نمّرُ كلنا بمواقف وأزمات تبدو بلا حل . . ونجد أنفسنا في مأزق يكاد يكون من الناحية البشرية طريقاً مسدوداً .. لا أمل للخروج منه. والكثير منا اختبر مثل هذا الموقف. وزيظل الإنسان يتخبط في مشكلته، يحاول إيجاد حل لها بنور عقله ومهارة تفكيره، ولكنه لا يتوصل إلى أى حل .. ويظل في الطريق المسدود، فاقداً كل أمل بشري. و في هذا الوقت الدقيق والمؤلم الذي يُسخر فيه الإنسان كل إمكانياته البشرية يتدخل الله بقدرته ويباشر عمله العجيب والمدهش الذي يفوق بمراحل كل الإمكانيات البشرية المحدودة بشرط أن يلتجىء إليه الإنسان، بعد سعيه المحدود، ويثق في قدرته الإلهية .. فقد قال: ” ما هو غير مستطاع عند الناس، مستطاع عند الله ” وأيضاً: ” ما من شىء يُعجز الله”! (لو1: 37).
ولقد فتحت لنا القديسة تريزا للطفل يسوع طريقاً علّمت به كيف نصل إلى الإيمان والرجاء في مدرسة الطفولة الروحية. كانت تريزا تؤمن إيماناً عميقاً أن الله يحبها حباً يجعلها تثق فيه ثقة كاملة. فكانت تقول: ” إن الله قدير حقاً، وإيماني أيضاً قدير به هو .. وأنا على ثقة بأني أقوى على كل شىء لقدرتي على قلب الله بالصلاة والإستغاثة به. بشرط أن أعيش فعلاً هذه الثقة وهذا الرجاء..
فيُصبح هذا اليقين حياً وثابتاً في حياتي . . رغم إمكانياتي المحدودة .. وأنا في أنتظار واثق ساعة الرب! وهذا ما يقوله لنا بولس الرسول في 2كور4: 8 : ” يضيق علينا من كل جهة .. ولكن لا نُحطم .. نقع في المأزق ولكن لا نعجز ” هذا هو سر الله، سر إيمان البسطاء الذي لا يفهمه عالمنا المعاصر. الله قريب وهو يسمعني عندما أدعوه.. وليست صلاتي صرخة في صحراء .. بل الله يسمع كل همسة أدعوه بها. وبهذ الإيمان لا تكون صلاتي مجّرد صرخة ألم وأنين . . بل نداء ثقة ويقيين صادر من قلب ملىء بالإيمان والرجاء! فكأنك تقول له: ” يا يسوع .. حُرتُ في الطريق.. لأنه مسدود أمامي .. وليس فيه أى أمل. أشعر بأني محاط بليل مظلم ومخيف . . أمامي أزمة لا أجد لها حلاً أو مخرجاً . . فعليك أنت يا يسوع، أن تعمل وتُنقذني “.
هذا هو الرجاء الحقيقي ! وهنا يظهر شعاع الرجاء الذي قال عنه الأديب الشهير Péguy والذي لا يُمكن إطفاؤه لأنه يخترق ظلام اليأس .. إنه نور القيامة المجيدة الذي انبثق من ظلام القبر المسدود . . والذي يشعل قلبك بالبهجة والفرح !”
ربي .. أنت طريقي إلى الرجاء .. أؤمن أنك إله المستحيل . . أقبل مني حدودي وضعفي.. أما أنت فأعطني نعمة الرجاء كى اثق فيك رغم كل شىء !
الأب / يوسف المصري