الى أخوتنا الكهنة، مبروك السنة الكهنوتية

الأخت سيسيل حجازين- الحصن

 

"ولما كان لنا عظيم كهنة قد اجتاز السموات، وهو يسوع المسيح ابن الله فلنتمسك بشهادة الإيمان. فليس لنا عظيم كهنة لا يستطيع أن يرثي لضعفنا: لقد امتحن في كل شيء مثلنا ما عدا الخطيئة، فلنتقدم بثقة إلى عرش النعمة لننال رحمة ونلقى حظوة ليأتينا الغوث في حينه." (عبر:4: 14-16)

 

يهلّ علينا من كل عام شهر حزيران المبارك، شهر التعبد لقلب يسوع الأقدس ويحمل لنا في ثناياه من رأس كنيستنا الأم، البابا بندكتس السادس عشر، خليفة القديس بطرس، راعي الكنيسة جمعاء، يحمل لنا، سنة كاملة، لدراسة البشرى السارة والتعمق بحياة فادينا الإله والصلاة من اجل كثير من النيات، لنصل باجمعنا إلى الغاية التي يريدها الرب منا وهي العيش في مخافة الرب وحسب تعاليمه ووصاياها.

 

وها نحن قد وصلنا إلى نهاية السنة المخصصة للتعمق في رسائل القديس بولس عامود الكنيسة، رسول الأمم، لنتابع المسيرة الروحية على خطاه في هذه السنة المباركة المخصصة للصلاة من اجل الكهنة في العالم اجمع.

 

"السنة الكهنوتية" هذه السنة التي أعلنها قداسته "سنة الصلاة من اجل الكهنة" والتي سوف يفتتحها رسميا في تاريخ 19-6-2009 في عيد قلب يسوع الأقدس واليوم العالمي للصلاة من اجل تقديس الكهنة، لكي يكونوا شعلة قلب الفادي الإله الذي كله محبة.

 

ما أجملها من سنة مباركة مقدسة، لماذا؟ لأنها خصصت لمن يمارسون أسرار الكنيسة السبع، هم الذين يحوّلون الخبز والخمر إلى جسد ودم الفادي الإله الذي يغذينا، وهم يعملون على خلاصنا، لنصبح أعضاء حية في جسد المسيح السّري أي الكنيسة، وهم أيضا الذين يثبتوننا في إيماننا ويمنحوننا مغفرة الخطايا.

 

ما أجملها من سنة، سنة خير وبركة على أمنا الكنيسة، الممثلة بقداسة البابا رأس الكنيسة الذي فكر بعد أن ابتهل إلى الروح القدس، بهؤلاء الرعاة، بهؤلاء الخدم، الأنفس المضحية المجهولة في كرم الرب الواسع، لبيّن لنا أهمية ومكانة رسالة الكاهن في الكنيسة وفي حياتنا وفي المجتمع المعاصر.

 

أمنا الكنيسة تفتخر بكهنتنا ويزداد حبها وتكريمها وتقديرها لهؤلاء الجنود المنسيين، جنود المسيح الفادي، أنهم شهادة حية لنا على حب المسيح لنا، إنهم مثال لنا  في السعي نحو الكمال الروحي.

 

لقد سطر قداسة البابا في كلمة له وجهها لضيوفه، أهمية هوية الكاهن الرسولية في الكنيسة كامتداد لرسالة الأساقفة، وقال إن هذا البعد الرسولي ينبع من صورة المسيح رأس الأسرار ويلزم الكاهن بالارتباط القلبي والكامل به، مضيفا أن المدعوين للكهنوت يصبحون رجالا جددا أي كهنة بوضع يد الأسقف وصلوات الكنيسة المكرِّسة عليهم.

 

وتابع قداسته إن رسالة الكاهن، تتم في الكنيسة وهي ضرورية بكل أبعادها الكنسية والشراكية والهرمية والعقائدية ومترابطة فيما بينها في العمق، لأن الله هو الغنى الأسمى والوحيد لها، والكاهن مدعو لقيادة النفوس نحو اللقاء بالرب يسوع المسيح، وهذا يتطلب تنظيما أسراريا وسلطة تعليمية للتنشئة العقائدية واللاهوتية بشكل دائم.

 

ولفت قداسة البابا إلى ضرورة إعداد كهنة جديرين وصالحين لهذا السر العظيم، سر الكهنوت ورسالته، التي تجد جذورها في تنشئة صلبة ومتطورة في الشركة المتواصلة مع التقليد الكنسي. كما شدد على وعي الكهنة لحضورهم الثمين والمميز، حتى من خلال زيهم الكهنوتي، في المجالات كافة، في الحقل الثقافي والخيري بنوع خاص.

 

وقال قداسته إن الكنيسة والكهنة يعلنون ويبشرون بيسوع الناصري الرب والمسيح، المصلوب والقائم من بين الأموات، سيد الزمان والتاريخ، الذي يلهف للقائه قلب الإنسان.

 

كما سطر قداسته محورية المسيح ومركزيته التي تحدو بكل كاهن لتقييم خدمته الكهنوتية في ضوئه، فليس هناك، من دون الكاهن، إفخارستيا أو رسالة وحتى كنيسة.وشدد قداسته على أهمية حضور الكاهن في رعيته وفي الاعتناء بالمؤمنين.

 

وفي هذا الصدد أصدرت دار الصحافة الفاتيكانية بياناً جاء فيه: "بمناسبة الذكرى السنوية المائة وخمسين على وفاة خوري آرس، جان ماري فياني ، فانه سيتم الاحتفال بسنة كهنوتية مميزة، حول موضوع: "أمانة المسيح، أمانة الكاهن". خلال لقاء كهنوتي عالمي في ساحة القديس بطرس"19-6-2009".

 

وأضاف البيان بأنه خلال هذه السنة اليوبيلية سيعلن البابا بندكتس السادس عشر القديس جان ماري فياني "شفيع جميع الكهنة في العالم، كما وسيتم أيضا نشر"الدليل للمعرفين والمرشدين الروحيين"، فضلاً عن مجموعة من كتابات الحبر الأعظم حول مواضيع أساسية في الحياة والرسالة الكهنوتية في عصرنا الحالي.

 

ودعا للسهر على البرامج والمنظمات الرعوية كي تلبي حاجات الكنيسة وطاقات الكهنة مع تعزيز دور العلمانيين في الكنيسة.

 

قال يسوع: " لن أدعكم يتامى… إني آتي إليكم… فترونني لأني حي وانتم ستحيون". يسوع ما زال  عنا ويفكر فينا من خلال رؤسائنا الروحيين، فما علينا إلا أن نشكر الرب، ونشكر قداسته، هو الراعي الآمين على خرافه من الضلال على هذه السنة المخصصة من اجل الصلاة لكهنتنا. ونقدم هذهالصلاةمن أجل جميع الكهنة في العالم وخاصة كهنتنا:

 

يا رب، نريد أن نصلي اليوم وفي كل يوم من هذه السنة المباركة من، من أجل كهنتنا وخاصة كهنة الرعايا:

 

– أعطهم الصحة والعافية ليقوموا بأعمالهم الكثيرة بنشاط وهمة لا تعرف معنى الفتور أو التهاون.

– أعطهم من لدنك قوة داخلية لينقلوا إلينا من خلالها كلمتك المقدسة لتنير حياتنا وطريقنا.

– أعطهم كرازة وشجاعة القديس بولس لكي نستطيع أن نتعمق ونعيش روحانية رسائله.

– أعطهم روح القداسة، لكي نتقدس نحن أيضا، ولنراك فيهم في كل ما يعملوا ومهما كان هذا العمل.

– أعطهم روح القوة ليثابروا على خدمة الرعية بالرغم مما يلقاهم من صعوبات في حياتهم اليومية.

– أعطهم روح الفطنة والحكمة، فيكتشفوا في شعبك المؤمن مختلف العطايا والمواهب، فيدعون الجميع إلى العمل معاً في الكرم الواحد، فيؤول عملهم لخلاصهم وخلاص جميع الإخوة الذين نالوا العماد.

– أعطهم قلباً يتسع للجميع ويتعاون مع الجميع, ويعمل مع الجميع، ويحب الجميع دون تميز، ويساعد الفقير والمحتاج، ويحنو على اليتم، ويكفكف دموع الحزانى، وافتح قلوبنا لمساعدتهم والتعاون معهم.

– أعطهم أن يسيروا معنا نحن أبناء رعيتهم في طريق الملكوت، فنكون وإياهم شهوداً للمسيح في حياتنا ومجتمعنا، خاصة في هذه السنة المخصصة للصلاة من اجلهم، فتنبت في كنيستنا دعوات كهنوتية ورهبانية صالحة، على مثال كهنتنا وراهباتنا، فيتابعون المسيرة نحو الملكوت بشفاعة أمنا مريم سيدة الجبل التي نحتفل اليوم بعيدها. آمين.

 

يا أم الكهنة، صلي لأجل كهنتنا وقدسيهم