تحليل لمدير دار الصحافة التابعة للكرسي الرسولي
روما, (زينيت) الأب فيديريكو لومباردي
بعد مرور ستة أشهر على انتخاب البابا فرنسيس تحدث الأب فيديريكو لومباردي الى إذاعة الفاتيكان عن مستجدات الحبرية وعن نقاط قوتها وذكّر بأن ما يهم هو الإصلاح المستمر لحياة الكنيسة.
حضرة الأب لومباردي، ما هي المستجدات الثلاثة الرئيسية في هذه البابوية؟
سأتطرق أولا الى الإسم، هذا الاختيار الذي فاجأني منذ الوهلة الأولى: فرنسيس، اسم جديد بالكامل، لم يختره أي بابا من قبل. ومع اسم فرنسيس يأتي الشرح الذي قاله البابا بنفسه: “الفقراء، السلام، وحماية الخلق.” ولقد رأينا- على الأقل بما يتعلق بالفقراء والسلام- أنها مزايا أساسية لهذه الحبرية، وهي قد حصلت في هذه الآونة تماما كما الالتزام الشجاع من أجل السلام في الشرق الأوسط خلال الأسابيع الأخيرة.
ثانيًا، الجديد في هذه الحبرية هو انتهاء “المركزية الأوروبية” للكنيسة، أي بأنه تم اختيار بابا من أميركا اللاتينية. في الحقيقة نحن نشعر باتساع في الآفاق: لقد رأيناه بشكل خاص خلال الأيام العالمية للشباب، حيث رأينا البابا في قارته الأم وتعلمنا بأن أسلوبه رعوي أيضًا، طريقته بالتعامل المباشر مع الناس، وحديثه البسيط جدًّا…حتى مواضيع الفقر تتأتى من إطار كنسي غني جدًّا، مع تقليد كبير يصل الآن الى قلب الكنيسة مع قوة أكبر وحضور أكبر. كل البابوات كانوا “عالميين”، كانوا يحملون في قلوبهم العالم بأسره ولم يكونوا “منحازين” لأحد. ولكن يمكننا أن ندرك أن اختيار بابا من قارة أخرى يجلب شيئًا خاصًّا في الأسلوب، وفي وجهات النظر، وهذا شيء تطلبه الكنيسة الجامعة، والكرادلة، ونحن نقدره كغنى جديد لطريق الكنيسة الجامعة.
وإن أردت أن أتكلم عن شيء ثالث، فهناك البعد التبشيري. يتكلم البابا فرنسيس كثيرًا عن كنيسة لا تتمتع بالحكم الذاتي المرجعي، عن كنيسة لديها رسالة، عن كنيسة تنظر أبعد من حدودها، تنظر إلى العالم بأسره. أتذكر الآن ما كتبه البابا يوحنا بولس الثاني في رسالته الرائعة في نهاية اليوبيل التي وجهها الى كنيسة الألفية الثالثة وهو”غوصوا الى العمق”. إذًا يبدو لي، في الواقع، بأنه مع البابا فرنسيس، يبحر قارب الكنيسة بثقة نحو العمق، من دون خوف، ومن دون قلق، مع الفرح بإمكانية لقاء سر الله تحت آفاق جديدة.
يهز البابا المسيحيين، أحيانًا بكلمات قوية جدًّا، فيقترب البعيدون…
نعم، فلنقل أن أسلوب البابا، وحديثه المباشر، وتصرفه، وحداثة أسلوب حياته يؤثرون بعمق ويعززون الكثير من الاهتمام والحماس. ولكنني أعتقد، وأتمنى، أن يكون السبب الاساسي لهذا الاهتمام عميق، وأن يتأتى من حقيقة أن البابا يصر بشدة على الله المحب، الله الرحيم، على الله الجاهز دائما لمسامحة الذي يلجأ اليه بتواضع.
وبهذه الطريقة، أعتقد أنه يلمس الإنسان بعمق- رجال عصرنا ونساءه؛ هو يعلم أنهم مجروحون: فقد جرحتهم تجارب صعبة، وكثير من الإحباط، والظلم، وحالات فقر، وتهميش في عاملنا اليوم. لذلك، فبهذه الطريقة في التحدث، ومن خلال كلماته، وأفعاله، وهذا الأسلوب المباشر، ينقل البابا محبة الله للجميع، وقربه، واهتمامه بالإنسان، وحنوّه- إحدى الكلمات التي يحبها البابا كثيرًا والتي تعبر عن طريقة عيشه- كل ذلك يلمس الناس بعمق، من المؤمنين وغير المؤمنين.
لأن الله يحب كل الناس، ولهم توجه رسالة المحبة هذه، محبة الله والمسيح. وهكذا، هذا يخص الجميع، حين يقال في الحقيقة، بطريقة ملموسة وقريبة من قلب الإنسان.
ما الذي يجب أن نتوقعه من البابا في الأشهر المقبلة؟
أنا لستُ نبيًّا، لكننا نعلم، لكي نقول الأمور ببساطة، أنه في الأشهر المقبلة، سيتطرق البابا إلى مسائل تتعلق بإدارة شؤون الكنسية، من خلال التشاور إما مع معاونيه في الكوريا الرومانية كما فعل منذ فترة، أو مع الكرادلة وهذا ما سيفعله في شهر تشرين الأول، الكرادلة الذين اختارهم من مختلف أنحاء العالم.
ما يهم هو قلب الإصلاح الجاري في حياة الكنيسة وبهذا المعنى، البابا فرنسيس، ومن خلال مثاله، وروحانيته، وموقفه المتواضع والقريب، يريد بالتأكيد أن يقربنا من يسوع، يريد أن يجعل منا كنيسة تسير الى الأمام، قريبة من البشرية اليوم بشكل خاص من الأشخاص المتألمين والمحتاجين إلى محبة الله. أعتقد أن هذا ما يجب أن ننتظره من خلال عدة علامات وقرارات.
في الأسابيع الأخيرة، اهتممنا بمسألة السلام والذين يعانون من الضغوطات والحروب، ولكن يمكننا أن نهتم بأشياء أخرى كثيرة: كمسألة القرب من اللاجئين، ومن مختلف أشكال التهميش، والسجن…إذا فلنترك الرب يقودنا. ليس البابا من النوع الذي يفكر بتخطيط التاريخ وتنظيمه. البابا شخص يصغي الى روح الرب ويسعى الى اتباعه بطاعة وبهذا المعنى هو يدلنا على طريق جديد ونحن واثقون بأنه سيكون جميلا ومليئًا بالرجاء.
كيف هو التعايش في الفاتيكان بين البابا فرنسيس والبابا الفخري بندكتس السادس عشر؟
العلاقة بين البابوين على خير ما يرام! إننا جميعًا سعداء بدءًا مع البابا فرنسيس مع تواجد البابا الفخري في الفاتيكان مع تحفظه وروحانيته وصلاته وانتباهه. هذا بالضبط ما وعدنا به، وما أعلنه خلال استقالته: سيظل يصلي للكنيسة، وسيبقىحضوره فيها روحيًّا أكثر منه شخصيًّا.
نحن نعلم أنه يوجد علاقة شخصية بين البابا فرنسيس وسلفه فقد رأينا ذلك حين دعاه الى حدائق الفاتيكان لتدشين نصب تذكاري جديد، والأكثر من ذلك حين زاره قبل سفره الى البرازيل ليطلب منه أن يصلي من أجله كذلك حين ذهب للقائه بعد عودته ليخبره عن تجارب الزيارة الجميلة وليشكره على قربه وصلاته.
أنا أيضًا كانت لي الفرصة بأن أكون قريبًا من البابا بندكتس وأرى إيمانه وروحانيته. أظن أننا نشعر دائما بمودته وصلاته وحكمته حتى وإن كنا لا نراه غالبًا، ولكنني أكيد بأنه جاهز لأية مساعدة إن طلبها منه البابا فرنسيس.
من أي ناحية تغير عمل المتحدث باسم البابا في هذه الأشهر الستة الماضية؟
لقد قلت دائمًا لست المتحدث باسم البابا على قدر ما أنا مدير دار الصحافة الذي ينشر الأخبار والنصوص والإجابات ليفهم الجميع ما يقوله البابا ويفعله.
بصراحة، يبدو لي أنه خلال الأشهر الستة من حبرية البابا فرنسيس تصرف البابا وتكلم بطريقة مكثفة، لدرجة أنني ولحسن الحظ استطعت أن أبقى في ظل بطل الرواية، الصوت الأساسي الذي يريد المؤمنون سماعه، وهو بالطبع صوت البابا.
***
نقلته الى العربية نانسي لحود-وكالة زينيت العالمية