تُرى لماذا يَحنَقونَ؟
تأمل في قراءات السبت 28 يونية 2014 الموافق 4 أبيب 1730
الأب/ بولس جرس
نص الإنجيل
وفيما هو يُكلِّمُهُمْ بهذا، ابتَدأَ الكتبةُ والفَرِّيسيّونَ يَحنَقونَ جِدًّا، ويُصادِرونَهُ علَى أُمورٍ كثيرَةٍ، وهُمْ يُراقِبونَهُ طالِبينَ أنْ يَصطادوا شَيئًا مِنْ فمِهِ لكَيْ يَشتَكوا علَيهِ. وفي أثناءِ ذلكَ، إذ اجتَمَعَ رَبَواتُ الشَّعبِ، حتَّى كانَ بَعضُهُمْ يَدوسُ بَعضًا، ابتَدأَ يقولُ لتلاميذِهِ:”أوَّلاً تحَرَّزوا لأنفُسِكُمْ مِنْ خَميرِ الفَرِّيسيِّينَ الذي هو الرِّياءُ، فليس مَكتومٌ لن يُستَعلَنَ، ولا خَفيٌّ لن يُعرَفَ. لذلكَ كُلُّ ما قُلتُموهُ في الظُّلمَةِ يُسمَعُ في النّورِ، وما كلَّمتُمْ بهِ الأُذنَ في المَخادِعِ يُنادَى بهِ علَى السُّطوحِ. 4ولكن أقولُ لكُمْ يا أحِبّائي: لا تخافوا مِنَ الذينَ يَقتُلونَ الجَسَدَ، وبَعدَ ذلكَ ليس لهُمْ ما يَفعَلونَ أكثَرَ. بل أُريكُمْ مِمَّنْ تخافونَ: خافوا مِنَ الذي بَعدَما يَقتُلُ، لهُ سُلطانٌ أنْ يُلقيَ في جَهَنَّمَ. نَعَمْ، أقولُ لكُمْ: مِنْ هذا خافوا! أليستْ خَمسَةُ عَصافيرَ تُباعُ بفَلسَينِ، وواحِدٌ مِنها ليس مَنسيًّا أمامَ اللهِ؟ بل شُعورُ رؤوسِكُمْ أيضًا جميعُها مُحصاةٌ. فلا تخافوا! أنتُمْ أفضَلُ مِنْ عَصافيرَ كثيرَةٍ! 8وأقولُ لكُمْ: كُلُّ مَنِ اعتَرَفَ بي قُدّامَ الناسِ، يَعتَرِفُ بهِ ابنُ الإنسانِ قُدّامَ مَلائكَةِ اللهِ. ومَنْ أنكَرَني قُدّامَ الناسِ، يُنكَرُ قُدّامَ مَلائكَةِ اللهِ. وكُلُّ مَنْ قالَ كلِمَةً علَى ابنِ الإنسانِ يُغفَرُ لهُ، وأمّا مَنْ جَدَّفَ علَى الرّوحِ القُدُسِ فلا يُغفَرُ لهُ. ومَتَى قَدَّموكُمْ إلَى المجامعِ والرّؤَساءِ والسَّلاطينِ فلا تهتَمّوا كيفَ أو بما تحتَجّونَ أو بما تقولونَ، لأنَّ الرّوحَ القُدُسَ يُعَلِّمُكُمْ في تِلكَ السّاعَةِ ما يَجِبُ أنْ تقولوهُ”. (لوقا 11 : 53 – 12 : 12).
نص التأمل
يَحنَقونَ جِدًّا، ويُصادِرونَهُ علَى أُمورٍ كثيرَةٍ، وهُمْ يُراقِبونَهُ طالِبينَ أنْ يَصطادوا شَيئًا مِنْ فمِهِ لكَيْ يَشتَكوا علَيهِ….
وأتساءل اليوم ويتساءل الكثيرون معي عن سر هذا الحنق القاتل والمرير
الذي يدفع مجموعة من البشر المؤمنين المتدينين جدا…
إلى هذا الشعور الرهيب من الغضب والكراهية!!!
ولماذا يسعون خلفه إذا كانوا به لا يؤمنون
ولماذا يتتبعون خطاه وإياه يترقبون
وماذا يراقبونه كامنين له ليصطادوه
ما الذي يدفعهم إلى شكواه ؟؟؟؟
مجموعة من الأسئلة الرهيبة تدور في عقلي وانا ارى الكنيسة
تختار الآية الأخيرة من الفصل الحادي عشر لتضعها في مقدمة قراءة اليوم من الفصل الثاني عشر
الموضوع يستحق التأمل والبحث، تعالوا نقرأ ماذا كان يقول يسوع:
كان يسوع في بيت احد هؤلاء الفريسيين وقد قبل دعوته للغذاء عنده
ولما لاحظ يسوع تعجبه ورفضه حين جلس ليأكل دون ممارسة الطهارة المفروضة
(وهي طقوس وضعها الفريسيون تمثل رتبة تمارس قبل الطعام وكان علماء الشريعة يجعلون لها شانا عظيما، رفضه يسوع ( متى 15:20) ولم يمارسه التلاميذ( متى 15: 2) و ( مرقص7: 2-5)… )
ويسوع إذ يرفض هذه الطقوس ويأبى الخضوع لها
يريد لنا ان نميز بين ديانة الفريسيين الخارجية
وديانة القلب الباطنية التي هي في نظره اول ما يطلبه الله…
فالويل لمجتمع انتصر فيه المظهر على الجوهر
والويل لعقيدة تتوقف على الحرف لا المعنى
والويل لديانة تتوقف على عبادة الطقس لا عبادة القلب
والويل لبشر لا يعرفون جوهر الإيمان وينصرفون إلى ممارساته المظهرية
والويل لرؤساء لا يفتحون عيون مؤمنيهم على العبادة الباطنية
والويل لكنيسة تهتم بمراسيم طقسية مهملة الفقير والمسكين
والويل لقسوس يهتمون باللحية أكثر من المحبة
وبالمبنى أكثر من المعنى
وبالرصيد المالي أكثر من الاساس الروحي
وبرائحة البخور أكثر من عدد الحضور أكثر من
وبعدد الحضور أكثر من روح الخشوع
الويل لرعاة يظنون انفسهم سدنة الدين واصحاب الإيمان دون سواهم
الويل لرعاة يتربصون بكل من تعترض طريقهم أو يحاول ان يلفت نظرهم الى الجوهر
الويل لقلوب مسيحية تحجرت فصارت اصلب من الصخر
والويل لعقول مسيحية تدين وتحكم وتتربص
الويل لنفوس هشة ضعيفة لا ترى لها قوة سوى في التربص بالآخرين
إن تلك الشخوص والعقول والقلوب والنفوس
إذا ما اجتمعت يوما في دولة او ديانة أو موسسة أو مجتمع
فالمؤكد انها ستقوده إلى التقوقع والتعصب والدمار
لذا كانت ثورة المسيج وعلى هذا الأساس أصدر ويلاته
ولأجل العبادة الحقة بالروح والحق سفك دمه
فما كان نتيجة ذلك سوى مزيد من الحنق والتربص
أوصلهم إلى القتل والحكم بالموت صلبا وحراسة القبر
ومع ذلك لم يقووا على ان يحبسوه فقد عاش المسيح
من الدهر الى الدهر ربا ومعلما وسيدا
وظلوا هم الى اليوم غاضبين حانقين متوترين وخائفين