المرض الخامس عشر: الخيانة، يهوذا الساكن فينا

المرض الخامس عشر: الخيانة، يهوذا الساكن فينا

وباء القلوب وسم العلاقات

سلسلة بعض الأمراض الشائعة والمخفية

بقلم المونسنيور د. يوأنس لحظي جيد

أولًا: وصف مرض الخيانة

يمكن تعريف مرض الخيانة بأنها انتهاك للثقة والأمانة وكسر العهد بين شخصين أو أكثر، سواء كانت العلاقة زوجية، صداقة، شراكة عمل، أو حتى علاقة بين الفرد وذاته أو مبادئه. الخيانة ليست مجرد فعل عابر أو خطأ بسيط، بل هي انتهاك صارخ للثقة وحالة مرضية تصيب القلوب والعلاقات، وتتراوح في شدتها وتأثيرها بدرجة الثقة والمحبة والعلاقة بين الخائن وضحيته.

يتجلى هذا المرض في صور وأشكال متعددة، بدءًا من الكذب والتضليل، مرورًا بإفشاء الأسرار، والغدر، والنكث بالوعود، وصولًا إلى الخيانة الزوجية والمالية والوطنية.

جذور هذا المرض غالبًا ما تكون عميقة ومتشابكة، تتعلق بشخصية الفرد، ونظرته لذاته وللآخرين، وتجاربه السابقة، وقدرته على بناء علاقات صحية والحفاظ عليها.

كيف تعرف أنك مصاب بمرض الخيانة؟

• أنت خائن عندما تقول وتؤكد عكس ما تبطن.

• أنت خائن عندما تتصرف في الخفاء بخساسة وفي العلن بتقوى وقداسة.

• أنت خائن عندما تتصرف في الأمانة وكأنك مالك وليس مستأمن وأجير.

• أنت خائن عندما تُعلم الآخرين ضرورة النزاهة والشرف وأنت بلا شرف وبلا أمانة أو استقامة.

• أنت خائن عندما تؤكد للمسيح كبطرس “إن تركك الجميع أنا لا أتركك”، ثم تعلن أنك لا تعرفه.

• أنت خائن عندما تبيع مبادئك بالمال، وتخون وعودك أمام إغراءات السلطة أو الجنس أو الشهوة أو المكاسب المالية.

• أنت خائن عندما تعيش بازدواجية وبزيف وبرياء وبأكثر من وجه.

• أنت خائن عندما ما يهمك فقط هو ألا تنكشف حقيقتك أمام الناس.

• أنت خائن عندما تضع نفسك كمحور العالم وتطالب الجميع أن يضحي على هيكل كبريائك وغرورك بكل شيء

• أنت خائن عندما تظلم الآخرين والمستضعفين. وتستحل لنفسك ما تحرمه على الآخرين

• أنت خائن عندما تفعل بأريحية ما لا ترضى أن يفعله شريك حياتك وصديقك معك.

• أنت خائن عندما تُسكت صوت ضميرك، وتدفنه تحت أكوام أكاذيبك وادعاءاتك بالصدق والشرف.

• أنت خائن عندما تصرخ وتصيح في وجه من يوجهك بالحقيقة وتهينه وتتهمه بكل ما يجب أن تواجه به نفسك.

• أنت خائن عندما تعتبر النصب شطارة، والكذب ذكاء، وخيانة الثقة فهلوة، واللف والدوران خبرة، والسرقة دهاء.

• أنت خائن عندما تعتقد أن أبشع الجرائم مقبولة المهم ألا تُكتشف.

• أنت خائن عندما ترى ظلم الآخرين وتسكت.

• أنت خائن عندما تنصب على من ائتمنك ووثق فيك وسلمك مفاتيح بيته وحياته.

• أنت خائن عندما تستخدم المكر والخداع مع مَن وثق فيك.

ثانيًا: خطورة مرض الخيانة

الخيانة هي مرض سلطاني وتكمن خطورته في تأثيره المدمر على المستويات الشخصية والاجتماعية والأسرية والكنسية:

على الشخص الخائن:

o تآكل الضمير: تصيب الخيانة الخائن بتآكل الضمير فيبدأ الأمر بتبريرات صغيرة، لكن مع التكرار، يتآكل الضمير ويصبح الفرد أقل قدرة على التمييز بين الصواب والخطأ، ويصل به الأمر إلى تبرير الكذب والسرقة والنهب والظلم وكأنها أفعال عادية والجميع يقوم بها. تفسد الخيانة ضمير الخائن فيصل إلى تبرير كل شيء وإسكات صوت ضميره واعتبار الخيانة شطارة، والسرقة فهلوة، والكذب ذكاء، والظلم دهاء، والقتل شر لابد منه، والزنى مجرد متعة عابرة، وشهادة الزور مجرد موائمات ضرورية.

o الشعور بالذنب وبالأرق والقلق: مهما حاول الخائن إخفاء فعلته وتجميلها وإلباسها أبهى الأكاذيب والادعاءات، إلا أنه غالبًا ما يعاني من شعور داخلي بالذنب والقلق والخوف من انكشاف أمره. إنه يعرف حقيقة وبشاعة أفعاله ومهما حاول إقناع نفسه والآخرين بأنه ضحية مؤامرات كونية وعدم فهم وسوء تقدير الآخرين فهو يعرف الحقيقة المرة وتستمر شوكه الشعور بالذنب تنخر فيما تبقى من أطلال ضميره وتضج مضجعه.

o فقدان الثقة بالنفس: غالبًا ما يشعر الخائن بتدني قيمته الذاتية وعدم استحقاقه للثقة، مما يؤثر على علاقاته بالأخرى، ولأنه نصاب فهو يفقد ثقته في ذاته وثقته في الآخرين ويعاني غالبًا من الشعور بالخيانة. ولأن الخائن يعتقد أن الجميع خونة، ولأن طباخ السم يذوقه، فالخائن، شاء أم أبى، غالبًا ما يشرب من كأس الخيانة.

o العزلة والوحدة: مهما طال الزمن تنكشف الخيانات ولذا غالبًا ما يجد الخائن نفسه معزولًا وفاقدًا لثقة الآخرين، مما يؤدي إلى شعوره بالوحدة. قد يبهر الجميع في البداية ولكن سرعان ما يزول الانبهار أمام كثرة الأكاذيب والألاعيب ويبدأ المتعاملين مع الخائن بالابتعاد عنه ونبذه والشعور بالاشمئزاز منه. في سعي الخائن للاستحواذ على كل شيء، ولأنه يظن بغبائه أنه أذكي من الجميع، فهو يخسر كل شيء ويفقد حتى أقرب الناس لهم.

o اضطرابات نفسية: قد تتطور حالة المصاب بمرض الخيانة إلى اضطرابات نفسية مثل الاكتئاب والقلق واضطرابات الشخصية. إن الخائن هو أكبر ضحية لنفسه، وأكثر مَن يعاني مِن نتائج خياناته.

على المحيطين بالشخص الخائن:

o الألم والجرح العميق: يشعر الطرف الذي تعرض للخيانة بألم وجرح عميقين، يصعب شفاؤهما بسهولة. وكلما كانت الثقة كبيرة كلما كان الجرح جائرًا وغائرًا، وكلما كانت الخيانة كبيرة كلما صعب الشفاء منها أو تخطيها. إن من يتعرض للخيانة يعيش بقلب ينزف ويشعر بأن العالم ينهار فوقه وأن الأرض اهتزت تحت أقدامه، وأن ما من دواء بمقدوره شفائه من مرارة الشعور بالآلام.

o فقدان الثقة والأمان: تُبنى العلاقات فوق مبدأ الثقة وعندما يهتز هذا الأساس تتلاشى مشاعر الأمان، وأسس العلاقة الصحية. فمن يتعرض للخيانة يفقد الشعور بالثقة وغالبًا ما يبدأ في الشك في كل شيء وفقدان الأمان والثقة في الجميع.

o الغضب والاستياء: ينتاب الطرف المجروح شعور بالغضب والاستياء تجاه الخائن، وقد يتطور إلى كراهية ورغبة في الانتقام. وغالبًا ما يسقط المصاب بالخيانة في تجربة الخيانة لتخفيف الألم وكأنه بممارسة الخيانة سيشعر بتحسن وكأن علاج الحروق سيتم بإشعال مزيد من الحرائق، وكأن دواء الشعور بالألم سيزول عندما يشعر الجميع بالألم. إن الطرف المصاب بالخيانة غالبًا ما يكون ضحية الغضب الذي يصيبه بالعمى ويجعله يتصرف بطريقة غالبًا ما سيندم عليها فيما بعد.

o الشعور بالخداع والخذلان: يشعر الطرف المجروح بالخداع والخذلان، وكأن جزءًا منه قد كُسر، وهو غالبًا ما لا يعود لطبيعته ويكون لا فقط ضحية للخيانة بل ضحية أيضا لمشاعر متناقضة ومتضاربة. إنه يحيا بقلب مكسور والقلوب المكسورة يصعب رأبها وعلاجها.

o تأثير على العلاقات الأخرى: يؤثر فقدان الثقة في قدرة الشخص على الثقة في علاقات أخرى. فالطرف المجروح غالبًا ما يفقد الثقة في الجميع ويسقط في تجربة التعميم ويرى الخيانة ويتوقعها حتى من أخلص الناس وأقربهم.

o تفكك الأسر والمجتمعات: الخيانة الزوجية وخيانة الأمانة في العمل أو المجتمع أو في المجال الإيماني والكنسي يؤدي إلى تفكك الأسر وانهيار وخراب المؤسسات والتشكيك في كافة الثوابت. تنهار العلاقات إذا أُصيبت بداء الخيانة وتنهار لأن ما من مملكة تنقسم على نفسها يمكن لها أن تستمر، كما يعلمنا السيد المسيح.

ثالثًا: أجمل ما قيل في الخيانة

الخيانة غالبًا ما ترتبط بمشاعر سلبية وأقوال مؤلمة، ولكن بعض الكتاب والشعراء استطاعوا التعبير عن هذا الوجع بكلمات مؤثرة وبليغة:

• “الخيانة كالسهم الذي يخترق القلب، لا يشفى الجرح تمامًا حتى بعد إزالة السهم” (مثل عربي).

• “أشد أنواع الخيانة هي خيانة المرء لنفسه، بأن يضحي بما يؤمن به من أجل ما لا يؤمن به”.

• “ليس أسوأ من خيانة صديق، إلا خيانة النفس” (شكسبير).

• “الخيانة طعنة في الظهر، تأتي ممن تثق بهم”.

• “عندما يخونك شخص عزيز، فكأنما اقتلعوا قلبك دون تخدير”.

رابعًا: أمثلة على الخيانة من الحياة اليومية

• الخيانة الزوجية: إي إقامة علاقة عاطفية أو جسدية مع شخص آخر غير الزوج/الزوجة، وخيانة الأمانة الزوجية. إنه خيانة مؤلمة ومنتشرة وأبشع ما فيها هو أن الطرف الخائن غالبًا مالا يشعر بمرارة وفظاعة الخيانة طالما لم يُكتشف، وغالبًا ما يتهم الطرف الآخر الأمين بالخيانة، ويتمادى في إظهار الغيرة والشك. الطرف الخائن هو مجرم بلا ضمير يتفنن في الأكاذيب. إنه يتصرف كمدمن يرفض الإدمان بعد كل جرعة، ولكنه سرعان ما يسعى للجرعة الثانية، في دوامة شيطانية تنتهي بتدمير المعبد وما فيه.

• خيانة الصداقة: إفشاء الأسرار، التآمر من خلف الظهر، عدم الوفاء في المواقف الصعبة، بيع أسرار الصديق للحصول على مكاسب تافهة أو لإظهار الذات والتباهي.

• خيانة الأمانة في العمل: أي السرقة، الاختلاس، التلاعب بالبيانات، عدم الوفاء بالمسؤوليات، وقبول الرشاوي وإيقاف معاملات الناس للحصول على مكاسب شخصية. فكل مرتشي وكل سارق وكل منتفع وكل مختلس هو خائن للأمانة.

• خيانة الوعود: أي النكث بالعهود والاتفاقيات، عدم الالتزام بالكلمة، وعمل عكس ما تم الاتفاق عليه. فالخائن يعتبر أن الكلمة لا قيمة لها، وبمجرد أن يجد مكسب أكبر فهو يتصرف خلافا لما قال ولما تعهد به.

• خيانة الثقة: أي ممارسة الكذب والتضليل، إخفاء الحقائق الهامة. كالموظف الذي يختلس من صاحب العمل لأنه مستأمن على الحسابات، أو العامل الذي يضلل الآخرين ليحصل على نصيبهم أو صاحب العمل الذي يسرق حقوق العاملين عنده.

• خيانة الوطن: مثل التجسس، التعاون مع العدو، الإضرار بمصالح البلاد تحت شعار الحرب خدعة أو للحصول على مكاسب مالية أو أي نوع من الامتيازات الدنيوية.

• خيانة الذات: أي التخلي عن المبادئ والقيم الشخصية من أجل مصلحة آنية أو إرضاء الآخرين. كالمكرس الذي يبيع ضميره لإرضاء شهواته، أو الراهب الذي يخون نذوره أو الكاهن الذي يتحول لذئب لرعيته، أو الاسقف الذي يزرع الفرقة بين كهنته، أو المعلم الذي يعتدي على تلميذاته، أو المربي الذي يتربح بشكل غير شرعي، أو الطبيب الذي يحول رسالته لمجرد مهنة للتربح.

خامسًا: أمثلة على الخيانة من الكتاب المقدس

يقدم الكتاب المقدس العديد من الأمثلة المؤثرة على الخيانة وعواقبها الوخيمة:

• يهوذا الإسخريوطي: إن التلميذ يهوذا هو الخائن الأكبر، فخيانته ليسوع المسيح وتسليمه مقابل ثلاثين من الفضة هي أشهر قصص الخيانة في التاريخ المسيحي. وتجسد هذه القصة بشاعة الخيانة وأثرها على ضحية الخيانة وعلى الخائن نفسه والعالم بأسره. يجسد يهوذا معاني الخيانة في أبشع صورها. فبعد أن عاش مع المسيح وراء بأم عينيه معجزات المسيح، وسمع بأذانه تعاليم المسيح، وشارك المسيح الطعام والمسكن والطريق، وبعد أن حذره المسيح نجد يخون المسيح بأبخس الأسعار ويهدم الثقة بإصرار ويقدم البريء للمحكمة، ويتسبب في ظلم المخلص، فيدفع حياته وأخرته ثمنا لخيانته.

• آخاب وزوجته إيزابل: نجد في العهد القديم قصة تآمر آخاب وزوجته إيزابل وخيانتهما لحقوق نابوت اليزرعيلي وقتله للاستيلاء على كرمه يظهران كيف يمكن للطمع والسلطة أن يقودا إلى الخيانة والظلم.

• شاول الملك: كذلك قصة خيانة شاول وعصيانه لأوامر الله وخيانته لثقة صموئيل النبي والتي أدت إلى فقدانه لملكه ونعمة الله.

• دليلة وشمشون: أيضا قصة خيانة دليلة لشمشون وكشفها لسر قوته لأعدائه تظهر كيف يمكن للمكر والخداع أن يؤديا إلى تدمير شخص قوي وموهوب، وتحويل شمشون القوي، نبي الله، إلى أضحوكة في يد أعدائه.

• أبشالوم وداود: تمرد أبشالوم على والده الملك داود وسعيه للاستيلاء على عرشه يمثل خيانة عائلية مؤلمة.

• داود الملك: تعتبر قصة خيانة الملك داود من أكثر القصص المأساوية والمؤثرة في الكتاب المقدس، وتحديدًا في سفر صموئيل الثاني، الإصحاح الحادي عشر والثاني عشر. تتضمن هذه القصة خيانتين متداخلتين: خيانة داود لزوجة إحدى جنوده الأوفياء، وخيانته لهذا الجندي الوفي نفسه.

سادسًا: طرق علاج مرض الخيانة النفسية والروحية

علاج مرض الخيانة عملية معقدة وطويلة وتتطلب إرادة قوية من الطرف الخائن وتعاونًا من الطرف المتضرر، بالإضافة إلى تدخل متخصص في بعض الحالات:

يبدأ العلاج النفسي للشخص الخائن أولًا بالاعتراف بالمرض والمسؤولية. إنها الخطوة الأولى والأهم، أي اعتراف الخائن بأن لديه مشكلة وأنه مسؤول عن أفعاله دون تبرير أو إنكار أو تحجج أو تجميل. وثانيًا فهم الأسباب والدوافع للعمل مع معالج نفسي أو مرشد روحي لفهم الأسباب الجذرية التي أدت إلى سلوك الخيانة، مثل تدني الذات، مشاكل في العلاقة، اضطرابات الشخصية، أو تجارب الطفولة. يحتاج الخائن كذلك لتطوير التعاطف والندم الحقيقي وتعلم كيفية فهم تأثير الخيانة على الآخرين والشعور بالندم الحقيقي على الأذى الذي تسبب فيه. وتغيير الأنماط السلوكية لتطوير آليات صحية للتعامل مع المشاعر والضغوط وتجنب المواقف التي قد تؤدي إلى الخيانة. وأخيرًا بناء الثقة بالنفس بطرق صحية والعمل على تعزيز القيمة الذاتية بطرق إيجابية وغير مدمرة للعلاقات.

يحتاج العلاج النفسي للطرف المتضرر أو ضحية الخيانة إلى أولًا التعبير عن المشاعر والافصاح عن مشاعره من ألم وغضب وحزن وخوف بطريقة صحية. ثانيًا استعادة الثقة بالنفس والسعي لاستعادة شعور الطرف المتضرر بقيمته الذاتية وثقته بنفسه بعد الصدمة. يحتاج كذلك لوضع الحدود وتعلم كيفية رسم حدود صحية في العلاقة أو اتخاذ قرار بإنهاء العلاقة إذا كان ذلك ضروريًا للحفاظ على الصحة النفسية. يحتاج أيضا لممارسة المسامحة الاختيارية والواعية، لأن المسامحة هي قرار شخصي يساعد بالتأكيد في التحرر من الغضب والاستياء، وتحرير القلب من نار الشعور بالخيانة.

يحتاج هذا المرض أيضا للعلاج الروحي: أولا بالتوبة والاعتراف، بالنسبة للمؤمنين، الاعتراف بالخطيئة وطلب المغفرة من الله هو خطوة أساسية في العلاج الروحي. وكذلك طلب الإرشاد الروحي والتحدث مع مرشد روحي يمكن أن يوفر الدعم والتوجيه في عملية الشفاء الروحي. يجب على الخائن أن يمارس فضيلة الأمانة والنزاهة ويتعلم الالتزام بمبادئ الأمانة والنزاهة في جميع جوانب الحياة كجزء من عملية النمو الروحي.

فيهوذا خان المسيح وانتحر ففقد حياته وآخرته وخان بطرس وندم فحصل على الغفران وصار هامة الرسل.

الخلاصة:

مرض الخيانة هو للأسف داء خطير ومدمر ومنتشر وهو كالسرطان الذي يلتهم صاحبه وكل ما حوله ويتسبب في جرح عميق في نسيج العلاقات الإنسانية، ويترك آثارًا مدمرة على القلوب والأرواح. إنه مرض لا تظهر أعراضه إلا بعد فوات الأوان. إنه مرض يصيب الكبير والصغير الحكيم والعقيم والمكرس والعلماني الرجل والمرأة والكهل والصغير. إنه مرض لا يمكن الانتصار عليه إلا بممارسة الصدق مع الذات والكف عن اللف والدوران والانكار والتبرير والكذب.

إنه مرض يعلمنا أن بداخل كل منا خائن ينتظر الفرصة للظهور وللسيطرة. وإننا لن ننتصر عليه إلا بالحذر الدائم وبالسهر واليقظة وبالتمسك بقيم الصدق والأمانة والنزاهة والاستقامة والصلاح مهما كان الثمن ومهما كانت التضحيات. أمام الخائن إما أن يختار طريق يهوذا فيخسر حياته الأرضية والسمائية وإما يختار طريق بطرس الرسول، أي الندم وطلب التوبة، فيكسب الغفران وينال الرحمة والكرامة في الأرض وفي السماء.

قمنا في الأسابيع السابقة بالتكلم عن:

أولًا: مرض الإنكار

ثانيًا: مرض الإسقاط

ثالثًا: مرض التظاهر

رابعًا: مرض الكذب والإنكار

خامسًا: مرض تبلد أو موت الضمير

سادسًا: مرض التطفل والحشرية

سابعًا: مرض العناد

ثامنًا: مرض الخنوع والعبودية الاختيارية

تاسعًا: مرض التطرف

عاشرًا: مرض الحصان المَيْت

الحادي عشر: مرض استغلال الآخرين والتلاعب بهم

الثاني عشر: مرض عمى البصيرة

الثالث عشر: مرض القطيع أو التحجج بالأغلبية

المرض الرابع عشر: المراهقة المستمرة وعدم النضج

سنتناول في الأسابيع القادمة بعض الأمراض الأخرى (للحديث بقية).