قراءات قداس سبت لعازر

عنوان قراءات اليوم: أنا هو الطريق والحق والحياة من آمن بى ولو مات فسيحيا  وكل من كان حيا وآمن بى فلن يموت إلى الآبد

 

* القراءة الاولى  : البولس من الرسالة الاولى  إلى اهل كورنثوس2/ 1-8

* القراءة الثانية  : الكاثوليكون من رسالة بطرس الاولى 1/25 إلى 2/6

* القراءة الثالثة  : الابركسيس  من سفر أعمال الرسل 27/ 38 إلى 28/ 10

* القراءة الرابعة : الانجيل من يوحنا 11/ 1- 45

 لعازر: اسم عبري وهو مختصر من أليعازر " الله عون ". كان من بيت عنيا، وكان يسكن مع أختيه مرتا ومريم . وقد كان لهذه الأعجوبة تأثير كبير على الذي شاهدوها أو سمعوا بها الأمر الذي دفع الجماهير إلى استقباله ذلك الاستقبال الحافل في أورشليم. كما أنها كانت السبب الذي دفع المجمع السبعيني للاجتماع واتخاذ القرار بقتله لأن الجماهير كانت تناديه بلقب ملك ( يوحنا 11: 45 _ 53 و 12: 9 _  19 ). ولم يذكر اسم لعازر بعد ذلك في الكتاب المقدس، ولكن يظهر أن محاولة اغتياله لم تتم.. تقع قرية بيت عنيا على بعد نحو 3 كم شرقي أورشليم على الطريق المؤدية إلى أريحا. وعندما مرض لعازر كان يسوع يبشر في قرى عبر الأردن. وقد سعت مرتا ومريم إلى الرب يسوع لطلب المعونة عندما مرض أخوهما مرضاً شديداً. وقد آمنتا بقدرته على مساعدتهما لأنهما عاينتا معجزاته. وكان الرب يسوع يحب هذه الأسرة، ويمكث مع أفرادها كثيراً. وقد عرف آلامهم، لكنه لم يستحب فوراً. فقد كان لتأخيره قصد خاص معين. إن التوقيت الذي يختاره الله وخاصة عند تأخيره، قد يجعلنا نظن أنه لا يستجيب لنا أو أنه لا يستجيب لنا بالطريقة التي نريدها. إلا أنه سيسد كل احتياجاتنا حسب توقيته الزمني الكامل، وحسب قصده التام. وعندما طلب من التلاميذ الاستعداد للعودة إلى اليهودية، ذكروه عن محاولة اليهود رجمه منذ وقت قريب. لكن يسوع أعلمهم عن رقاد حبيبه لعازر، وعليه الذهاب لإنهاضه. وبين لهم أن الذي يسير في النهار لا يتعثر، وقصد بالنهار معرفة إرادة الله. أما الذي يسير في الليل فلا بد أن يتعثر، وقصد بالليل عدم معرفة إرادة الله. لقد علم التلاميذ بالأخطار المحيطة بالرب يسوع عند ذهابه إلى أورشليم فحاولوا إيضاحها له. وعندما فشلت اعتراضاتهم على ذهابه، كانوا مستعدين ومرحبين بالذهاب معه، بل والموت معه أيضاً.

* كان يسوع يعرف والد لعازر وكانت تربطه بلعازر صداقة ، ومريم أخته هي التي دهنت رجلي يسوع بالطيب ومسحتهما بشعر رأسها في بيت سمعان، وفى عمر الثلاثين مرض لعازر مرضا شديدا ومات وأقامه يسوع من بين الأموات في صباح السبت ، قبل الفصح بستة أيام. وما أن حضرت مريم ورأت يسوع حتى ارتمت على قدميه وهي تبكي. عندما رأى الرب يسوع النواح والعويل بكى هو أيضاً علانيةً. ولعله كان متعاطفاً معهم في حزنهم أو ربما اضطرب لعدم إيمانهم. وفي كلتا الحالتين أظهر الرب أنه يهتم كثيراً بنا حتى إنه يبكي معنا.

*  طلب يسوع أن يمضوا به إلى حيث قبر لعازر. وكانت المقابر عادة في ذلك الزمان، عبارة عن كهوف أو مغارات منحوتة في الحجر في أحد جوانب الجبل. وكان القبر من الاتساع بحيث يسمح للناس بالسير داخله. وعادة ما كان يوضع داخل القبر الواحد أجساد العديدين من الموتى. وبعد الدفن يدحرج حجر كبير ليوضع على مدخل القبر. وما أن وصل يسوع عند القبر، حتى طلب أن يرفعوا الحجر. لكن مرتا ذكرت يسوع أنه مضى أربعة أيام على دفنه، وأن جسده قد أنتن. مرة أخرى ذكر يسوع مرتا أن تحافظ على إيمانها لترى مجد الله.  وقف الرب يسوع أمام القبر بعد أن رفع الحجر، ونادي بصوت عالٍ: لعازر أخرج. فللحال خرج لعازر من القبر والأكفان تشد يديه ورجليه، والمنديل يلف رأسه. فطلب يسوع من الموجودين أن يحلوا أكفانه حتى يمضي إلى بيته.

* من خلال حدث إقامة يسوع للعازر، نجد أن يسوع يتكلم عن الرقاد، في حين أن لعازر قد مات. يبدو إذاً أن يسوع يريد أن يسبب سوء فهم عند سامعيه. لكن يسوع يبدل في الواقع معنى الموت، فهو يُعد رقاداً لأنه انتقال يؤدي إلى يقظة القيامة. فلم يعد الموت نهاية، بل مرحلة، وهذا المرض أياً كانت شدته سيؤدي في آخر الأمر إلى القيامة.

* معجزة إقامة لعازر من الموت هي بالحقيقة قمة معجزات الرب يسوع أثناء خدمته على الأرض. فلقد أقام الرب آخرين من الأموات، لكن لعازر كان قد مضى على موته أربعة أيام وهو في القبر. وسجل لنا يوحنا الانجيلى في 11-12 تاريخ هذه الشخصية كإنسان مات بالذنوب والخطايا، أول ما قيل عنه " وكان إنسان مريضاً . هذه هي حالة كل إنسان بحسب الطبيعة :مريض ، من أسفل القدم إلى الرأس ليس فيه صحة،. ثم مات لعازر كما قال الرب يسوع " لعازر مات"  (يو 11: 14 ). هذا الموت هو من ضمن نتائج سقوط الإنسان ودخول الخطية " وليس الموت فقط لكنه قد أنتن كما قالت  أخته مرثا "يا سيد قد أنتن لأن له أربعة أيام". هذه هي حالتنا قبل الإيمان "حنجرتهم قبر مفتوح" (رو 3: 13 ) ولكن جاء الرب يسوع إلى القبر، وصرخ بصوت عظيم لعازر هلم خارجاً فخرج الميت وأصبح لعازر المُقام من بين الأموات ثم المتحرر "حلوه ودعوه يذهب" (يو 11: 44 ).

* وفى المساء  حضر لعازر العشاء الذي أقامه سمعان الأبرص في بيته إكراماً للمسيح قبل ستة أيام من الفصح ( متى 26: 6 و مرقس 14: 3 ويوحنا 12: 1 _ 2 ) كذلك  احتفالا بقيامة لعازر من الموت،  . وبالرغم من أن لعازر لم يسجل عنه الوحي أنه نطق كلمة واحدة، لكنه كان سبب بركة وإيمان لنفوس كثيرة من اليهود " فتشاور رؤساء الكهنة ليقتلوا لعازر أيضاً لأن كثيرين من اليهود كانوا بسببه يذهبون ويؤمنون بيسوع " (يو 12: 10 ،11). وتم فيه القول "كي يعيش الأحياء فيما بعد لا لأنفسهم بل للذي مات لأجلهم وقام" (2كو 5/15)

* بعد قيامة لعازر تأمر اليهود على قتله فهرب إلى قبرص حيث يقول لنا التقليد ان لعازر مات مرة أخرى في زمان ومكان وظروف لا تزال إلى الآن مجهولة. وفي لارنكا في جزيرة قبرص تقليد يقول أن لعازر مات ودفن هناك،كما انه صار أول أسقف لقبرص وقد أكتشف قبره في سنة890 ونقلت رفاته إلى القسطنطينية بأمر الإمبراطور وقام الفرنسيون بنقله من هناك إلى مرسيليا .لعازر هو شفيع المصابين بمرض الحزام ورهبانية القديس لعازر.

*  تعلن أيضاً قيامة لعازر قيامة الموتى التي هي نتيجة لقيامة يسوع " لقد أقمته يا مانح الحياة مؤكداً بذلك قيامة العالم…". سبت لعازر هو بمعنى عيد لكل الأموات, إذ يعطينا المجال لنؤكد ونوضح إيماننا بالقيامة. وينبهنا السيد بكلامه الموجه إلى مرتا إلى تعليم مهم جداً متعلق بالأموات. فقال لها يسوع: "أنا هو القيامة".

* إن إيمان مرتا كان خاطئاً في ناحيتين: كانت تتكلم عن قيامة تتم في المستقبل فقط ، ولم تدرك هذه القيامة لانها فكرت في القيامة العامة للجميع في نهاية الازمنة،  لكن يسوع يؤكد أن القيامة هي حدث حاضر منذ الآن لأنه هو القيامة والحياة. يعيش الراقدون بالمسيح وفيه.

     * إن قيامة لعازر تكوّن أيضاً تصويراً رائعاً للعقيدة بشخص المسيح, إذ تبين كيف تتحد في شخص يسوع الطبيعيتان الإلهية والإنسانية . وهكذا نجد أن  يسوع الإنسان  يتأثر ويبكي لموت صديقه, ولكنه من جهة أخرى نرى أن يسوع  الإله  يأمر الموت بسلطان.

    اخيرا تحث قيامة لعازر الخاطئ على الرجاء ، بأنه حتى لو مات روحياً, سبحيا من جديد. هذه القيامة الروحية كثيراً ما تبدو لنا كقيامة لعازر مستحيلة، لكن كل شيء ممكن بالنسبة ليسوع.

إعداد / ناجى كامل