إقتلوهم حيث تجدوهم

“بل تأتي ساعَةٌ فيها يَظُنُّ كُلُّ مَنْ يَقتُلُكُمْ أنَّهُ يُقَدِّمُ خِدمَةً للهِ”

تأمل في قراءات السبت 21 يونيو الموافق 27 بؤونه 1730

الأب / بولس جرس

نص الإنجيل

“سيُخرِجونَكُمْ مِنَ المجامعِ، بل تأتي ساعَةٌ فيها يَظُنُّ كُلُّ مَنْ يَقتُلُكُمْ أنَّهُ يُقَدِّمُ خِدمَةً للهِ. وسَيَفعَلونَ هذا بكُمْ لأنَّهُمْ لم يَعرِفوا الآبَ ولا عَرَفوني. لكني قد كلَّمتُكُمْ بهذا حتَّى إذا جاءَتِ السّاعَةُ تذكُرونَ أنِّي أنا قُلتُهُ لكُمْ. ولم أقُلْ لكُمْ مِنَ البِدايَةِ لأنِّي كُنتُ معكُمْ.”وأمّا الآنَ فأنا ماضٍ إلَى الذي أرسَلَني، وليس أحَدٌ مِنكُمْ يَسألُني: أين تمضي؟ لكن لأنِّي قُلتُ لكُمْ هذا قد مَلأَ الحُزنُ قُلوبَكُمْ. لكني أقولُ لكُمُ الحَقَّ: إنَّهُ خَيرٌ لكُمْ أنْ أنطَلِقَ، لأنَّهُ إنْ لم أنطَلِقْ لا يأتيكُمُ المُعَزِّي، ولكن إنْ ذَهَبتُ أُرسِلُهُ إلَيكُمْ. ومَتَى جاءَ ذاكَ يُبَكِّتُ العالَمَ علَى خَطيَّةٍ وعلَى برٍّ وعلَى دَينونَةٍ: أمّا علَى خَطيَّةٍ فلأنَّهُمْ لا يؤمِنونَ بي، وأمّا علَى برٍّ فلأنِّي ذاهِبٌ إلَى أبي ولا ترَوْنَني أيضًا، وأمّا علَى دَينونَةٍ فلأنَّ رَئيسَ هذا العالَمِ قد دينَ. “إنَّ لي أُمورًا كثيرَةً أيضًا لأقولَ لكُمْ، ولكن لا تستَطيعونَ أنْ تحتَمِلوا الآنَ. وأمّا مَتَى جاءَ ذاكَ، روحُ الحَقِّ، فهو يُرشِدُكُمْ إلَى جميعِ الحَقِّ، لأنَّهُ لا يتكلَّمُ مِنْ نَفسِهِ، بل كُلُّ ما يَسمَعُ يتكلَّمُ بهِ، ويُخبِرُكُمْ بأُمورٍ آتيَةٍ. ذاكَ يُمَجِّدُني، لأنَّهُ يأخُذُ مِمّا لي ويُخبِرُكُمْ. كُلُّ ما للآبِ هو لي. لهذا قُلتُ: إنَّهُ يأخُذُ مِمّا لي ويُخبِرُكُمْ. بَعدَ قَليلٍ لا تُبصِرونَني، ثُمَّ بَعدَ قَليلٍ أيضًا ترَوْنَني، لأنِّي ذاهِبٌ إلَى الآبِ”.فقالَ قَوْمٌ مِنْ تلاميذِهِ، بَعضُهُمْ لبَعضٍ:”ما هو هذا الذي يقولُهُ لنا: بَعدَ قَليلٍ لا تُبصِرونَني، ثُمَّ بَعدَ قَليلٍ أيضًا ترَوْنَني، ولأنِّي ذاهِبٌ إلَى الآبِ؟”. فقالوا:”ما هو هذا القَليلُ الذي يقولُ عنهُ؟ لسنا نَعلَمُ بماذا يتكلَّمُ!”. فعَلِمَ يَسوعُ أنهُم كانوا يُريدونَ أنْ يَسألوهُ، فقالَ لهُمْ: “أعَنْ هذا تتساءَلونَ فيما بَينَكُمْ، لأنِّي قُلتُ: بَعدَ قَليلٍ لا تُبصِرونَني، ثُمَّ بَعدَ قَليلٍ أيضًا ترَوْنَني الحَقَّ الحَقَّ أقولُ لكُمْ: إنَّكُمْ ستَبكونَ وتنوحونَ والعالَمُ يَفرَحُ. أنتُمْ ستَحزَنونَ، ولكن حُزنَكُمْ يتحَوَّلُ إلَى فرَحٍ. المَرأةُ وهي تلِدُ تحزَنُ لأنَّ ساعَتَها قد جاءَتْ، ولكن مَتَى ولَدَتِ الطِّفلَ لا تعودُ تذكُرُ الشِّدَّةَ لسَبَبِ الفَرَحِ، لأنَّهُ قد وُلِدَ إنسانٌ في العالَمِ. فأنتُمْ كذلكَ، عِندَكُمُ الآنَ حُزنٌ. ولكني سأراكُمْ أيضًا فتفرَحُ قُلوبُكُمْ، ولا يَنزِعُ أحَدٌ فرَحَكُمْ مِنكُمْ  وفي ذلكَ اليومِ لا تسألونَني شَيئًا. الحَقَّ الحَقَّ أقولُ لكُمْ: إنَّ كُلَّ ما طَلَبتُمْ مِنَ الآبِ باسمي يُعطيكُمْ. إلَى الآنَ لم تطلُبوا شَيئًا باسمي. اُطلُبوا تأخُذوا، ليكونَ فرَحُكُمْ كامِلاً.”قد كلَّمتُكُمْ بهذا بأمثالٍ، ولكن تأتي ساعَةٌ حينَ لا أُكلِّمُكُمْ أيضًا بأمثالٍ، بل أُخبِرُكُمْ عن الآبِ عَلانيَةً. في ذلكَ اليومِ تطلُبونَ باسمي. ولستُ أقولُ لكُمْ إنِّي أنا أسألُ الآبَ مِنْ أجلِكُمْ، لأنَّ الآبَ نَفسَهُ يُحِبُّكُمْ، لأنَّكُمْ قد أحبَبتُموني، وآمَنتُمْ أنِّي مِنْ عِندِ اللهِ خرجتُ. خرجتُ مِنْ عِندِ الآبِ، وقد أتيتُ إلَى العالَمِ، وأيضًا أترُكُ العالَمَ وأذهَبُ إلَى الآبِ”.قالَ لهُ تلاميذُهُ:”هوذا الآنَ تتكلَّمُ عَلانيَةً ولستَ تقولُ مَثَلاً واحِدًا. الآنَ نَعلَمُ أنَّكَ عالِمٌ بكُلِّ شَيءٍ، ولستَ تحتاجُ أنْ يَسألكَ أحَدٌ. لهذا نؤمِنُ أنَّكَ مِنَ اللهِ خرجتَ”. أجابَهُمْ يَسوعُ:”ألآنَ تؤمِنونَ؟ هوذا تأتي ساعَةٌ، وقد أتتِ الآنَ، تتفَرَّقونَ فيها كُلُّ واحِدٍ إلَى خاصَّتِهِ، وتترُكونَني وحدي. وأنا لستُ وحدي لأنَّ الآبَ مَعي. قد كلَّمتُكُمْ بهذا ليكونَ لكُمْ فيَّ سلامٌ. في العالَمِ سيكونُ لكُمْ ضيقٌ، ولكن ثِقوا: أنا قد غَلَبتُ العالَمَ”.(يوحنا 16: 2-33).

نص التأمل

خرجنا للتو من مرحلة إنتخابية ظهر فيها المرشحان يعدان ويؤكدان

على كم الخير والنماء والتقدم والإذدهار والسلام والأمن  الذي سينجم عن انتخاب أي منهما

وحاول الجميع إقناع الجميع بتفضيل واحد عن الآخر لأنه الخير الأفضل على المستوى الوطني والفردي

وقريبا ستخوض البلاد الإنتخابات البرلمانية التي يتبارى فيها الجميع بالوعود ويجزلون العطاء

كل هذا طبيعي ومالوف في بلادنا وكل بلاد العالم فإلى أين اريد ان اصل؟ وما علاقة ذلك بإنجيل اليوم؟

لو طبقنا هذه الوعود الجميلة على الأديان فسنجد أنها تنطلق من أرض الميعاد وتصب في الفردوس الموعود

وليس في هذا الشان من ملامة: فالرب في التوراة كثيرا ما يردد ” إن حفظ بنوك عهدي فسيكون لهم…”

وفي القرآن يعد الله المؤمنين بحور وولدان وجنات تجري من تحتها المياه أنهارا…

فماذا يعد المسيح أتباعه في إنجيل اليوم؟

  • سيُخرِجونَكُمْ مِنَ المجامعِ: عقوبة الهراطقة والمرتدين والكافرين بنعمة الله والمجدفين على الإسم الإلهي
  • بل تأتي ساعَةٌ فيها يَظُنُّ كُلُّ مَنْ يَقتُلُكُمْ أنَّهُ يُقَدِّمُ خِدمَةً لله: وقد أتت تلك الساعة عاجلة مستعجلة

والغريب ان هذه الساعة لم تتوقف للحظة عن الأتيان

فمنذ صلب يسوع والحكم عليه بالموت ظلما وبهتانا

إلى يومنا هذا حيث يحرق ويقتل ويصلب المسيحيون على ايدي المضطهدينفي كل مكان

في سوريا والعراق والصومال والسودان ونيجيريا وأفغنستان…إلخ

والجميع يعتقد انه يقدم لله قربانا حين يقتلهم ليطهر الأرض من رجسهم،

ولا يستنكفون أن يهللوا ويكبروا لله ويستشهدونه على ذبائحهم البشرية وكأنهم كهنته على الأرض وخدامه الأوفياء

  • وسَيَفعَلونَ هذا بكُمْ: وهم بالطبع يفعلون هذا بالمسيحين                                                                                                              رفضا لمن يتبعون في الإيمان( يسوع المسيح) واذدراء لما يؤمنون به من عقيدة ونبذا لمايحيونه من رجاء
  • لأنَّهُمْ لم يَعرِفوا الآبَ: هم لا يريدون أبا بل سيدا                                                                                                                            ولا يطيقون البنوة بل يفضلون العبودية والخضوع ولا يفهمون الرحمة والرافة بل يبتغون الشرع …
  • ولا عَرَفوني : هم لا يقبلون الإبن ويستنكفون ان يتنازل إلههم القاسي                                                                                             عن ولده وكرامته في سبيل احقر عبيده بني البشر                                                                                                                         تلك الخليقة القاسية العنيفة المنحدرة خلف شهواتها وطريق السلام لم يعرفون.

تعجبت دوما من وعود يسوع الناصري المعلم لأتباعه

فما فرش الطريق وردا ولا نثر الرمال سرورا

بل وعد الجميع بلا استثناء باضطهاد وعذابات والآم وأوجاع وصعوبات وجوع وعطش وغربة وحرمان….

ومع ذلك تبعه ويتبعه المليارات من البشر

وسيتبعه الجميع لأنه وحده  الطريق والحق والحياة

ومع أن المنطق البشري يقول إنك لو ذهبت إلى صندوق الإقتراع

فستغمسن أصابعك  الخمس جميعا في الحبر الفسفوري الأحمر

لتقول لا لهذا الرجل ….

لكن الأغرب أن اغلب العالم يتبعه

والبقية تتحسسه وترى بصيص نوره فتسعى نحوه