عن أ ف ب
تشكل زيارة البابا بندكتس السادس عشر لبريطانيا، الأولى لبابا إلى الجزيرة، حدثاً تاريخياً وفرصة لتقريب الكاثوليك والأنغليكان، وسط أجواء من التوتر الملموس بعد نحو خمسة قرون على الانشقاق.
وتشهد الزيارة لحظة رمزية الجمعة، حيث يدخل بابا للمرة الأولى كاتدرائية وستمنستر المرموقة في لندن، حيث يتوج ملوك بريطانيا. وقال المونسنيور فنسنت نيكولز رئيس الكنيسة الكاثوليكية الانكليزية، التي تعد 10% من البريطانيين، "سيكون الأمر تاريخيًا فعلاً".
وليس خيار الكاتدرائية عرضياً، فهي رمز للكنيسة الانغليكانية، التي تضم غالبية في المملكة المتحدة، وهي الكاتدرائية التي اختارها هنري الثامن بعدما أدار ظهره لروما العام 1534.
وفوق مزار أدوارد المعترف، وهو أحد آخر الملوك الانكلوساكسونيين وأحد القديسين القلائل الذين يجلهم الكاثوليكي والأنغليكان معاً، سيصلي بنديكتوس السادس عشر من أجل "وحدة المسيحيين" إلى جانب رئيس أساقفة كانتربري روان وليامز الذي يرأس الكنيسة الأنغليكانية.
وقبل "لحظة الحوار" هذه كما يصفها نيكولز حدث آخر غير مسبوق. فللمرة الأولى سيزور البابا مقر إقامة رئيس الأنغليكان في قصر لامبيث اللندني "في زيارة أخوية". ورأى نيكولز "أنها زيارة بالغة الأهمية". وأمل عميد مجلس أساقفة وستمينستر جون هال "أن تشكل فرصة لتحسين العلاقات بين المسيحيين والسير بنا قدمًا نحو المصالحة ووحدة الكنيسة".
غير أن صور الوحدة الكنسية قد لا تكفي للحد من التوتر بين الأنغليكان والكاثوليك، الذي أذكاه نشر البابا في العام الفائت "دستوراً رسولياً".
وأجاز النص للأنغليكان الذين خاب أملهم من قرارات كنيستهم (سيامة النساء ومباركة الزواج المثلي على الأخص) الانضمام إلى الكنيسة الكاثوليكية مع الاحتفاظ بطقوس "تتلاءم والتقاليد الانغليكانية". ولم يتقبل عدد من الانغليكان هذه المبادرة.
وأوضح المعلق في صحيفة أيل فاتو الإيطالية ماركو بوليتي أن "الكنيسة الانغليكانية تريد استقبال بندكتس السادس عشر بسلام لكن جزءاً من العالم الانغليكاني يعتبر أن انتقال منشقين إلى كنف روما هو نوع من الضم الذي تمارسه الكنيسة الكاثوليكية". وقال في مقابلة مع وكالة فرانس برس "قد يظهر هذا التوتر أكثر في المبادرات على مستوى القاعدة".
لكن خبير شؤون الفاتيكان في صحيفة "أيل جورنالي" أندريا تورنيالي لا يعتقد أن ذلك سيؤثر في الزيارة البابوية. متوقعاً أن تجري الزيارة في أجواء متوازنة، الأمر الذي يتقنه البريطانيون بالكامل.
وفي تذكير بالخلافات بين الانغليكان والفاتيكان، ستستقبل امرأة قسيسة البابا الجمعة في أثناء زيارته لاسقفية وستمينستر. وجاين هيدجز ناشطة معروفة دفاعاً عن سيامة النساء قسيسات في الكنيسة الانغليكانية، الأمر الذي يعتبره الفاتيكان "جريمة بحق الدين".