الأحد الأول من بابه: غفران الخطايا

الأب/ بولس جرس

تطالعنا قراءات اليوم وهو الأحد الأول من بابه، برسالة واضحة أن الرب يسوع وحده قادر على غفران الخطايا وليس غفران الخطايا مجرد كلمة نتشدق بها عبثا وبهتاناً إنما هي قيامة وشفاء وتجدد كلي يشمل النفس والجسد والروح، كما سبق ورأينا في قراءات الأحد الماضي ( المرأة الخاطئة في بيت سمعان) وما سبقه (زكا رئيس العشارين)،نراه اليوم يشمل المخلع الذي دلاه أصدقاؤه الأربع من سقف المنزل لشدة الزحام حوله، بنفس الغفران الذي يعني تجديد الجسد والروح والقيامة الحقيقية ، ومن هنا منذ تلك الساعة تنطلق شرارة الحرب على يسوع الذي يدعي القدرة على غفران الخطايا وينصب نفسه كابن لله وملك لإسرائيل.

البولس: من رسالة القديس بولس الرسول الثانية  إلى أهل كورنثوس الفصل أل 3: 1-6                                             

§       أنتم رسالتنا مكتوبة في قلوبنا.

§       إنكم رسالة المسيح، مخدومة منّا كُتبت لا بحبر بل بروح الله الحي لا في ألواح حجرية بل في ألواح قلب لحميِة.

§       كفايتنا من الله الذي جعلنا أهلاً لأن نكون خداما لعهد جديد.

§        لا الحرف بل الروح لأن الحرف يقتل أما الروح فيحيي.

يوضح بولس نوعية  العلاقة التي تربط الخادم والكاهن في الكنيسة بالمخدومين، إنها علاقة فريدة تصل في عمقها إلى أقصى الدرجات، حتى لتصبح منقوشة لا على الجلد الخارجي فحسب، بل موسومة في القلب الذي هو عمق أعماق الإنسان…وإذا كان بولس هو صاحب البشارة والرسالة، فإنه لا يعتبر نفسه كذلك بل كخادم استطاع بخدمته القلبية أن يصل إلى قلوب مخدوميه، حيث وضع الأساس لشريعة العهد الجديد التي لا تعتمد على ما هو منقوش على ألواح الشريعة الموسوية الحجرية من وصايا تنهي عن المنكر وتأمر بالمعروف… بل على ما سُجل في القلوب من حب وبذل وغفران للخطايا… فإذا كانت  الشريعة القديمة  قد كُتبت بإصبع الله على لوحين من حجر، فإن شريعة العهد الجديد تُكتب هذه المرة بإصبع الله في القلوب لا بالحبر الذي يمكن أن يُزال ويمحى ويضمحل بل بروح الله الحي ( الروح القدس) الذي يمنح وسماً أبدياً لا يمكن أن تمحوه أية قوة على الأرض. كما أن تلك الشريعة مسجُلة هذه المرة بالروح لا بالحرف، حيث الروح حياة، أما الحرف فسجن وقيد وموت…

الكاثوليكون: من رسالة القديس بطرس الأولى 1: 22 – 2: 5

§       طهروا أنفسكم في طاعة الحق بالروح للمحبة الأخوية العديمة الرياء،

§       أحبوا بعضكم بعضاً من قلب طاهر بشدة مولودين ثانية، لا من زرع يفنى، بل مما لا يفنى، بكلمة الله الحية الباقية إلى الأبد،

§       كونوا أنتم أيضاً كحجارة حية  مبنين بيتاً روحياً، كهنوتا مقدساً لذبائح روحية

أشد ما تتطلبه شريعة العهد الجديد هو طهارة القلب والنفس بالولادة عبر كلمة الله الحيُة كولادة تدم إلى الأبد حيث تثبت في الآب، أما الولادة الجسدية فولادة فانية كزهر العشب، سرعان ما تزول وتيبس وتسقط.

أعمال الرسل 13: 36 – 43

§       داود بعدما خدم جيله بمشورة الله، رقد وانضم إلى آبائه، ورأى فساداً،

§       أما الذي أقامه الله فلم ير فساداً،

§       بهذا ينادى لكم بغفران الخطايا، فيتبرر كل من يؤمن من كل ما لم تقدروا أن تتبرروا منه بناموس موسى.

يتحدث الرسولان بولس وبرنابا في مجمع اليهود في أنطاكية بيسيدية، عن تاريخ الخلاص حتى يصلا إلى المسيح الذي أقامه الله مخلصاً من نسل داود حسب وعده، مستعنين بالأنبياء والمزامير كي يثبتوا أن الخلاص وغفران الخطايا يتم عن طريق واحد وهو الإيمان بيسوع المسيح ابن داود الذي خدم الله وأتم الرسالة ومات حسب الناموس، أما  ابن داود ابن الله يسوع المسيح فهو من تنطبق عليه تنبؤات الأنبياء والمزامير" لن تدع قدوسك يرى فساداً".( المزمور 16: 10). نفس التركيز  على المقارنة بين ما قبل المسيح وبعده، مع المسيح وبدونه، بالمسيح وبغيره، والنتيجة معروفة…

 

المزمـور 33 :23،19

§       أبارك الرب كل حين، على الدوام تسبحيه في فمي،

§       بالرب تفتخر نفسي، يسمع الودعاء فيفرحون.

تلك حال النفس المسيحية التي حررها المسيح بدمه وفداها بحياته، فهي في تسبحها المتواصل تفتخر بما صنع الرب بها من عظائم، مثل مريم العذراء في نشيدها المعروف " تعظّم نفسي الرب وتبتهج روحي بالله مخلصي"

الإنجيل من مرقس 2: 1 – 12( إنجيل المخلع):

تابعنا في الشهر الماضي زيارات يسوع المتعددة:

§       بيت زكا حيث تمم الخلاص لزكا كابن لإبراهيم ورده إلى طريق الخلاص

§       بيت سمعان الفرسي فشفى نفس المرأة الخاطئة التي أحبت كثيراً فغفر لها كثيراً

تعالوا نتابع اليوم زيارته لبيت بطرس الرسول في كفرناحوم الذي كان يسوع يعتبره مثل بيته  حتى ليذكر بحرف التعريف " البيت" وقد ذكر اسم هذه المدينة ستة عشر مرة في الإنجيل: أربع في متى وثلاث في مرقس وأربع في لوقا  وخمس في يوحنا. ومن الوصف السابق يبدو هذا البيت رحباً واسعاً لكنه هذه المرة يضيق بالحاضرين حتى ليكاد يدوس بعضهم بعضاً: فحيث هناك يسوع هناك جموع عطشى لكلمة الرب ونفوس جائعة تبحث عن المخلص…

§       كان يخاطبهم بالكلمة

§       أتوا إليه مقدمين مفلوجاً "مخلّع" يحمله أربعة

§       وإذ لم يقدروا أن يقتربوا إليه من أجل الجمع

§       فصعدوا وكشفوا السقف حيث كان جالساً

§       وبعدما نقبوه دلوا السرير الذي كان المفلوج مضجعاً عليه

§       فلما رأى يسوع إيمانهم قال للمفلوج " يا بني مغفورة لك خطاياك"

§       كالعادة تذمر الكتبة والفريسبون في قلوبهم قائلين هذا يجدف …

§       فللوقت شعر يسوع بروحه أنهم يفكرون هكذا في انفسهم

§       فقال: ما الأيسر أن يقال مغفورة لك خطاياك ام قم واحمل سريرك وامش

§       ولكن لكي تعلموا أن لابن الإنسان سلطاناً على الأرض أن يغفر الخطايا

§       قال للمفلوج :"قم واحمل سريرك واذهب إلى بيتك!" فقام المخلع للوقت حاملا سريره وخرج قدام الجميع.

§       حتى بُهت الكل ومجدوا الله قائلين" ما رأينا مثل هذا قط".

نسطيع أن نوجه عظتنا اليوم في محاور سبع:

1- غفران الخطايا: جوهر الرسالة المسيحية ومحورها

2- دور الأصدقاء: في إبعادنا أو تقريبنا ووضعنا على طريق الرب

3- دور الإيمان في تحقيق المعجزة: إيمان الأصدقاء، إيمان المرأة، إيمان قائد المائة…

4- سلطان الرب: على إجراء العجائب وقدرته على قراءة ما يدور في القلوب والضمائر.

5- لا يقتصر هذا السلطان على شفاء وإقامة الجسد بل يمتد وتوجه إلى شفاء الروح.

6- حال الإنسان بعيداَ عن الله: كيان يفتقد الرباط فهو مفكك مخلع جسداً ونفساً وروحاً،

حيث ترتبط أمراض النفس والجسد بما تعاني الروح من عذاب وشقاء.

7- سر الاعتراف كسر المصالحة والشفاء وجمال العودة إلى بيت الآب.