الدكتور محمود عزب: الوجود المسيحي العربي أصيل ومشارك في صناعة التاريخ

 

مقابلة مع مستشار الإمام الأكبر شيخ الجامع الأزهر لشؤون الحوار

حاوره إميل أمين

روما، الأربعاء 27 أكتوبر 2010 (Zenit.org)

يعد الأزهر الشريف قلعة الإسلام المصري، وفي هذا الإطار كان لنا لقاء مع الدكتور محمود عزب الأستاذ بالمعهد الوطني للغات والحضارات الإسلامية ‏"بجامعة السوربون‏" والأستاذ أيضًا بجامعة الأزهر ومستشار الإمام الأكبر شيخ الجامع الأزهر الدكتور احمد الطيب، لتقييم أعمال سينودس الشرق الأوسط الذي عقد في روما من 10 ولغاية 24 من أكتوبر الجاري.

بداية كيف نظر  الأزهر لفكرة انعقاد السينودس بحد ذاتها ؟

الأزهر الشريف لديه ثقة كبرى بحكمة رجال الدين والمسؤولين المسيحيين في روما ومصر والشرق العربي ، خصوصا أولئك الذين يعرفون تاريخ المنطقة جيدا ويعرفون ويقدرون لدينهم والأديان الأخرى احترامها وتقديرها . وبالتالي  فان كل اجتماع لمناقشة أحوال طائفة أو أهل دين هو أمر مشروع ، والمهم ما ينتج عن هذا الاجتماع من توصيات وهي غالبا تتسم بالحكمة والعقل ، والأزهر يقدرها ويستطيع ان يسمع بحكمة وبتفهم ، وان يناقش  كل ما يلقى إليه ،  بالحكمة والموعظة الحسنة ، وينتظر دائما التعقل والحكمة والفهم الصحيح للأشياء ، وارى  ان كبار رجال الدين المسيحي والمشرقيين العرب ، هم دائما على درجة من العقل والتفهم جيدة ، والأزهر ينتظر الشيء ذاته من حاضرة الفاتيكان ، ونحن في سفينة واحدة والمهم ان نتفاهم حول سبل نجاتها ووصولها الى بر الأمان .

ماذا عن أحوال ومآل  الحوار بين الأزهر والفاتيكان حتى الساعة ؟

قبل وصول شيخ الأزهر الدكتور  احمد الطيب كانت هناك لجنة للحوار قائمة لها خصوصياتها ، تبحث عن تنوير الطريق  واهتداء السبل لإيجاد طريق مستقيم ، ولها كشأن كل تجربة بشرية ايجابياتها وعليها سلبياتها، والأزهر بتاريخه الطويل كان قلعة للحوار بوصفه مؤسسة علمية إسلامية دولية جاذبة ، وتجارب التاريخ تؤكد انه حتى في زمن الغزو وأيام نابليون بونابرت لعب دورا رائدا كمحاور عن الأمة من خلال علمائه ، وفي بدايات القرن العشرين كان المسيحيون المصريون على نحو خاص ينظرون إليه على انه رمز الوطن ومؤؤل المقاومة ولهذا اعتلى رجال الدين المسيحي منبر الأزهر حشدا للجهود ضد المحتل البريطاني ،  وهذه التجربة ندرسها ونحاول ان نستنتج منها كل الأشياء الطيبة فسنتمر فيها وما يحتاج الى تطوير وتحسين نطوره وبخاصة إننا مقدمون على تجربة جديدة في هذا الإطار .

ماذا عن تلك التجربة سيما في ضوء ما يتردد من إنشاء مركز للحوار في الأزهر بمفهوم أكثر شمولا واتساعا ؟

مع تعييني  كمستشار للإمام  الأكبر في يوليو تموز  تم اقتراح إنشاء مركز للحوار بالأزهر ، عوضا عن لجنة حوار الأديان .. لماذا هذا التجديد ؟ .

 أقول لان الأديان  لا تتحاور والعقائد  ليست مجالا للحوار ، وهناك احترام متبادل للعقيدة ، لا مناقشة ولا حوار حول العقيدة ، أما المجالات المنتظرة  للحوار فتدور حول منظومة القيم الكونية العالمية  المشتركة ، القيم الكبرى التي ساهمت فيها الحضارات ذات الأديان السماوية والحضارات ذات الأديان الوضعية  البشرية  ، والحضارات  الأخرى التي لا دين لها ، لان كل الناس يجب ان يتفقوا على شيء أساسي وهو ان الحق والعدل والخير والسلام والأمن والتنمية وتوسيع دائرة المعارف والعلم والفهم ورفض الجهل والفقر والمرض والتهميش والاضطهاد والاستبعاد قيم لابد  ان يؤمن بها كل عاقل يهودي  ، مسيحي ، مسلم ، بوذي ، ملحد ، وهو أمر لا جدال فيه .

وهذا عندنا آت من قلب القرآن حيث هناك عدة مستويات للخطاب " يا أيها لناس ، يا بني آدم ، يا أيها الإنسان " هذا خطاب واحد للجميع يدعو للقيم الإنسانية  المشتركة .

 ولهذا فان هذا المركز الجديد في الأزهر يسعى لتعميم المفاهيم المشتركة فيمكننا ان نتحدث عن مفهوم العدل في القران الكريم وفي الكتاب المقدس ، ونتفق على الحد الأدنى  حول هذه القيم وننادى بتفعيلها عبر البشرية  كلها ، وبانتشارها وتطبيقها على الجميع بدون تمييز أو عنصرية .

لماذا لم نر حضور للأزهر في أعمال السينودس .. هل لم توجه دعوة إليكم ؟ وإذا كان ذلك كذلك فما تعليقكم ؟

نحن نتلقى  أي دعوة من خارج الوطن وننظر فيها  وندرسها بالضرورة وربما نطلب استفسارا  بشان جزئية ما ، ونحدد لاحقا موقفنا منها سواء بالمشاركة أو الاعتذار لأسباب معينة ، واعتقد انه لم توجه لنا دعوة من الأساس ،  وربما نفهم ان هذا يأتي في إطار ان السينودس لمناقشة أحوال المسيحيين وأحوالهم ، ولا لوم أو عتاب إذا كانت الدعوة لم توجه ، وان كنا نرجو في المرات  القادمة ان توجه الدعوة وندرسها ونأخذ موقف منها .

إذا كنتم قد  تابعتم ما دار من مناقشات فأي القضايا لفتت انتباه الأزهر الشريف على نحو خاص ؟

بالطبع ما وصل إلينا من أنباء عن رؤية آباء السينودس هناك للاحتلال الإسرائيلي والعنف الإسرائيلي واليمين المتطرف  على أساس  انه مدعاة رئيسية للاحتقان  والضغوطات النفسية  الموجودة في البلاد العربية  وحمدنا الله أنهم  يتفقون معنا في هذا الرأي لان كلنا مسلمون ومسيحيون متضررون من الاعتداءات الإسرائيلية على الأماكن المقدسة  في فلسطين ان كان المسجد الأقصى أو كنيسة القيامة وكنيسة المهد ، وغيرها من المقدسات الإسلامية والمسيحية هناك .

على أي وجه تقرأون مخاوف مسيحي المشرق العربي الحالية وهل هي في موضعها ام أنها مبالغ فيها كما يرى البعض ؟

السينودس أشار الى هجرة المسيحيين العرب على أنها جزء من هجرة أوسع لسكان المنطقة وأظن قصر اشكالية الهجرة على المسيحيين العرب هو أمر مبالغ فيه،  سيما وان الجميع مسلمين ومسيحيين يتطلع للهجرة بدوافع غالبيتها ان لم يكن كلها اقتصادية .

 والواقع ان بوادر التعصب عند بعض الإسلاميين في تقديري قد طفت على السطح كردات أفعال  في مواجهة التجبر والتكبر الأمريكي والإسرائيلي ولا ننسى الدور الأمريكي في زخم حركات مثل القاعدة وهذا كان لابد له ان يخلق تعصب مسيحي .

وكون المسيحيين العرب اقل في العدد ولا أقول أقلية ، فلو كان هناك مسيحي واحد في مدينة أو قرية فله وجود محترم ولمسيحيته وجود ، أقول كونهم اقل عددا  هذا يجعل دائما الحساسية اشد ، فما يمسهم يثير من الحساسية والمشاكل أكثر ويضخم الأشياء ، أما الحديث عن الإبادة والاضطهاد فهذا غير واقعي وغير موجود أبدا ، نعم هناك مشاكل لكنها كبقية مشاكل الأكثرية العددية المسلمة  من الغلاء والبحث عن العدالة والسعي نحو الديمقراطية وما أشبه  .

 

كيف يرى الأزهر الشريف إجمالا الوجود العربي المسيحي في الشرق الأوسط ؟

اعتقد إنني وما يقارب من 90% من المسلمين المتخصصين تاريخيا وأنا منهم،  فقد كانت دراستي لليسانس والماجستير ودكتوراه الدولة  في دراسات الكتاب المقدس  واللغات السامية  وبالتالي أنا آتي من قلب تاريخ الأديان السماوية  وقبلها الحضارات السامية ، إذن نحن نعي في الأزهر بوعي وليس بمصادفة  ان المسيحية في الشرق قديمة  أقدم من الإسلام بالتأكيد ، فالحالة الدينية  في الشرق ومصر في مقدمته  طبقات متراكمة وما من طبقة تلغي أخرى و لا تمحوها ولذلك فان يهودية ومسيحية وإسلام مصر لها ميزات وصفات تختلف عن نظيرتها في أي مكان أخر .

والإسلام فتح عينية فوجد  المسيحية العربية شريكة في الأرض والوطن والمصير  وهناك في التاريخ الإسلامي شواهد على احترام هذا الوجود بشكل غير مسبوق فهناك لقاء رسول الإسلام بمسيحي نجران وصلاتهم في ركن من أركان المسجد ، وهناك أيضا  وصايا  أبو بكر بضرورة عدم إزعاج الرهبان في صوامعهم ، وكذلك عهد عمر بن الخطاب لأهل ايلياء  " القدس ".

هذه كلها تؤكد على ان الإسلام والمسلمين والأزهر الشريف يرى ان هذا الوجود أصيل ومشارك في صناعة لاترايخ وهناك دور مهم للنصارى العرب  في نشأة العلم في بغداد المأمون  ، ودورهم في  بناء العلوم الإسلامية  ، والشهرستاني ( أحد علماء أهل السنة الأشاعرة )  يسمى حنين ابن سحق،  واسحق بن حنين بأنهم من " كبار فلاسفة الإسلام " ويقصد أنهم ساهموا في الحاضرة الإسلامية وان كانوا مسيحي العقيدة  .

في تقديركم هل تعني خطوة استخدام اللغة العربية في كثير من مناقشات  السينودس لأول مرة إضافة الى طلب اعتمادها كلغة رسمية في الفاتيكان تطور نوعي في التقارب مع العرب والناطقين بالعربية ؟

 نقدر هذه الخطوة وبلا شك هي خطوة تقاربية وان كانت تأخرت كثيرا ، وهنا اذكر بالأب الدكتور جورج قنواتي العملاق والمفكر الكبير المتخصص في الفلسفة الإسلامية والذي نشرها  في العالم بكل اللغات ، وقد جاهد في الفاتيكان طويلا للحصول  على كرسي للحوار والاعتراف بالإسلام والمسلمين ، وليس بالمصادفة ان يكون الداعي لهذا الجهاد الفكري راهب مصري كاثوليكي كان على وعي بهذه الأبعاد الوطنية والدينية والروحية ، واذكر بان الكتاب المقدس  تم تعريبه قبل الإسلام،  من السريانية واليونانية الى العربية وننتظر الكثير من التقارب عبر الاعتراف باللغة العربية والتي كانت محيطة  بالمسيحية المشرقية منذ مولدها  حتى الآن ، وبلا شك فان  إدراكها على أصولها  يسمح لأحدنا عندما يتناول بالحديث دين الأخر ان يعرفه من خلال  عمق نصوصه ومتنه .

هذا السينودس هو الأول من نوعه  الذي فيه تتناول الكنيسة الكاثوليكية بالرفض ظاهرتي الاسلاموفوبيا والتنميط السلبي للمسلمين بوجه عام .. كيف قرأتم هذا الاتجاه في الأزهر ؟

 هذه الرفض  وان  جاء متأخرا ، فانه  أفضل من ان لا يجيء على الإطلاق وبالفرنسية نقول ما من شيء متأخر الى الابد، وأقول ان الاسلاموفوبيا لا تنال حتى الآن مسيحيا  درجة من درجات المقاومة التي ينالها العداء للسامية ، أوروبا ترتعد عندما تسمع كلمة العداء للسامية ، وعلى هذا الأساس إسرائيل والصهيونية العالمية تبالغ في السحق والقهر والتهميش وتتستر وراء سلاح التخويف  من السامية .

 والإشكالية الحقيقية هي عدم التعامل بمعيار واحد مع الجميع وأنا ضد تهميش الأخر أيا كان ، والفاتيكان مؤسسة لها قيمتها الكبرى  وهي الكرسي المسيحي الأول في العالم  وعليها ان تمنح مواجهة الاسلاموفوبيا  نفس الاهتمام  حتى تكون المصداقية واحدة للبشر جميعا .

ذكرت بعض الآراء للاباء المشاركين  في السينودس انه ما من شعب مختار بعد وان كل شعوب الكون مختارة .. هل ترون هذه رؤية مسيحية مغايرة ؟

نعم ، وهي رؤية إسلامية أيضا  ، فالقران الكريم يقول عن اليهود " وفضلناهم على العالمين " لكن "  ثم قست قلوبكم من بعد ذلك فهي كالحجارة أو اشد قسوة "، وأتساءل  هل التفضيل مطلق ام مشروط ؟ القران يقول للمؤمنين " كنتم  خير امة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف  وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله "، إذا هذه الشروط  الثلاثة اختلت ، فلا تضحى خير امة ولا تفضل على الناس ،  ونحن مع الفاتيكان والسينودس في تعريف الشعب المختار بأنه الأقرب للعدالة منه الى غيره ، إذ ليس حق المختار ان يقتل ويصادر ويسحق ويمتهن كرامة الناس ويبقى مختارا ، وأؤكد ان كل طرح يدعو للعدالة والإنصاف الأزهر أول من يساهم فيه ويسانده  سواء إذا جاء من الفاتيكان أو من غيره من المرجعيات الروحية حول العالم .

فاعليات السينودس وكثير من مناقشاته توقفت  عند معنى ومبنى كلمة المواطنة .. هل يرجح الأزهر كفة دولة المواطنة ام الدولة الدينية ؟

لفظة الدولة المدنية تثير اشكالية في اللغة العربية  وفي مصر  والإسلام دين مدني  لأنه يدخل في السلوك اليومي للإنسان ليستقيم ، والمواطنة في الإسلام شيء مهم جدا  وحب الوطن من الإيمان ، وإسلاميا ومسيحيا يحتل الوطن مكانا فوق كل الخلافات ، له مكانة عالية والجميع فيه متتساون في الحقوق والواجبات واشدد على مفهوم ومحتوى الدين لله والوطن للجميع من قبل ومن بعد .

هناك جدل حول دعوة آباء السينودس لإعادة قراءة بعض الأحاديث الدينية " الداعية للعنف " والمرتبطة بسياقات تاريخية ولت .. كيف وجدتم هذه الدعوة في الأزهر ؟

 كلمة الأحاديث النبوية أضع من تحتها خطين ، وأتساءل  عن أي نوع من الأحاديث جرى الكلام ؟ ، إطلاق النداءات على عواهنها يضر أكثر مما يفيد ، هذه الأحاديث جزء من الإسلام ،  والمسلمين لديهم معايير لدراسة  الأحاديث والسنة  ولا يترك الأمر لأي مسلم ، هناك ضوابط لعلم الحديث ، هل آباء السينودس درسوا هذه الأشياء ، وهل سندع لأن يراجع كل إنسان دين الأخر ويناقش ويرى  فيه هذا  صحيح وهذا باطل ، سندخل في أشياء " ان تبدو لكم تسؤوكم "، وغير مستحبة على الإطلاق .

 لكن يمكن ان نرى معا القيم الكونية وما يناقضها من سلوك في حياتنا ونقول هذا السلوك  غير صحيح لأنه ضد القيم الكونية العليا وضد القيم القرآنية وقيم الكتاب المقدس  العليا.

 ومن غير المقبول على الإطلاق ان تقول لي  هذه آية لا تعجبني أو تضرني استبعدها ، أنت  تقول لي ما  في سلوكي يضر الحضارة والإنسانية ، ومن ثم نتناقش من حولها .

كيف تقيمون حالة التعايش الإسلامي المسيحي في مصر وبخاصة في ظل الاحتقانات  الطائفية الاخيرة ؟

منذ ثلاثة أسابيع شاركت في أعمال جماعة سانت ايجيديو في اسبانيا ونحن في الأزهر الشريف معجبون  بهذه الجماعة ونتمنى ان يكون لها حضور في مصر ، ونلبي دائما دعواتها  ونشترك  في لقاءاتها  ونشاركهم  قيمهم العليا ،  في ذلك اللقاء أجملت أسباب ما جري ويجري في بعض النقاط و فيها الرد على هذا السؤال ومنها :

_ ان استقراء التاريخ القريب منذ العالم 1948 والعنف في المنطقة هو رد فعل طبيعي على مذابح إسرائيل بدءا من دير ياسين حتى غزة ، إسرائيل غرست  العنف ، وبضربها لقرارات المجتمع الدولي  عرض الحائط ولدت حركات مقابلة ولا شك .

_ القوى الكبرى لعبت أدوارا  مهمة في إشعال نيران الحروب في المنطقة فعل سبيل المثال كانت فرنسا تزود إيران والعراق  في نفس الوقت  بالسلاح  سعيا للثروة ولأسباب الربح  الاقتصادي ، ولاحقا للسعي وراء النفط والذي كان من سوء  حظ المسلمين والمسيحيين ان يقع في أراضيهم .

_ اللعب على وتيرة الجهاد كما فعلت أمريكا في  افغانستان ومن هنا نشأت تيارات جهادية نحن نرفض عنفهم لكن يجب ان ننظر الى السبب الحقيقي وراء هذا التطرف  .

_ الشرق يمر بمرحلة من الضعف والجهل ، المسلمون لا يعرفون دينهم كما يجب والمسيحيون كذلك .

_ كل واحد سمح لنفسه ان يتكلم عن دين الأخر دون سند أو دراسة أكاديمية علمية موضوعية صادقة .

_  فوضى الخطاب الديني في العالم ، ومن أسف ففي ظل حقيقة القرية الكونية  بات ما يحدث من دعوات مجنونة في أي مكان كدعوة حرق القران الاخيرة تصل الى  العالم وتملا النفوس غضاضة ولا يستطيع الشرقي المسلم  ان يقف متسامحا بمثالية وطهرانية غير مسبوقة في مواجه هذا الاستعلاء وتلك الغطرسة  من قبل  الاقويا ء .

هجرة المسيحيين العرب واحتمال تفريغ المنطقة من مسيحييها بالمطلق هل تصب في صالح  الإسلام والمسلمين ام  أنها تنتقص في تقديركم من مكان ومكانة الحضارة العربية والإسلامية التي شارك فيها هولاء ؟

لا يسعد المسلمون  ولا الأزهر ان يفرغ في العالم ، ناهيك  عن بلد عربي شرقي أو مصر بالدرجة الأولى من قطاع من ساكنيه وأهله ولو وجود فرد  واحد مختلف الديانة . الهجرة اليوم حقيقة لها ظروفها الاقتصادية والحياتية قبل أي  شيء أخر وأخشى ان أكون بمواجهة محاولات  غير بريئة  من البعض في  الغرب يريدون سلخ جزء من نسيجنا الاجتماعي تحت دعوى الطرد ، فلو حدث وساق المسلمون المسيحيين العرب الى المطارات والموانئ لقلنا انه " خروج" أخر  مثل خروج بني إسرائيل ، لكن ان تسهل هجرة هولاء بقصد فهذا ما لا نقبله ، ونتمنى ألا يتكرر السيناريو الذي جرى مع أغنياء اليهود في مصر في الخمسينات الذين هجرتهم الوكالة الصهيونية  لثرواتهم ، وادعوا أنهم اجبروا على التهجير، وحتى في حالة العراق نلقي باللوم على الاحتلال الأمريكي كمسبب رئيس لتهجير المسيحيين  العراقيين .

 

هل من رؤية أخيرة لهذا السينودس بعد اختتام أعماله ؟

 نحن بانتظار وصول التوصيات النهائية وربما يجب ان ننتظر صدور  الإرشاد ألرسولي الذي يبلور كل ما دار فيه من مناقشات وأحاديث وما طرح فيه من أفكار  ونرحب في كل الأحوال بما يدعو لتماسك الشرق  ومصر في مقدمته لأنها صمام أمان  في المنطقة كما أكدت على ذلك كافة التجارب السابقة  وان كان سمحا وهذا ما نتوقعه ونرجوه  سنباركه ونؤازره .