يارَبُّ، مَتَى رأيناكَ: تأمل الاربعاء المبارك من البصخة المقدسة الموافق 16 إبريل 2014

يارَبُّ، مَتَى رأيناكَ: تأمل الاربعاء المبارك من البصخة المقدسة الموافق 16 إبريل 2014

يارَبُّ، مَتَى رأيناكَ

تأمل الاربعاء المبارك من البصخة المقدسة الموافق 16 إبريل 2014

الأب/ بولس جرس

نص الإنجيل

“وكأنَّما إنسانٌ مُسافِرٌ دَعا عَبيدَهُ وسلَّمَهُمْ أموالهُ، فأعطَى واحِدًا خَمسَ وزَناتٍ، وآخَرَ وزنَتَينِ، وآخَرَ وزنَةً. كُلَّ واحِدٍ علَى قَدرِ طاقَتِهِ. وسافَرَ للوقتِ. فمَضَى الذي أخَذَ الخَمسَ وزَناتٍ وتاجَرَ بها، فرَبِحَ خَمسَ وزَناتٍ أُخَرَ. وهكذا الذي أخَذَ الوَزنَتَينِ، رَبِحَ أيضًا وزنَتَينِ أُخرَيَينِ. وأمّا الذي أخَذَ الوَزنَةَ فمَضَى وحَفَرَ في الأرضِ وأخفَى فِضَّةَ سيِّدِهِ. وبَعدَ زَمانٍ طَويلٍ أتى سيِّدُ أولئكَ العَبيدِ وحاسَبَهُمْ. فجاءَ الذي أخَذَ الخَمسَ وزَناتٍ وقَدَّمَ خَمسَ وزَناتٍ أُخَرَ قائلاً: ياسيِّدُ، خَمسَ وزَناتٍ سلَّمتَني. هوذا خَمسُ وزَناتٍ أُخَرُ رَبِحتُها فوقَها. فقالَ لهُ سيِّدُهُ: نِعِمّا أيُّها العَبدُ الصّالِحُ والأمينُ! كُنتَ أمينًا في القَليلِ فأُقيمُكَ علَى الكَثيرِ. اُدخُلْ إلَى فرَحِ سيِّدِكَ. ثُمَّ جاءَ الذي أخَذَ الوَزنَتَينِ وقالَ: ياسيِّدُ، وزنَتَينِ سلَّمتَني. هوذا وزنَتانِ أُخرَيانِ رَبِحتُهُما فوقَهُما. قالَ لهُ سيِّدُهُ: نِعِمّا أيُّها العَبدُ الصّالِحُ الأمينُ! كُنتَ أمينًا في القَليلِ فأُقيمُكَ علَى الكَثيرِ. اُدخُلْ إلَى فرَحِ سيِّدِكَ. ثُمَّ جاءَ أيضًا الذي أخَذَ الوَزنَةَ الواحِدَةَ وقالَ: ياسيِّدُ، عَرَفتُ أنَّكَ إنسانٌ قاسٍ، تحصُدُ حَيثُ لم تزرَعْ، وتجمَعُ مِنْ حَيثُ لم تبذُرْ. فخِفتُ ومَضَيتُ وأخفَيتُ وزنَتَكَ في الأرضِ. هوذا الذي لكَ. فأجابَ سيِّدُهُ وقالَ لهُ: أيُّها العَبدُ الشِّرِّيرُ والكَسلانُ، عَرَفتَ أنِّي أحصُدُ حَيثُ لم أزرَعْ، وأجمَعُ مِنْ حَيثُ لم أبذُرْ، فكانَ يَنبَغي أنْ تضَعَ فِضَّتي عِندَ الصَّيارِفَةِ، فعِندَ مَجيئي كُنتُ آخُذُ الذي لي مع رِبًا. فخُذوا مِنهُ الوَزنَةَ وأعطوها للذي لهُ العَشرُ وزَناتٍ. لأنَّ كُلَّ مَنْ لهُ يُعطَى فيَزدادُ، ومَنْ ليس لهُ فالذي عِندَهُ يؤخَذُ مِنهُ. والعَبدُ البَطّالُ اطرَحوهُ إلَى الظُّلمَةِ الخارِجيَّةِ، هناكَ يكونُ البُكاءُ وصَريرُ الأسنانِ.

 مَتَى جاءَ ابنُ الإنسانِ في مَجدِهِ وجميعُ المَلائكَةِ القِدِّيسينَ معهُ، فحينَئذٍ يَجلِسُ علَى كُرسيِّ مَجدِهِ. ويَجتَمِعُ أمامَهُ جميعُ الشُّعوبِ، فيُمَيِّزُ بَعضَهُمْ مِنْ بَعضٍ كما يُمَيِّزُ الرّاعي الخِرافَ مِنَ الجِداءِ، فيُقيمُ الخِرافَ عن يَمينِهِ والجِداءَ عن اليَسارِ. ثُمَّ يقولُ المَلِكُ للذينَ عن يَمينِهِ: تعالَوْا يامُبارَكي أبي، رِثوا الملكوتَ المُعَدَّ لكُمْ منذُ تأسيسِ العالَمِ. لأنِّي جُعتُ فأطعَمتُموني. عَطِشتُ فسَقَيتُموني. كُنتُ غَريبًا فآوَيتُموني. عُريانًا فكسَوْتُموني. مَريضًا فزُرتُموني. مَحبوسًا فأتَيتُمْ إلَيَّ. فيُجيبُهُ الأبرارُ حينَئذٍ قائلينَ: يارَبُّ، مَتَى رأيناكَ جائعًا فأطعَمناكَ، أو عَطشانًا فسَقَيناكَ؟ ومَتَى رأيناكَ غَريبًا فآوَيناكَ، أو عُريانًا فكسَوْناكَ؟ ومَتَى رأيناكَ مَريضًا أو مَحبوسًا فأتَينا إلَيكَ؟ 40فيُجيبُ المَلِكُ ويقولُ لهُمُ: الحَقَّ أقولُ لكُمْ: بما أنَّكُمْ فعَلتُموهُ بأحَدِ إخوَتي هؤُلاءِ الأصاغِرِ، فبي فعَلتُمْ.”ثُمَّ يقولُ أيضًا للذينَ عن اليَسارِ: اذهَبوا عَنِّي يامَلاعينُ إلَى النّارِ الأبديَّةِ المُعَدَّةِ لإبليسَ ومَلائكَتِهِ، لأنِّي جُعتُ فلم تُطعِموني. عَطِشتُ فلم تسقوني. كُنتُ غَريبًا فلم تأووني. عُريانًا فلم تكسوني. مَريضًا ومَحبوسًا فلم تزوروني. حينَئذٍ يُجيبونَهُ هُم أيضًا قائلينَ: يارَبُّ، مَتَى رأيناكَ جائعًا أو عَطشانًا أو غَريبًا أو عُريانًا أو مَريضًا أو مَحبوسًا ولم نَخدِمكَ؟ فيُجيبُهُمْ قائلاً: الحَقَّ أقولُ لكُمْ: بما أنَّكُمْ لم تفعَلوهُ بأحَدِ هؤُلاءِ الأصاغِرِ، فبي لم تفعَلوا. فيَمضي هؤُلاءِ إلَى عَذابٍ أبديٍّ والأبرارُ إلَى حياةٍ أبديَّةٍ”.( متى25: 14– 46)

نص التامل

يارَبُّ، مَتَى رأيناكَ

تأملنا بالأمس في : مثل الملك والعبيد والوزنات…  واليوم نتناول مثل او بالأحرى مشهد الدينونة الاخيرة في صورة أسلوب الثواب والعقاب….حيث لاحظنا كم هو كريم وسخي في الثواب والمكافئة: : “نِعِمّا أيُّها العَبدُ الصّالِحُ والأمينُ! كُنتَ أمينًا في القَليلِ فأُقيمُكَ علَى الكَثيرِ. اُدخُلْ إلَى فرَحِ سيِّدِكَ.”…. وكم هو شديد في الصرامة والعقاب : أيُّها العَبدُ الشِّرِّيرُ والكَسلانُ، عَرَفتَ … فكانَ يَنبَغي…. فخُذوا مِنهُ الوَزنَةَ وأعطوها للذي لهُ العَشرُ وزَناتٍ. والعَبدُ البَطّالُ اطرَحوهُ إلَى الظُّلمَةِ الخارِجيَّةِ، هناكَ يكونُ البُكاءُ وصَريرُ الأسنانِ.

وتوقفنا طويلا امام مواهب الله المتعددة والكثيرة لجميع خلائقه لا سيما البشر أحباءه ووكيف يجب ان نلتفت غلى ما بين ايدنا من مواهب ووزنات يجب ان نلتفت إليها ونحمد الله لأجلها وننميها  …

وفي المثل الثاني نرى المعلم يكشف لنا الستار عن المستقبل الذي ينتظره وينتظرنا فهو :

1-   ابنُ الإنسانِ الذي سوف يجيء في مَجدِهِ مصحوبا بجميعُ المَلائكَةِ القِدِّيسينَ: سنراه آتيا على سحاب المجد

2-   فحينَئذٍ يَجلِسُ علَى كُرسيِّ مَجدِهِ ويَجتَمِعُ أمامَهُ جميعُ الشُّعوبِ: يجلس ديانا لكل من على الأرض

3-   فيُمَيِّزُ بَعضَهُمْ مِنْ بَعضٍ كما يُمَيِّزُ الرّاعي الخِرافَ مِنَ الجِداءِ: سيكون الأمر بالنسبة للديان بديهيا سلسلا

4-   فيُقيمُ الخِرافَ عن يَمينِهِ والجِداءَ عن اليَسارِ: سيتم الفرز والتمييز على الفور بين الحملان والجديان

5-   ثُمَّ يقولُ المَلِكُ: ابن الإنسان هو  إبن الله، وهو نفسه الملك الديان الذي يدين جميع شعوب الأرض.

6-   للذينَ عن يَمينِهِ: ابناء اليمين في الكتاب المقدس هم اصحاب البركة وورثة أبيهم

7-   تعالَوْا يامُبارَكي أبي: صدر الحكم تلقائيا في صيغة دعوة للفرح والمشاركة في الملكوت

8-    رِثوا الملكوتَ المُعَدَّ لكُمْ منذُ تأسيسِ العالَمِ: ميراث الآب قبل كل الدهور هو شركة مجده

9-   مسوغات الحكم: لأنِّي جُعتُ فأطعَمتُموني. عَطِشتُ فسَقَيتُموني. كُنتُ غَريبًا فآوَيتُموني. عُريانًا فكسَوْتُموني. مَريضًا فزُرتُموني. مَحبوسًا فأتَيتُمْ إلَيَّ… وهي جميعها اشياء بسيطة يومية روتينية لم تشمل شيئا بطوليا أو حتى إستثنائيا. الله يطالبنا بالإخلاص في الإلتزام لا بالمعجزات… المعجزات هو يصنعها لا نحن…

10-           رد فعل الأبرار: ” مَتَى رأيناكَ”: أندهاش واستغراب وشعور بعدم الإستحقاق، هل كل هذا المجد وتلك الكرامة لمجرد اننا قمنا بهذه هذه الأمور البسيطة؟؟فيُجيبُهُ الأبرارُ حينَئذٍ قائلينَ:

11-           مقياس الحكم: “فبي فعَلتُم” فيُجيبُ المَلِكُ ويقولُ لهُمُ: الحَقَّ أقولُ لكُمْ: بما أنَّكُمْ فعَلتُموهُ بأحَدِ إخوَتي هؤُلاءِ الأصاغِرِ، هكذا ببساطة وهكذا يجب ان نفهم الإنجيل… نحن مطالبون فقط با، نرى يسوع في كل شخص ونعامله في كل فرد ونشفق عليه في كل محتاج ونسرع الى نجدته في كل ملهوف… والتقصير في عمل هذا هو الخطيئة بعينها وهو الدينونة ذاتها  لنه هكذا يقول للأشرار. وبهذا فمنطق الإنجيل ومنطق المسيحي الحقيقي هو : من رأى عملا صالحا ولم يفعله فعليه خطيئة

12-          “جزاء أهل اليَسارِ: ” اذهَبوا عَنِّي يامَلاعينُ إلَى النّارِ الأبديَّةِ المُعَدَّةِ لإبليسَ ومَلائكَتِهِ” يصدر الحكم الرهيب بنفس المسوغات والقوة والبساطة هي نفسها حرفياً “لأنِّي جُعتُ فلم تُطعِموني. عَطِشتُ فلم تسقوني. كُنتُ غَريبًا فلم تأووني. عُريانًا فلم تكسوني. مَريضًا ومَحبوسًا فلم تزوروني” لكن كما كانت الاولى بالإيجاب كانت الثانية بالسلب والنفي.

13-           رد فعل اهل اليسار: حازت المسوغات ثانية على نفس رد الفعل من تعجب ودهشة…لكن هذه المرة مصحوب بحسرة وندم : “حينَئذٍ يُجيبونَهُ هُم أيضًا قائلينَ: يارَبُّ، مَتَى رأيناكَ جائعًا أو…”

14-          فيَمضي هؤُلاءِ إلَى عَذابٍ أبديٍّ والأبرارُ إلَى حياةٍ أبديَّةٍ: النهاية المحتومة…

هذا هو الهدف من تلك الصورة افنجيلية الباغة الروعة والدلالة العميقة المغزي والبساطة… يجب أن نستعد من اليوم لتلك اللحظة الجمياة المهيبة…حيث لن يفيدنا الندم على الإطلاق ولا التحسر على ما فات… كما سيكون من العبث ان نتساءل ” متى رايناك” فنحن نراه بالفعل؛ فلنبدا من اليوم فهوذا الآن وقت مقبول…