مغفورة لك خطاياك
تأمل في قراءات الخميس 26يونية 2014 الموافق 2 أبيب 1730
الأب/ بولس جرس
نص الإنجيل
“ثُمَّ دَخَلَ كفرَناحومَ أيضًا بَعدَ أيّامٍ، فسُمِعَ أنَّهُ في بَيتٍ. وللوقتِ اجتَمَعَ كثيرونَ حتَّى لم يَعُدْ يَسَعُ ولا ما حَوْلَ البابِ. فكانَ يُخاطِبُهُمْ بالكلِمَةِ. وجاءوا إليهِ مُقَدِّمينَ مَفلوجًا يَحمِلُهُ أربَعَةٌ. وإذ لم يَقدِروا أنْ يَقتَرِبوا إليهِ مِنْ أجلِ الجَمعِ، كشَفوا السَّقفَ حَيثُ كانَ. وبَعدَ ما نَقَبوهُ دَلَّوْا السَّريرَ الذي كانَ المَفلوجُ مُضطَجِعًا علَيهِ. فلَمّا رأَى يَسوعُ إيمانَهُمْ، قالَ للمَفلوجِ: “يا بُنَيَّ، مَغفورَةٌ لكَ خطاياكَ”. وكانَ قَوْمٌ مِنَ الكتبةِ هناكَ جالِسينَ يُفَكِّرونَ في قُلوبِهِمْ: “لماذا يتكلَّمُ هذا هكذا بتجاديفَ؟ مَنْ يَقدِرُ أنْ يَغفِرَ خطايا إلا اللهُ وحدَهُ؟”. فللوقتِ شَعَرَ يَسوعُ بروحِهِ أنهُم يُفَكِّرونَ هكذا في أنفُسِهِمْ، فقالَ لهُمْ:”لماذا تُفَكِّرونَ بهذا في قُلوبِكُمْ؟ أيُّما أيسَرُ، أنْ يُقالَ للمَفلوجِ: مَغفورَةٌ لكَ خطاياكَ، أم أنْ يُقالَ: قُمْ واحمِلْ سريرَكَ وامشِ؟ ولكن لكَيْ تعلَموا أنَّ لابنِ الإنسانِ سُلطانًا علَى الأرضِ أنْ يَغفِرَ الخطايا”. قالَ للمَفلوجِ: “لكَ أقولُ: قُمْ واحمِلْ سريرَكَ واذهَبْ إلَى بَيتِكَ!”. فقامَ للوقتِ وحَمَلَ السَّريرَ وخرجَ قُدّامَ الكُلِّ، حتَّى بُهِتَ الجميعُ ومَجَّدوا اللهَ قائلينَ:”ما رأينا مِثلَ هذا قَطُّ!”. (مرقس 1 : 1 – 11)
نص التأمل
الخطيئة سبب الموت والشر في العالم
لولا الخطئة لكنّا إلى اليوم في الفردوس
ويقول البعض لما كنّا على الإطلاق
لأنهم يتصورون الخطيئة في الشهوة الجنسية وبالتالي في الإنجاب
مع ان الرب حين خلق الإنسان
“ذكرا وأنثى خلقهما وقال لهما إنميا وأكثرا واملأ الأرض”
وذلك كان بالطبع قبل الخطيئة والسقوط…
لم تك الخطيئة جنسا بل كانت تمردا وعصيانا
لم تك الخطيئة شهوة بل كانت خيانة ونكرانا
وعاشت الخليقة قرونا ترزح تحت ثقل الخطيئة التي قطعت العالاقة مع الرب الإله وجعلت اللقاء مستحيلا
ومعها دخل المرض والموت والبؤس والشقاء والظلم غلى عالم الإنسان
وجاء المسيح ليصلح الخلل وينتصر على الخطيئة ويهزم الموت
وقبله كان غفران الخطيئة يتم عبر ذبائح ومراسيم دينية لا تغني
ولم يتفوه أحد بعبارة مغفورة لك خطاياك وكان الغفران عماية عسيرة
لذا كان وقع العبارة التي نطق بها يسوع للمخلع المدلى امامه
” مغفورة لك خطاياك” رهيبا على السامعين، فهي تأتي كإستلاب للحق افلهي:
” من يستطيع أن يغفر الخطايا سوى الله وحده؟”
فهو صاحب الدين ووحده يقدر أن يغفر ويعفو
ولا يمكن لإنسان ايا كان ان يقوم بهذا العمل وإلا اعتبر ذلك تجديفا
وهكذا وصل الأمر بين يسوع واليهود برغم عظمة المعجزة وإعجاز الشفاء
فإذا كان هو قادر على الغفران حسب القول والبيان الإعجازي فنحن امام خياران لا ثالث لهما
– الأول: ان هذا الرجل هو الله الذي ظهر في الجسد، الكلمة الأزلي
– الثاني: أنه مجدف ومدع وغير صادق في تصريحه…
وقد اثبت يسوع بالعمل والحق والقول والقدرة والقيامة انه الإبن الكائن في حضن الآب منذ البدء
وأنه قادر بالفعل على إتيان هذا العمل العظيم والفريد
وقد اتمّه بموته على الصليب كي لا يبقى الغفران عمل فردي بل عام يشمل الجنس البشري بأكمله
وقد نال يسوع المسيح بموته على الصليب للبشرية هذا الإمتياز
فعاد الإنسان قادر من جديد على الدخول إلى حضرة الله والنظر إليه
بل ومشاركته ما أعد لمحبيه من أمجاد
ولقد أعطى بالروح القدس لتلاميذه والكنيسة من بعدهم هذا السلطان
سلطان غفران الخطايا: ” من غفرتم لهم خطاياهم غفرت لهم ومن أمسكتموها عليهم أمسكت”
والسلطان يشمل المرض والخطيئة والموت أي كل ما يعيق الإنسان عن كمال إنسانيته
لقد جاء المسيح ليرد افنسان إلى رتبته الأولي ودفع ثمن ذلك غاليا جداً دمه الثمين…
وها قد ردت إلينا إنسانيتنا :
فقد قام المخلع حاملا سريره
وعاد المولود أعمى من بركة سلوام إلى بيته مبصرا
وتطهرت ساكبة الطيب من خطاياها الكثيرة
وطوبى لمن غفرت خطاياهم وسترت آثامهم…
ايهما ايسر ان يقول الرب يسوع للمشلول قم وامشي ام يقول له مغفورة لك خطاياك قد قال له كذلك لانه يعرف حاجة ارواحنا للشفاء من خطايانا وتبريرنا منها اكثر من حاجة اجسادنا للشفاء من الامراض لان اجسادنا ستبيد وستفنى وستحللها العناصر عندما ننتقل من هذا العالم لانها من التراب والى التراب تعود اما ارواحنا فهي ازلية ابدية اما مع خالقها وربها ومخلصها ربنا يسوع المسيح في ملكوته الابدي واما الى جهنم مع ابليس وملائكته لذا الاجدر بنا ان نبحث وننشغل بخلاص ارواحنا لا لشفاء اجسادنا لان شفاء الروح هو اجدر واولى من شفاء الجسد