الإجازة الزوجية ضرورة.. أم رفاهية؟!!

يتسلل إلى عش الزوجية بمرور الوقت وظهور مشكلات العمل والحياة نوعاً من الرتابة والفتور، فلا مشاعر جميلة ولا اشتياق، والنكد والشجار يسيطران على الزوجين. ويعالج البعض هذه الحالة بفكرة الإجازة الزوجية من أجل طرد الملل وإعادة ترتيب الأوراق، بالإضافة إلى أن البعد يزيد القلب شوقاً.
تقول منى حلمي: "أنا و زوجي نستخدم هذا الأسلوب لكسر روتين الحياة، فالإجازة الزوجية تخلق جواً من الألفة والشوق المتجدد بين الطرفين، حيث أنه وبعد عودتي من منزل أهلي نتحاور حول الأحداث والمواقف الطريفة التي تعرضنا لها خلال فترة الإجازة، مما يوفر جو من روح المرح، وأكدت على ضرورة تواصل الزوجين وتفقد أحوال بعضهما البعض أثناء الإجازة، حتى لا يعتاد أي منهما على غياب الطرف الآخر وذلك بإجراء مكالمات هاتفية خلال اليوم.
وتتفق دعاء حسن مع هذا الرأي وتضيف: "الإجازة الزوجية وسيلة ناجحة لإعادة الحيوية إلى علاقتنا بعد كل فترة، فمنذ خروجي من منزلي لقضاء الإجازة الزوجية تنهال علي مكالمات زوجي الهاتفية من وقت إلى آخر يسألني عن موعد عودتي، وتلعب الحالة المادية دوراً كبيراً في تطبيق الإجازة، حيث أنها تلزم نفسها بشراء هدية ثمينة لزوجها حين عودتها لتقدمها له تعبيراً عن مكانته لديها، وهو يقوم بنفس الشيء بالإضافة إلى شراء مستلزمات وكماليات خاصة بالمنزل حتى تشعر بحدوث التغيير والتجديد في حياتها.
ويقول منير سمير إخصائي مشورة أسرية أن الإجازة الزوجية فترة زمنية محددة يتفق فيها الزوجان على الابتعاد عن بعضهما بعضاً، ويكون الهدف منها تحريك مشاعر الشوق وتجديد احتياج كل طرف للآخر. والأفضل أن يسمح الزوج للزوجة بهذه الإجازة، كونها من حقها، خاصة أنه يسمح لنفسه بالهروب من البيت عندما يشاء، سواء إلى العمل أو للقاء أصدقائه لكن يجب أن توجد ضوابط تضمن نجاح الإجازة منها أن يتم التعامل معها على أنها لمصلحة الطرفين معاً. فلا يكون سبب الابتعاد مثلاً، وجود مشكلة أو خلاف حدث بين الزوجين، أو لإشعار الطرف الآخر بأنه مصدر الملل والفتور في المنزل. كما يجب عدم استخدام طرق غير مباشرة للحصول على هذه الإجازة، كأن تتعذر الزوجة بزيارة أهلها الذين يقطنون خارج منطقة سكنهما. وأوضح منير فوائد الإجازة الزوجية العديدة، قائلاً أنها تعمل على تجديد الحياة الزوجية والتخلص من روتينها الممل. والابتعاد يعطي فرصة لكل من الطرفين لمراجعة نقاط الاختلاف التي تعكر صفو تواصلهما، والعمل على حلها بواقعية بعيدة عن التعصب. وكذلك الابتعاد عن البيئة المحيطة التي ربما تكون سبباً في ازدياد المشاكل، مثل مكان العمل وزملاء المهنة وجو البيت عموماً إلى ما هنالك.
الدكتور محمد خليل أستاذ علم النفس قال: لا يوجد في الحياة ما يمكن أن يسمى بالعلاقة الأبدية، بما في ذلك العلاقة الزوجية، فمن حق الزوج أن يخرج مع أصدقائه أو يختلي بنفسه بعيداً عن مسؤوليات الحياة الزوجية وأعبائها، وفي المقابل لابد أن يسمح لزوجته أن تقوم بالشيء نفسه، فمن حقها أن تجدد حياتها وتعيد إليها الحيوية بالطريقة التي ترغبها .تقوم فكرة الإجازة الزوجية على مبدأ أن يراعي كلا الزوجين خصوصية الآخر، ولابد أن تكون محددة بفترة زمنية يتفق عليها بحيث يبتعد خلالها كل منهما عن الآخر، ويعطي لنفسه فرصة لتجديد حيويته، وتزداد أهمية اقتناص هذه الإجازة خصوصاً في فترة الشقاق والخلاف، حيث يلقي كل منهما الخطأ على الطرف الثاني ويكون لديه التفسير الجاهز ومبرره الذي يتسلح به أمامه، وهنا تصبح الهدنة الزوجية هي العلاج والسبيل الوحيدين لعودة الحياة بينهم خصوصاً في ظل ضغوط الحياة وتضاعف الأعباء والمسؤوليات التي تقع على كاهل الزوجين، والتي أدت بدورها إلى زيادة الصراعات والخلافات الزوجية.
وأضاف: الأزواج الذين يطبقون نظام الإجازة الزوجية على حياتهم تصبح علاقتهم أكثر دفئاً وقرباً وحميمية كما أن حرص الزوجين على الابتعاد لفترة علامة من علامات نضج العلاقة، لأنها تلغي فكرة التوحد الشديد الذي تقوم عليه العلاقة بين الكثير من الأزواج في مجتمعاتنا الشرقية رغم أنها أفكار خاطئة ولا تخدم الحياة الزوجية.
وترى د. نادية رضوان أستاذ علم الاجتماع أن الإجازة الزوجية لها نظريتان: إحداهما مؤيدة، والأخرى معارضة. فالبعض يرى أن هذه الإجازة مهمة للزوجين كون أن ما بها من عدم احتكاك مباشر يخلق نوعاً من اللهفة والاشتياق بين الزوجين مما يتيح لهما الفرصة لتجديد علاقتهما، وبعث الروح من جديد في حياتهما الزوجية. وعلى النقيض من ذلك تماماً يرى البعض الآخر أن هذه الإجازة التي يبتعد فيها الزوجان قد تفتح باباً أمام وجود علاقات جديدة لأحد الطرفين أو كليهما، فغياب الرجل أو المرأة عن بعضهما، وانشغال كل منهما في حياته الخاصة قد ينتج عنه نوع من الاحتكاك أو التعامل مع الجنس الآخر، ومن ثم يمكن أن تصبح هذه الهدنة الزوجية فرصة لميلاد علاقة جديدة. لذلك من الضروري أن تكون هذه الإجازة هدنة من مسؤوليات البيت والحياة والأطفال وليس هدنة بين الزوج وزوجته بحيث يتفرغان للاستمتاع بالبقاء معاً، فلابد أن يقتنص الزوجان بعض الوقت بعيداً عن متاعب الحياة اليومية وإيقاعها الروتيني ويتركوا الأولاد في مكان آمن، فوجود الأبناء يعني أن ينتقل الزوجان بعبء الحياة نفسه، ومسؤوليات الحياة نفسها، وإيقاع التعامل نفسه، مع تغيير المكان فقط.

22/07/2007
إسحق إبراهيم