حوار مع الأنبا إبراهيم اسحق

 مطران إيبارشية المنيا للأقباط الكاثوليك :

الكنيسة تعيش  أجواء تحدي على صعيد التكوين الإنساني  والإيماني بالمعنى  الصحيح.

 

أجرى الحوار في المنيا :  إميل أمين

خاص بزينت

من بين أهم الايبارشيات القبطية الكاثوليكية في جمهورية مصر العربية تأتي إيبارشية المنيا " هيرموبوليس " والتي تستمد  أهميتها من حضور كاثوليكي مصري عريق يعود إلى نهايات القرن التاسع عشر، وتعد من أهم الايبارشيات المزدهرة حجرا وبشرا  وبخاصة في العقود الثلاثة الأخيرة.

 في مقر إقامته بمطرانية المنيا كانت استضافة صاحب النيافة الأنبا  إبراهيم اسحق مطران إيبارشية المنيا لنا وكان هذا الحديث المتصل لساعات حول أحوال ومال المسيحيين هناك على نحو عام والكاثوليك بشكل خاص، حديث من القلب متصل بين الآلام والآمال، يستشرف المستقبل على ضوء خبرات الماضي وينطلق في رحابة فكر الكنيسة الكاثوليكية المعاصر  وقد وجدنا في صاحب النيافة ملاك هذه الايبارشية علما ومعرفة وقدرة روحية لمجد الله الأعظم ولخير الكنيسة المقدسة ولصالح جموع المصريين كافة ، سيما وان دور إيبارشية المنيا  المتميز وخدماتها المشار إليها  بالبنان تتجاوز العمل مع مسيحيي المحافظة لتنفتح في محبة وإخلاص على كافة المصريين من مسلمين ومسيحيين.

 

 والى نصر الحوار :

** بداية ماذا عن الحضور المسيحي  في المنيا بشكل عام  في ظل تعايش إسلامي مسيحي، ومسيحي مسيحي مغاير عن العقود السابقة في اضعف تقدير ؟

 الحضور المسيحي بشكل عام في محافظو المنيا حضور قوي  من الناحية العددية ، رغم عدم وجود  إحصائيات رسمية واضحة سواء عن عدد المسلمين أو المسيحيين، لكن الأهم من العدد هو  التساؤل المطروح عن شكل وآليات هذا التعايش ومستقبلياته؟.

 وهذا السؤال  عن حال العيش المشترك هو سؤال جديد على المجتمع المصري، فمصر  في العقود السابقة اتسمت برؤية إنسانية  كان الجميع يستظل بها، تحمل احتراما  لعقيدة الأخر ، ودعوة للتسامح وخلق جسور المودة المتبادلة ، كانت مصر تحتمي وقتها بعقول كثير من كبار المثقفين التنويريين، هذا بدوره خلق مناخا فكريا وثقافيا لا يعرف الإقصاء أو العزل والإبعاد  وكذلك يرفض الفرز الديني العنصري.

  نعم المناخات تغيرت ويمكنك أن تضيف  لأسباب التغير التي تؤثر ولا شك  على أحوال مسيحي مصر على نحو عام والمنيا بوجه خاص  قضايا مثل " المشكل الاقتصادي " الخانق للناس، ثم الانفتاح السطحي على العالم بمعنى معرفة سهلة لكنها سطحية،  تؤدي لفهم مغلوط  أو مضمون مفرغ، في هذه تعيش الكنيسة في المنيا  أجواء تحدي على صعيد التكوين الإنساني  والإيماني بالمعنى  الصحيح، وهي تكافح من اجل بلورة  رؤية فكرية إستراتيجية لها في قادمات الأيام.

 

 

** في تقدير نيافتكم  ما هي أهم المعوقات والتحديات التي تواجه رسالة الكنيسة الكاثوليكية في إيبارشية المنيا بصعيد مصر  على نحو عام ؟

 جئت إلى محافظة المنيا منذ نحو ثمان سنوات  وقد سبقني آباء  أساقفة من أصحاب المقامات السامقات شكلا وموضوعا، كل منهم ساهم في ميدان التنوير والتعليم والتنمية  والتكوين  في الايبارشية   وأنا أحاول  أن أكمل المسيرة، على أن الطريق  لا يخلو من الصعوبات   والعقبات   وربما في مقدمتها صعوبات واضحة  في العلاقات  الكنسية – الكنيسة أي بين الطوائف المسيحية وبعضها البعض ،  فعلى المستوى الشخصي هناك لطف وابتسامات ومجاملات  لكن الواقع العملي  والحياتي على خلاف ذلك، كانت العلاقات بين المسيحيين  في المنيا حتى عقود  قريبة  على غير ما هي كائنة الآن ، كان هناك تداخل وتشابك  واختلاط وتزاوج  بين كل المسيحيين من كل الطوائف، اليوم هناك أصوات أصولية مسيحية ومن أسف  تدعو إلى  إقامة الحواجز مع الآخر، لا تصلي عند الطائفة  هذه، لا تشارك الجماعة تلك في طقوسها، تنذير وترهيب،  هناك واقع مسكوني مأزوم  وهذا نتاج لسطحية الأفكار المغلوطة  التي تروج وتصل إلى درجة التشكيك في الإسرار لكنيستنا الكاثوليكية.

 

 

**  إلى أي حد يمضي هذا الواقع المؤلم  ؟ وهل من أي مبادرات تعطي أملا في   غد أكثر محبة بين المسيحيين  وبعضهم البعض في المنيا على نحو التخصيص؟

من أسف أقول أن الأزمة الاقتصادية العالمية الأخيرة استغلها البعض الذي يملك إمكانيات مادية في الترويح لعقائده بصورة  في حقيقتها خاطفة، والناس تحت  الضغوطات المادية القاتلة في جهوزية للتغير، لأي منحى وفي أي اتجاه طالما هناك من يقدم لهم فسحة من الأمل الاقتصادي ، على سبيل المثال لا الحصر  هناك من يرسل سيارات للقرى والنجوع والكفور  لجمع أولاد كنائسنا  ولتقديم أفكار  وعقائد مغايرة لإيماننا، نحن لسنا ضد أي عمل أي جماعة مسيحية في " الأرض المتعطشة " للعمل الرسولي، لكن العمل في حقل الآخرين أمر غير مقبول، هذا تحدي للحضور الكاثوليكي في محافظاتنا من جراء توافر المال لكنائس أخرى من تبرعات تأتي من الداخل والخارج على حد سواء.

لكن الأمل يظل موجودا  ففي عيد القيامة  الماضي  فوجئنا  في مقر كاتدرائية يسوع الملك الخاصة بنا  بزيارة من الأنبا ارسانيوس  والأنبا مكاريوس من الكنيسة الأرثوذكسية  لنا ومن اجل تهنئتنا  بالعيد، كانت هذه لفتة طيبة  تمحي من القلب كثير من المنغصات ، وتركت بالفعل في نفوس الناس اثر إيجابي ن ولطفت من الأجواء المحتقنة  ولو شكليا على الأقل.

 

**  لماذا تكثر في محافظات صعيد مصر  على نحو عام الخلافات بين المسلمين والمسيحيين وهل تعزوها جميعا لأسباب دينية عقائدية ؟

في واقع الأمر لا ارجع  مثل تلك الصدامات بسرعة إلى أسباب دينية، وأيضا إذا كان للأمر خلفية اقتصادية  من جراء ضيق ذات اليد، وتأزم الأحوال المعيشية، فان ما يغيب عن الكثير هو نظام الحياة القائم هناك بما فيه من تقاليد مرعية وقواعد  فرعية  في الأصول  والمعاملات يغلب  عليها طابع البداوة  لا الحضر،.

 على سبيل المثال البدو والعرب في المناطق الصحراوية في مصر  يعتبرون كل الأراضي هناك ملكا لهم، وأنت لست حرا في البناء أو التعمير أو التشييد بدون أن تنال رضاهم مع ما يستتبعه من ترضيات  مالية هي واقع الأمر " إتاوات أي ضرائب غير شرعية".

  الأمر الأخر هو تسرب أفكار غريبة عن المجتمع المصري  وباتت هناك أجندات ينبغي تنفيذها بحسب نية الممول،  وفي هذه الأوساط يسود المثلث المرعب الجهل والفقر والمرض ، ومعه  تغيب الفطرة الإنسانية السليمة  وتسود روح الافتراق عوضا عن الاتفاق.

 لكن ورغم ذلك تبقى   العلاقات بين الكنيسة والمسؤولين  الرسميين على مستوى المحافظة تتسم بالود ، وتبادل المجاملات  في الأعياد، وتجد دائما عند كبار المسؤولين الاستعداد الطيب  للتعاون والتعايش المشترك وان كان صغار الموظفين  يمثلون أحيانا عقبة على الطريق.

 

**  عرفت إيبارشية المنيا على نحو خاص بنموذجها التنموي الاقتصادي والفكري معا منذ نحو ثلاثة عقود أو يزيد ما هو واقع حال هذا النموذج ؟ وهل انحسر بالفعل لصالح ايبارشيات كاثوليكية أخرى في مصر ؟

تمتد منظومة التكوين في مطرانية المنيا إلى عهد مثلث الرحمات الأنبا اسحق غطاس  الذي كان على الدوام  مقتنعا بان مفتاح التقدم هو تكوين البشر ولذلك   أسس فكرة  ندوات الصيف  لتجميع الشباب وتكوينهم على المستوى الديني وقد خلفه الأنبا انطونيوس نجيب " الأب البطريرك الحالي "  وفي عهده  عرفت المنيا انفتاحه كبيرة، وقد كان حساس للنواحي الاجتماعية وانتهز فرصة أن بعض الآباء الكهنة الشباب الموجودين في الايبارشية  عندهم هذه الدعوة ومن ثم كانت الانطلاقة  الكبرى في مجالات متعددة  في المدن والقرى  وتتركز  دائما أعمال التنمية التي نتابعها على العمل التنموي الاجتماعي في ضوء التعليم الاجتماعي للكنيسة الكاثوليكية، بمعنى أننا  نحاول قدر الإمكان الربط بين هذا التعليم والترجمة على ارض الواقع سيما في ظل الضغوطات  المجتمعية التي نحيا فيها، والحمد لله لدينا فريق من العلمانيين والكهنة  القائمين على العمل التنموي والاجتماعي  بشكل طيب جدا.

 

 ** لديكم عمل ايبارشي خاص متميز مع جماعات وفئات  مجتمعية بعينها.. ماذا عن أهمها ؟

 العمل الايبارشي عمل اجتماعي لكنه متوجه نحو ذوى الاحتياجات الخاصة، هو عمل اجتماعي  خاص بهم   فلدينا على سبيل المثال  مجموعة للصم والبكم، ثم  المعوقين جسديا، هناك أيضا عمل مع المساجين، لا في داخل السجن فقط بل خارجه بمعنى رعاية أسرة السجين، وما يميز إيبارشية المنيا على نحو خاص في هذا السياق هو وجود متطوعين علمانيين مقتنعين بهذه الدعوة، أي بهذا  العمل المضحي الخادم،  وهناك   من يخصص أوقات لخدمة مرضى الفيروس الكبدي، ولدينا مركز تأهيل للمدمنين،  إضافة لمجموعات إيمان ونور  الشهيرة لخدمة المعوقين، لدينا مجموعة  " الارش " وهي جماعة للمعاقين جسديا تعيش معا، لدينا مركز لهم ونعمل على بناء مركز أخر.

 هذه الخدمات متاحة بشكل طيب ونعمل في إطار مسيحي مسكوني لكن  التعامل مع المجتمع بصورة أوسع لم يبلور رؤية مدنية بالمطلق حتى الآن، سيما وان الخوف من أن تكون هناك أهداف تبشيرية، كما يترائي للبعض، قائم في الأذهان.

 

** عودة  إلى التكوين الفكري.. لماذا توقفت الندوات التكوينية لديكم في المنيا  في حين أنها ازدهرت في ايبارشيات أخرى مثل أسيوط على نحو خاص ؟

 لم نتوقف أبدا في واقع الأمر،  في زمن الأنبا انطونيوس نجيب كنا نعقد 6 ندوات في الصيف، ومن يستمر لمدة ست سنوات كان يحصل على  شهادة، وربما الذي  ساعد إيبارشية أسيوط بالأكثر  هو أن لديها معهد التربية الدينية  الذي تأسس في زمن مثلث الرحمان  الأنبا  الكسندروس اسكندر،  ثم في عهد الأنبا كيرلس وليم أضاف نيافته  معهد اللاهوت الذي يقدم محاضرات في التكوين اللاهوتي،  الفكرة لا تزال موجودة في المنيا، لكن يجب  الإقرار بان محافظة المنيا تمتد  بطول نحو 160 كيلومتر، ولذلك نحن ندرس  أفضل الطرق والوسائل التي تكفل لنا بداية قوية صحيحة ، لكن التكوين لم يتوقف أبدا، هناك  عملية متواصلة كل أيام السنة، هناك ندوات في الرعايا المختلفة، هناك مؤتمر الطفل،  كما أن المكتب الخاص بالتكوين الديني  يتنقل لمساعدة الخدام والخدمة ويقدم كمحاضرات بشكل طيب وفعال.

 

** من أهم الوزانات الإيجابية لدى الكنيسة الكاثوليكية  في المنيا " المدارس الكاثوليكية". كيف تفعلون هذه الوزنة لبسط مسحة كاثوليكية مشاركة في العملية التعليمية ؟

 لدينا في الايبارشية مدارس تعليمية على مستوى الرهبانيات  مثل مدارس  الراهبات المصريات وراهبات القديس يوسف  والآباء الفرنسيسكان ، كما أن الايبارشية كان لديها ثلاث مدارس  حينما توليت مهام المطرانية  ومع العام القادم سيضحى لدينا ست مدارس.. والسؤال  إلى أي درجة يمكن تفعيل الحضور  الكاثوليكي في محافظة المنيا من خلال تلك المدارس..سؤال جوهري  ومهم  لكن الجواب عليه عمليا صعب فكلمة أو عبارة " تفعيل الحضور " لا تستخدم بشكل مباشر إنما  أنت تبثها في وسط الأطفال عبر منظومة أخلاقية متكاملة من التربية والتعليم والنظام والتهذيب، من الأخلاقيات والقيم، من الانفتاح وقبول الآخر، أكثر من  نصف الأولاد والبنات في بعض مدارسنا مسلمين  وغالبية كبرى أرثوذكس وبروتستانت، ونحن لا نبشر هؤلاء أو أولئك   بدين أو بعقيدة أو إيمان إنما ننير لهم درب المواطن الصالح  عبر منظومة متكاملة لا تختلف عليها الأديان ولا تتنازعها المذاهب، ولهذا أنت ترى أجيالا  بأكملها تفتخر بأنها خريجة مدارسنا، هذه هي فلسفتنا، نحن الملح الذي يذوب في الطعام ليعطي المذاق ونحن الخميرة  التي تخمر العجين بمحبة صادقة، دون رياء أو كبرياء ودونما أن تطلب لنفسها شيئا.

 

**  هناك قصور بشكل عام في الرعاية الصحية  في صعيد مصر.. هل لكم دور كايبارشية  في هذا السياق ؟

 بالفعل هناك إشكالية في التعاطي  مع النواحي الصحية على نحو عام   لدينا فقط فكرة نحاول تطبيقها  الآن من خلال عمل  مستوصف  صغير في كل كنيسة ، أو في مبنى الخدمات الملحق عادة بالكنائس،  في قرية اسمها " طوه " بالمنيا "  على سبيل المثال افتتحنا مستوصف  أطلقنا عليه اسم " مستوصف  الفرح "  وقد كان تجربة رائعة، إذ رحب به مسلمو القرية قبل مسيحييها بعد أن كانوا معارضين لافتتاحه ، و صاروا هم  المساعدين في إنشائه  وعمله، سيما بعد أن وجدوه يقدم خدماته لجميع   أهل القرية بحب وإخلاص  دون تمييز أو عنصرية دينية مقيتة.

 

**  لأجل مسيحيي  الشرق  ومنهم مسيحي المنيا  ولا شك فكرت الكنيسة الكاثوليكية  في عقد سينودس الشرق الأوسط في أكتوبر المقبل.. ماذا عن تجاوب المؤمنين    في صعيد مصر مع الفكرة  عينها ؟

 الشكر كل الشكر يجب أن يوجه إلى قداسة الحبر الأعظم  البابا بندكتوس السادس عشر  على هذه المبادرة الإيجابية الخلاقة، لكن السؤال الذي أود طرحه بأمانة ومصداقية  وكذلك بموضوعية  هو :  إلى أي حد ومد هناك وعي  لدى المؤمنين بهذا السينودس  ودور المؤمنين   في التحضير له ؟ نحن قدمنا  ردود على الأسئلة  التي طرحت لكن ربما كان الأجدر بنا هو العكس بمعنى  أن تبنى تصورات القائمين على المجمع على رؤى أوسع لمؤمني الشرق الذين يعيشون الأزمات المعاصرة، ولهذا فان هناك  فجوة واضحة  بين المثال والواقع، يمكن للأفكار أن تكون جيدة في ذاتها  لكنها في حاجة لمجهودات كبرى لتتحول إلى وقائع إلى وقائع  حياتية ملموسة.

 

 **  ما هي النقاط التي تلمسونها  نيافتكم كمطران لايبارشية المنيا من الصعوبات والتحديات  الآنية والتي تتقاطع مع ما  جاء  في وثيقة عمل السينودس القادم ؟

 التحديات تختلف من مكان لأخر، إنا كمطران للمنيا تظهر عندي تحديات ومشكلات مختلفة عن  إيبارشية أخرى ، لكن يبقى  القاسم المشترك الأعظم هو  التعايش في مجتمع غالبيته أخوة مسلمين وفي ظل تنامي لحركات أصولية إسلامية ربما لا ترحب في المجمل بالآخر ثم  معضلة  المنحنى  الفكري والاقتصادي الذي يهوي إلى القاع،  ولهذا فان  الهم الرئيسي للمواطن اليوم هو لقمة العيش  وليس التنظير الإيديولوجي،  وهناك قضايا باتت بالفعل تمثل حجر عثرة، خذ مثالا  على ذلك  أنا ضد  هجرة المصري  مسلما كان ام مسيحيا  من بلاده، من ارض مصر،   فهو رصيد أنساني نخسره،ويعرف الآخرون كيف يستفيدون منه، لكن ماذا  اعمل وأنا لا املك البديل أمام شاب لديه فرصة  هجرة بعد ان سدت أمامه سبل العمل والرزق  وتاليا العيش في وجهه، إذا نصحته بالا يهاجر سيطلب مني ان أقدم له البديل.

 ولهذا فإننا في عملنا التنموي في إيبارشية المنيا فكرنا   ونفذنا فكرة  تقديم دورات تكوينية وتدريبية تتسق مع احتياجات سوق العمل، ندرب الشباب لمدة 3 او 6 شهور بعدها يكون مستعد للعمل حسب ما يحتاجه السوق.

 إلى جانب  النواحي المادية  هناك الناحية المسكونية  ذلك انه مطلوب مني ان أكون كاثوليكي وأعيش هويتي القبطية المصرية الكاثوليكية في آن واحد ،  وفي نفس الوقت أنا أتأكل  ومضغوط من الطوائف الأخرى، ومحصور بين رغبات في الهجرة  من مصر، وانحسار  مسكوني دون جدال  يتمثل في كنيسة أرثوذكسية  تنغلق على ذاتها يوما تلو الأخر،  خوفا من الخارج الذي يحيط بها دون جرأة لفتح المجال  لأفكار جديدة ؟

 

** هل تأثرت الأنشطة التنموية  في الايبارشية  من جراء الازمة المالية  العالمية  الاخيرة ؟

 بالتأكيد تأثرت، حتى الأنشطة الكنسية العادية  تأثرت، ومن أسف أود ان الفت إلى اشكالية أخرى كبرى  تطفو  الآن على السطح  وهي ان الأمر وصل إلى حد  ان بعض الهيئات الكاثوليكية باتت  لا تهتم كثيرا بفكرة التنمية  انطلاقا من داخل الكنيسة  او من خلال العمل  الايبارشي، ما يهمها هو ان يمضي عملها من خلال  الجمعيات الأهلية، وهذا لا يعطي مجال للحضور  الكنسي للإشراف ، وهذا شان  خطير  ينبغي ان ينظر له ويعاد النظر فيه وربما  يكون سينودس الشر ق الأوسط موقع وموضع ممتاز لإثارة قضايا بهذا الوزن المهم سيما وان اليوم  كالأمس " من يعطي الخبز يعطي الشريعة ".

 

**  ما هي أحلامك صاحب النيافة  وطموحاتك  لايبارشية المنيا في الأيام القادمة بإذن الله ؟

الكنيسة مؤسسة بشرية الهية، روح الله يحفظها  ويقودها، لكن بالنسبة لنا كبشر نحن في حاجة إلى تجديد باستمرار، كي نقدر  ان نصغي لما يقوله الروح للكنائس، أتمنى ان نحوز الجرأة للخروج من العزلة  واليأس ، مرات كثيرة  الجو العام المشبع بالإحباط وجلد الذات ينعكس  سلبا على الكنيسة بوصفها  جزء من المجتمع،  ولهذا أدعو إلى النظر إلى الايجابيات إلى نصف الكوب الممتلئ وليس إلى السلبيات، هذا ما نتمنى   زرعه في نفوس الشباب، في الأجيال القادمة ,.

 احلم بان يكون حضور المنيا اقوي على المستوى الفكري  الإنساني، وان نمضي في طريق استكمال المشروعات التي تحفظ كرامة الإنسان وتنمية وترقيه وان تجد هذه قبولا  من المسؤولين لخير المصريين بشكل عام.

 

** لا يمكن والمرء يحاور مطران إيبارشية المنيا " عروس الصعيد "، ان ينسى او يتناسى  ان أول أصوات التوحيد للخالق خرجت إلى المسكونة كلها من المنيا، عندما قال الفرعون اخناتون " لا اله إلا الله ".. هل من وصل بين الماضي والحاضر ؟

 ربما ينبغي ان نميز  بين التاريخ المصري الفرعوني  وبين الآثار الفرعونية كمزارات  سياحية، التاريخ  مكتوب في القلوب والصدور  لا يمحى، والمنيا مؤول تاريخي  عريق، لكن ومن أسف التعليم في بلدنا قلص الاهتمام بهذه الحقبة في العقود التي تلت ثورة يوليو،   وبتنا  نعاني من " أمية تاريخية فرعونية " ان جاز التعبير  وغاب عنا الحس  الفني والتذوق الإبداعي لكن هناك أصوات علت في الفترات الاخيرة بين كبار المثقفين المصريين لإعادة البحث  والدرس في تاريخ مصر المنير والاستفادة من  الخبرات الروحية والفكرية والحضارية  التي يمتلئ بها  تاريخ مصر ام الدنيا عبر كافة حقبها وبكافة تراكماتها  الإنسانية المبدعة.

 

                 *********************