قال حكيم هندي: "ان الموسيقى ترفعني إلى السماء . . وترانيمها العذبة توطد آمالي بوجود أبدية جميلة".
وعندما خلق الله العالم ، خلق أيضاً الوسيقى . . لأن جسم الإنسان هو أول مصدر الآلات الموسيقية: فأول آلة موسيقية في الكون وفي جسم الإنسان هى حنجرته التي يرغم ويسبّح بها الله.. وأيضاً اليدين اللتان يُصفق بهما! والموسيقى والترانيم والألحان وسيلة لآرتفاع النفس إلى الله . . وتوثيق علاقات الصداقة والمحبة بين الأخوة . . وتقوية الوحدة والخدمة بينهم . إنها أسلوب حضاري فعّال للحوار بين الطوائف والأديان والحضارات المختلفة لأنها بأنسجام نغماتها العذبة وأصواتها الرقيقة توحد القلوب وتأتي برسالة الحب والسلام على هذه الأرض! إنها طريق إلى الله والعودة إليه بالتوبة .
وفي هذا الصدد ، قال القديس أغسطينوس في اعترافاته :"إن أنغام الآلات الموسيقية وأصوات فرق الترانيم في الكنائس ، دفعتني أن أراجع نفسي وأرتفع عما هو حقير ودنىء أمام الله . . وأبدأ حياة طُهر ونقاء!
لقد قيل وكُتب كثيراً عن الموسيقى من الكتّاب والفنانين . . وقرأت عنها صفحات رائعة للكاتب الكبير خليل جبران ، اخترت منها بعض السطور. يقول في كتابه العاشر وكله عن الموسيقى:"الموسيقى كالمصباح ، تطرد ظلمة النفس . . وتنير القلب . . فتظهر أعماقه . . إنها تشبه تغريد عصفور تنبّه الإنسان من غفلته ، فيُصغي ، ويشعر ، ويمجّد معه الخالق مُبدع نغمة الطائر العذبة وشعوره الرقيق . . . الموسيقى لسان جميع أمم الأرض ورجالها ، فهى التي أثارت ندامة الملك داود . . فملأت أناشيده أرض فلسطين . قامت مزاميره بينه وبين الله كوسيط . . يطلب فيها مغفرة زلاته ، وكأنّ رنّات قيثارته قد انبثقت من قلبه المنسحق وسارت مع قطرات دمه إلى أصابعه . . فكانت أعمال تلك الأصابع عظيمة عند الله والناس ، وهو القائل: هللوا للرب، سبّحوا بصوت البوق، سبحوه بالمزامير والقيثارة، سبّحوه بصنوج التهليل وكلّ نسمة فلتسّبح الرب . . .
الموسيقى ترافق أرواَحنا وتجتاز معنا مراحل الحياة . . تصحبنا ف] الصلاة والتأمل . . تساندنا في المرض والألم . . تنشطنا في أعمالنا وجهادنا وشقأنا اليومي . . الموسيقى خير رفيق في وحدتنا وعُزلتنا وفي أحزاننا . يأتي المولود من عالم الغيب إلي دنيانا فتقابله القابلة والأقارب بأغاني الفرح . . وعندما يرى النور . . بالبكاء والعويل . . يُجيبونه بالتهليل والهتاف . . . ينتقي الرجل شريكة حياته وتتحدّ نفساهما برباط الزواج . . متممين وصية الله التي كتبها منذ البدء في قلبيهما ، فيجتمع الأهل والأقارب والأصدقاء بالأناشيد ويُقيمون الموسيقى والألحان والزغاريد . .
فكأنّي بها . . صوتُُ يمّجدد الله في مخلوقاته . . صوتُُ يُنبّه الحياة النائمة لتسير وتنتشر وتملأ وجه الأرض!…" (خليل جبران بتصرف)
إلهي . . يا مصدر الفن والإبداع . . أنت اللحن والموسيقى . . لأنك الحب والجمال! أنا صورة من جمالك وحبك . . أنا شعاع من فنّك وإبداعك . . إجعلني قيثارة أعزف معك عليها لحن حبك وسلامك لجميع البشر!
الأب/ يوسف المصري