" ها أنا آمة للرب ليكن لى حسب قولك " لو 1/38.
تعطينا العذراء مريم مثالا ً حيا ً يحتذى به فى حياتنا الرعوية ، فهى أم الله ، وفى نفس الوقت خادمته ، فهى الممتلئة نعمة ، عذراء العذارى ، تابوت العهد الجديد ، تعلن أن كل ما فيها وما حدث لها من تجسد أبن الله داخلها ، إنما هو يرجع للقدير" تعظم نفسى الرب وتبتهج روحى بالله مخلصى لأنه نظر الى تواضع آمته فها منذ الأن جميع الأجيال تطوبنى ، لأن القدير صنع بى عظائم وأسمه قدوس " لو 1/46-49 .
فالفضل يرجع للقدير فى حياة مريم وليست لنفسها ، فتعترف مريم بكل تواضع بأنها لاشىء بدون الله وإليه يرجع كل شىء .
والتواضع ضرورى لنمو حياة الله فى داخل الخادم ، تذكر يا أخى أى شىء لك ولم تأخذه ، فأنت لاشىء أمام الله ، فهو العامل فيك ، وكل مافيك من مواهب هى منه وإليه تعود ، إياك أن تنسب شىء لنفسك من صوت جميل وكرازة قوية ولسان فصيح وادارة جيدة وعلاقات كثيرة ، تأمل فى حياة نبؤخذ نصر ملك بابل الذى اتكل على ذاته وقوته وسلطانه ونفوذه ، فصار كالحيوان سبع سنين يأكل من الأعشاب بسبب كبريائه . وكذلك الغنى الغبى الذى أتكل على ذاته وممتلكاته ولم يمجد الله ، وفى نفس الليله ا ُخـذت نفسه منه ، هذه هى نهاية المتكبرين المتكلين على ذواتهم والمفتخرين بنفوسهم . تذكر أنك وسيلة فى يد الله ولكنها ضرورية ومهمة جدا ً ، يستخدمك الرب كما يشاء ، ومطلوب منك أن تتجاوب مع نعمة الله المعطاة لك وتشكره دائما ً عليهــا .، فالقديس أغسطينوس يقول " المتكبر كالبخار المتصاعد يتلاشى سريعــا ً ، أما المتواضع فهو كالشجرة المغروسة على مجارى المياه لاتذبل أبدا ً ، وتعطى ثمارها فى حينه . أقتدى بالقديس أنطونيوس كوكب البرية وآب الرهبان الذى غلب الشياطين بتواضعه ، وأنظر إلى شخص الرب يسوع الذى تواضع وصار يطيع حتى الموت ، الموت على الصليب ، تاركــا ً أمجاد السماء من أجلنا نحن البشر .
وكذلك أمه العذراء مريم الشاكرة للآب كل حين ، وناسبة كل شىء له ، أحذر أن تنسب شىء لذاتك حتى لاتخسر مواهبك المجانية ، فرسول الأمم مار بولس الذى أختبر وعاش نجاحا ً عظيما ً فى خدمته من بناء كنائس ورسامة أساقفه وكهنة ، وتثبيت أخرين على يديه وربح أعداد وفيرة للمسيح من خلال قوة كلمته ، لاينسب شىء لنفسه ، أنما يعطينا خلاصة خبرته قائلا ً " من أراد أن يفتخر فليفتخر بالرب " .
الأب/ بيشوى أنيس
راعى كنيسة الأقباط الكاثوليك – تورنتوا كندا