صمت مريم
صمت أفصح من الكلام
تأمل في قراءات الإثنين الموافق 25 أغسطس الموافق اليوم الثاني من النسيء 1730
الأب/ بولس جرس
نص التأمل
نستأنف اليوم سلسلة تأملاتنا عن مريم العذراء كما وعدنا لشهر أغسطس كاملا
ولم يحدث أي استثناء غير أيام الآحاد حيث التزمنا بالنصوص الطقسية…
تأملنا اليوم يدور حول عنصر هام من عناصر شخصية العذراء مريم ألا وهو الصمت
ما أروع صمت مريم حقا إنه لشديد الروعة حتى لنقول إنه “صمت أفصح من الكلام”
تصوروا معي لو تكلمت مريم ما عساها كانت تروي؟؟؟
هناك أحداث وأيام وأعوام لا يستطيع أحد سواها ان يحيكها
هناك مواقف وأحداث وقصص وحكايات لا يستطيع أحد غيرها ان يرويها
وهناك معاني وأسرار لا يستطيع غيرها الكشف عن معانيها…
حقا ما كان اروع ان نقرأ إنجيل مريم من البشارة حتى القيامة والصعود وتاريخ نشأة الكنيسة الوليدة
لماذا هذا الصمت العجيب؟ وكيف سمح الرسل لأنفسهم أن يتجاهلوا المسألة
وكيف لم تلاحق أجيال المسيحيين الأول بألاف الأسئلة ” أم يسوع”؟
كيف لم تجلس العذارى تحت قدميها وكيف لم يستحثها الأطفال على رواية طفولة “السيد”؟
وأخيرا كيف صمتت الكنيسة الأولى على صمت مريم؟
ليست لدي إجابة شافية في هذا التأمل، لكني أعرف تركيز التلاميذ على شخص يسوع وحده
وانصراف الجميع لإتباعه والتمثل به وابتعاد الرسل عن التركيز على شخص مريم
خوفا من السقوط في شرك عبادتها كإحدى الآلهة الوثنية
لاسيما وان الوثنية والكثير من عاداتها وطقوسها
كانت ما تزال مسيطرة على عقول وثقافات جميع المرتدين إلى المسيحية من غير اليهود…
لكني اعتقد صادقا أن هذا الصمت: صمت مريم وصمت الرسل وحتى صمت التقليد
يجب ان يقدر ويحترم فهو في الحقيقة ابلغ من أي كلام أو حديث
ليتنا في حياتنا وصلواتنا وطقوسنا الكنسية نتعلم فضيلة الصمت.
فما أعظم الصمت من تعبير امام عظمة السر الإلهي.
وقد صمتت مريم لأنه ليس من كلمات في لغات البشر أجمعين
بمستطيعة ان تجسد ما عاشته منذ البشارة
حقا ما لم تره عين ولم تسمع به أذن وما لا يخطر على قلب البشر