تأمل اليوم: أمّا من جدف على الروح القدس فلا يغفر له

تأمل اليوم: أمّا من جدف على الروح القدس فلا يغفر له

تأمل في قراءات الثلاثاء, 3 ديسمبر 2013 -8 كيهك 1730
اليوم الثامن من شهر كيهك

الأب/ بولس جرس
نص قراءة انجيل القداس

“وفيما هو يكلمهم بهذا ، ابتدأ الكتبة والفريسيون يحنقون جدا ، ويصادرونه على أمور كثيرة وهم يراقبونه طالبين أن يصطادوا شيئا من فمه لكي يشتكوا عليه وفي أثناء ذلك ، إذ اجتمع ربوات الشعب ، حتى كان بعضهم يدوس بعضا ، ابتدأ يقول لتلاميذه : أولا تحرزوا لأنفسكم من خمير الفريسيين الذي هو الرياء فليس مكتوم لن يستعلن ، ولا خفي لن يعرف لذلك كل ما قلتموه في الظلمة يسمع في النور ، وما كلمتم به الأذن في المخادع ينادى به على السطوح ولكن أقول لكم يا أحبائي : لا تخافوا من الذين يقتلون الجسد ، وبعد ذلك ليس لهم ما يفعلون أكثر بل أريكم ممن تخافون : خافوا من الذي بعدما يقتل ، له سلطان أن يلقي في جهنم . نعم ، أقول لكم : من هذا خافوا أليست خمسة عصافير تباع بفلسين ، وواحد منها ليس منسيا أمام الله بل شعور رؤوسكم أيضا جميعها محصاة . فلا تخافوا أنتم أفضل من عصافير كثيرة وأقول لكم : كل من اعترف بي قدام الناس ، يعترف به ابن الإنسان قدام ملائكة الله ومن أنكرني قدام الناس ، ينكر قدام ملائكة الله وكل من قال كلمة على ابن الإنسان يغفر له ، وأما من جدف على الروح القدس فلا يغفر له ومتى قدموكم إلى المجامع والرؤساء والسلاطين فلا تهتموا كيف أو بما تحتجون أو بما تقولون لأن الروح القدس يعلمكم في تلك الساعة ما يجب أن تقولوه” (لوقا 11 : 53 – 12 : 12).

نص التأمل
أمّا من جدف على الروح القدس فلا يغفر له 
“كامنين له ليصطادوه بكلمة من فمه”

بعد حديث يسوع الرائع الذي اخترق عقول وقلوب السامعين وخلب ألبابهم في الفصل الحادي عشر من إنجيل لوقا وبعد معجزاته البينّات التي تجلت في الشفاء وطرد الشياطين… استشاط الفريسيون والكتبة غيظا “ها ان الشعب كله يتبعه ولن يتبق لكم من شيء “لذا اعلنوا الحرب شعواء انتهت بحكم الموت على خشبة الصليب ولم يكتفوا بذلك بل قاموا بأبشع ما يمكن لبشر ان يقوم به…

•  فالله يعطيك الحرية حتى ان تكفر به فهناك متسع من الوقت في الحياة قد يقودك إلى الإيمان يوما.

•  يعطيك الحق في ان تختار بين الخير والشر فقد تستيقظ يوما وترفض الشر وتتبع الخير

•  يعطيك الحق في ان ترفض تعاليمه ووصاياه فقد تفيق يوما لتعرف انها نبع حياة

•  يعطيك الحق في ان تقاوم عمله وتنكر وجوده في حياتك فقد تتحول يوما كما تحوّل شاول

•  يعطيك مساحة للاختيار والحكم والتجربة ويتابع بهدوء مسيرة نموك ويراسلك بشتى السبل

•  يقبل أن تضل وتخطيء وتتوه، فهو قادر أن يفتش عنك ويجدك ويرفعك من جميع عثراتك

لكن الإفتراء عليه وعلى روحه القدوس فهذا ذنب لا مغفرة له عنده…

 –  لقد بالغ الكتبة والفريسيون في التربص بيسوع وإعاقة عمل الملكوت فلم يوقفه ذلك عن استكمال رسالته

–  وزادوا في الحقد عليه والتحريض ضده فقال ها انا اعمل وابي ايضا يعمل

–  وبالغوا في مراقبته والتربص به فلم يجدوا عليه علة كي يشتكوه ” من منكم يبكتي على خطيئة واحدة”

–  ظلوا يمارسون الكيد له ويتعمدون إحراجة في كل موقف فكان بمحبتته يخرج رافع الرأس منتصرا

–  كان يواجه ريائهم بصدقه وجحودهم بكرمه ومكرهم ببساطته وحقدهم بتسامحه وكيدهم بطهره .

–  كان يغلب شدتهم بتسامحه وهحومهم بالذهاب إليهم والدخول إلى منازلهم.

–  كان يريدهم له فهو من أجلهم أتي وجل ما يريد هو أن يفتحوا عيونهم ليروا الحق فيخلصون.

–  كان يريد تحريرهم من قوالبهم الجامدة وناموسهم المحفوظ وشرائعهم القاتلة ورياءهم المميت…

لكن كان كل ذلك يزيدهم غيظا وحنقا وغلّا حتى بات همهم وشغلهم الشاغل القضاء عليه وتلويث سمعته ونعته بأبشع الصفات والألفاظ …و العجيب انه قبِل ذلك كله ولم يدنهم ولم يرفضهم ولم يرذلهم ولم يحرمهم ولم يهددهم… أدان فقط خطيئتهم لكنه كان حتى اللحظة الأخيرة على الصليب قادر على الصفح والغفران…

أما ما لم يقبله ولم يغفره ولن يغفره يسوع منهم أو من غيرهم فهو الافتراء أي ” التجديف على الروح القدس” أي إنكار عمل الله وإلصاقه بإبليس” إنما هذا يخرج الشياطين ببعل زابول” كيف وأبناؤكم بمن يخرجوه.” ” إن كنت أنا بإصبع الله أخرجها فقد اقترب منكم ملكوت الله” “وإن كنت اعمل اعمال أبي فآمنوا بي أو على الأقل بالأعمال..” الرفض مقبول ومغفور لكن التجديف والافتراء لا مغفرة فيه، من لا يريد ان يقبل المسيح ربا وإلها فله مطلق الحري أما من يتفوه عليه وعلى الروح القدس بالشر فقد ين ودينونته ابدية ولا مغفرة له لا في هذا الدهر ولا الآتي ايضاً.

أرجو ألا تشملنا أبدا تلك اللعنة، لعنة الدينونة الأبدية للمجدفين والمفترين… وأصلي لكل من لم يقبل يسوع أن يفتح قلبه للإيمان… أما من يزدرونه ويجدفون عليه وعلى الروح القدس الحال عليه والساكن فيه فلا رجاء لهم.

لكن دعوني أتساءل معكم:

– إلا ننكر نحن أحيانا أعمال الله في حياتنا وتاريخنا وكنيستنا وكهنتنا واساقفتنا؟

– ألا نقع كثيرا في خطيئة الافتراء على أشخاص يثبت بعدها انهم أبرياء؟