الأنبا تاوضروس، بابا أمام الإخوان المسلمين

مقابلة مع سيادة المطران وليم سمعان كيرلّس، المدبِّر البطريركيّ للأقباط الكاثوليك

 

القاهرة، الأربعاء 14 نوفمبر 2012 (ZENIT.org).

ننشر في ما يلي مقابلة أجراها موقع النخلة مع سيادة المطران وليم سمعان كيرلّس، المدبِّر البطريركيّ للأقباط الكاثوليك، بعد انتخاب تاوضروس الثاني بابا للكنيسة القبطية الأرثوذكسية.

* * *

كيف تلقّت الجماعة القبطيّة انتخاب البابا الجديد؟

إنّها تلقّت انتخاب تاوضروس الثاني، الذي كان إلى الآن أسقف البحيرة، كبابا للأقباط بفرح وامتنان للربّ. لقد كان ثمرة صوم أُقيم ثلاث مرّات متتالية رافقته الصلوات، كان أعلنه القائمقام الأنبا باخوميوس. وكان صومًا من الفئة الأولى، أي مع الامتناع عن الطعام حتّى القدّاس الذي أُقيم بعد الظهر. وقد شارك كافّة المسيحيين، الأقباط الأرثوذكس منهم بالطبع، ولكن الكاثوليك والبروتستانت أيضًا، في هذا الصوم، لأنّ هذه الانتخابات تخصّنا وتهمّنا جميعًا. فالبابا القبطيّ رمزٌ بالنسبة لنا؛ إنّه شخصيّة مهمّة ونعمل معه كثيرًا. لهذا السبب وافقنا تلقائيًّا على المشاركة في الصوم وكنّا راضين جدًّا على هذه المبادرة الجميلة. لقد تابعنا كامل عمليّة الانتخابات وكان كلّ المرشّحين ليكونوا موضع ترحيب، خاصًّة الخمسة الذين حازوا على أكبر عدد من الأصوات وبعدها المرشّحون النهائيّون الثلاثة، الذين اختير من بينهم البابا الجديد. فالثلاثة جميعهم كانوا ليكونوا جيّدين. ولكن، في رأيي، بالنسبة لنا نحن الكاثوليك، كان تاوضروس الثاني الأفضل والأكثر انفتاحًا والأكثر تواصلاً مع الكنيسة الكاثوليكيّة.

كيف رحّب المسلمون المصريّون بهذا الخبر؟ أتابعوا عمليّة الانتخاب أم كانوا غير مبالين بها؟

علينا أن نميِّز بين فئتين من المسلمين المصريّين، لأنّ الكلّ ليسوا متساوين. فالأغلبيّة سعيدة وراضية كلّ الرضى. فهم معجبون بشفافيّة الكنيسة في إجراء الانتخابات، ومراسم القرعة الهيكليّة الجميلة من بين أسماء المرشّحين الثلاث، وقالوا حتّى إنّ لديهم الكثير ليتعلّموه من الكنيسة حول كيفيّة إجراء الانتخابات. علاوةً على ذلك، إنّهم يكنّون تقديرًا كبيرًا لهذا البابا، إذ إنّه ألقى خطابًا جميلاً في أوّل تصريح علنيّ له، قدّم من خلاله نفسه على أنّه رجل سلام ومحبّة تجاه الجميع، رجل وحدة وطنيّة وروح وطنيّة. وطالب بألا تتدخّل الكنيسة كثيرًا في السياسة بل أن تستئأنف دورها الروحيّ والرعويّ. لذلك، ينظر المسلمون المعتدلون إلى هذا البابا الجديد بشكلٍ إيجابيّ.
على عكس ذلك، رفض المتطرّفون والمجموعات السلفيّة، حتّى إرسال التهاني والتمنيّات. ووضعوا العديد من الشروط للاعتراف به ودعوه حتّى لاعتناق العقيدة الإسلاميّة، هو وجميع أتباعه، الذين عليهم، في رأيهم، أن يعودوا إلى الدين الحقّ، أي إلى الإسلام.
رسميًّا، أرسلت جماعة الإخوان المسلمين رسالة تهنئة إيجابيّة ووديّة للغاية، تأمل فيها، لما فيه خير البلاد، بإرساء تعاون مثمر مع البابا الجديد ومع الأقباط، الذين لا يكنّون تجاههم أيّ عداء. في المحصّلة، وحدهم السلفيّون المتعصّبون رفضوا البابا. باختصار، إنّ المسلمين بمعظمهم راضون وهم تابعوا مسيرة الانتخابات، بفضل وسائل الإعلام التي خصّصت لها مجالاً واسعًا.

ما هي النقاط التي لا تزال تتطّلب حلاًّ في الكنيسة؟

ستكون على عاتق البابا تاوضروس الثاني مهمّة صعبة للغاية. لقد أكّد هو نفسه أنّه يجب تنظيم الوضع داخل مؤسّسة الكنيسة. بالإضافة إلى ذلك، لا بدّ من إعادة النظر في طريقة انتخاب البابا، لأنّ هناك العديد من البنود المهملة، التي لم تعد قابلة للتطبيق في الظروف الراهنة. بعض العلمانيّين أيضًا ليسوا مرتاحين ويطالبون بتحديث هذا الإجراء، الذي يقضي بوجود عدد كبير من المرشّحين ومشاورات طويلة.
قبل إجراء القرعة، طلب القائمقام الأنبا باخوميوس من المرشّحين النهائيّين الثلاثة أن يقسموا على العمل، وقبل نهاية العام، على إدخال تغييرات على هذا القانون. من ناحية أخرى، هناك أيضًا حاجة لتغيير قانون الأحوال الشخصيّة، وخاصّةً في ما يتعلّق بالزواج والطلاق وحالة المطلّقين الذين تزوّجوا من جديد. لا بدّ من التوفيق بين التطبيقات الحاليّة والقانون القبطي. إنّه إصلاح يهتمّ به العلمانيّون بشكلٍ خاص. بعد ذلك، يجب أيضًا على البابا أن يتابع العلاقات مع الكنائس الأخرى والحكومة الحاليّة.

ومع حكومة تقودها اليوم جماعة الإخوان المسلمين؟

يبدو رئيس الجمهورية مرسي منفتحًا للغاية، وهو وعد بحضور حفل تنصيب البابا في حال تمّت دعوته إليه. على البابا أن يناضل من أجل الدفاع عن حقوق المسيحيّين وهذه المهمّة لن تكون سهلة في ظلّ حكومة إسلاميّة. إنّ البابا، ولو كان غير معروفٍ على نطاق واسع، إلا أنّه معروفٌ بحُسن تدبيره وإدارته، فهو رجل عمليّ، يحبّ التنظيم وذو خبرة كبيرة وسافر كثيرًا. على كلّ حال، إذا كان الربّ قد اختاره فهذا يعني أنّه الرجل المناسب. سوف يهبه الربّ النعمة لكي يتمكّن من إدارة شؤون كنيسته في هذه الظروف الصعبة.

ما هي صلاحيّات البابا في الكنيسة القبطيّة؟

إنّه رئيس المجمع المقدّس للكنيسة القبطيّة الأرثوذكسيّة والمسؤول عن كافّة ممتلكاتها. إنّه مثيل البابا بنديكتوس السادس عشر بالنسبة للكنيسة الكاثوليكيّة. فهو السلطة العليا، سواءً منها الروحيّة أو الإداريّة.

* وُلد الأنبا تاوضروس في 4 تشرين الثاني/نوفمبر 1952، وحصل على شهادة الدكتوراه في علوم الصيدلة من جامعة الإسكندريّة. تمّ تعيينه عام 1977 أسقفًا مساعدًا في خدمة أسقف البحيرة باخوميوس، الذي أصبح اليوم مدبِّرًا بطريركيًّا. سوف يتمّ تنصيب الأنبا تاوضروس في 18 تشرين الثاني/نوفمبر 2012 كالبابا الثامن عشر بعد المئة للأقباط الأرثوذكس.