمت نظام البلد ورجعت في مواعيدي في الوقت اللي عاوزين يدوني ورقة الاعفا بعد شهر فأنا عندي دراسة وعندي تذكرة سفر ” فطلب مني الاوراق وتذكرة السفر وجواز السفر ووقع علي ورقة الاعفاء بتسليمي هذه الورقة فورا وخلال اربعة وعشرون ساعة اخذت ورقة الاعفاء النهائي وكنت الوحيد الذي استلمتها قبل زملائي وشعرت أن هذا الموقف هو تدخل مباشر من الله .

بعد أن انهيت الماجستير في اللاهوت الأدبي قابلت أستاذي المشرف علي رسالة الماجستير وشجعني علي استكمال رسالة الدكتوراة في نفس المجال وتحدثت مع نيافة الأنبا مرقص الذي قال لي : ” لأ…أنا مش عاوزك تكمل لاهوت أدبي ” فقلت له : ” يا سيدنا ده الموضوع شيق والدكتور شجعني والرغبة واضحة في ذهني وأنا حابب الدراسة والمادة شيقة بالنسبالي .” فقال لي سيدنا :” إحنا في الإيبارشية معندناش حد متخصص في القانون وفي امور كتيرة جدا كل يوم والتاني بتقابلنا ومحتاجين حد يكون عارف يواجهها ازاي من الناحية القانونية فمحتاجين حد يتخصص في قانون الكنيسة .” فقلت له : ” يا سيدنا يُرسل كاهن لدراسة القانون وأنا أكمل في الاتجاه اللي انا فيه .” فقال لي : ” لآ . أنت دلوقتي ليك هناك سنتين تلاتة وبتعرف اللغة والمكتبات وبتعرف تتحرك …لسة هيروح واحد يتعلم لغة …قبل ما يتعلم لغة هيكون المفروض يرجع لكن انت جاهز علشان تبتدي دراسة القانون . ” في الواقع لم أكن من محبي دراسة مادة القانون حتي عندما كنت بالإكليريكية لم تكن من المواد المفضلة لي في الدراسة وهذا الحوار وضعني أمام اختيار صعب جدا وسؤال أصعب هل استمع لكلام نيافة الأنبا مرقص وأدرس القانون الكنسي أم أتابع دراستي خصوصا مع تشجيع أساتذتي بالإضافة إلي أن دراستي للاهوت الأدبي كانت محببة إلي نفسي ؟! وقادني هذا التساؤل إلي سؤال اصعب وخصوصا إني في بداية سيامتي وطريقي الكهنوتي ، هل أتصرف بما أرغبه دون الالتزام بتوجيه المسئولين بالكنيسة أو أن أطيع طاعة كاملة دون شروط أو رغبات للكنيسة بمعني ما يقولونه سوف أقبله حتي وإن كانت رؤيتي مغايرة ؟ وتوصلت بعد صراع داخلي شديد أنني قد كرست حياتي لله والطاعة للكنيسة وبذلك سوف أطيع الكنيسة ولو كان لي رأي مغاير سوف أُطلع المسئولين عليه ولكن سألتزم بما تطلبه الكنيسة . وبالفعل بالرغم من كل ما يُشجعني لاستكمال دراستي الأكاديمية في مجال اللاهوت الأدبي قررت تركه والبدء في دراسة القانون لأن هذا هو احتياج الكنيسة فعلي خدمتها لا خدمة ذاتي ورؤيتي للأمور ولذلك ذهبت مباشرة للكلية وسجلت اسمي من ضمن الدارسين للقانون الكنسي حتي أنهيت درجة الماجستير في القانون وكم فوجئت بمتعة كبيرة لأنها مادة ثرية للغاية فبخلاف تصوري إنها دراسة للقوانين والنُظم والدساتير وجدت إن تلك الدراسة بها روح وحياة وسند للكنيسة وتساعدنا علي تكوين رؤية وتنظيم خدماتنا بل هي في خدمة كل نشاطات الكنيسة واستمتعت بشدة بهذه المادة .

في ذلك الوقت كان غبطة الأنبا اسطفانوس الثاني بطريرك الكنيسة وفي اجتماع بالسينودس طلبوا من نيافة الأنبا مرقص أن يرسل كاهنا للكلية الإكليريكية للخدمة وقد وافق علي الطلب وفوجئت قبل عودتي لمصر بأسبوعين بعد نهاية دراستي بفاكس من غبطة البطريرك وهو عبارة عن قرار تعييني مدرس لمادة القانون الكنسي بالإكليريكية و مشرفا علي الطلبة فاتصلت بنيافة الأنبا مرقص وشكرته علي اهتمامه وقلت له “يا سيدنا علي فكرة جاني الفاكس وشكرا علي ثقتكم بس انا كنت أُفضّل اعمل خبرة رعوية قبل ما ارجع من دراسة لدراسة ” فقال لي نيافة الانبا مرقص مستغربا ” فاكس ايه ؟!! ” فأخبرته بمحتوي الفاكس وقال لي ” لأ هم طلبوا مني كاهن وانا وافقت بس كانوا   لازم يقولوا لي مين الكاهن مش يتعاملوا معاه مباشرة ” فقلت له ” يا سيدنا اقول لنيافتك علي حاجة انا لو ارسلتموني إلي أي مكان   أنا   مستعد …أنا سأعود إلي مصر وسأخدم في أي مكان تكلفونني به بس أنا بين نيافتك وسيدنا البطريرك مليش كلمة …اللي تقولولي عليه اعمله ” …تواصل نيافة الانبا مرقص مع غبطة البطريرك الانبا اسطفانوس واخبره باحتياج الايبارشية لمتخصص بالقانون وإنه هو من اقنعني بتخصص القانون الكنسي بالرغم من دراستي للاهوت وفي النهاية اتفقوا علي عودتي لإيبارشية سوهاج وبالفعل عدت وخدمت راعيا لكنيسة طهطا لمدة 3 سنوات بالإضافة لمسئوليات اخري كالشباب والدعوات والمجلس الروحي ( القانون الكنسي ) وعضوية مجلس مشورة الإيبارشية بالإضافة لمدرس بمعهد اللاهوت في اسيوط الذي انشأه نيافة الأنبا كيرلس وليم ومدرس ايضا بمعهد التربية الدينية بسوهاج ثم لاحقا بعام مدير المعهد وبصراحة من أجمل أيام حياتي هي خبرة الخدمة الرعوية في الايبارشية .

بدأت الكلية الإكليريكية تطلب بإلحاح دعوتي للخدمة هناك وبنفس المنطق ، طاعة للكنيسة ، ذهبت لتدريس مادة القانون الكنسي بالإكليريكية وأيضا بمعهد اللاهوت بالسكاكيني وبعدها طلب مني نيافة الأنبا ابراهيم وقتها ( غبطة البطريرك حاليا) بعد سيامته علي المنيا ان استكمل منهج العقيدة بمعهد التربية الدينية الذي كان يقوم بتدريسه وكنت ايضا اقوم بتدريس مقدمات القانون والثقافة العامة بالإضافة لمسئولية التكوين للطلبة . أنا بالفعل أحببت الحياة بالإكليريكية وكنت اقول إنها بيتي الثاني ولكن للأسف لم تطل الحكاية مكثت بها في حدود خمسة أشهر تقريبا لأن مجمع الكنائس الشرقية بالفاتيكان ارسل في طلب اثنين من الكهنة المصريين للخدمة هناك وكنت أحدهم ولظروف خاصة بالاختيار الأول لم يستطع تلبية الدعوة فوقع الاختيار عليّ ولكني لم ارغب في ترك الإكليريكية واستدعاني غبطة البطريرك الأنبا اسطفانوس الثاني وناقشني قائلا ” أنت بالطبع تتذكر إننا كنا في احتياج شديد لك للخدمة بالإكليريكية بعد عودتك من روما لكن نحن أمام اختيار الكنيسة الجامعة بروما لشخصك بالإضافة إلي رغبتنا في أن تمثلنا – ككنيسة قبطية كاثوليكية – بالفاتيكان فلذلك نحن نرغب في وجودك   بالمجمع الشرقي .” وتذكرت قراري الذي أخذته سابقا في  طاعة  الكنيسة  بصرف  النظر عن اختياراتي الشخصية فقلت له ” يا سيدنا طالما هذه هي رغبتكم فانا موافق .” وبالفعل بعد مضي عام دراسي علي خدمتي  في الإكليريكية بمصر من سبتمبر 2002 إلي يونيو 2003 بدأت خدمتي بالفاتيكان من 14 يونيو 2003 وبالطبع كانت كل الامور لي في الخدمة هناك جديدة للغاية بطرقها ونظامها وكان لدي مخاوف من الفشل كنت أشعر أن كل هذه الالتزامات أكبر مني للغاية وقلت لنفسي سأبذل كل ما في وسعي وإن فشلت سأعود مصر لخدمتي ثانية . بالفعل اجتهدت في خدمتي قدر استطاعتي وأشكر الله علي كم التشجيع والتقدير من المسئولين هناك وبعد شهرين من إقامتي هناك ( نظام الاقامة هناك يقوم علي اختيارك للمقر سواء مع مجموعة كهنوتية او في سكن خاص او تطلب من الفاتيكان توفير السكن فلك حرية الاختيار لأن التزامك فقط يكون تجاه الخدمة ) كان لدي الرغبة في الخدمة الرعوية وليس فقط الخدمة الإدارية والأكاديمية ، بعد اربعة اشهر تقريبا ، و بمساعدة من الكهنة الأصدقاء بروما علمت أن هناك رعية بروما متاحة لي للخدمة وذهبت وقابلت المطران المسئول عن المنطقة وأخذت الأذن بالإقامة في الرعية واتفقت معه بالخدمة في الرعية هناك في الوقت الذي لا يخل بالتزامات خدمتي بالفاتيكان وبالفعل بدأت الخدمة في رعية سان فرانشيسكو سافيريو بمنطقة جارباتيللا بروما .

أشكر الله الذي دعمني دائما في خدمتي بالفاتيكان وكذلك بالرعية في روما ومحبة الناس التي كنت دوما اجدها امامي أن مدة خدمتي هناك مرت بسلام حتي وقت صدمتي بالاختيار للأسقفية .

  • ما هو رد فعلك في البداية عندما علمت باختيارك اسقفا لطيبة ؟

أنا اتذكر هذا اليوم جيدا …بعد ظهيرة يوم الثلاثاء وأنا بالمكتب في ميعاد الخدمة المعتاد وفوجئت علي غير المعتاد باتصال من سيدنا البطريرك الأنبا ابراهيم في الساعة الرابعة بعيدا عن المواعيد المعتادة لتواصلنا التي في الغالب كانت في الصباح او بالمساء وشعرت بأمر هام من اتصال سيدنا الانبا ابراهيم وبطبيعة معرفتنا ببعضنا من عام 89 فسألني ” أخبار الخدمة إيه عندك …وأخبار الكنيسة …طبعا أنت تعلم أن نيافة الأنبا يؤانس قد تنيح في نهاية ديسمبر وقد مضي خمسة أشهر والحقيقة اننا قد اجتمعنا في السينودس وارسلنا اختياراتنا لقداسة البابا وفي الواقع إنه قد جاءنا الرد النهائي من قداسة البابا ” وبحكم مودتي ومحبتي بغبطة البطريرك ولأني لم أكن اعلم عن الاختيار قلت له :” يا سيدنا ربنا يوفقكم وانا أُصلي لغبطتكم وربنا يوفق الذي وقع عليه الاختيار في الخدمة .” فضحك سيدنا وقال ” ونحن أيضا نُصلي له ” فاندهشت للضحكة وصمت واستكمل سيدنا قائلا : ” نحن أيضا نُصلي له وواثقون من نعمة الله …الحقيقة لقد رسي عليكم الاختيار .” فلما سمعت هذا كأني دخلت بغيبوبة انهمرت دموعي ولم انتبه لوجود سيدنا علي الهاتف بالرغم من نداءات سيدنا لي عبر الهاتف لأن هول المفاجأة كان شديدا عليّ لأنه خارج عن تفكيري وإرادتي وتوقعي وبعد مدة بدأت في تمالك نفسي ورددت علي سيدنا وقلت له : ” يا سيدنا الطائفة بخير وانا متأكد أن هناك كثيرون يمتلكون من الكفاءات والقدرات   ولديهم دراية بالإيبارشية …بوضعها واحتياجاتها …. ليس لدي شك في وجود كهنة كتيرون يستطيعوا تلبية احتياجات الايبارشية التي تنتظرها … أظن أن هناك كثيرون افضل واقدر علي القيام بالخدمة بكفاءة كبيرة …أنا موجود هنا (روما ) ومعرفتي بإيبارشية الاقصر ضعيفة جدا ..وهذا غير صغر عمري .. وبصراحة الخدمة كبيرة والمسئولية أكبر . ” وقد كان غبطة البطريرك متفهما موقفي ورد بهدوء عليّ قائلا : ” الاختيار اختيار ربنا من خلال اشخاص …انت عارف كويس طبيعة الانتخابات عندنا احنا اجتمعنا وعملنا تحليل ودراسة للإيبارشية واحتياجاتها وبعد كدة كل واحد فينا قدام ربنا يكتب الاسم اللي هيختاره بناءا علي احتياجات الايبارشية ..وبعد كدة وبعد كل اللي عملناه قعدنا تاني وبدأنا في الأنتخاب ( بحسب قانون الكنيسة الاسم الذي يقع عليه الاختيار يجب أن يحصل علي اصوات نصف المجتمعين زائد واحد ولكي يتم الاختيار القانوني يجب توافر هذه النسبة حتي لو انعقد الانتخاب لعدة مرات واجتماعات ) وانتهي الموضوع من اول اجتماع للانتخاب بعد دقائق بانتخاب جماعي لك وشعرنا ان ده اختيار روح ربنا لأن مكانش فيه لا اختلافات في وجهات النظر والموضوع جه ببساطة جدا وكأنه مترتب وده اللي حصل فاحنا واثقين وعندنا ايمان ان روح ربنا اللي بيقودنا واسمك تم اختياره بناء علي دراستنا لاحتياجات الايبارشية ورفعنا الامر لقداسة البابا والرد وصل بدون اي تحفظات علي اي شيء والكل شجع فانت دلوقتي مطلوب خطوة منك…. شوية ثقة وإيمان في ربنا وشجاعة للقبول باختيار الكنيسة المحلية وقداسة البابا اللي بيمثل كل الكنيسة وهو اللي قبل ووافق وبيبارك الاختيار ده .” ثم طلبت من سيدنا أن يتركني للرد بعد عدة أيام وقلت له : ” سيدنا انا الآن لا أستطيع الرد   …أمهلني بضعة أيام للتفكير والتدبر …لأني أحتاج لفحص ذاتي وللصلاة أمام الله وكذلك في مشورة   مرشدي (الروحي ) . ” فرد سيدنا قائلا بكل محبة :” خد وقتك ..واهدي ..وتليفوني مفتوح في اي وقت …اتصل واسال وندردش ..متاخدش قرار متسرع ..إذا في حاجة اسال ونتناقش وهاحكيلك كل الامور بصراحة وبأمانة خالص مش علشان آثر عليك ..خد وقتك وفكر ” . بالفعل كأني دخلت في غيبوبة لم استطع التفكير وعجزت ..ثم ذهبت إلي الكابيلا في المجمع للصلاة والتفكير …ثم تركت المكتب عائدا لمقر إقامتي …مما كان وضع تساؤل من الكهنة بمقر اقامتي علي عودتي مبكرا علي غير المعتاد فبدأوا يطمئنون عليّ … فانسحبت للتفكير وهو ما جعل الراعي المسئول عن الدار “دون لوتشيانو ” يأتي لغرفتي ويسألني عن سبب عزلتي وصمتي علي غير المعتاد فشاركته بالموضوع فوجدته يشجعني للغاية قائلا : ” بالنسبة لنا هذا الامر متوقع …لقد كنا في انتظار تكليفك من قبل الكنيسة بمسئوليات مثل هذه المسئولية … لكننا لم نكن نعلم الاحتياج المناسب ومتي سيتحقق توقعنا … لكن بعلمنا بشخصك نحن نعلم إنك ستكلف بمثل تلك المسئوليات ..” فشكرته علي تشجيعه وكان لدي صديق بالمجمع الشرقي من الكهنة فشاركته بالموضوع فوجدت تشجيع ..وذهبت لمرشدي الروحي وصارحته بمخاوفي كلها وخوفي من المسئولية وتكلمنا في نقاط كثيرة ووجدت في النهاية انه يشجعني علي القبول وقررت الاختلاء بنفسي ليوم ونصف للصلاة .. وبعدها اتصلت بالأساقفة في مصر فتواصلت مع سيدنا يوسف أبو الخير لأنه مطران سوهاج الإيبارشية التي أتبعها بالاضافة إلي المودة والمحبة المشتركة بيننا . فشاركته ووجدت منه تشجيعا كبيرا وفهمت منه احتياجات الايبارشية بالأقصر وتواصلت مع بعض الاساقفة … تقريبا اتصلت بالجميع…. ووجدت تشجيعا منهم جميعا وابدوا تعاونا كبيرا ورغبة منهم في وجودي بجوارهم من اجل الخدمة والعمل المشترك للخدمة بالكنيسة المحلية لاحتياجها ..ومن ضمن الكلمات التي كانت علي سبيل الفكاهة ولكن تحوي رسالة جدية هي كلمة نيافة الانبا يوحنا قلتة الذي قال لي ” أنت عاجبك تكمل اكل تورتة (عندك) مش عاوز تيجي تاكل مش وجبنة معانا في مصر يعني .”

اتصلت بسيدنا ابراهيم وصارحته إنه بالرغم من احساسي إني غير أهل للخدمة التي هي أكبر مني للغاية وشعوري بأن هناك من هو انسب مني …لكني اتساقا مع ما قررته كمبدأ في حياتي الكهنوتية إني في خدمتها ولن ارفض ما تطلبه مني ولذلك فلتكن إرادة الرب طالما إن هذا هو اختيار الله من خلالكم ومن خلال قداسة البابا ولذلك مع عدم استحقاقي لهذه الخدمة ولكني سأقبل تكليف الكنيسة . فشجعني سيدنا وطلب مني إنهاء الاجراءات بروما حتي يتم تحديد موعد السيامة وخصوصا ان هناك الكثير من الامور المعلقة بالإيبارشية وكنت احاول ان اتمهل في الوقت ولكن مع رغبة سيدنا الانبا ابراهيم تم تحديد الميعاد في 10 يونيو وتم اعلان الخبر الرسمي بالفاتيكان ومن خلال جريدة الاهرام المصرية .

 

 

  • نيافتكم اتخذتم من ” ليكونوا واحدا ” شعارا لبدء خدمتك بالإيبارشية ماذا يعني لك هذا الشعار ؟

” ليكونوا واحدا ” هذا الشعار بمثابة مسيرة حياة لي  لأنه يعني لي رغبة يسوع الملّحة كما نقول في خميس العهد بحسب الإنجيل أن عرقه كان يتصبب دما  “……….. وَصَارَ ‍ عَرَقُهُ كَقَطَرَاتِ دَمٍ نَازِلَةٍ عَلَى الأَرْضِ . ”  { لو 22 : 44 } فإذا يسوع عبّر عن اعمق رغبة بداخله وهي الوحدة وأجمل مرجعية لها هي الوحدة في الأب ”  لِيَكُونَ الْجَمِيعُ وَاحِدًا ، كَمَا أَنَّكَ أَنْتَ أَيُّهَا الآبُ فِيَّ وَأَنَا فِيكَ ، ‍لِيَكُونُوا هُمْ أَيْضًا وَاحِدًا فِينَا ، ……. ” { يو 17: 21 } فهي وحدة مكتملة … انعكاس لوحدة الثالوث الأقدس .. وأعتقد إنها كمال تحقيق إرادة يسوع ذاته في التجسد .. واكتمال التجسد والفداء في الوحدة … فالتجسد والفداء هما  اكتمال تواصل السماء بالأرض .. لنرجع نحيا بطبيعتنا .. حقيقتنا البنويّة .. لأنه لا يمكن أن نصير بالحقيقة أبناء إن لم نكن انعكاس لصورة الآب .. والآب وعلاقته بالأبن والروح القدس .. هذه  هي الديناميكية الحيوية المستمرة في الثالوث الأقدس … بالطبع القدرة البشرية عاجزة عن تحقيق هذه الوحدة … هكذا يسوع يطلب من الآب بإلحاح … ونحن كبشر لا يمكن أن نحيا طبيعتنا البشرية وواقعنا كأبناء الله من خلال يسوع المسيح إن لم نحقق هذه الوحدة … لذلك فهي مسيرة حياة وهدف أيضا .. بداية الطريق ونهايته … لذلك فكل الصفات الحسنة تخدّم علي الوحدة … التسامح .. المغفرة والمحبة واعمال المحبة والتقارب وكل الفضائل تخدم الوحدة .. لأن الاساس هو كمال الثالوث … جوهر إيماننا هو وحدة الله في الثالوث … إذا كمالنا كبشر في الوحدة … ومع كل اخبار الحروب والانشقاقات والنزاعات .. ونظرة لواقعنا هنا في مصر … نري جروح مستمرة نستطيع أن نسميها ” جروح الوحدة ” … تظهر في صعوبة تقبل الآخر … صعوبة تقبل تمايز الآخر … تقبل تفرده  … وكأن هناك رغبة داخلية لدي البعض إنه إما أن يكون الأخر مثلي أو لا يكون موجودا من الأساس .. ولا يحق له ان يوجد أصلا أو حتي أن يعبر عن اختلافه … هي شروخ الوحدة أو جراحات الوحدة .. أشعر إننا نحتاج بشدة في مصر لهذه الوحدة بمعناها الأشمل … أي الشراكة في البشرية والطبيعة والتاريخ والثقافة … تفّهم إننا نستطيع أن نحيا حقيقتنا البشرية في قبول تمايزنا و اختلافنا لأن هذا الاختلاف والتمايز هو ثراء لنا … فإذا اردنا أن نقول ” مصر أم الدنيا ” فهذا لن يتحقق سوي عندما يعطي كل إنسان مساحة للأخر لكي يعبر عن نفسه ويحيا بارتياح طالما تعبير هذا الأخر عن اختلافه لا يجرح الآخر … فواقعنا المصري يحتاج هذه الوحدة .

بعد نهاية خدمتي في روما وبداية خدمتي في مصر وكلما تأملت وقرأت وصليت أري هذه الوحدة امرا ضروريا حتي عندما أتيت هنا في الايبارشية بالأقصر وجدت هذا الاحتياج للوحدة .

الايبارشية تملك قدرات وامكانيات بشرية رائعة وروح متقدة أو كما احب أن اسميها ” روح مبهرة ” سواء من المكرسين او شعب الإيبارشية ومساحة الإيبارشية تعظم هذا التمايز  لكن أيضا أشعر باحتياج  شديد لكي تتكامل هذه الكفاءات لتقدم سيمفونية جميلة  … لأنه حتي وإن كانت هناك أشياء جميلة منفردة ولكن غير متناسقة فلن تُعطي قيمة جيدة    … اظن إنه لا تنقصنا الكفاءات ولا القدرات ولا الإمكانيات .. ولكن لابد من تعلم قيمة العمل الجماعي … كل فرد يقدم أفضل ما لديه للأخر …

  • كيف نحقق هذه الوحدة  في ظل خبرتك السابقة حيث أن نيافتك كنتم سكرتير مجمع الوحدة المسيحية  ؟

الحقيقة أن خدمتي كانت في مجمع الكنائس الشرقية الخاص بالكنائس الكاثوليكية أما بخصوص المسكونية ووحدة الكنائس المسيحية فهي تابعة لمجلس بابوي آخر داخل الفاتيكان .

لكن دعنا نقول إنه بالنسبة للوحدة المسيحية فنحن في ” ربيع مسكوني ” إن صح التعبير  علي مستوي العالم رأيناه في لقاء قداسة البابا فرنسيس وقداسة البطريرك شيريل ( كيريل )  بطريرك روسيا بعد قطيعة اكثر من 1000 عام بين كنائس الغرب والشرق ونري أيضا العلاقة المميزة والتي تُبشَّر بالخير والتي بدأنا نري بعض ثمارها بين قداسة البابا فرنسيس وقداسة البابا تواضروس وأيضا في علاقة البابا تواضروس بالكنيسة المحلية الكاثوليكية ومشاركته التي نعتز بها دوما … الحقيقة توجد أجواء إيجابية كثيرة وعلينا استقبالها والبناء عليها . . لنعتبرها أساس لبناء جديد … الوحدة مسيرة طويلة جدا ومشوار قد يمر بمخاطر وصعاب لكنه مشوار شيق لأن المشوار الصعب تشعر بقيمة العمل والمجهود المبذول فيه .. لكنه ليس مستحيلا لأن إيماننا بأن الوحدة هي إرادة الله وامام إرادة الله لا يوجد مستحيل لذلك الوحدة ممكنة ويمكن تحقيقها ولكن علينا كما قال يسوع في مثل الزارع أن نرمي البذور وننتظر الثمر بصبر … فكل مكان نذهب إليه نزرع بذورنا … بذور التقارب .. المودة .. الأخوة …. الاحترام … التقدير … اعتراف بكفاءة الآخر وثراء الاختلاف والتنوع .. قد نجني نحن الثمر أو من يأتي بعدنا ولكن يجب أن يكون لدينا هذا البعد الإيماني بالعمل في هذا الحقل إلي أن يشاء الرب أن يتعهد هذه الكرمة بالنمو ويهيئ لها الحصادين الذين يجنون الثمار … انا استطيع القول أن الأجواء مبشرة وأنا لمست هذا في الإيبارشية هنا وكذلك في تحركاتي داخل محافظة قنا واسوان حيث التقيت العديد من الآباء الأساقفة والرهبان من الكنيسة الأرثوذوكسية وكذلك الجمعيات والمؤسسات والأفراد .. الحقيقة إنها روح إيجابية مبشرة .

  • هل هناك رؤية محددة للتعاون الفعلي والإيجابي بين كنيستنا الكاثوليكية والكنائس الأخرى داخل الإيبارشية ؟ ما هي الخطوات لزيادة التقارب بين الشعب نفسه وليس فقط بين الاساقفة والكهنة والرهبان ؟

أظن أن للخدمة عدة أبعاد ولي تجربة بسيطة عشتها عندما كنت بطهطا كان لدي الكنيسة نادي اجتماعي وكان لدي شبابنا بعض الأصدقاء من الكنائس الأخرى فأتي الشباب لي وتحدثوا عن رغبتهم في وجود أصدقائهم معهم فوافقت ولكن فوجئت برد فعل بعض الخدام الذين رفضوا وقالوا إن لديهم خبرات سيئة فضحكت وقلت لهم : ”   أنا لم أختبر ما اختبرتموه فامنحوني تلك الفرصة .. أنا لا أقلل من رؤيتكم لكن لنجرب فتح النادي لعام أمام الجميع ”  وبالفعل حدث واشترك عدد ليس بالقليل وكنت حريصا علي مشاركة الجميع وتبادل الأحاديث والنقاشات دون التدخل في خصوصيات الكنائس ووجدت بنهاية أول عام أن اكبر قوة للنادي هي انفتاحه علي الجميع والخدام انفسهم ممن كانوا يرفضون اشتراك الآخرون اشادوا بالنادي  والاجواء الطيبة التي اختبروها … هؤلاء الشباب حتي الآن اتواصل معهم بالرغم من مرور اكثر من 15 عاما وكنت اقابلهم عندما اعود لمصر وكانت بيننا مودة جميلة واختلفت رؤاهم تجاه الآخر . هذا ما فعلته الآن في الأقصر بخصوص نادي شرق السكة ( دار طيبة ) للشباب حيث انه الآن مفتوح للجميع وأنا سعيد بتواجد الجميع بكافة اختلافاتهم بالنادي لخلق صداقات لأنني أؤمن أن المسكونية علي المستوي الحياتي المعاش .. علي مستوي العلاقات الاجتماعية … علي مستوي الصداقات الشخصية مع الأشخاص .. او استطيع تسميتها ” مسكونية الحياة ” تسبق مسكونية اللقاءات الرسمية والنقاشات اللاهوتية … لا تقليلا من أهمية تلك اللقاءات الرسمية ولكن قد ننجح عندما نبدأ من القاعدة .. لذلك علي مستوي العلمانيين والجمعيات والمؤسسات المسيحية طلبت منهم عندما التقيتهم  أن يكونوا سندا لكنائسنا لكي نقترب من بعضنا : ” خلوا في تعاون بينكم وبين بعض .. الفقير ملهوش دعوة .. ذنبه إيه هو إنه يكون كاتوليك ولا ارثوذوكس .. اسندوه ساعدوه وادعموه .. بصرف النظر .. خلينا نسند بعض ونكون قريبين من بعض ”  المستوي الاجتماعي والخدمي بلا تفرقة نراه في عمل الراهبات لذلك ادعوهم ” ملائكة الرحمة ” .. بالأمس  كنت  في جراجوس  وكان أول  طلب لأهل  البلدة من المسلمين قبل المسيحيين ” سيدنا علشان خاطرنا الراهبات اللي مشيوا خليهم يرجعوا  عاوزين الراهبات ” وجود الراهبات خلق  هذا الجو من المحبة والتآلف بين الناس لماذا ؟ لأنه أوجد ” مسكونية الحياة ” الراهبات يقدمن خدمة للجميع بدون تفرقة دون نقاشات لاهوتية او دينية .

  • هل نستطيع القول أن هذا هو الحضور الناعم للكنيسة الكاثوليكية  خصوصا مع تواجد خدمات الكنيسة في المدارس والجمعيات والمستوصفات ومن خلال الرهبانيات المختلفة ؟  

بالضبط .. نحن نقول أن حضور الكنيسة الكاثوليكية في مصر ليس عددي وإنما كيفي … نري هذا واضحا في مدارسنا و ” عرفان بالجميل ” والتقدير من الجميع بسبب خدمات هذه المدارس للمجتمع وعندما اتقابل مع مسئولين وتأتي سيرة خدمات الكنيسة في مجال التعليم أقول لهم ” الكنيسة في خدمة المجتمع . نحن موجودون من اجل خدمة المجتمع وليس لأجل الاستفادة   من المجتمع لكن لكي نقدم خدمتنا له ( المجتمع ) . ”

  • هذا يقودنا لسؤال حول علاقة الكنيسة بالدولة وخصوصا وأن كنيستنا الكاثوليكية تقدم خدمات عبر مؤسساتها لفئات كثيرة دون تمييز في أماكن قد لا تصل خدمات الدولة لها وخصوصا لفئات الفقراء والمهمشين من المجتمع ؟

أكرر  قولي ثانية ” الكنيسة في خدمة المجتمع ” وكذلك الدولة واعني بالدولة مؤسساتها فإذا نحن جميعا نشترك في خدمة الشعب المصري .

العلاقة مع الدولة أمر مهم وهنالك ضرورة للتفاهم المتبادل  ” يعني نستوعب رؤية الدولة وأيضا علي الدولة أن تتفهم رؤيتنا لأن لنا منهج في الخدمة وهذا لا يتعارض مع الدولة بل علي العكس نحن نسند الدولة … علي سبيل المثال قضية التعليم من اكبر الصعوبات التي تواجه الدولة فقضية التعليم في مصر  قضية معقدة ولها تاريخها وتعقيداتها وتراكماتها ولن تنتهي في عام أو عشرة أعوام .. الكنيسة الكاثوليكية من اكثر المؤسسات في مصر اللي تساند الدولة في هذه القضية الحساسة والحرجة والتي سيبُني عليها مستقبل مصر … مستقبل مصر الزاهر لن يكون فقط   بالمستقبل الثقافي و العلمي أو الاجتماعي … سنحتاج إلي اختراق التعقيدات ورفض الآخر وأبعاد العنف التي تظهر بين الحين والاخر وهذا لن يتم بغير   التعليم ومناهج التعليم والتربية … وهذا هو المجال الذي تعمل به الكنيسة الكاثوليكية وتساند الدولة من   خلاله … وليس بأقل منه في الأهمية المجال الطبي والصحي .. الكنيسة علي قدر امكانياتها تساعد في كليهما   .. . الدولة لها حقوق عليّ بالتأكيد وعلينا واجبات ونحن ملتزمون بها … وأنا أيضا لي حقوق علي الدولة وانتظر دوما أن أعيش كمواطن بكل ما يشمله معني المواطنة…. أي مواطن يتمتع بذات الحقوق وعليه ذات  الواجبات …. هذه النقطة للأسف غير متوافرة دائما   ولدينا امثلة داخل الإيبارشية واضحة .. لكن هذا لا يعني أبدا  تقليلا من جهود الدولة والمسئولين وهذا يظهر من خلال اللقاءات والمقابلات الشخصية معهم و لكن أظن إننا نحتاج إلي مجهود أكبر وبشكل مستمر وواضح في هذه الجزئية … عندما يصبح كل المواطنين المصريون لهم نفس الحقوق و عليهم نفس  الواجبات أعتقد أن مشاكل كثيرة جدا في ما يُسمي بالصراع الطائفي أو اولئك الذين يُخربون بالبلد ويستغلون هذا الملف الطائفي … مع وجود القوانين الرادعة التي تضمن حقوق المواطنة اظن أن هذا الملف الملتهب أي الطائفية سينتهي تماما وسنتخطاها .. بالإضافة إلي اننا سنقطع الطريق علي المخربين الذين يحتاجون للطائفية كأرضية لتخريبهم البلد .

  • في الإيبارشية يوجد موضعين في احتياج لحلول وهي كنيسة تحتاج للبناء ومعطلة منذ اكثر من 25 عاما وكذلك المقر الرئيسي للكاتدرائية والتي احترقت هل هناك جديد بخصوص الموضعين ؟

أولا بخصوص الكنيسة التي حدث بها الحريق  وجدت من المسئولين بالدولة كل تفاهم واستعداد طيب لأن هذا الحريق آلمهم مثلنا أيضا وليس لدينا الحقيقة تفسير للحريق واسبابه ولكن علمت أن سيادة الوزير محافظ الأقصر بمجرد حدوث الحريق  ذهب لتفقد المكان واهتم بالموضوع وحتي الآن أجد كل تفهم من المسئولين وأتطلع خيرا لإنهاء إجراءات البناء وإعادة إعمار الكنيسة في أقرب وقت خصوصا ان الشعب يعاني من عدم وجود مكان للصلاة إلي أن يعودوا لكنيستهم ولكن ليس لدي قلق من هذا الجانب بخصوص الترتيبات والامور المادية بالرغم من ضعفها ولكن بالتأكيد العناية الإلهية دعم لنا .

بخصوص كنيسة حجازة ” بصراحة شديدة هذا الموضوع مؤلم للغاية … ودعني أُضيف إنه  أيضا مخجل للدولة المصرية أن يكون هنالك حالة  بهذا الوضع .. أن يكون هناك كنيسة لها تاريخها والدولة تعلم وضعها من بداية انشاءها وحصلت علي احكام محكمة منذ سنوات طويلة .. . و الدولة لا تستطيع تنفيذ الاحكام ببناء الكنيسة ! غير معقول… حق … لا يحتاج أبدا أن ينعم أحدهم علي الناس بحق من الحقوق الشرعية لهم والحقيقة هذا الوضع مؤلم جدا … وطبعا سوف نسلك المسار القانوني اللازم ونأمل في استجابة المسئولين وحتي الآن لم أتخذ   أية خطوات عملية مباشرة في هذا الملف   لأنه لم يمض علي تسلمي للخدمة سوي شهر وعدة أيام .. ولكن بالتأكيد و قريبا جدا سادرس  هذا   الملف من أجل التواصل مع  الجهات المسئولة بالدولة … لكن هذا الموضوع لا حياد عنه .. حق ان يكون للناس   كنيستهم وسالتجيء لكافة مؤسسات الدولة والمسئولين لكي يتحقق هذا الحق في اقرب وقت ممكن .. لكن لن اتراجع عن المطالبة بحقوقي لأني مواطن ولي حقوق وعلي واجبات أيضا .

  • للكنيسة الكاثوليكية دور مهم في المجال الثقافي بالمجتمع ونري هذا الدور واضحا في المهرجان الكاثوليكي  للسينما علي سبيل المثال هل نتطلع في دور مماثل بالإيبارشية حتي لو بعمل صغير او باستضافة دورة للمهرجان بالأقصر ؟

الحقيقة للكنيسة دور ثقافي مهم في الإيبارشية لأن كل المؤسسات التعليمية التابعة لنا كالمدارس لها دور تعليمي و ثقافي و تربوي رائد في المجتمع ويتضح هذا من الاقبال الكبير علي مدارسنا … نعم علينا مجهود أكبر والأفكار كثيرة .. لكن نسعي أن تكون مدارسنا نبع للثقافة بالمجتمع و مائدة ينهل منها الجميع دون تمييز . للمهرجان الكاثوليكي للسينما تاريخ عريق نعتز به وبالتأكيد لديهم المكان المعد لاستضافة فعاليات المهرجان ولو قبلوا الاستضافة هنا لن نتأخر في دعوتهم .

*سؤال متعلق بالرعية وعلاقة الاب الكاهن بالرعية ومدة خدمته طالت أم قصرت ومدي الاختلاف او الاتفاق مع مدة خدمته لأن هناك الكثير من الشباب والافراد الذين لهم بعض التحفظات علي بعض الاباء الرعاة ؟

لكي اجيب علي هذا السؤال يجب أن نسأل من هو الكاهن ؟ الكاهن هو شخص لديه دعوة واستجاب لها وقدم حياته لله لخدمة الناس وأرغب أن يتعامل الشعب من هذا المنطلق أنه شخص ليس لديه أي اولويات أخري سوي تقديم حياته لله عن طريق خدمة الناس ويجب أن تكون نظرة الناس للكاهن ” هذا شخص موجود لخدمتنا …هذا شخص أحب الله للدرجة التي دفعته ان يقدم حياته لأجله  من خلالنا .. .ليس لديه اي مصالح أخري سوي خدمتنا وتقديم كلمة الله لنا .. في استعداد دائم لنا بدون مواعيد وفي اي وقت نستطيع التواصل معه بدون مكتب او ميعاد .. أي إنه شخص موجود لخدمتنا… فاتمني إن تكون  تلك هي النظرة من الشعب للكاهن … لأن هذا هو الواقع … فأنا انتظر دوما من الناس أن يكون هناك عرفان بالجميل للشخص الذي يُقدم حياته  لنا …ليس لأن   الكاهن ينتظر عرفانا   منا أو ما شابه …لكن لأن هذا هو حقه … لذلك في أول خدمة لي للذبيحة الإلهية   بعد الرسامة قمت بغسل ارجل للكهنة وهذا تعبيرا عن بعدين .. الاول اعتراف مني بتكريسهم وخدمتهم والجميل الذي قاموا به في خدمة الايبارشية .. والثاني اقدم لهم نفسي كخادم . أي اعتراف مني بجميلهم باسم شعب الايبارشية واعتراف مني إني موجود في خدمتهم . وعلي الجانب الآخر   أيضا  لشعبنا علينا حق .. كل الاشخاص الذين يقولون إننا محتاجون – إلي كهنة – في هذا المجال أو ذاك التكوين فأقول إن لشعبنا أيضا حق وواجب علينا .. الغذاء الروحي للشعب حق وواجب علينا ( الكهنة ) …. لا يوجد إنسان يستطيع أن يرضي الكل … لا يوجد كاهن أو أسقف …. تُجمع   عليه أراء كل الناس … في كل الاماكن هنالك شخص   واتنين وثلاثة لا   تعجبهم الطريقة او الوضع … الطباع البشرية مختلفة وكذلك الرؤي …. أيضا هنالك أناس لديهم مصالح معينة وقد لا يجدونها لذلك يتخذوا مواقف مضادة . .. وأخرون احيانا يرغبوا القيام بأدوار معينة  قد لا تكون في اتساق معهم   … انا متفهم تماما إن الكاهن  قد لا يكون مقبولا   من كل الناس وهذا شأن   طبيعي ولا يقلقني … قد يوجد في بعض الاماكن والرعايا صعوبات اكثر من الأخري وهذا أيضا طبيعي … لذلك من الممكن أن أكون ( ككاهن ) امتلك كفاءة رعوية واستطيع تقديم خدمة تلبي احتياجات الناس في هذا المجال . .و قد يكون لدي   كفاءة في الناحية التكوينية ولدي ثقافة ودراسات علمية واستطيع تقديم وعظ جيد وامتلك موهبة الوعظ ولكن لدي صعوبة في التواصل اجتماعيا مع الناس والافتقاد والحضور في المناسبات … مهم أن نتفهم اختلافات الاشخاص و هذا  لا يعني إن كل أحد  ( الكهنة ) لديه طريقة هي الافضل وانتهي الأمر . لا … عليه أن يبذل مجهود في استكمال كل الابعاد الخاصة بالخدمة والرعية . بالنسبة لفئة الشباب … . الشباب لهم حق كبير علينا ومحتاجين مننا إننا   نصل لهم .. يحتاجون منا لغة جديدة .. طريقة جديدة … وتعامل يتناسب مع عمرهم وثقافتهم وأمنياتهم … دعنا نتكاتف  سويا من أجل أن يجدوا أنفسهم في قلب الكنيسة لأنهم أمل الكنيسة وحاضرها ومستقبلها .. عندي كل الاستعداد للاستماع لهم وتلبية احتياجاتهم بقدر المستطاع … الباب مفتوح للجميع و خاصة للشباب . ”

  • ما أخبار المعهد الديني الذي تحدثت عنه نيافتكم في لقائكم بالشباب  في يوم الشباب الإيبارشي ؟

المعهد الديني قائم … ولكن  امامه صعوبات ليست بالقليلة ولكني أؤمن أن المعهد الديني هو ” عمود الخدمة ” بالإيبارشية لأنه مكان للتكوين الروحي والعلمي والثقافي والمسكوني أيضا .. كما إنه يجمع كل الإيبارشية  ومن خلاله تخرج الدعوات الرهبانية والخدام  لتلبية احتياجات الخدمة بالكنيسة .. فالمعهد هو ” معمل  ” ينتج أجيال مستمرة  و التي تثري  كافة الإيبارشية  بخبراتها لذلك يجب علينا جميعا دعم هذا  المعهد … بالرغم من غني الإيبارشية بالخبرات العلمية ولكنه غير كاف من الناحية  الدراسية للتدريس ولذلك نلجأ لسد هذه الفجوة بالاستعانة بخبرات من أماكن  قريبة أو بعيدة جغرافيا للإيبارشية وهو مرهق ماديا لنا والحقيقة لدي أمنية أن يكون هذا المعهد فرع لمعهد السكاكيني لكي نستفاد من خبرتهم و تاريخهم .. أرغب في تطبيق نفس المنهج .. أمنيتي الثانية في المستقبل تجهيز معلمين للمعهد ( من داخل الإيبارشية ) بتكوينهم ودعم  تخصصات معينة منهم ببعثات دراسية للخارج وأرجو أن تتوفر لنا الإمكانات المادية اللازمة لذلك .

للمعهد أهمية خاصة جدا لدي وأشعر أن الإقبال عليه  سيكون كثيفا في العام المقبل .

  • متي سيبدأ المعهد في استقبال الراغبين في الالتحاق بالدراسة ؟

اعتقد إننا سنبدأ مع بداية العام الدراسي بالجامعات … لأن الشباب في فترات الاجازة لديه العديد من الارتباطات أو العمل ..

  • ما هي الترتيبات الخاصة باستقبال الدارسين  وخصوصا بسبب بعد المسافة داخل الايبارشية ومدي تأثيرها في مواعيد الدراسة ؟

نعم لدينا صعوبات بسبب مساحة الايبارشية الشاسعة ولكن دعني أقول أن الصعوبات لا تعيق الوصول للهدف … مكان المعهد في دار طيبة وهو مكانه القديم المحدد من قبل سيامتي وسوف نقوم بتأهيله وتجهيزه … المحاضرات ستكون اسبوعية وسنراعي الظروف الدراسية بالجامعات للمنتسبين بالمعهد وسنحاول أن تكون نهاية الدراسة قبل امتحانات الجامعة .

بالنسبة لأسوان … هي رعية كبيرة ولها وضع خاص بسبب بعدها عن الاقصر … كنت مع الآباء الكهنة واستمعت لهم والحقيقة إنني افكر  أن يكون هناك وضع خاص لأسوان و كوم أمبو ودراو  … بمعني أن يكون هناك برنامج للدراسة  مختلف عن المنهج المتبع بالأقصر وتكون المحاضرات  كل خمسة عشر يوما .. واقترحوا أن يكون الميعاد في يوم الخميس بعد الظهيرة  … والحقيقة ان هذه ميزة فقد نستغل بعض المحاضرين في  الذهاب لأسوان يوم الخميس ثم العودة للأقصر  في يوم الجمعة للتدريس …

بالنسبة للتنقلات الداخلية للدراسة .. وجهة نظري التي ارغب في  تحقيقها أن تكون التنقلات مجانية بدون أي اعباء أو تكلفة علي الراغبين  في الدراسة … و سوف نقوم بالتنسيق مع مختلف الرعايا لترتيب هذا الوضع لتيسير سهولة التنقل والذهاب  للمعهد … لكن سوف يكون  هناك اشتراك للدارس وهو مبلغ رمزي لضمان جدية الدراسة بالمعهد والحقيقة إنه مستقبلا لن يكون هناك خادم بالإيبارشية إلا وقد تخرج من هذا المعهد فلا مكان بالخدمة سوي لمن درس وتأهل وتخرج من هذا المعهد .

  • من  خلال متابعة نشاط نيافتكم من يوم سيامتكم يتضح مدي اهتمامكم بالشباب والاسرة ويظهر هذا جليا في لقاء الشباب الإيبارشي ويوم الاسرة مع د/ منير عبد المسيح ووعدت نيافتكم بتأسيس مركز للمشورة الأسرية في الإيبارشية نود أن نعرف الخطوات التي ستتم في هذا الموضوع ؟

من الطبيعي أن يكون لدينا مركز للأسرة هنا فهو احتياج ملّح لنا وليس رفاهية وسيكون مقر المركز بالمطرانية واجتمعت مع الآباء الكهنة والرهبان بعد لقاء  د/ منير   واتفقنا علي إعداد برنامج لإعداد المخطوبين واستفدنا من مركز البطريركية بالقاهرة في الإعداد وسيكون هذا البرنامج  ملزم للمخطوبين والمتقدمين للزواج لأنه مهم للغاية لهم لخدمتهم … ولتأهيلهم للزواج والحفاظ علي الاسرة من النزاعات والاختلافات الناتجة عن عدم الدراية والتأهيل الجيد لهذه الخطوة  .

  • ما هو الجديد الذي ترغب نيافتكم في قوله بخصوص زيارة الأيقونة العجائبية للإيبارشية ؟

بالطبع لدينا جميعا مكانة خاصة في قلوبنا للعذراء مريم ومن خلال لقائي مع الاب الكاهن وهو صديق لي و أيضا صديق شخصي لمؤسس الجمعية والذي أعرفه منذ عدة سنوات واحاديثنا عن هذه الايقونة ومدي الروحانية التي تبثها في نفوس المؤمنين والخبرات الايجابية التي يعيشها المؤمنون بالمناطق التي تزورها الايقونة وكذلك من خلال خبرات المجموعة التي أسست الجمعية الخاصة بالأيقونة العجائبية والحقيقة أني سألتهم في إمكانية زيارة الايقونة لنا ووافقوا  و كنت أتمني أن تأتي خلال فترة صيام العذراء ولكن بسبب التزامات  مواعيد مسبقة لديهم لم يكن هناك وقت متاح سوي الفترة من  14 إلي 24 يوليو . في الواقع ما حدث يفوق كل التوقعات .. جلسنا وحددنا أماكن الرعايا التي ستستقبل الأيقونة بحيث يكون هناك رعية مركزية  تستطيع تجميع الرعايا القريبة منها بسبب قصر مدة الزيارة وامتداد مساحة الإيبارشية جغرافيا بالرغم من إنني كنت أتمني زيارة الأيقونة لكل  رعية … والحقيقة كما سمعت في رعية أسوان تحديدا أن حدث زيارة ا لأيقونة استطاع أن يجمع الناس للصلاة بالكنيسة بطريقة فوق الوصف   فلا توجد مناسبة كنسية من تاريخ بنائها استطاع أن يجذب هذا العدد من المؤمنين … واعتقد أن كل الرعايا حدث بها مثل هذا والجميل هو اجتماع  المؤمنون من كافة الكنائس لنوال بركة الأيقونة بل إنه في  كنيسة الأقصر حضر بعض الأخوة المسلمون لينالوا بركة العذراء وقالوا لي  ” العدر ا بتاعتنا احنا كمان ” فقلت لهم ” العدرا بتاعة الكل وبتستقبل الكل … وبتدي بركتها للكل مش بتخص فئة او جهة معينة ”  … الحقيقة أن حضور الأيقونة استطاع أن يبث أجواءا إيمانية وروحانية  لا توصف … فكأننا نحيا في حلم سمائي  – أتمني تحقيقه – ان يتواجد كل المسيحيين … باختلافاتنا .. نصلي … كلنا بنفس المكان  ونصلي لله .. بالطريقة التي نألفها ونحبها .. لكن نثق أن الله يسمعنا .. ولدينا الرجاء والأمل في أن يستجب الله لصلاتنا …

زيارة الأيقونة صنعت العديد من البركات والمعجزات … ومستمرة … ليست فقط من الناحية الملموسة الجسدية ولكن من الناحية الداخلية  والتي حدثت لأشخاص … قلوب حجرية تحولت لقلوب لحمية . .. قلوب صلبة تلين … هناك أشخاص قالوا لي .. أن لهم سنوات لم  يدخلوا الكنيسة وآخرين قالوا أن لهم سنوات منفصلين عن الكنيسة  احتجاجا علي اوضاع … ولكنهم اجتمعوا وحضروا  للصلاة ببركة  العذراء …. هذه هي المعجزة الحقيقية التي حققتها الأيقونة بحضورها .. اهتداء القلوب وتقربها للصلاة … بالإضافة إلي أن زيارة الايقونة استطاعت ان تجمعنا كمصريين في نفس المكان لنصلي سويا .. لرب واحد … خالق الكل .. ونشعر بمحبته لنا من خلال حضور العذراء …

دعني أخبركم أنه من وقت وصول الأيقونة العجائبية من المطار وحتي  الآن لم توجد لحظة واحدة إلا وكان هناك من يصلي أمامها … ليلا ونهارا … صلوات وطلبات وتسبحات وتضرعات لم تخفت أو تتوقف لم  أتخيل هذه الروح والتجديد المسكوني الذي حدث بدون ترتيب أو قصد .. بدون وعظ أو إرشاد … فقط بحضور أيقونة العذراء لذلك أقول  أن إيبارشيتنا نالت نعمة كبيرة بحضور الأيقونة بل دعني أقول لكم إنني  قمت بزيارة بعض الرعايا لأول مرة منذ سيامتي وأن  تكون أول زيارة لي مصاحبة لزيارة الأيقونة وحضور هذه الأجواء الروحانية الجميلة وكأنني أدخل بحماية العذراء وكما قلت لرعية جراجوس إني ” أشكركم لهذا الاستقبال الحافل للأيقونة وأن يكون حضوري لكم لأول مرة بحضور بركة  العذراء ” ولدي شعور داخلي بالبركة والنعمة بأنه في بداية دخولي  وخدمتي للإيبارشية تسبقني بركة العذراء مريم .

  • هل من الممكن تكرار زيارة الأيقونة العجائبية ثانية ؟

” أنت عاوز أقول أسرار … ” .. اتمني أن نستطيع تكرار هذه الزيارة  وهي أمنية قابلة للتحقق .

  • في ختام حوارنا مع نيافتكم ما هي الرسائل التي تود أن توجهها للشباب ، للأسرة ، للرهبان ، للكهنة ، للرعايا المختلفة ؟

أقول أنني في خدمة الجميع … صغيرا وكبيرا .. للعلمانيين والإكليروس … أنا موجود من أجل الخدمة … لا احب العمل الفردي .. رؤيتي تتحقق في العمل الجماعي الذي يحول المستحيل إلي الممكن … كل فرد لديه كفاءات وقدرات مختلفة ودوري في تنسيق الجهود والكفاءات  الكثيرة التي تتميز بها الإيبارشية … فأرجو من الجميع أن يساعدوني في  بذل كافة المجهودات والطاقات بسخاء وبدون تحفظات لأجل خدمة  الكنيسة … وكما قلت في حفل استقبال سعادة سفير الفاتيكان بالمطرانية  : ” منقولش الكنيسة عملت ايه لنا لكن احنا عملنا ايه للكنيسة … الكنيسة منتظرة مننا كتير .. ولها حق علينا … وكلنا  مسئولين عن ضعفها قبل قوتها …. ” . لكل منا دوره … كلنا مسئولون دون تنصل عن كل خير أو ضعف يحدث للكنيسة  … دعنا نحمل مسؤلية الخدمة بالكنيسة جماعيا وكل منا يقوم بدوره بمسئولية وتفاني وأمانة … لكن الروح الموجودة بالإيبارشية تبث فـيّ ارتياح نفسي  غير عادي …. بالرغم من قلقي سابقا منذ مكالمة غبطة البطريرك  وإخباره لي بتولي مسئولية الإيبارشية .. كنت  احيا في صراع داخلي . .. ماذا سأفعل ؟! … والآمال كبيرة … لكني الآن بما شاهدته من  روح بالإيبارشية أشعر  بطمأنينة وثقة وإيمان في عمل الله … فأمامنا طريق  يجب أن نسلكه سويا …

علي مدار ساعتين حاورنا نيافة الأنبا عمانوئيل وتخلل الحوار راحة لوجبة الغذاء مع الضيوف من المجموعة المرافقة للأيقونة وكما علمنا أنه بالرغم من جدول مواعيده المزدحم والسفريات المتلاحقة برفقة الايقونة شمالا وجنوبا بالإيبارشية والارهاق الجسدي إلا انه عندما طلبنا منه اجراء الحوار رحب بنا بل ضحي بوقت راحته لكي يفتح قلبه ويتحدث معنا وكما علمنا انه لم ينم سوي سويعات قليلة وعندما انهي حواره معنا ذهب مع الايقونة إلي مدينة نجع حمادي … هنيئا لإيبارشية طيبة الأقصر بأسقفها الشاب … ونأمل أن يتكاتف الجميع ببذل كافة الجهود والطاقات لنمو الكنيسة والخدمة في حقل الرب فـــــــ” … الحصاد كثير ولكن الفعلة قليلون . ” { مت 9 :37 }

والموقع يتقدم بالشكر لنيافة الانبا عمانوئيل على وقته وسعة صدره واعطى لنا حصريا هذا الحوار الاول مع نيافته فرصة لنعرف القراء به وبرؤيته كاسقف و كمطران لايبارشية طيبة الاقصر نصلى كى يمده الله بالحكمة كى يقود ايبارشيته ولخدمة الكنيسة الكاثوليكية ..