مقابلة مع الأب كمال وليم

الرئيس الإقليمي الجديد للرهبان الفرنسيسكان في مصر : الفرنسيسكان حاملين لعطية الإنجيل في عالم اليوم

حاوره إميل أمين

القاهرة، الأربعاء 06 أكتوبر 2010 (Zenit.org)

في  أوائل شهر سبتمبر الماضي تم تعيين الأب كمال وليم رئيسا إقليميا جديدا للرهبان الفرنسيسكان في مصر ، وتعد الكنيسة القبطية الكاثوليكية نفسها مدينة للاباء الفرنسيسكان الذين اخذوا في التوافد على مصر منذ القرن السابع عشر الميلادي بإعادة روح الكاثوليكية ثانية الى الأراضي  المصرية ، كما أنهم الاكثر عددا  وانتشارا في كافة ربوع مصر بين كافة الرهبانيات الكاثوليكية العاملة في مصر ، ويجيء  هذا التعيين على مشارف سينودس أساقفة الشرق الأوسط الذي يهتم بنوع خاص بكاثوليك الشرق ، وقد كان لنا معه في مقر المعهد الفرنسيسكاني في الجيزة هذا اللقاء :

** بداية ماذا يمثل لك هذا التعيين كرئيس للإقليم المصري الفرنسيسكاني ؟

اشكر الله أولا واعتبر ان هذه ثقة كبيرة  من المسؤولين في ضعفي   وأتمنى ان يستخدمني الله تعالى لمجد اسمه وخير كنيسته وصلاح أحوال الرهبنة في مصر .

** ماذا عن مسيرتك الطويلة في الرهبنة منذ السيامة الكهنوتية عام 1976 وحتى الآن ؟

المجد لله الذي أعطاني خبرة  طويلة في الإقليم المصري   بما يساعدني على القيام  بهذه الخدمة الجديدة ، فقد خدمت في  الاكليريكية الفرنسيسكانية ألصغرى ثم في رعايا في الفيوم ولاحقا في المعهد الفرنسيسكاني الأكبر في الجيزة ثم في عدد من الرعايا والمدارس  ثم العودة ثانية كنائب للرئيس الإقليمي السابق وفي كلها اشكر العناية الإلهية التي منحتني هذه الفرصة للعمل والخدمة ، ومع ذلك أقول انه بدون مساعدة وتضافر جهود كافة الرهبان من اصغر مبتدئ مرتدي الثوب الى اكبر راهب على سرير المرض لا يمكنني  العمل والتجديد .

 ** يرى البعض من المؤرخين ان الكاثوليكية المصرية مدينة على نحو خاص للرهبنة الفرنسيسكانية .. كيف ذلك ولماذا ؟

 جاء الفرنسيسكان هنا في القرن السابع عشر الميلادي  لمساعدة طائفة الأقباط  الكاثوليك حتى بلورت الكنيسة لها  حضور مؤسساتي  وقد كانت المساعدة  من خلال المرسلين وعندما اشتد عود الكنيسة المحلية  بدا الرهبان الفرنسيسكان الانسحاب  من الرعايا بعدما وجد آباء أقباط كاثوليك ، واتجه الرهبان الفرنسيسكان  الى هدف أخر هو تأسيس رهبنة فرنسيسكانية في مصر ، ولهذا  يمكن اعتبار الإقليم الفرنسيسكاني المصري فريد من نوعه فهو إقليم فرنسيسكاني قبطي كاثوليكي ، احتفظ بطقسه الشرقي وليس بالطقس اللاتيني كما بقية الأقاليم في  العالم .

** ماذا عن واقع حال ومآل الرهبان الفرنسيسكان في  مصر اليوم ؟

 بعد إنشاء الإقليم الموحد عام 1992  بانضمام بعض الأديرة التي كانت تابعة للأراضي المقدسة ، لم تعد خدمتنا قاصرة فقط على الكنيسة القبطية الكاثوليكية  بل أصبحنا في خدمة والتعاون مع النيابة الرسولية للاتين ، سيما وانه لدينا رعايا في صعيد مصر وفي الوجه البحري .

ومن أهم المهام التي تقوم بها الرهبنة الخدمة في مجال المدارس  والتي غالبيتها  من المسلمين ولا يمثل الكاثوليك فيها إلا أقلية الأقلية  واحتكاكنا مع هولاء ينطلق من عمق فهمنا لروح الحوار التي استنها القديس فرنسيس  عندما جاء الى مصر وفتحه لنوافذ الحوار مع المسلمين  كما يشير الى ذلك في أكثر من فصل في القوانين المختلفة الخاصة به ، ولدينا في مصر 17 مدرسة تابعة للإقليم المصري الفرنسيسكاني .

 **ماذا عن العقبات التي تواجه مسيرة الرهبنة الفرنسيسكانية في مصر اليوم ؟

 حياة الرهبان الفرنسيسكان تنطلق دائما من عيش الإنجيل ، والرهبان الفرنسيسكان حاملين دوما  لعطية الإنجيل في عالم اليوم ، بمعنى أننا نقبل هذه العطية الثمينة ثم نردها للناس عبر ابتكاراتنا  الحياتية  ولهذا نحن نشدد على توافر الأمانة لهذا المفهوم ، إضافة لتذليل العقبات في حياتنا كإخوة أصاغر  لا يمكن ان يعيش احدنا بمعزل عن الآخر ، إضافة لهذا لابد لنا من التكوين المستمر والمستقر  والشخصي  لاكتساب حداثة روحية ان جاز التعبير ، إضافة الى  ما تقدم تبقى قضية الدعوات أمر معهم بالنسبة لنا فعلى الرغم من الله تعالى هو من يرسل  الدعوات إلا ان الدعوات بدورها تنجذب لأسلوب حياتنا الإنجيلية ولابد ان نقبل المبتدئين ونرافقهم  ونعطيهم التكوين اللازم لاستمرار مسيرتهم الفرنسيسكانية كما يجب ان تكون ؟

** كيف تنظرون كرهبان فرنسيسكان الى انعقاد سينودس الشرق الأوسط؟

بلا شك السينودس يعد فكرة تقدمية إيمانية خلاقة للبحث في شؤون المسيحيين العرب في هذا التوقيت المهم والحساس وأظن ان أفضل طريقة للاستفادة من فعاليات السينودس  تتلخص في حياة التجديد في الرهبنة من تعميق  التقوى الشخصية ومواصلة النشاط في المدارس وإعادة بلورة المشاكل الإدارية والمالية ،  والاهم من ذلك إننا سنركز على نوعية حياة ورسالة الرهبان ، هذه هي النقاط التي سندقق عليها وبلا شك أي تجديد أو إصلاح في أبجديات الخدمة سيحقق هدف السينودس عبر التجديد المنشود .

** ماذا عن روح الحوار والسلام مع الآخر التي أشعلها فرنسيس في مصر منذ نحو ثمانمائة عام .. هل لا تزال موجودة ام خبأت  ؟

بدون شك هذه الروح  موجودة تدعم وتزخم وجودنا ، وان بدا في وسط ضوضاء الحياة أنها اختفت ولو الى حين ،  ومؤخرا استعدنا مكانا تاريخيا للرهبنة في  مدينة دمياط ، حيث التقى القديس فرنسيس مع السلطان الكامل ابن الملك العادل  في زمن الحروب الصليبية،  وربما إذا لم يقدر لنا ان نقيم هناك مركزا للحوار بين الأديان والثقافات سننشئ هذا المركز هنا في الجيزة ، ليكون بمثابة منارة إشعاعية للروحانية الفرنسيسكانية في مصر كلها .

** ماذا عن رسالة الرهبان الفرنسيسكان في العالم العربي بشكل أوسع ؟

 بدون شك  تختلف الرسالة باختلاف الخدمة من بلد الى أخر ، واعتقد أننا في الشرق الأوسط ، مصر  والأردن ولبنان وسوريا أكثر حظا من بلاد أخرى  حيث هناك مساحة حرية مقبولة للعمل الرعوي ، ولهذا فأنشطتنا تختلف عن أنشطة الرهبان الفرنسيسكان في دول المغرب العربي  وقد زرت بعض بلدانه مثل المغرب وهناك خدمات طيبة للغاية يقدمها الرهبان  سواء للجاليات أو لأبناء البلد الأصليين من مراكز حوار وتعليم لغات إضافة الى الخدمات الكنسية مثل الليتورجيات للجاليات الكاثوليكية  المقيمة .

** ماذا عن علاقتكم بالسلطات  الكنسية المحلية في مصر على نحو خاص ؟

 

 الرئاسة الكنسية في مصر تتفهم جيدا رسالة الرهبان الفرنسيسكان  منذ القديم جدا ،  ويعضدون وجود الرهبنة في مصر  بكل إمكانياتهم ، ونحن أيضا كأبناء للقديس فرنسيس  دائما خاضعين للكنيسة المحلية ، واذكر هنا ما كان يقوله القديس فرنسيس من إنني لا استطيع ان أعظ في مكان إلا بعد استئذان الكاهن حتى لو كان من اكبر الخطاة.

وفي مصر بنوع خاص لدينا في بعض الايبارشيات عدد كبير من الكهنة الفرنسيكان يصل عددهم الى 75% من إجمالي كهنة الايبارشية كما في محافظة الأقصر بصعيد مصر  والعلاقات بالتالي متميزة للغاية مع  المطارنة والأمر ينسحب على الايبارشية البطريركية في القاهرة  والإسكندرية .

 **  هل ترى صعوبة في التعايش المسيحي الإسلامي في مصر في الوقت الراهن ؟

 يجب ان ننظر في تقديري الى الأمور بروح الرجاء والمحبة والحوار التي عملنا إياها القديس فرنسيس  فقد جاء لملاقاة سلطان مصر في ظروف سيئة للغاية ، في أوقات الحروب الصليبية  وهي لا تقارن بأي صعوبات حالية ، وهناك في مجتمعنا المصري مساحة واسعة من التسامح والتعايش الإسلامي المسيحي  مهما حدث من خلافات فردية وعلى هذا نحن ننظر من هذه الزاوية الايجابية  وعليها نقدر ان نتعاون  ونعيش الروحانية  التي هي من صميم دعوتنا الفرنسيسكانية .

** هل تظن ان روح فرنسيس في طريقها للاختفاء من الغرب بشكل عام ؟

لا أظن ذلك ،وخير دليل اللقاء الذي جمع فيه البابا يوحنا بولس الثاني كافة  رؤساء الأديان حول العالم في مدينة اسيزي بدون حساسية أو غضاضة  حيث التئم الجميع هناك  للصلاة بروح واحدة ، وكل بلغته وفكره وروحه.

 وعلى الأقل استطيع القول انه في الوسط الرهباني لا تزال روح القديس فرنسيس تجمع الشرق بالغرب من الرهبنة  وهذا يكسبنا مثالا حقيقيا للقداسة والأخوة يجذب ألينا دعوات جديدة كل عام .

كم يبلغ عدد الرهبان الفرنسيكان في مصر بشكل عام ؟

يجب أن نشير الى ان الرهبنة  الفرنسيسكانية تحتوي على أخوة وعلى كهنة ،  وأصحاب النذور الدائمة في مصر عددهم أكثر من 85 راهب   سواء  كانوا يخدمون في مصر  أو ليبيا أو السودان أو ايطاليا للخدمة أو للدراسة .

 ** الرئيس الإقليمي للرهبنة في القدس يرى ان إسرائيل تسبب مصاعب للمسيحيين هناك .. ماذا عن ذلك ؟

 بدون شك لا احد يستطيع ان ينكر وجود اشكالية للمسيحيين العرب في فلسطين من جراء التعنت الإسرائيلي وعرقلتها لمسيرة السلام ، لكننا كأبناء للقديس فرنسيس لن نفقد أبدا الأمل في  ان روح فرنسيس  المتعلقة بتلك الأماكن يمكنها ان تعلمنا الصفح والتسامح وأنها تعمل في المسيحيين وغير المسيحيين ومن اجل التوصل الى  السلام الذي كان ينشده دائما في أناشيده " يا رب استعملني لسلامك ".

** هل أنت متفائل ام متشائم بشان أوضاع المسيحيين في الشرف الأوسط عامة وفي مصر خاصة ؟

لست متشائما على الإطلاق  فالأوضاع حاليا أفضل والحريات ازهي من عصور كثيرة سابقة ، مهما وجدت وصعوبات ،  والكنيسة القبطية عرفت معنى الاستشهاد وعصوره  ومرت بأزمات مريرة وها هي حتى الآن  قائمة موجودة وبخير .

** ما هي أمنيتك الشخصية للكنيسة غداة تعيينك كرئيس إقليمي في مصر ؟

ان تؤدي دورها بأمانة كشاهدة للمسيح يسوع حول العالم .