4 – أخَذَ خُبزًا وبارَكَ وكسَّرَ وناوَلهُما
“فلَمّا اتَّكأَ معهُما، أخَذَ خُبزًا وبارَكَ وكسَّرَ وناوَلهُما”
تأمل يوم الخميس الموافق 24 ابريل 2014 الموافق 29 برمودة 1730
الأب/بولس جرس
نص الإنجيل
في الطريق إلى عمواس
“وإذا اثنانِ مِنهُمْ كانا مُنطَلِقَينِ في ذلكَ اليومِ إلَى قريةٍ بَعيدَةٍ عن أورُشَليمَ سِتِّينَ غَلوَةً، اسمُها “عِمواسُ”. وكانا يتكلَّمانِ بَعضُهُما مع بَعضٍ عن جميعِ هذِهِ الحَوادِثِ. وفيما هُما يتكلَّمانِ ويتحاوَرانِ، اقتَرَبَ إليهِما يَسوعُ نَفسُهُ وكانَ يَمشي معهُما. ولكن أُمسِكَتْ أعيُنُهُما عن مَعرِفَتِهِ. فقالَ لهُما:”ما هذا الكلامُ الذي تتطارَحانِ بهِ وأنتُما ماشيانِ عابِسَينِ؟”.فأجابَ أحَدُهُما، الذي اسمُهُ كِليوباسُ وقالَ لهُ:”هل أنتَ مُتَغَرِّبٌ وحدَكَ في أورُشَليمَ ولم تعلَمِ الأُمورَ التي حَدَثَتْ فيها في هذِهِ الأيّامِ؟”. فقالَ لهُما:”وما هي؟”. فقالا:”المُختَصَّةُ بيَسوعَ النّاصِريِّ، الذي كانَ إنسانًا نَبيًّا مُقتَدِرًا في الفِعلِ والقَوْلِ أمامَ اللهِ وجميعِ الشَّعبِ. كيفَ أسلَمَهُ رؤَساءُ الكهنةِ وحُكّامُنا لقَضاءِ الموتِ وصَلَبوهُ. ونَحنُ كُنّا نَرجو أنَّهُ هو المُزمِعُ أنْ يَفديَ إسرائيلَ. ولكن، مع هذا كُلِّهِ، اليومَ لهُ ثَلاثَةُ أيّامٍ منذُ حَدَثَ ذلكَ. بل بَعضُ النِّساءِ مِنّا حَيَّرنَنا إذ كُنَّ باكِرًا عِندَ القَبرِ، ولَمّا لم يَجِدنَ جَسَدَهُ أتينَ قائلاتٍ: إنَّهُنَّ رأينَ مَنظَرَ مَلائكَةٍ قالوا إنَّهُ حَيٌّ. ومَضَى قَوْمٌ مِنَ الذينَ معنا إلَى القَبرِ، فوَجَدوا هكذا كما قالَتْ أيضًا النِّساءُ، وأمّا هو فلم يَرَوْهُ”. فقالَ لهُما:”أيُّها الغَبيّانِ والبَطيئا القُلوبِ في الإيمانِ بجميعِ ما تكلَّمَ بهِ الأنبياءُ! أما كانَ يَنبَغي أنَّ المَسيحَ يتألَّمُ بهذا ويَدخُلُ إلَى مَجدِهِ؟”. ثُمَّ ابتَدأَ مِنْ موسَى ومِنْ جميعِ الأنبياءِ يُفَسِّرُ لهُما الأُمورَ المُختَصَّةَ بهِ في جميعِ الكُتُبِ.
ثُمَّ اقتَرَبوا إلَى القريةِ التي كانا مُنطَلِقَينِ إليها، وهو تظاهَرَ كأنَّهُ مُنطَلِقٌ إلَى مَكانٍ أبعَدَ. فألزَماهُ قائلَينِ:”امكُثْ معنا، لأنَّهُ نَحوُ المساءِ وقد مالَ النَّهارُ”. فدَخَلَ ليَمكُثَ معهُما. فلَمّا اتَّكأَ معهُما، أخَذَ خُبزًا وبارَكَ وكسَّرَ وناوَلهُما، فانفَتَحَتْ أعيُنُهُما وعَرَفاهُ ثُمَّ اختَفَى عنهُما، فقالَ بَعضُهُما لبَعضٍ:”ألَمْ يَكُنْ قَلبُنا مُلتهِبًا فينا إذ كانَ يُكلِّمُنا في الطريقِ ويوضِحُ لنا الكُتُبَ؟”. فقاما في تِلكَ السّاعَةِ ورَجَعا إلَى أورُشَليمَ، ووَجَدا الأحَدَ عشَرَ مُجتَمِعينَ، هُم والذينَ معهُمْ وهُمْ يقولونَ:”إنَّ الرَّبَّ قامَ بالحَقيقَةِ وظَهَرَ لسِمعانَ!”. وأمّا هُما فكانا يُخبِرانِ بما حَدَثَ في الطريقِ، وكيفَ عَرَفاهُ عِندَ كسرِ الخُبزِ.(لوقا24 :13 -35 ).”
نص التأمل
حقا ما أجمل القراءة في كلمة الله، لكن المذهل فعلاً هو في غنى تلك الكلمة غير الموصوف ولا المحدود،
فقد سبق وقلت انه قد لمسني في هذا النص القصير واستوقفني خمسة نقاط قررنا ان نتناولها تباعا،
واليوم وانا استعد للإنطلاق في تأمل النقطة الرابعة ” وانفتحت أعينهما” استوقفني الروح وشد انتباهي، لأن اتوقف أمام نقطة أساسية ومحورية في العهد الجديد لا يمكن تجاوزها وهي عملية” كسر الخبز” وقد وردت في مواضع مختلفة في العهد الجديد: أعمال 2: 42 “وكانوا مواظبين على الصلاة وكسر الخبز” فقد كان كسر الخبز بين افراد الجماعة المسيحيةن أعمال 2: 46، 20 :7و 11 ،كورنثوس10: 16).
حيث كانت الجماعة المسيحية الأولى تجتمع للصلاة التي كانت مشتركة مع الصلاة اليهودية وفي التسابيح والمزامير لكن ما كان يميز التلاميذ الجدد والمؤمنين بسوع هو ” كسر الخبز”
ونودر أن نركّز في هذا النص الذي ينفرد به القديس لوقا على فكرة: “يسوع معنا” أي عمانوئيل إلهنا معنا”، الذي ينتهي بفكرة: ” ها أنا معكم إلى منتهى الدهر”. فإلهنا هنا هو عمانوئيلنفسه الذي سبق ورافق ابائنا إبراهيم ويعقوب وموسى وعايش شعبه في البرية ووعد جميع مختاريه على مدى الدهور من خلال انبياءه من خلال “لا تخف أنا معك قد افتديك“وها “نحن افتُدينا لا بثمن الفضة والذهب بل بدم يسوع المسيح الثمين للغاية”.
وكما راينا في التأمل السابق أن مسيرة يسوع:
- تقترب من مسيرة إخوته بني البشر: “قد اقترب منهما وأخذ يسير معهما”
- وتشاطرهم اهتماماتهم ومشاكلهم وأحزانهم:” سألهما عمّا يتكلّمان” وعرف خيّبة أملهما.
- وتلامس أوجاعهم: تستشعر ألم هذه القلوب المنكسرة الساقطة في جب اليأس والإحباط
- تستكمل المسيرة معهم: يكمل يسوع المسيرة معهم بل ويلبي طلبهما بالبقاء ويقبل دعوتهما للعشاء
- تبقى معهم: هو مستعد ايضاً للمبيت كي يساعد القلوب الكسيرة على ان تتخطى انكسارها
فالمسيح القائم ممجدا إلى الأبد هو نفسه يرافقنا على الطريق … طريق الحياة.
وهو يعرف تماماً أن الظلام يحجب الحقيقة الموجودة في قلب كل واحد منّا.
لذا يسير معنا ويبقى في حياتنا ليزرع السلام في قلوبنا المضربة
ولكي يتم عمل كلمته فينا وتنفتح عيوننا على حقيقة القيامة.
كان لابد للخبز من جديد ان ينكسر
فكسر الخبز هو دعوة يسوع نفسه للتغذي بجسده ودمه
وهي وإن بدت دعوة من التلميذين الى سهرة ومشاركة وكسر خبز “عيش وملح “.
إلا ان الداعي الحقيقي هو يسوع
والمبادر الفعلي هو نفسه
وهو المقدم للعشاء وهو خبز هذا العشاء
الذي من ياكل منه لا يجوع…ومن يأكله يحيا به
الذي “كل مرة ناكله” نتذكر موت الرب لأجلنا
فتنفتح أعيننا وننطلق لنبشر إخوتنا بقيامته المجيدة
هذا هو السر الفصحي ذاته
هذا هو ما يفتح العيون والقلوب والعقول
لقبول موته بلا حزن ولا أحباط
وتوسم صليبه كعلامة إنتصار لا كرمز للعار
وإعلان الإيمان بقيامته كمصدر للفرح والرجاء والإفتخار