من هو القديس ولماذا نقتدي به؟

الاب انطونيوس مقار ابراهيم

راعي الاقباط الكاثوليك في لبنان[1]

حياة القداسة

الجميع مدعوا الى أن يعيش حياة القداسة فالرب يسوع قد دعانا إليها فقال " كونوا قديسين كما أنّ أباكم السماوي هو قدوس" والقديسة تريزا الطفل يسوع قالت" أنت كمان فيك تكون قديس" إذاَ أحباني القداسة هي دعوة إلهية موجهه للجميع وهذا ما فعلته وعاشته القديسة ريتا التي نحتفل بعيدها هي قد أدركت تماماً أن هناك طريق للدخول الملكوت اسمه القداسة والله هو الذي شق الطريق ونحن لايمكنا دخول ملكوت الله الا كقديسين لان الله هو "ملك القديسين"(رؤ15: 3)وقد اعطى للانسان كل امكانيات السير على هذا الطريق والقديسة وغيرها من القديسين قد استفادوا من هذة الامكانيات واستثمروها فى حياتهم فظهرت فيهم ملامح القداسة .واسم ريتا .. يعني الزهرة البيضاء ذات القلب الذهبي المليء بالتقوى والطهارة والسخاء.. هي لُقبت بشفيعة الامور المستحيلة  والمرأة حديدية التي ذاقت الآلام والمشاقات في حياتها ، فلم تيأس ، بل تسلّحت بالصبر والصلاة ، وإلأماتة والتقشف

القديس انسان عادى استثمر هذه الامكانيات فعاش:

 1-حياة الانجيل ونفذ الوصية بروح الانجيل وقول المسيح "اما كلامي فهو روح وحياة"
2- سلم ذاته تسليم كُلي لقيادة الروح القدس فى حياته"الذين ينقادون بروح الله فاولئك هم ابناء الله"(رو8:14)القديس شارل ديفوكو "يا أبتِ إني أسلم لك ذاتي فافعل بي ما تشاء"
3- استمر فى شركه تامة مع الكنيسة دون ان ينعزل عنها لأنها المعمل الاساسى الذى يصنع القديسين لايمكن لانسان منعزل عنها ان يتمتع بالقداسه بمفرده مهما كان جهاده لانه بعيد عن رب المجد مصدر قداسته حيث الاسرار والخدمه والاحساس بكل عضو فى جسده "احملوا بعضكم اثقال بعض وهكذا تمموا ناموس المسيح"(غل6 :2).
 
4- إستفاد من الالم فى حياتة " "كل الاشياء تعمل معا للخير للذين يحبون الله"(رو8: 28 ) وأعتبره ذات فائدة كبرى للتمتع بحياة الاقتراب من الله .وحمل صليبه شاكراً الرب.
5- قرر منذ صغره أن يتعلق بالسماويات تاركاً وراءه الارض وما عليّها "ها قد تركنا كل شيء وتبعناك "وهناك اكتشف جمال السماء ومجد بهاء الآب  وصيرا مع غيره الارض سماء.

إنّ القدّيس يحمل المسيح في ذاته مع قوّة محبّة لا تقهر من أجل خلاص البشر.

    1- رجل حوار وصلاة:
هو شخص عاش في لقاء دائم وحوار  و في صلاة مستمرةّ مع  حقيقة نابعة من قلب محب وعلاقة حميمة مع الله وعلامة وصل وبناء جسر منه وعليه يعبر الانسان الى الله وبالتالي هو إنعكاس النّور الإلهيّ.نور السماء على الارض كما أنه انعكاس كامل لإنسانيّة المسيح الذي به وفيه تدرك البشرية كمال إنسانيتها.

1-    رجل حب وتفاني:

بقدر ما يسعي الانسان الناسك أو المتعبد حياة الحب والتفاني والنظر الى الشخص الاخر والابتعاد عن حياة الانانية يصير هو مصدر سلامة للإنسانيّة وتجدّد لها، فهو يسعى دائماً وأمام أيّ إنسان إلى التّصرّف نحوه بكلّ رقّة، وشفافية، ونقاوة في الفكر والأحاسيس والمشاعر وهذا ليس فقط تجاه اخوه الانسان إنما لكافة المخلوقات والكائنات. وعليه أن يرى في كلّ خلائق الله على الارض إنما هي عطيّةً لمحبّة الله  " فاللرب الارض وملؤها وجميع الساكنين فيها " ولذا يجب على رجل الله القديس أن  يحترم كلّ إنسان وكافة المخلوقات،وإن تألّم أحد، حتّى لو كان حيوانًا عليه أن يمارس معه عمل المحبة والشفقة.فالقلب الممتلئ برحمة الله هو قلب يلتهب دائما نحو خليقته.

2-    رجل اللاعنف

يدعوا القديس صاحب القلب الرقيق والاحساس دائماً بالابتعاد عن المنازعات والممحاكات والمجادلات التي لاتُجدي نفعاً "ابتعدوا عن المجادلات العقيمة" كما أنه يشدد على نبذ العنف وكل أشكاله ويقول أن العنف والقسوة هما اولاد الخطئية والشهوة والاهواء الدنيئة التي تولد وبإستمرار الحقد والكراهية والتفاهة ففي الدعوة الى نبذ كل هذه الامور تتسامى المشاعر والاحسيس والرّقّة والشّفافيّة. المرتبطة بطّهارة لقلب ونقاوة الفكر وصفاء الضمير ومشاركة الناس جميعهم في افراحهم واحزانهم.

3-    رجل الكتاب المقدس :

هو انسان باحث عن كلمة الله ودخل في صميم الله بالكتاب المقدس ومعرفته لذا لم نجد فى تاريخ الكنيسه قديس يجهل الكتاب المقدس بل الكل لهم فيه العمق الروحي والحكمه"

 

لماذا نحتفل بالقديسين ؟ وندعوا الناس أن يقتدوا بهم؟ 

1-   تلألأت فيهم حياة الكمال والسيرة الحسنة الحقة،وعيش روح الفقر الانجيلي ، قد خدموا الرب في كل الأوقات ولا سيما الجوع والعطش التعب والكد في الاسهار والاصوام ، الصلوات والتأملات المقدسة و الاضطهادات الكثيرة."مَّن ذا الذي يستطيع أن يفصلنا عن محبة المسيح كثيرةٌ هي الشدائد والمضايق، التي قاساها الرسل والشهداء، والمعترفين ، وسائر الذين ارادوا أن يقتفوا آثار المسيح!"

2-   نهجوا قول يوحنا الرسول في رسالته " لاتحبوا العالم ولا الاشياء التي في العالم لأن العالم وشهواته يزولان كما أنهم تبعوا قول المسيح ماذا ينفع الانسان لو ربح العالم كله وخسر نفسه فقد أبغضوا نفوسهم في هذا العالم ليحفظوها للحياة الابدية.

3-اختبروا حياة التقشف والعفة والفقروقاسوا الكثير من التجارب! ولكن ما تركوا أبداً حياة الصلاة والتأمل والغيرة الرسولية وتقدمهم الروحي وجهادهم في قهر الرذائل! وعيش الفضائل والتفكر المستمر في الله فكانوا يقضون وقتهم كله في كل ما هو نافع، لدرجة أنهم كانوا ينسون القوت الجسدي.زاهدين في كل شيء في جميع الثروات والرتب والكرامات ، وفي الاصدقاء والاقارب ،.لقد كانوا فقراء في الارضيات، ولكنهم أغنياء في النعمة والحكمة

هكـذا أعطـت القديسة ريتـا مثـالاً رائعاً لكل راهبة ، ولكـل شابة وأمرأة مسيحية بسخائهـا وإيمانهـا وتقواهـا … وهي اليـوم تدعو الجميــع الى الأقتـداء بهـا كمـا اقتدت هي بالمسيـح . منهـا نتعلـم أن درب القداسة ، يمر من خلال الحقائـق اليومية ، ومن خلال خدمة اخوتنا البشر والاخلاص للانجيل .وكل عام وانتم بألف خير وصحة وتحقيق المستحيل في حياتنا بالصلوات التي ترفعها عنا القديسة مريم العذراء والقديسة ريتا والطوباوي البابا يوحنا بولس الثاني



[1] – عظة ألقيت في كنيسة سانت ريتا سن الفيل –حرش تابت لبنان لمناسبة الاحتفال بالقداس الالهي حسب الطقس القبطي في عيد الفديسة ريتا