هؤلاء غيّروا العالم
تأمل في قراءات الأحد 29 يونية 2014 الموافق 5 أبيب 1730
الأب/ بولس جرس
عيد الرسل
استشهاد القديسين الرسولين بطرس وبولس وفطر صوم الرسل
في مثل هذا اليوم استشهد القديسان العظيمان الرسولان بطرس و بولس . أما بطرس فكان من بيت صيدا وكان صيادا فانتخبه الرب ثاني يوم عماده بعد انتخابه لأخيه إندراوس . وكان ذا إيمان حار وغيرة قوية ولما سأل الرب التلاميذ . ماذا يقول الناس عنه . أجابوا : ” ايليا أو ارميا أو أحد الأنبياء ” فقال بطرس ” أنت هو المسيح ابن الله ” وبعد أن نال نعمة الروح المعزي جال في العالم يبشر بيسوع المصلوب ورد كثيرين إلى الإيمان وقد أجري الله علي يديه آيات كثيرة وكتب رسالتين إلى جميع المؤمنين . ولما دخل رومية وجد هناك القديس بولس الرسول ، وبكرازتهما آمن أكثر أهل رومية فقبض عليه نيرون الملك وأمر بصلبه . فطلب أن يصلبوه منكسا وأسلم روحه بيد الرب .
أما بولس الرسول فقد ولد بطرسوس قبل ميلاد المخلص بسنتين ، وهو من جنس يهودي من سبط بنيامين ، فريسي ابن فريسى وكان عالما خبيرا بشريعة التوراة شديد الغيرة عليها مضطهدا المسيحيين .
ولما رجموا اسطفانوس كان يحرس ثياب الراجمين . وأخذ رسائل من قيافا إلى اليهود المتوطنين في دمشق للقبض علي المسيحيين . وبينما هو في طريقه إلى دمشق أشرق عليه نور من السماء فسقط علي الأرض وسمع صوتا قائلا له : ” شاول شاول لماذا تضطهدني (أع 9 : 4 ) ” فقال : ” من أنت يا سيد ” . فقال الرب ” أنا يسوع الذي أنت تضطهده . صعب عليك أن ترفس مناخس ” ثم أمره أن يذهب إلى حنانيا بدمشق وهذا عمده وللحال فتحت عيناه وامتلأ من نعمة المعزي ، وجاهر بالإيمان وجال في العالم وبشر بالمصلوب وناله كثير من الضرب ” الحبس والقيود وذكر بعضها في كتاب أعمال الرسل وفي رسائله ثم دخل رومية ونادي بالإيمان فأمن علي يديه جمهور كثير . وكتب لهم الرسالة إلى أهل رومية وهي أولي الرسائل الأربع عشرة التي له . وأخيرا قبض عليه نيرون وعذبه كثيرا وأمر بقطع رأسه . وبينما هو ذاهب مع السياف التقت به شابه من أقرباء نيرون الملك كانت قد آمنت علي يديه فسارت معه وهي باكية إلى حيث ينفذ الحكم . فعزاها ثم طلب منها القناع ولف به وجهه وأمرها بالرجوع وقطع السياف رقبته وتركه وكان ذلك في سنة 67 م فقابلت الشابة السياف أثناء عودته إلى الملك وسألته عن بولس فأجابها : ” أنه ملقي حيث تركته . ورأسه ملفوف بقناعك ” فقالت له : ” كذبت لقد عبر هو وبطرس وعليهما ثياب ملكية وعلي رأسيهما تاجان مرصعان باللآلئ وناولني القناع . وها هو ” وأرته إياه ولمن كان معه فتعجبوا من ذلك وأمنوا بالسيد المسيح .
وقد اجري الله علي يدي بطرس و بولس آيات عظيمة حتى أن ظل بطرس كان يشفي المرضي (أع 5 : 15 ) ومناديل ومآزر بولس تبريْ الكثيرين فتزول عنهم الأمراض وتخرج الأرواح الشريرة (أع 19 : 12) صلاتهما تكون معنا . ولربنا المجد دائما . آمين وهذا هو اليوم الذي تعيد فبه الكنيسة بفطر الرسل ويعمل اللقان بعد رفع بخور باكر فى الخورس الثالث وبملابس الخدمة.
نص الإنجيل
ثُمَّ دَعا تلاميذَهُ الِاثنَيْ عشَرَ وأعطاهُمْ سُلطانًا علَى أرواحٍ نَجِسَةٍ حتَّى يُخرِجوها، ويَشفوا كُلَّ مَرَضٍ وكُلَّ ضُعفٍ. وأمّا أسماءُ الِاثنَيْ عشَرَ رَسولاً فهي هذِهِ: الأوَّلُ سِمعانُ الذي يُقالُ لهُ بُطرُسُ، وأندَراوُسُ أخوهُ. يعقوبُ بنُ زَبدي، ويوحَنا أخوهُ. فيلُبُّسُ، وبَرثولَماوُسُ. توما، ومَتَّى العَشّارُ. يعقوبُ بنُ حَلفَى، ولَبّاوُسُ المُلَقَّبُ تدّاوُسَ. سِمعانُ القانَويُّ، ويَهوذا الإسخَريوطيُّ الذي أسلَمَهُ. هؤُلاءِ الِاثنا عشَرَ أرسَلهُمْ يَسوعُ وأوصاهُمْ قائلاً:”إلَى طريقِ أُمَمٍ لا تمضوا، وإلَى مدينةٍ للسّامِريِّينَ لا تدخُلوا. بل اذهَبوا بالحَريِّ إلَى خِرافِ بَيتِ إسرائيلَ الضّالَّةِ. وفيما أنتُمْ ذاهِبونَ اكرِزوا قائلينَ: إنَّهُ قد اقتَرَبَ ملكوتُ السماواتِ. اِشفوا مَرضَى. طَهِّروا بُرصًا. أقيموا موتَى. أخرِجوا شَياطينَ. مَجّانًا أخَذتُمْ، مَجّانًا أعطوا. لا تقتَنوا ذَهَبًا ولا فِضَّةً ولا نُحاسًا في مَناطِقِكُمْ، ولا مِزوَدًا للطريقِ ولا ثَوْبَينِ ولا أحذيَةً ولا عَصًا، لأنَّ الفاعِلَ مُستَحِقٌّ طَعامَهُ.”وأيَّةُ مدينةٍ أو قريةٍ دَخَلتُموها فافحَصوا مَنْ فيها مُستَحِقٌّ، وأقيموا هناكَ حتَّى تخرُجوا. وحينَ تدخُلونَ البَيتَ سلِّموا علَيهِ، فإنْ كانَ البَيتُ مُستَحِقًّا فليأتِ سلامُكُمْ علَيهِ، ولكن إنْ لم يَكُنْ مُستَحِقًّا فليَرجِعْ سلامُكُمْ إلَيكُمْ. ومَنْ لا يَقبَلُكُمْ ولا يَسمَعُ كلامَكُمْ فاخرُجوا خارِجًا مِنْ ذلكَ البَيتِ أو مِنْ تِلكَ المدينةِ، وانفُضوا غُبارَ أرجُلِكُمْ. الحَقَّ أقولُ لكُمْ: ستَكونُ لأرضِ سدومَ وعَمورَةَ يومَ الدِّينِ حالَةٌ أكثَرُ احتِمالاً مِمّا لتِلكَ المدينةِ.”ها أنا أُرسِلُكُمْ كغَنَمٍ في وسطِ ذِئابٍ، فكونوا حُكَماءَ كالحَيّاتِ وبُسَطاءَ كالحَمامِ. ولكن احذَروا مِنَ الناسِ، لأنَّهُمْ سيُسلِمونَكُمْ إلَى مَجالِسَ، وفي مجامعهمْ يَجلِدونَكُمْ. وتُساقونَ أمامَ وُلاةٍ ومُلوكٍ مِنْ أجلي شَهادَةً لهُمْ وللأُمَمِ. فمَتَى أسلَموكُمْ فلا تهتَمّوا كيفَ أو بما تتَكلَّمونَ، لأنَّكُمْ تُعطَوْنَ في تِلكَ السّاعَةِ ما تتَكلَّمونَ بهِ. (متى 10 : 1 – 19).
نص التأمل
عيد الرسل
وماادراك ما الرسل
حقا ما اعظم الرسل
لو نظرنا إليهم بمقاييس اليوم لذهلنا واصابنا العجب والدهشة والاستغراب
كيف لعدد هكذا قليل غير مجهز بأي من عناصر القوى الارضية:
عدد- عدة- مال – سلاح –ت نظيم وقواعد دعم وإمداد….
ان يقتحم عالما متوحشاً، عاش لقرون يتكاثر ويتحارب ويعبد
بطريقة وأسلوب مغاير تماما لما نادى به الرسلظ فكيف استطاعوا ان يغييروه؟
كيف لرجل مثل بطرسن صياد من إخمص القدمين إلى منبت شعر رأسه
ان يصير زعيما وقائدا بهذا السلطان والقوة التي تجعله يحيي ويميت بكلمة…
“هوذا الذين اخذوا زوجك عائدون ليحملونك…”
ما هو يا ترى سرّ هذه العظمة وتلك القدرات
التي تجعل في مجرد عبور ظل هذا الرجل قوة حياة تقيم الموتى
حيث كانوا يضعون الموتى في الطريق حيث يعبر وكان ظله يقيم الموتى
ومن اين له تلك الحكمة التي جعلته يتخذ مواقفا ضد مواقفه الشخصية !!!
فيقبل غير اليهود “رأي الروح القدس ونحن”
وقد إختار الروح منذ البدء ان من فمي انا بطرس يسمع الأمم كلمة الخلاص ويؤمنون…
ما الذي منحه تلك الجرأة وهو طريد العدالة والقانون أن ينطلق كالسهم
ليصل إلى عاصمة الإمبراطورية الرومانية ويغزو بالإيمان القصر الملكي
هل هناك أي تفسير منطقي أو بشري؟
كلا على الإطلاق ، بل هناك عامل آخر
ما الذي يدفع رجلا كبولس أن يعتبر نفسه والعالم قذارة ليربح المسيح
ما الذي دفعه لتلك الأسفار والمشقات والأتعاب
ولماذا تحمل البصق والطرد والجلد والإضطهاد
وهو الفريسي بن الفريسي والمواطن الروماني المكرم على العالم المستعبد آنذاك
وما هذا العشق الذي امتلك كيانه وسيطر عليه لدرجة تفعه ان يصرخ
لست أنا الحي بعد بل المسيح يحيا فيّ
هل هناك أي تفسير منطقي أو بشري؟
كلا على الإطلاق ، بل هناك عامل آخر
ما الذي قاد توما الى الهند ودفع مرقس إلى أرض الفراعنة
ومن ذهب بغيرهم من الرسل إلى افريقيا وإلى أقاسي الأرض
هؤلاء الأفذاذ في بساطة ملبسهم ورقة حالهم وسلاسة كلمتهم
غيروا ممالك وأزاحوا إمبراطوريات حاربوا فلسفات وقاوموا نظريات
وأقاموا أخوة عالمية، طالما حلمت بها البشرية قرونا
اؤلئك الحواريون البسطاء وضعوا على العالم بصمتهم البريئة
التي مازالت تشكل وجدانه وتقوده الى اليوم
والسؤال الملح إلى اليوم هو:
كيف استطاع هؤلاء القوم القليلي العدد والحيلة أن يغيروا العالم
يجب ان نعترف بهذاانه لا يمكن لقوة البشر وحدها ان تقوم بهذا
فهذا ليس عمل إنسان إنه عمل الله
وهذا ليس عمل الله وحده بل عمل الإنسان
وهذا هو عمل الله وافنسان حين يتّحدان
فيصير لعمل الإنسان نفس قوة عمل الله
وهذا ما تحقق في الرسل وهو ما نحتفل به اليوم
فلنتعلم الدرس انه لا بالحول ولا بالقوة
لكن بعمق إلإيمان وصدق الشهادة
وصلادة الكفاح المسالم المهادن الوديع
يمكن ان نغيّر العالم….