جل الديب، الثلاثاء 31 مايو 2011 (zenit.org).
عقدت ظهر اليوم ندوة صحفية في المركز الكاثوليكي للإعلام بدعوة من اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام حول رسالة قداسة البابا بنديكتوس السادس عشر لليوم العالمي الخامس والأربعين لوسائل الإعلام 2011 بعنوان: "حقيقةٌ وإعلانٌ وأصالةً حياةٍ في العصر الرقمي" والذي يحتفل به في 5 حزيران الجاري.
ترأس الندوة الرئيس العام لجمعية الآباء المرسلين اللبنانيين، ونائب رئيس اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام، الأب ايلي ماضي، شارك فيها الاساتذة: منتج ومقدّم نشرة الأخبار في تلفزيون المستقبل منير الحافي، مدير عام شركة ستاتيستكس ليبانون، ناشر ورئيس التحرير العام لموقع ليبانون فايلز الالكتروني ربيع الهبر، منتج وناشر موقع الكلمة اونلاين سيمون أبو فاضل، ومدير المركز الكاثوليكي للإعلام، الخوري عبده أبو كسم، حضرها: المسؤول عن الفرع السمعي البصري في اللجنة، الاب سامي بو شلهوب، وعدد كبير من المهتمين والإعلاميين.
رحب الأب ايلي ماضي بالمنتدين والحضور وقال:
يُصادفُ يوم الأحد 5 حزيران، اليوم العالمي الخامس والأربعين لوسائلِ الإعلام. وكعادته في كلّ سنة، يُصدر قداسة الحبر الأعظم رسالته في المناسبة، وهي بموضوعِ لهذه السنة: «حقيقة وإعلانٌ وأصالة حياة في العصرِ الرقمي»؛ والتي أرادَ قداسته من خلالِها «أن يتبادلَ وإيّانا بعض الأفكار التي تُثيرها ظاهرةٌ تميّز عصرَنا: ألا وَهي انتشار التواصل من خلالِ شبكة الانترنت». فالتقنيّات الجديدة بدّلت الاتصال نفسه حتّى بُتْنا نشهد تحوّلاً ثقافيًّا واسعاً. وهذه التقنيّات يجب أن توضع في خدمةِ الخيرِ العام للإنسانِ والبشريّةِ جمعاء، وأن تسمح للأشخاصِ بالتلاقي ما وراء حدود الكون والثقافات مفتتحينَ بذلكَ عالماً جديداً بالكليّةِ من الصداقاتِ المُمكنة. لم يعد قريبي من نلقاه في حياتِنا اليوميّة، بل أصبحَ لنا شخص أقرب إلينا ممَّن همْ حولَنا من خلالِ هذا العالمِ الجديد. لذلك فهذه التقنيّة الجديدة لا يمكن ولا يجب أن تُثنينا عن الاتصالِ الإنساني المباشر مع الأشخاصِ على جميعِ المستويات.
ثم تحدث الاستاذ منير الحافي عن تأثير التلفزيون على عالم التواصل الرقمي وتأثره به فقال:
إن العالم الرقمي قد تطوّر، تطور وسائل الاتصالات الاخرى، وصار الكون في منحى تواصلي جديد: أسرع وأفعل. وهو ما وصفه البابا في رسالته: " إن التقنيات الحديثة لا تبدل فقط طريقة الاتصال، بل الاتصال نفسه". شارحاً أن التواصل عبر الانترنت تنشأ من خلاله "طريقة جديدة للتثقف والتفكير، تصحبها مناسبات فريدة لإرساء علاقات وبناء الشراكة". وإذا كان الحبرُ الأعظم، يقصد في هذا التعبير، بناء الشراكة بين الشعوب، فإنه سيكون قاصداً بالفعل أن شراكة من نوع آخر، قد بنيت بين وسيلتين لإعلام الشعوب، هما الأكثر شعبية اليوم بين الناس: وهما: الإنترنت والتلفزيون. والحق، أن الإنترنت ولدت بعد التلفزيون، لتتفوق عليه اليوم، ولتضعه في مرتبة ثانية من أولويات المشاهدة، ليصبح في يوم ليس ببعيد، وسيلة ترف ثقافية يتم قصدُه للمشاهدة، مثل دور السينما!
ثم عرض الحافي نقاط تأثير التلفزيون على الانترنت بحيث عمدت كل وسيلة إعلامية الى تأسيس مواقع الكترونية لها على الانترنت، لوضع برامجها مسجلة، وبعضها مباشرة.
أضاف: "لكن النقطة التي تتفوق فيها الانترنت (المواقع الالكترونية) على التلفزيون، هي عدم ارتباط الأولى بموعد محدد لأوقات البث، ويمكن لمتصفح الانترنت أن يعود للبرنامج وأن يحمله على صفحته ويشاهد ما تم بثه على التلفزيون مرة ومرتين وبالقدر الذي يريد. أو أن يبطئ العرض أو يعيد الكرة..
وتابع: "وما يزيد الانترنت أهمية هنا، ما يسمى بالتفاعلية interaction فيستطيع المتصفح هنا، مثلما يعلق على أي موضوع مطروح للبحث على الموقع الالكتروني، أن يعطي رأيه بالمادة التلفزيونية سلباً أو ايجاباً أو توضيحاً أو استفساراً. وهذا غير موجود في التلفزيون، أقله حتى الآن، لأنه يحكى عن نوع من تلفزيون تفاعلي في المستقبل ليس بالبعيد، وهنا يكون التلفزيون يلحق بركب الانترنت الاكثر تطوراً منه.
تابع الحافي : "ويحتاج التلفزيون الى الانترنت، في نقل المواد المصورة من مراسليه البعيدين سواء في البلد نفسه أوالخارج. ويمكن للانترنت حتى أن يكون تلفزيونأً حياً: هناك برنامج على الشبكة العنكبوتية يسمى streaming يمكن من خلاله أن ترى البث الحي للتلفزيون عبر الكومبيوتر أو حتى عبر الهاتف اذا توافر الاتصال المناسب عبر الـ wifi. ورأى أن المواقع الالكترونية، تعتمد في كثير من أخبارها على ما نُشر على أخبار التلفزيون. وأخبار التلفزيون تحتاج الى المواقع الالكترونية التي هي مؤسسات قائمة بحد ذاتها ولها مصادرها المستقلة.
ثم كانت مداخــلة الأستاذ ربيـــع الهــبر عن تاثير الأنترنيت على تأليب وتطوير الرأي العام :
راى فيها مع نشوء المواقع الإلكترونية في منتصف التسعينات وإنتشارها بدأ تطور كبير على صعيد المحاكاة، وبدا الإعلام للمرة الأولى منذ نشأته إعلاماً تواصلياً تفاعلياً Communicative فمتلقى الخبر، قادر على المشاركة والتعليق والإرسال وحث الآخرين على قرائته والتعليق عليه وبدوره إرساله إلى آخرين، ثم آخرين، ثم آخرين. ولعبت شبكات الإتصال الإجتماعيSocial Networks دوراً أساسياً في تطوير التفاعل بين الشعوب وفي عملية تطوير التشبيك السياسي والإجتماعي، ومنذ نشأتها أتت هذه الشبكات مكملة لمفهوم شبكات الانترنت، في حين تكمن قوة شبكات التواصل الاجتماعي مثل الفايسبوك والتويتر، إلخ…
وتابع: "الإعلام الرقمي هو إعلام كما أسميته سابقاً "غب الطلب" يمكنك ساعة تشاء ولحظة أردت أن تطلب الخبر الأخير، وتقرأه أو تسمعه، أو تراه، وحتى أن تعود إلى أخبار الأمس أو قبل أسبوع أو شهر، أو سنة. وبالتالي تسقط عند ذلك وسائل الإعلام التقليدية فتلفزيون فضائي متخصص في الأخبار لا يملك هذه الميزة الاضافية.
ثم تحدث الصحافي سيمون أبو فاضل عن الحقيقة ودور الاعلاميين في الرسالة المسيحية فقال:
يشكل وعي الكنيسة اليوم وخصوصاً من خلال متابعة قداسة البابا لاهمية التفاعل والانخراط في العالم الافتراضي (اي شبكة الانترنت) والابحار في محيطات المعرفة والمعلومات فرصة استثنائية للرسالة والشهادة.
للرسالة، لان عمل الله الخلاصي وانخراطه في عالم البشر وتأسيسه لتاريخ مقدس، يفرض علينا اليوم الانخراط نفسه في تاريخ البشرية وتدفق معلوماتها كأدوات للمعرفة الحقيقية للصلابة في الحق والموضوعية للشجاعة في نقل الرسالة اياً تكن والدفاع عن الحرية والعدالة.
أضاف: الشهادة تتطلب الشهادة والاستشهاد، والابحارعميقاً في تعاليم السيد المسيح ،من ذاك الذي تعلق على صليب العار وصليب العالم مدافعاً عن الحقيقة كل الحقيقة حاملا شهادته حتى الاستشهاد لتفعيل التواصل وكسر الحواجز وتقريب المسافات لرسم طريق صحيح مليء بالحق والحياة".
وختم بالقول: "قدرنا ورسالتنا وشهادتنا اليوم ان نكون مع الحرية الاخلاقية ، وان نشكل مسرحا للفكر والثقافة وكذلك واحة حوار من اجل مشرق افضل من اجل لبنان افضل ومن اجل مسيحية صافية عميقة على ما هي منبعا للايمان والصلابة" .
واختتمت الندوة بكلمة الخوري عبده أبو كسم جاء فيها:
إن القدرات الهائلة التي توّفرها شبكة الأنترنيت والتي من خلالها تتفجّر تقنيات الاتصال الحديثة يجب أن توضع في خدمة الخير العام للإنسان والبشرية جمعاء، فإذا ما تمّ استعمالها بحكمة، فمن المؤكد أنها ستسهم في إرضاء الرغبة في المعنى والحقيقة والوحدة التي يتوق إليها الكائن البشري. وبالتالي يصبح الاتصال والتواصل حواراً وتبادلاً وتضامناً ومنشأً لعلاقات إيجابية".
ومما لا شك فيه أن الشباب يعيشون صراعاً في التواصل عبر الأنترنت والعالم الرقمي. هذا الصراع له علاقة مع أصالة الكيان ويجب التنبّه وتحاشي ما يكمن فيه من أخطار من مثل اللجوء أو الأنقياد إلى عالم فرضي.
ولا بد من الإشارة إلى أن التقنيات الجديدة تفتح الباب واسعاً أمام الأشخاص بالتلاقي عبر حدود الكون وما وراء الثقافات، دون أن نغفل أن هناك خطر بأن ننعزل عن مجتمعنا ونحرم من حضورنا اؤلئك الذين نلقاهم في حياتنا اليومية العادية، إن هذا الأمر يحتّم علينا أن نغذي علاقاتنا الإنسانية لتصبح عميقةً وثابتة.