مقابلة مع الأنبا انطونيوس عزيز

مطران ابرشية الجيزة للأقباط الكاثوليك: 

ينبغي علينا ان نعلم أبناءنا ان محبة الأوطان من الإيمان

حاوره إميل أمين

الجيزة، الخميس 15 يوليو (Zenit.org) 2010 

الحديث الى الانبا انطونيوس عزيز مطران ايبارشية الجيزة للاقباط الكاثوليك والتي تمتد الى عدد من محافظات جنوب مصر حديث مليئ بالقضايا  الآنية والملحة في مسيرة الكنيسة والوطن، وفي توقيت حساس لجهة عدة ملفات شقاقية ارتفع صوتها ، فسيادته المسؤول الاول عن ملف الاسرة في الكنيسة الكاثوليكية بوصفه متخصص في قانون القانون الكنسي الشرقي للكنيسة الكاثوليكية وهو الاختصاص  الاقرب للحديث عن ازمة الزواج والطلاق في مصر وحكم المحكمة الادارية العليا الاخير .,

 كما ان سيادته المسؤول عن بناء اول كنائس كاثوليكية في المدن المصرية الجديدة وهذا بدوره يفتح ملف واشكالية بناء الكنائس في مصر .

 اضف الى ذلك انه صاحب رؤية تنويرية تتطلع الى جعل الكنيسة وكما كانت على الدوام قيمة مضافة في مسيرة الوطن تدعمه بمواطنين صالحين وهو لا يوفر نقدا بناءا ايجابيا  صادرا من القلب لكيان بديع نحبه جميعا اسمه مصر  رغم انه ومن اسف  اصيب مؤخرا باعراض لامراض  تتطلب تضافر جهود المحبين حتى يبرا منها .

والى نص الحوار

** بداية صاحب السيادة متى وكيف تاسست ايبارشية  الجيزة للاقباط الكالثوليك والتي تعد الاحدث تراتبيا بين ايبارشيات مصر القبطية الكاثوليكية ؟

ايبارشية الجيزة كانت جزء من الايبارشية البطريركية  في القاهرة وقد اطلق عليها سابقا المنطقة الجنوبية ، وانيط الاهتمام بها لمثلث الرحمات الانبا اندراوس سلامة  وقد تاسست الايبارشية  في عهده عام 2003  ككيان مستقل  ووقتها كان عدد المحافظات المنتمية اليها ثلاث الجيزة والفيوم وبني سويف  ولاحقا انضمت اليها مدينة 6 اكتوبر وتخدم ثمان رعايا  قائمة ورعية تحت التاسيس في مدينة 6 اكتوبر نفسها .

**  هل لديكم فكرة ولو تقريبية عن عدد المؤمنين الاقباط الكاثوليك في المحافظات الاربع تلك ؟

 موضوع التعداد ليس مسؤولية الكنيسة ، فالكنيسة غير مسؤولة عن القيام بعملية تعداد او احصاء ، هذه من مهام الدولة واجهزتها الرسمية مثل جهاز التعداد والاحصاء  ومن اليسير ان يقوم تعداد على اساس ديني   لو اراد القائمون على الامر لتمكنوا من ذلك بسهولة   سيما وان الهويات الشخصية المصرية بها خانة الديانة قائمة حتى الان ، وما تقوم به الكنيسة ليس تعداد وانما نوع من تسجيل المؤمنين المترددين على   كل رعية لمعرفة بياناتهم المتعلقة بممارسة حياتهم الدينية وبخاصة الاجراءات المرتبطة بالانساق الاجتماعية كالزواج والميلاد المتعلق به سر المعمودية احد شروط المسيحية  أي انها بمثابة جدول ارشادي لكاهن الرعية  عن الحالة الروحية للمؤمين وحتي يستطيع  مواصلة  خدمة رعيته   وخاصة حال تنقلهم من مدينة لاخرى ، ومتابعة حياتهم الروحية في مقر اقامتهم الجديدة ، هو اذن ليس تعداد بل متابعة روحية عددية ان جاز التعبير وفي الغالب لا تتوافر ارقام دقيقة في هذا السياق .

**  ماذا عن الرهبانيات العاملة في ايبارشيتكم وما مدى التعاون بينها وبينكم ؟

 هناك رهبانيات رجالية واخرى نسائية ، الاباء الفرنسيسكان في مقدمة الرهبان الرجال  الذين لهم حضور متميز  في ايبارشية الجيزة سيما وان المعهد الاكليريكي  الخاص  بهم موجود في حي العمرانية بمحافظة الجيزة نفسها ، وهم لا يتاخرون في التعاون معنا  كما ان الاكليريكيين هناك عادة ما يذهبون في فصل الصيف لمساعدة الراعايا والرعاة في الانشطة الصيفية خاصة ، الاباء اليسوعيين  بدورهم لا يتاخرون عندما نطلبهم في رياضات روحية او ندوات  فكرية ، اما الرهبانيات النسائية فهي الاكثر تواجدا ، فراهبات الميردي ديو على سبيل  يعملن  بصفة  منتظمة لمساعدة الكاهن  في مدينة اوسيم والراهبات الكمبونيات يقمن بدور بديع في الخدمة في حي امبابة ، والراهبات الاليزابتيات يساعدن في الجيزة في التكوين المسيحي للشباب وبقية الانشطة ، وكذلك راهبات الكلمة المتجسد والراهبات الصغيرات وفرنسيسكانيات قلب مريم الطاهر لهن جيمعا خدمة واضحة ومؤثرة في محافظتي بني سويف والفيوم , والعلاقة  في مجملها تعاون وشركة روحية بين العمل الايبارشي والعمل الرهباني لمجد الله .

**  اشكالية بناء كنائس جديدة في مصر الى اين تمضي سيما بعد ان نقلت عملية اتخاذ  القرار الى المحافظين انفسهم فيما يعد حلحلة لجمود " الخط الهمايوني " الشهير "؟

 الخط الهمايوني تحرك فيما يخص  التجديد  والترميم بالنسبة للكنائس القائمة  واضحى من سلطة المحافظ ،  لكن الترخيص بالنسبة  للكنائئس الجديدة يتطلب نفس الاجراءات   السابقة ،  وعليه فالبناء هنا يختلف  فيما يخص الكنائس القديمة القائمة  او بناء كنائس جديدة في مدن جددية قادمة .

 بالنسبة للقديم القائم  فالاجراءات  صعبة اذا كان الامر يتعلق بالبناء من جديد ، وهي اسهل في حالة المدن الجديدة ولا شك بشكل نسبي  ، لكن ما اود  الاشارة اليه والتركيز عليه هو ان التعامل مع المتسويات العليا في الدولة  امر مريح فدائما ما يتم استقبالنا بترحاب ومودة وذوق رفيع عال ، ودستوريا ما من شيئ يمنع بناء كنيسة لكن العقبات الحقيقية نراها عند صغار الموظفين والطلبات البيروقراطية  المعتادة .

 ** لكن بحال من الاحوال هناك درجة او اخرى  من الانفراج عن العقود الماضية .. اليس كذلك ؟

 هذا امر مؤكد ، الامر لم يعد كما كان من قبل  ، هناك كنائس  اخذت وقت قصير في بنائها  واستخراج التصاريح اللازمة لها ، واخرى اخذت وقت طويل  ، كل كنيسة  وظروفها ولهذا اقول انه يجب ان تكون هناك نظره خاصة لبناء  دور العبادة على اساس انها عمل خدمي وروحي في ذات الوقت  فهي ليست لمصلحة الكاثوليك او البروتستانت او الارثوذكس ، انما لمصلحة المجتمع ، فعندما اساعد في تكوين مواطن صالح يخدم الوطن قبل الكنيسة ، انا اضيف بشكل ايجابي  للمجتمع ، واسعى لبلورة شريحة تعرف معنى  حب الاوطان كفريضة من الايمان ، شبابا قادرون  وراغبون في التضحية للمصلحة العليا ، وهذا لا يتعارض ابدا مع المطالبة بالحقوق الشخصية وفي مقدمتها حق العبادة وحريتها .

** هناك من يقول ان الحكومة المصرية تنظر بعين الاعتبار للاقباط الارثوذكس فقط على اساس انهم مسحيي مصر ولا تعير انتباها للاقباط الكاثوليك او البروتستانت سيما فيما يخص بناء كنائس في المدن الجديدة .. ما مدى صحة هذا الطرح ؟

 هذا المفهوم  لا اساس له من الصحة  في تقديري ،  وواقع الحال هو ان الاقباط الارثوذكس انطلاقا من عددهم الكبير وامكانياتهم الاوفر ، يتحركون بسرعة وقبل أي طائفة اخرى ،  ويطلبوا من الاجهزة المعنية  وبخاصة هيئات المدن الجديدة ، اراضي لبناء  كنائس  ، وعليه فيتم اعطاءهم كل ما هو متاح  ومخصص لبناء كنائس ، ثم تاتي الطوائف الاخرى  لاحقا لطلب اراضي فيتم  اخبارهم بانه لم تعد   هناك مساحة باقية ، ومن هنا بدات الاجهزة  المعنية تعي هذه الاشكالية غير المقصودة والدليل على حسن النية  ما جرى في مدينة الفيوم الجديدة حيث  طلب الاقباط الارثوذكس  اراض للمقابر فاعطتهم الهيئة  المختصة ثلاثين فدانا ، ولما تنبه الكاثوليك والبروتستانت للامر وطلبوا اراضي كان لابد من عقد جلسة خاصة باشراف الهيئة مع الكنيسة الارثوذكسية لاقتطاع مساحة للكاثوليك والبروتستانت لعمل مقابر وبذلك تم حل الازمة .

 الخبرة بشكل عام ممتازة  وان شابها بعض القصور  في الفهم للامور الاجرائية ، فعلى سبيل المثال تقدمنا ككنيسة قبطية كاثولكية  بطلب لبناء  كنيسة في مدينة 6 اكتوبر  احدى اهم المدن المصرية الجديدة والتي باتت مؤخرا محافظة مستقلة ،   وخلال سنتين او سنتين ونصف  كنا  قد حصلنا  على الموافقة بتخصيص قطعة ارض مساحتها الف متر مربع لبناء كنيسة وبسعر رمزي  لا يذكر  واقرب الى المجانية .

  لكن المثير هو شروط البناء ، فالكنيسة  يجب ان تبني على مساحة ثلاثمائة متر فقط  وبدون قاعات لاي انشطة ، وبدون بدروم ، وبارتفاع  لا يزيد عن 9 متار   ، والاكثر اثارة ان الامر ينسحب على كل دور العبادة بمعنى المساجد كما الكنائس ، والسؤال  بما انننا في مدن جديدة ومساحات شاسعة واسعة  ستزداد الهجرة اليها لاحقا  ونحن نشكو الان من قلة عدد الكنائس فلماذا نحد انفسنا بمساحات ستضيق علينا خلال عقد من الزمان ، ثم السبعمائة متر الباقية  قالوا لنا انها يجب ان تبقى  تابعة لجهاز استصلاح الاراضي  بمعنى انني لا استطيع  ان ابني سور  حول الكنيسة  وان تبقى  هذه المساحة  حديقة او موقف للسيارات وهذا امنيا واجتماعيا واخلاقيا  لا يستقيم ولازلنا  في حوار مع الهيئة لبلورة حل بالمودة والتفاهم  المتبادل .

**   هل  هذا الحضور في المدن الجديدة يساعد على الحد من التسرب الكاثوليكي لجهة طوائف مسيحية اخرى في مصر ؟

 اشكالية التسرب لها في واقع الامر اكثر من جانب ،  هناك تسرب خارج مصر باكملها  ويمثله  تيار الهجرة الى الخارج  وهو تيار لم تعرفه مصر الا في سبعينات القرن الماضي  وهناك تسرب داخلي   يحدث في صورة هجرة  داخلية من مدينة لاخرى داخل مصر ، بسبب ضيق الرزق فمصر كانت مجتمع زراعي في وقت من الاوقات ثم لاحقا اضحت  مجتمعا طاردا للزراعة والمزارعين ، فهاجر الزارع الى المجالات الصناعية والتجارية ، وعليه فبين المهاجرين للخارج والداخل يوجد اقباط كاثوليك  يتحركون ، ومن هنا نعود للاشارة الى فكرة سجلات الكنائس وليس الى التعداد .

 ** ما هي مصادر التمويل  اللازمة او التي تقوم عليها بالفعل  عملية  بناء الكنائس في ارض مصر سيما بالنسبة للكنيسة الكاثوليكية ؟

  قضية التمويل بها شق قابل للمراجعة   والمحاسبة  واخر يقع في إطار الروحانيات التي تحكم سيرة ومسيرة بل وصيرورة الحياة في بر مصر المحروسة ،  فعلى سبيل المثال انت تدهش وتصاب بالحيرة اذا حاولت بشكل عقلاني فهم كيف يتدبر الموظف المصري شؤون منزله براتبه المتواضع كل شهر ومع ذلك لا يشكو احد من الجوع في البلاد واولاده في المدارس وعلى الاعياد يرتدون الازياء الجديدة وفي الصيف يكون لهم حظ ونصيب من مصيف بشكل او باخر … كيف هذا لا تدري … هذا هو الجانب الميتافيزيقي ان جاز التعبير في حياة المصريين وانا اؤكد ان هذه هي البركة التي تحدث عنها الكتاب المقدس لجهة مصر في اشعياء النبي .. مبارك شعبي مصر.. .

كذلك الامر في بناء الكنائس هو مجهود فردي اناس يقتطعون من قوت اولادهم وارزاقهم ودخولهم المتواضعة للمساهمة في بناء بيوت لله ، وكذلك الامر بالنسبة للمحسنين من خارج مصر رجال ونساء اتقياء يقدمون ثمن وجبه او اكثر يصومون عن الاكل فيها وكل كنيسة تقدم للمطران الايبارشي مساهمتها لمساعدة المحتاجين والمتالمين وكل دولة تجمع مساهمات كل ايبارشياتها وان كانت هذه المساهمات تاثرت ولاشك بالازمة المالية العالمية الاخيرة .

**في اربعينات وخمسينات القرن الماضي كانت مصر تشهد مسيحيين يتبرعون لبناء مساجد والعكس مسلمين يشاركون في بناء كنائس هل اختفى هذا النموذج في حاضرات ايامنا ؟

يمكن ان يكون قد تقلص هذا النموذج لكنه لم يختف بالمطلق فلازالت مصر ولادة مسيحيين ومسلمين جوادين بالعطايا المادية والروحية  واتذكر منذ عدة سنوات واثناء خدمتي في الاسكندرية ان شيخ احد المساجد المجاورة جاء الى في الكنيسة وكنت اقوم بعمل مقاعد جديدة للمؤمنين وقال لي بمودة " هل تظن نفسك افضل مني " ووضع في يدي تبرع مالي للمساعدة في عمل  الكنيسة ، وانا كنت قبل ذلك شاركت في بناء مئذنة لمسجده  المجاور للكنيسة وقد لمس هذا الموقف قلبي ولايزال .

وكثيرا ما كنت ترى في مستشفيات  مصر خاصة لوائح طويلة من المتبرعين للفقراء من اغنياء مصر مسلمين ومسيحيين ، المشكلة ان الشر والمثل السيء يعلن عن نفسه والاعمال الايجابية لا يتلفت اليها احد ولهذا يجب علينا مسلمين ومسيحيين ان ندرب ابناءنا على ان يروا الايجابيات ويصفقوا لها ويتعلموا منها وان لا يقفوا فقط عند حدود النماذج السلبية في مجتمعنا .

**في اعتقادكم هل هذا راجع للدور الاعلامي المسطح السائد حاليا ولغياب القامات الفكرية والاعلامية من على سطح الحياة الذهنية المصرية ؟

نحن نفتقد تلك القامات التي ملات المجتمع المصري في القرن الماضي سعة صدر وحضور فكري لكن هذا لا يعني  عدم وجود مجددين وتنويرين في عصرنا لكن من زحمة الاحداث وزخم الحياة المعاصرة بات الفرز والتمييز بين الغث والسمين شان ليس باليسير والامر اضحى شبيه بوجود  ورود في وسط الاشواك وبات المجتمع المصري في حاجة حقيقية لمن يضع يده على هذه القيادات التنويرية ويدفعها للامام لنشر الفكر المستنير في كافة ربوع المجتمع المصري .

**الا تتفقون سيادتكم في ان داء التعصب والتشدد قد ضرب كل ملل ونحل وطوائف ومذاهب المصريين مؤخرا على غير طبيعة الانسان المصري السمح المتسامح ؟ وان كان ذلك كذلك فما هي الاسباب التي  قادت لهذا المصير المؤلم ؟

لا نستطيع ان ننكر هذه الظاهرة ومن ينكرها اعمى لا محالة فالتعصب والتحلل والتفكك في العلاقات الاجتماعية بات اليوم ومن اسف مشهد ملموس ومحسوس في مجتمعنا المصري وانا اعزي هذا لاسباب كثيرة فهناك افكار كثيرة تم تسريبها لمصر خلسة وهي ليست مصرية والسبب في ذلك هو ان مصر دولة مستهدفة وهناك من لا يريد لها التقدم او الريادة وحرمانها من السيادة التي تمتعت بها عربيا وشرق اوسطيا طويلا ولا نوفر في هذا التحليل عدو تقليدي لمصر مثل اسرائيل .

هذه هي الرؤية الخارجية التي اذكت نيران التشدد غير المرحب به وداخليا هناك اسباب كثيرة في مقدمتها الامية الرسمية والامية المقنعة عبر تعليم مسطح غير ذي مضمون ينتج في نهاية الامر رجعيين يغلبون افكار عزل واقصاء ونبذ الاخر ثم الانغلاق على الذات ولاحقا تتولد العداوات وتترسخ الكراهات .

هناك كذلك الفقر وتدني مستوى الحياة اقتصاديا اضافة الى الاعلام المستفز احيانا الذي يدفع للصراعات الطبقية بدلا ان يولد في قلوب المتلقين احساسا بالحمد والشكر ويخلق داخلهم دوافع ايجابية لتغيير سلبيات المشهد الاني ثم اخيرا وليس اخرا المثل السئ الذي يقدمه الرواد برؤيتهم الاحادية لكثير من الامور ما يعزز فكرة الخط الفكري الواحد ومن خارجه هالك لا محالة هذه كلها ولدت حالة احتقان يعيشه المصريون اليوم .

** منوط بنيافتكم ملف الاسرة في مجلس البطاركة والاساقفة الكاثوليك في مصر .. كيف تنظرون الى حكم المحكمة الادارية العليا  الاخير بالزام الكنيسة تزويج المطلقين ثانية ؟

حقيقة وددت  قبل ان اتكلم في هذا الموضوع  الحساس  ان اطلع على نص الحكم  وبحثت عنه ولم اوفق في ايجاده ،  واقول ومن اسف ان اكثر من 99%  ممن تكلموا في الموضوع لم يطلعوا على نص الحكم للتعاطي معه لاحقا  بصورة عقلانية .

 ما حصل في تقدير كالتالي : القاضي لا يحكم من خلال الكتاب المقدس او الشريعة الاسلامية ، هو يحكم   بنص قانون موجود عنده ، السارق  يطبق عليه قانون عقوبات السرقة ،  وهنا  لا يجب ان يتهم القاضي  بانه اهان  الشريعة الاسلامية  لانه لم يصدر عقوبة بقطع يد السارق ، هو ينظر للقوانين وفي حالة الحكم  الاخير هو لديه  لائحة  قدمتها الطوائف المسيحية واعتمدت كقانون للاحوال الشخصية  وحكم من خلالها ، وهو مطلق اليد في الشق  المدني في الحكم ، لكن الشق الكنسي هو الاختصاص  الروحي للكنيسة ومن هنا حصل الخلط الذي قاد الى البلبلة أي المزج بين الشق المدني في الزواج كقعد مدني والجانب الروحي الخاص بالسر الديني وعلاقة الكنيسة كمؤسسة روحية به .

**  وماذا  لاحقا عن حكم المحكمة الدستورية للوقف المؤقت لتنفيذ حكم المحكمة الادارية السابق ؟

 بلاشك قرار حكيم  لانه على الاقل لا يضع الكنيسة في حرج كونها ترفض تنفيذ حكم قضائي ، والحكمة فيه انه يعطي فرصة للتشاور حول مشكلة قائمة لحين بلورة راي موحد تجمع عليه كافة الطوائف المسيحية ويصدر لها قانون ينظم احوالها الشخصية .

 ** هناك رؤية تشاؤمية لجهة اتفاق الطوائف المسيحية الثلاث في مصر على قانون موحد .. الى اين تمضي الخلافات ؟

 بوصفي متخصص في القانون  الكنسي  الكاثوليكي الشرقي  اجد ان هناك بالفعل صعوبة كبيرة جدا في  عمل قانون موحد للاحوال الشخصية للاقباط المصريين  لان الاختلافات بين الطوائف بالفعل كثيرة جدا ، وكمتخصص ايضا اقول انه لابد من ايجاد حلول بديلة ، فحتى الساعة  كانت المحاكم تعمل  بثلاث لوائح  مختلفة  ولم تشتك ابدا ، لائحة لكل طائفة واعتمدت جميعاها عندما تم الغاء المحاكم الملية  في عامي 1955- 1956  وطبقت منذ  ذلك الوقت  على كافة المسيحيين في مصر ، لكن لاحقا ظهرت اشكالية تحايل البعض على القوانين واللوائح وتغيير ملتهم وعندها القاضي كان يحتار أي لا ئحة يطبق  في حال الخلافات  هل لائحة  العقد الاولى للزواج  ام اللائحة الخاصة بالطائفة الجديدة التي ينتمي اليها المتحايل .

**  هل لدى سيادتكم تصور ما لبلورة افق اولي للحل  لهذا الاشكال ؟

  هناك فكرة اولية مجردة مفادها تقديم قانون واحد في مذكرة واحدة والمادة الاولى فيه هي احترام شريعة العقد ، من تزوج كاثوليكي  تطبق عليه  شريعة الكاثوليك  والارثوذكسي والبروتستانتي  كذلك ، وفي أي اشكال او خلاف لاحق يتبع القاضي  شريعة عقد الزواج ، والعقد هو شريعة المتعاقدين ولا يستطيع الزوجان الرجوع عنه ، وبلا اعتداد لاي تغيير لاحق للطائفة او للدين .

** اليس في هذا مخالفة لحرية العقيدة  والتي يكفلها الدستور وعليها يمكن للمواطن المصري ان يختار دينه او مذهبه بحرية ؟

 انا لا امنعه من حربة العقيدة او الدين او المذهب  او ان  يغير ما يشاء له التغيير  انما فيما يخص  خلاف الزواج  هو سيكون مجبر على  الاحتكام  للشريعة التي جرى على نحوها العقد ووافق علهيا من قبل . هذا في تقديري  افضل مخرج للتغلب على الفروقات الكبيرة القائمة بين الطوائف المسيحية والتي يمكن ان تحول دون توصلهم لرؤية واحدة مشتركة متفق عليها .

**  ماذا حال عجز الاقباط بطوائفهم المختلفة عن التوصل الى مثل هذه الرؤية الموحدة ؟

هناك لجنة تشكلت من وزارة العدل في مصر للمساعدة في بلورة قانون موحد ، فلنعط هذه اللجنة فرصة ونتمنى لها التوفيق ،   في التوصل  الى حل يزيح عن  صدر مصر  رؤية شقاقية جديدة  بين ابنائها وبعضهم  البعض ، فاذا خرجوا  بطرح مقبول خير وبركة ، وحال العكس  لا احد سيجبر الاقباط على التوقيع ، فالاقباط مصريون  وهم من اولويات الدولة وحل مشاكلهم جزء من حل مشاكل المصريين والدولة لديها مستشاريها  وفي اقصى  حالات اختلاف الاقباط وعدم قدرتهم على الاتفاق على صيغة موحدة للقانون فان الدولة يمكنها ان تتدخل لوضع ضوابط وقواعد وقوانين للزواج المدني  ولن تنازعها فيه الكنائس ، الاشكالية الحقيقية هي بين الطوائف المسيحية وبعضها .

** صاحب السيادة شكرا على هذه الفرصة الحوارية الطيبة .

الشكر لكم من القلب والرب يبارك عملكم.