مريم تابوت العهد الجديد

تأمل في قراءات الثلاثاء 19 أغسطس 2014 الموافق السادس والعشرون من مسرى1730

الأب/ بولس جرس

نص الإنجيل

12وقَبلَ هذا كُلِّهِ يُلقونَ أيديَهُمْ علَيكُمْ ويَطرُدونَكُمْ، ويُسَلِّمونَكُمْ إلَى مَجامِعٍ وسُجونٍ، وتُساقونَ أمامَ مُلوكٍ ووُلاةٍ لأجلِ اسمي. 13فيَؤولُ ذلكَ لكُمْ شَهادَةً. 14فضَعوا في قُلوبِكُمْ أنْ لا تهتَمّوا مِنْ قَبلُ لكَيْ تحتَجّوا، 15لأنِّي أنا أُعطيكُمْ فمًا وحِكمَةً لا يَقدِرُ جميعُ مُعانِديكُمْ أنْ يُقاوِموها أو يُناقِضوها. 16وسَوْفَ تُسَلَّمونَ مِنَ الوالِدِينَ والإخوَةِ والأقرِباءِ والأصدِقاءِ، ويَقتُلونَ مِنكُمْ. 17وتكونونَ مُبغَضينَ مِنَ الجميعِ مِنْ أجلِ اسمي. 18ولكن شَعرَةً مِنْ رؤوسِكُمْ لا تهلِكُ. 19بصَبرِكُمُ اقتَنوا أنفُسَكُمْ. (لوقا 21: 12 -19)

نص التأمل

يحوي تاريخ الخلاص منذ الخلق الى اليوم على ثلاث توابيت

كان لها الدور الاساسي في قيادة ونجاة شعب الله

ولكل تابوت قصة وتاريخ وهو يمثل مرحلة ما كان يمكن البلوغ

الى ما نحياه اليوم دون المرور بما دبره الله لشعبه فيها وعلى الدوام

فبرغم بشاعة خطيئة الإنسان ونزوعه الدائم إلى البعد عن خالقه

الا انه كما يقول الروائي العالمي باولو كويليو :

” كما أنه لكل إنسان صليبه، فصليب الله الدائم هو حبه لجنس البشر”

نبدأ تأملنا اليوم بالتابوت الأول: سفينة نوح

1 وحَدَثَ لَمّا ابتَدأَ الناسُ يَكثُرونَ علَى الأرضِ، ووُلِدَ لهُمْ بَناتٌ، …

5ورأَى الرَّبُّ أنَّ شَرَّ الإنسانِ قد كثُرَ في الأرضِ، وأنَّ كُلَّ تصَوُّرِ أفكارِ قَلبِهِ إنَّما هو شِرِّيرٌ كُلَّ يومٍ. 6فحَزِنَ الرَّبُّ أنَّهُ عَمِلَ الإنسانَ في الأرضِ، وتأسَّفَ في قَلبِهِ. 7فقالَ الرَّبُّ: “أمحو عن وجهِ الأرضِ الإنسانَ الذي خَلَقتُهُ، الإنسانَ مع بَهائمَ ودَبّاباتٍ وطُيورِ السماءِ، لأنِّي حَزِنتُ أنِّي عَمِلتُهُمْ”. 8وأمّا نوحٌ فوَجَدَ نِعمَةً في عَينَيِ الرَّبِّ.

( قصة الطوفان: تكوين 6).

هكذا طلب الرب من نوح البار الساكن في الجبال بعيدا عن شرور اهل المدينة ان يشيد فلكا

ولم يكن للطلب من تفسير او معنى عند الرجل العجوز المسن… لكنه اطاع

ولدهشة الجميع شرع يعمل بجد وبلا كلل في تشييد الفلك

فكانت له النجاة ولنسله ولجنس البشر بل جميع الكائنات معه…

مريم ونوح وبركتيهما كلاهما

وكما أطاع نوح دون ان يدرك: اطاعت مريم فتحقق الخلاص

وكما أهلك الطوفان الشر واباده: يُهلك ميلاد ابن مريم الشيطان ويصرعه

كما حوت السفينة كل أنواع الكائنات: حوت مريم الحياة نفسها ومبدع الكائنات

وكما خلصت السفينة جنس البشر من الموت: نجتنا مريم بميلادها للرب من موت الخطيئة

وكما خرج من السفينة نسل بشري جديد: من سفينة مريم يخرج نسل حواء الجديدة

وكما حوت السفينة جميع الاجناس: تحتوي مريم وابنها والكنيسة كل الاجناس والشعوب والأمم

التابوت الثاني: تابوت العهد القديم

1وصَنَعَ بَصَلئيلُ التّابوتَ مِنْ خَشَبِ السَّنطِ، طولُهُ ذِراعانِ ونِصفٌ، وعَرضُهُ ذِراعٌ ونِصفٌ، وارتِفاعُهُ ذِراعٌ ونِصفٌ. 2وغَشّاهُ بذَهَبٍ نَقيٍّ مِنْ داخِلٍ ومِنْ خارِجٍ. وصَنَعَ لهُ إكليلاً مِنْ ذَهَبٍ حَوالَيهِ. 3وسَبَكَ لهُ أربَعَ حَلَقاتٍ مِنْ ذَهَبٍ علَى أربَعِ قَوائمِهِ. علَى جانِبِهِ الواحِدِ حَلقَتانِ، وعلَى جانِبِهِ الثّاني حَلقَتانِ. 4وصَنَعَ عَصَوَينِ مِنْ خَشَبِ السَّنطِ وغَشّاهُما بذَهَبٍ. 5وأدخَلَ العَصَوَينِ في الحَلَقاتِ علَى جانِبَيِ التّابوتِ، لحَملِ التّابوتِ. (خروج 37)

وصَنَعَ غِطاءً مِنْ ذَهَبٍ نَقيٍّ، طولُهُ ذِراعانِ ونِصفٌ، وعَرضُهُ ذِراعٌ ونِصفٌ. 7وصَنَعَ كروبَينِ مِنْ ذَهَبٍ صَنعَةَ الخِراطَةِ، صَنَعَهُما علَى طَرَفَي الغِطاءِ. 8كروبًا واحِدًا علَى الطَّرَفِ مِنْ هنا، وكروبًا واحِدًا علَى الطَّرَفِ مِنْ هناكَ. مِنَ الغِطاءِ صَنَعَ الكَروبَينِ علَى طَرَفَيهِ. 9وكانَ الكَروبانِ باسِطَينِ أجنِحَتَهُما إلَى فوقُ، مُظَلِّلَينِ بأجنِحَتِهِما فوقَ الغِطاءِ، ووَجهاهُما كُلُّ الواحِدِ إلَى الآخَرِ. نَحوَ الغِطاءِ كانَ وجها الكَروبَينِ.

مريم وموسى وبركتهما كلاهما

بحَسَبِ كُلِّ ما أمَرَ الرَّبُّ موسَى هكذا صَنَعَ بَنو إسرائيلَ كُلَّ العَمَلِ. 43فنَظَرَ موسَى جميعَ العَمَلِ،

وإذا هُم قد صَنَعوهُ كما أمَرَ الرَّبُّ. هكذا صَنَعوا. فبارَكَهُمْ موسَى.

والعذراء تباركها وتطوبها جميع الأجيال بسبب طاعتها وخضوعها التام لكل ما امرها به الرب.

إحتوى تابوت العهد القديم المحاط بالجلال والبهاء على:

–       لوحا الشريعة: ومريم حوت الكلمة الازلي صانع الشريعة ومبدع ناموس العهد الجديد محتويات تابوت العهد

–       عصا هارون التي أزهرت: ومريم حوت الكاهن الأعظم على رتبة ملكي صادق لا زوال لكهنوته وكهنوته يفوق كهنوت هارون وعصاه ( صليبه) اعظم ازدهارا وأرفع مجدا من عصا هارون

–       قسط المن من الذهب النقي: ومريم أعطت للعالم المن الحقيقي» الحق أقول لكم انا هو المن النازل من السماء

–       الحية النحاسية: ومريم أعطت المخلص الذي من يرفع عينيه على صليبه ينجو من موت الحية

–       وكما كان التابوت من خشب الارز الثمين لا يفسد ولا يسوس كذا مريم محفوظة من الدنس

–       وكما غشي التابوت بمعدن الذهب الذي لا يفنى ولا يفسد: مثال ام النور

–       وكما لم يلمس التابوت احد إلا الكهنة المعينين من الروح : كذا تابوت مريم لم يمسه سوى الروح القدس نفسه

–       وكما كان تابوت العهد عرش الله حصناً لإسرائيل: كذا صارت مريم حصنا لشعب الله الذي هو الكنيسة –

–        وكما أغناه الفنان بأجمل الزينات: حيث أعده ليحوي لوحي الشريعة كلمة الله على الأرض

–       كذلك مريم العذراء الحمامة الحسنة والملكة ابنة الملك التي كل ثيابها موشاة…

         أُعدت وهُيأت لتكون أمّا لرب السماء والأرض واحتوته في أحشائها البتولي الطاهر

–       وكما حوى التابوت المن العجيب النازل من السماء: حوت الخبز النازل من السماء لحياة العالم

–       واخير كما ظلل ذاك عامود الغمام : وزانت قدرة العلي مريم

         تلك قال لها الملاك: :الروح القدس يحل عليك وقوة العلى تظللك”

           لذا فالمولود منك قدوس يدعى ابن الله.

أخيرا: الكنيسة تابوت العهد على الأرض وتحوي :

–       المؤمنين: بذار الإيمان الذي انتشر في كل مكان على الأرض

–       الإكليروس: خدام الكلمة الموكلون على خدمة التابوت والعهد الجديد

–       الكتاب المقدس: كلمة الله الحية المتجددة على الدوام

–       الأسرار المقدسة: قوت الحياة وعنصر الغذاء الروحي للحياة الأبدي

–       القربان المقدس: المن السماوي الذي من يأكل منه لا يموت

أنتم هياكل الله وروح الرب ساكن فيكم

ليست مريم برغم عظمتها وفرادتها استثناء

وحين قال يسوع عن يوحنا المعمدان:» ليس في مواليد النساء أعظم من يوحنا»

عاد فورا واستطرد: «لكن الأصغر في مواليد النساء أعظم منه»

لهذا فعظمة مريم ومكانتها لا تمنع بل تدعو الجميع على تقليدها والاقتداء بسيرتها

ما فعلته مريم هو السهل الممتنع:

التسليم الكامل الكلي والمطلق اللامحدود واللا مشروط

وبذلك حوت فضائل: الإيمان والرجاء والمحبة

فنالت فضائل الفرح والسلام والعفاف الطهارة

والشفقة والرأفة والحنان…… فهل هذا بعيد عنك…

حاول واثقا ان كمال سور مريم أن تكون على مثالها