ترجمة الشماس سيمون زكريان – روما-عن ابونا
انه كاهن معاصر، ولد في شمال ايطاليا- سوندريو- فيرفيو عام 1921 وتوفي عام 1963 في تورينو وهو لا يتعدّى الثانية والأربعين من العمر بعد صراع طويل مع مرض عضال. ولو كان على قيد الحياة لكان عمره الآن يناهز التسعين عاماً. إنّه كاهن سالزياني، أستاذ لاهوت في الجامعة الحبرية السالزيانية – كلية اللاهوت تورينو.
عاش بصدق ما كان يعلّمه، معلّم حقيقي بكلامه وبمثال حياته. قبِلَ بوعي كامل مرض العضال، مشاركاً بهذه الطريقة السيد المسيح آلامه. كان ينقل محبّة الرب ورحمته لكل مَن كان يلتقي به، كان يعلّم اللاهوت وكأنّ في صدره ناراً مشتعلة مصدرها محبة الله، غيرته الرسولية في التعليم كانت تضرم النار في قلوب تلاميذه، وداعته واستعداده الدائم لأي خدمة كانت تجذب الجميع إليه وهو بدوره يقدّمهم للرب. كان باحثاً ماهراً عن النفوس، يجدها، ويقدّمها للرب، على مثال معلمه القديس يوحنا بوسكو أب الشبيبة.
بعدما قرر مجمع دعاوى القديسين إعلان "بطولة فضائله" وقع البابا بندكتس السادس عشر مرسوم إعلان الأب جوزيبّي كوادريو Giuseppe Quadrio "مكرماً" وذلك في 19-12-2009. ليكون مثالاً للكهنة في عيش الكهنوت بغيرة رسولية مضطرمة ومحبّة الكنيسة عروس المسيح.
كتب عدة رسائل للكهنة اللذين كانوا تلاميذه، ومن هذه الرسائل أقدم لكم باختصار هذه الرسالة الرائعة التي يرسلها إلى كاهن جديد، حيث يقدّم له 5 نصائح ثمينة، لعيش ملئ كهنوته بالبرّ والقداسة. كُتبَت في 27-1-1962 قبل موته بسنة وبضعة أشهر.
أخي العزيز:
– لتكن الذبيحة الإلهية شمس نهارك. حاول أن تفهمها، أن تتذوّقها، أن تعيشها. لا تنسى أن القدّاس الذي يُحتَفَل به جيّداً هو ذلك القدّاس الذي تمّ تحضيره جيّداً. أقِم الذبيحة الإلهية وكأنها الأولى، الأخيرة، والوحيدة في حياتك. لتكن كل كلمة "بشرى" و كل لفتة "علامة" مقدّسة. حوّل قدّاسك إلى حياة معاشة و كل حياتك إلى ذبيحة مستمرّة. تذكّر انه بعد إغلاق كتاب القداس، قدّاسك يستمر في الحياة. الكاهن الذّي يقيم الذبيحة الإلهية كل يوم بقداسة لن يرتكب حماقات.
– كتاب صلاة الفرض هو المقياس الأفضل لاتقادك الكهنوتي. عادةً يكون أوّل شيء يهمله الكاهن الفاتر. حتى لو كلّفك ذلك غالياً، لا تسمح بأن يكون كتاب صلاتك سلسلة للسهو، للإهمال، للامبالاة. أحببه كترس عفّتك، حيث قُدِّمَ لك من قبَل الكنيسة. لا تحسبه عبئاً عليك، بل كخاتم زواج يربطك بالكنيسة، عروسك. لا تبدأ أبداً صلاة الفرض قبل أن تكون قد فكّرتَ بالّذي تفعله و ما أنت عليه حين تقوم بتلاوة الصلاة الرسمية للكنيسة: أنت في قلب الكنيسة، أنت فم جسد المسيح السرّي!
أعط لكل كلمة مكانها، معناها وحقّها. نوّع بشكل مناسبٍ النوايا في كل ساعة من ساعات صلاة الفرض. كن واثقاً أنّه بأمانتك لهذه الصلاة تستطيع أن تغيّر العالم، أكثر من محاضراتك الرفيعة المستوى.
– الاعتراف المنتظم والمتقن سينقذ كهنوتك من السطحية، من الأوهام، من الفتور ومن المصائب. كم هو مؤسف وداعٍ للبكاء، عدم ممارسة الكثير من الكهنة لسر الاعتراف. تذكّر أنّه في الأخطار والصعوبات التي تمرّ في الحياة الكهنوتية، من الضروري أن يكون عندك شخص يعرف عنك كل شيء، ليقودك بيد ثابتة ويسندك بقلب أب حنون.
– لتكن النفوس غيرتك الوحيدة. أنت كاهن لأجلهم، ليس من أجل نفسك. كن دائماً، في أي مكان، مع الكل، حقيقةً كاهن: ليس فقط على الهيكل و في كرسي الاعتراف، لكن أيضاً في قاعة الدرس، في الملعب، في الطريق. ليكن عندك وعيٌ حي لكرامتك الكهنوتية. "لا" لكل عمل وكلمة لا تتوافق تماماً مع روح كهنوتك. أعط صبغة كهنوتية لكل اهتمام لك، حتى لو كانت أمور دنيوية في قلب العالم. الكاهن فيك يجب أن يحتوي ويستوعب كل الباقي، اعمل المستحيل ليشعر شبّانك، مؤمنيك، أنّك قبل كل شيء كاهن، كاهنهم، مسيحهم.
لتكن لذّتك، هوايتك، الجلوس في كرسي الاعتراف لمساعدة المؤمنين إلى العودة لحضن الآب، خاصّةً الشبيبة، الكهنة، الرهبان، لا تدعهم ينتظرونك، كن مستعدّاً دائماً.
ابدأ من يوم الاثنين بتحضير عظة يوم الأحد. ليكن تأمّلك الشخصي بكلمة الله مصدراً لعظاتك. بشّر الإنجيل، بحياتك، باستمرار، بشكل شخصي، وبشكل جماعي… للكل.
– لتكن المحبّة نهجَ حياتك الكهنوتية وروحها. كن طيّب ولطيف، دائماً ومع الكل، ليرى فيك كل من يقترب منكَ طيبة وإنسانية مخلّصنا. كن "مثله". احسب نفسك خادم الجميع: سعيد لأنك تستطيع أن تهب ذاتك وتنفع الآخرين. احسب الجميع أفضل منك، تواضَع، ولكن لا تكن عبداً لأحد. كن "رجل الله"، ولكن في عصرك وفي محيطك.
نبقى في وحدة الإيمان، الرجاء والمحبّة
أخوك الكاهن جوزيبّي كوادريو