حوار مع مار أغناطيوس يوسف الثالث يونان

الــزنبقةفي دير الشرفة بلبنان. تحاور غبطة أبينا الكلي الطوبى

موران طوبثونو مار أغناطيوس يوسف الثالث يونان في مقابلة خاصة

                                                                                                                   أجرى اللقاء

                               الخورأسقف بيوس قاشا

رئيس تحرير مجلة الزنبقة

 

وأنا في طريقي، عبر الأجواء، إلى بيروت لحضور اجتماعات اللجنة الليتورجية في دير الشرفة للفترة من 20-25 أيلول الماضي، كنتُ أتأمل هل سيعمل الروح على استجابة رجائي لمقابلة موران طوبثونو غبطة أبينا الكلي الطوبى، البطريرك الذي يحمل اليوم هموم كنيسته ومسيحييه في العالم العربي كما في المهجر، وخاصة أبناءه في العراق الجريح، والذي تقتله عصابات المفخخات من دون رادع، كما ينظر إلى أن يُحلّ الرب السلام والأمان؟.

          خاطبتُ الروح، فأجابني بثقة إيمانية أن غبطته يفرح بمجالسة أبنائه ،  أليس هو علامة الرجاء… وكم يكون اللقاء جميلاً حينما يكلم غبطته أبناءه عبر صفحات الحياة… نما الرجاء في قلبي، كما كان الإيمان دافعاً لي… إلى أن حانت الساعة، فكان اللقاء مع غبطته، وكان مساء تلك الجمعة عظيماً، 19/9/2010، وفي مكتبه الخاص بمقرّه البطريركي الصيفي في دير الشرفة… فكان اللقاء والكلمة… الحقيقة والرجاء.          وهاهي ذي صفحات الزنبقة _ مجلة العائلة والإيمان _ تنقل إليكم المقابلة بنصّها الكامل .

     من أقوالــه …

S  أينما كنتُ يشعر قلبي بكل المعاناة التي يعيشها شعب العراق.

S  السينودس خاص بالأساقفة، والأساقفة بدورهم عليهم أن يحملوا قضايا وتطلعات ورجاء المؤمنين.

S  دعوتي كبطريرك، كالخادم الذي يعرف أن يرأس بالمحبة، وهي مؤسسة على اتّكالي على الله، وعليّ أن لا أنسى أن أكون أميناً لهذه الدعوة.

S  المسيحيون من صلب المجتمع العراقي، ذوي حضارة عريقة وتنوّع ديني وثقافي.

S  أرض الرافدين لها حضارتها وثقافتها وتراثها الإنساني.

S  علينا أن لا ننسى الوجه المسكوني في كل إصلاح ليتورجي.

S  لا نتكلم عن ديانة بقدر ما نتكلم عن حقوق ومساواة، أقليّة كنا أم أكثرية.

S  لنا دور في هذا الشرق بأن نتابع حياتنا بالتعلق بوطننا.

S  المسيحيون لم يكونوا ولن يكونوا طابوراً خامساً.

S  لسنا من ذوي الإذعان لقوى أجنبية على حساب وطننا.

S  نرفض أي ولاء لدول خارجية مهما كانت على حساب خير أوطاننا الشرقية.

S  علينا أن نمتلئ من الرجاء حتى في أحلك الأوقات.



الزنبقة: السينودس على الأبواب… كُتب عنه الكثير، وأنا أعتبر انعقاد السينودس نفحة من الروح القدس تكلّم الكنائس في الشرق الأوسط… ما تعليقكم؟… وإلى أين سنمضي مع السينودس، خاصة وأنتم قد عُيّنتم من قِبَل قداسة البابا بندكتس السادس عشر عضواً في أمانة سر السينودس، والعمل مع الكاردينال ساندري لإدارة جلسات السينودس؟.

غبطته: أشكرك يا عزيزنا الخورأسقف بيوس قاشا. فإنني أقولها: أينما كنتُ يشعر قلبي بكل المعاناة التي يعيشها شعب العراق، لاسيما إخوتنا وأخواتنا المسيحيين في هذه الظروف الصعبة، لاسيما قبل الاحتلال ومنذ سبع سنوات من بعد الاحتلال.

صحيح ما قلتَه، إن السينودس هو نفحة من الروح القدس. نحن في زمن ارتفاع الصليب، نجدد رجاءنا، ونتطلّع إلى المصلوب الذي قهر الألم والموت بفعل محبته، وقاده إلى مجد القيامة.

كما تعلم أن جميع الكنائس الكاثوليكية في الشرق الأوسط مدعوّة مع أساقفتها لكي تتمثل في السينودس، فالسينودس هو سينودس أسقفي وليس مَجْمَعاً عاماً للكنيسة ذات الشرع الخاص، حيث يلتقي الأساقفة والاكليروس والرهبان والعلمانيون بحسب خدماتهم ورسالتهم في كنيسة معينة، ليتعمّقوا في رسالتهم ودعوتهم… إن هذا السينودس خاص بالأساقفة، والأساقفة بدورهم، عليهم، أن يحملوا قضايا وتطلعات ورجاء المؤمنين الذين يخدمونهم، كيما يتداولوا حولها مع باقي الأساقفة، ومن ثم كيما يصلوا إلى فعل النداء من أجل دعوتهم كمسيحيين لأجل تكميل مشيئة الله.

 

الزنبقة:  ربما هناك من ديانات أخرى ومن إيمان آخر يقولون بأن هذا السينودس لا يخصّنا نحن!.

غبطته: لسنا أبداً طرفاً منازعاً ضد الآخرين، ولا نتحدّى أحداً، ويحق لنا _ كوننا نتبع الإيمان المسيحي _ أن نتعمق في هذا الإيمان، ونراجع كيف نستطيع أن نعيش إيماننا بروح المحبة والحق، كما لا ننسى أن نعيش الحقيقة بأفعال المحبة والرحمة، وأن نمارس أفعال المحبة بروح الحق والحقيقة، مبتعدين عن الطروحات الكاذبة أو عن المواقف التي فيها نتجاهل الحق. لا نستطيع عيش المحبة الصادقة _ حتى الذين لا يشاركوننا _ إن لم نكن الداعين إلى تثبيت الحق والحقيقة ونقولها بمحبة.

هذا السينودس هو للأساقفة الكاثوليك، والبابا لا يستطيع أن يدعو غير الكنائس المتحدة معه، ولكن جميع المسيحيين مدعوون لمشاركة الرعاة الكاثوليك هذه الالتزامات نحو شعوبنا وأوطاننا في الشرق، وأن نتطلّع جميعاً بأمل ورجاء، ولا نشكل جبهة ضد أي كنيسة مسيحية ولا أية ديانة غير مسيحية _ مسلمة كانت أم يهودية. فالسينودس هو لكي نعيش دعوتنا المسيحية في الشهادة للإنجيل، والشراكة مع كنائسنا.

 

الزنبقة: ما هي نظرتكم الرعوية بعد استلامكم مهام أبوّة البطريركية منذ شباط من العام الماضي… أو بمعنى آخر: كيف ترون مسيرة الكنيسة السريانية، هل من محطات وقوف؟… وهل هناك تجديد أم مشروعاً ما؟.

غبطته: كل عضو في الكنيسة، إكليروساً كان أم علمانياً، مدعوّ لأن يعيش الإيمان بأبعاده المختلفة… نبدأ بعيش الإيمان في محيطنا القريب أي في رعايانا وأبرشياتنا وكنائسنا الخاصة. وكوني بطريرك _ أعني الأب الروحي للكنيسة السريانية الأنطاكية _ والراعي، والخادم الذي يعرف أن يرأس بالمحبة، لذلك كبطريرك عليّ أن أتذكر أن دعوتي هي مؤسسة على اتّكالي على الله، ورغم صعوبات المرحلة لا يمكن أن أنسى أن أكون أميناً لهذه الدعوة.

وكما تعلم، أن كل بداية هي مرحلة من مراحل مسيرة الكنيسة. ففي البيان الختامي للسينودس هناك أولويات وُضعت أهمها: ترسيخ المؤسسات السينودسية، بمعنى أن يلتفّ آباء السينودس حول البطريرك، وأن يتحدوا به لاكتشاف الحلول الناجعة والمناسبة، واكتشافات الإجابات الضرورية لهذه المرحلة الراهنة وذلك لخير الكنيسة… لذلك فقد تمّ الاتفاق مع آباء السينودس على إحياء وإعادة تشكيل اللجان السينودسية، كاللجنة الليتورجية _ الطقسية _ والمسكونية، ولجنة التنشئة الكهنوتية والرهبانية… هذه اللجان الثلاث ضرورية لكي يستطيع سينودسنا الأسقفي وضع حجر الأساس لمسيرة واعدة لكنيستنا العزيزة. واليوم، التأمت في مقرنا البطريركي اجتماعات اللجنة الليتورجية برئاسة أخينا المطران مار يعقوب بهنام هندو رئيس أساقفة الحسكة ونصيبين، والتي فيها يتمثل اكليروس طائفتنا في الشرق الأوسط. فهناك أعضاء من العراق وسوريا ولبنان، اجتمعوا هؤلاء من أجل دراسة وبحث شاملَيْن وعميقَيْن في كيفية إصلاح وتجديد القداس الإلهي كمرحلة أولى ومهمة، حيث تقدَّم الدراسة بعد الانتهاء منها إلى آباء السينودس ليُقرّوا الدراسة في وقت لاحق… وهناك كما تعلم لقاءات أخرى واجتماعات للوصول إلى نهاية المسيرة.

 

الزنبقة: وضع سكان العراق _ بمسلميه ومسيحييه _ وضع مأسوي بسبب ما يحصل، وبالخصوص بالنسبة للمسيحيين… هل من مخلص؟… هل أنتم إيجابيون بنظرتكم لمستقبله أم ماذا؟… هل لكم نظرة تفاؤل أم نظرة شك؟.

غبطته: كل مؤمن رسول، يحمل إلى الآخر تجربة الحياة في عيش إيمانه، ويحمل الرجاء كون الرجاء نعمة وفضيلة يسكبها في قلوب المؤمنين من خلال مسيرته البشرية. وفي كل التحديات التي نجابهها نستطيع أن نكتشف مشيئة الله تعالى الذي لا يريد إلا خير الإنسان وخلاصه. طبعاً _ كما سبقنا وأكّدنا مراراً _ إن المعاناة والمأساة والحالة المؤلمة التي عاشها ويعيشها ويختبرها الشعب العراقي ولاسيما أولادنا المسيحيين، كل هذه الأمور تملأ قلوبنا قلقاً، وتسبب لنا آلاماً نفسية، فهي تدعونا إلى أن نسعى مع ذوي الإرادة الصالحة لنوقف هذا النزيف الذي يحصل في العراق.

نعم، المسيحيون من صلب المجتمع العراقي، ذوي حضارة عريقة وتنوع ديني وثقافي، وأيضاً معروف عنه بطيبته وحبه للآخر. لكن لا نستطيع أن نتجاهل ما يحدث اليوم على أيدي عابثة ألا وهي الإرهابيين الذين يستغلّون قلّة الأمن وضعف الحكومة المركزية أو المحلية لكيما يستبيحوا الضعيف، ويبتزّوا ويهجّروا ويقتلوا وينهبوا ممتلكاتهم ويثيروا الرعب، سيما ما يعنينا اليوم هو أولادنا الروحيين الذين لا حول لهم إلا أن يهجروا ويغادروا وطنهم، وللأسف الشديد نحن نتابع مجريات الأمور هناك، ونعمل جاهدين صِلات ومداخلات لكيما يستتب الأمن، ويملك الحق والعدل بين الجميع، ونحترم ظروف الجميع أكثرية كانت أم أقليّة.

نعم، نتألم ولا ننسى هذا الوضع المأسوي، وإننا قلقين جداً بالأحرى تجاه المسيحيين الذين لا زالت الهجرة مستمرة عندهم _ ونستطيع القول _ وإن كانت قد خفّت نوعاً ما.

 

الزنبقة: الهجرة، قيل عنها الكثير، وقلتم في مناسبات كثيرة أن نتمسك بالأرض، وذلك ربما مخطط الرب أن نحيا في هذه البلاد… هل لكم هذه النظرة الإيمانية؟… أم كيف تنظرون إلى ذلك؟.

غبطته: طبعاً، بالنسبة لنا كمسيحيين، الأرض ليست عنصر أساسي لمعنى وجودنا في هذه الحياة لتتميم خلاصنا وللتدبير الإلهي، ولكن الأرض _ سيما تلك التي عاش على تربتها الأجداد والجدات لقرون طويلة، وجُبلت بعرقهم، والتي عرفت أيضاً أزمنة السلام والفرح، حالات الظلم والمعاناة _  هذه الأرض أيضاً لها خصوصياتها، أرض الرافدين لها حضارتها، وبثقافتها وبالتراث الإنساني والإيماني الذي حملته هذه الأرض تعطينا اليوم هذا الإنسان المسيحي العراقي، إنسان بلاد الرافدين. حتى _ ولو أننا كمسيحيين _ نسعى إلى أورشليم السماوية، نحن في هذا العالم نحو مسيرة حج نحو الأبدية أن لا ننسى أن مقومات الوطن بأنواعها مهمة جداً للإنسان لكيما يستطيع أن يحافظ على الفرح الداخلي، ويستطيع أن يعمل من أجل خير نفسه والآخرين، ويعطي مثلاً للأجيال الطالعة وحب الوطن والتضحية، وذلك _ نحن بشكل خاص في هذا الوقت _ نحث أولادنا أن يقوموا بفعل رجاء، ويلجئوا إلى الصبر حتى يترسخوا بالأرض مهما كانت الصعاب والتحديات. نحن على مدى 13 قرناً لم نصبح أقلية، ولكننا اليوم مهددين بالاندثار، ونعرف مثلاً البلاد التي حول العراق في آسيا الصغرى وإيران كم عاش المسيحيون وكم كان أيضاً غياب المسيحيين عن تلك المجتمعات والأوطان كبيراً، واليوم أضحوا قلّة لا تُذكَر.

 

الزنبقة: لقد كانت الزيارة الثانية إلى الهند في مسيرة عام واحد… ما كان هدف رحلتكم هذه؟.

 غبطته: هي الزيارة الثانية خلال عام إلى كنيسة السريان الملنكار الكاثوليك… لقد وُجِّهت إلينا دعوة لترؤس احتفالات اليوبيل الفضي لتأسيس المعهد السرياني في مدينة كوتايام سانت أفريم ايكونوليك ريسمبرغ انستيستيو (معهد مار أفرام المسكوني للأبحاث)، وهو معهد فقط يبحث في التراث والدراسات السريانية ويمنح شهادات عليا _ معترف بها من قبل الدولة والحكومة والوزارة في الهند _ بالدراسات السريانية. وهو المعهد الوحيد من نوعه في العالم. أسسه كاهن سرياني منذ 25 عاماً وهو الأب جاكوب تيكمبار بيل (Seri)، ودعاني لأترأس وأشارك في أعمال المؤتمر السابع للدراسات السريانية الذي عُقد هناك، وشارك فيه ما يقارب من 80 عالم وعالمة وكلهم مختصون بالدراسات السريانية، وقَدِموا من القارات الخمس، حتى أنه كان هناك عالم أتى من جامعة يابانية. المؤتمر كان المحطتين الرئيسيتين لزيارتي الثاني إلى الهند، واستطعنا أن نلتقي بالعديد من الرعاة الروحيين والمهتمين بالتراث السرياني، وحضرتُ معهم في الاكليريكيات وصلّيتُ معهم في لغتنا السريانية.

 

الزنبقة: بإيعاز من غبطتكم وبموافقة آباء السينودس في حزيران الماضي، عملتم على تشكيل لجنة ليتورجية لتجديد الطقوس وخاصة القداس… وهاهي ذي اللجنة برئاسة سيادة المطران مار يعقوب بهنام هندو قد عقدت اجتماعاتها في مقركم البطريركي الصيفي في دير الشرفة… كيف ترون مسيرة كنيستنا السريانية في مضمار تشكيل اللجان؟… وماذا تتأملون من لجنة الليتورجية أن تقوم به؟… فذلك موضوع حساس وخاصة القداس حيث يجب أن تكون الكنيسة قريبة من أختها الأرثوذكسية وسائرة في خط الكنيسة الكاثوليكية… ماذا تقولون؟.

غبطته: الكنيسة السريانية الكاثوليكية مدعوّة كسائر الكنائس إلى القيام بعمل جريء في إصلاح طقسي هدفه العودة إلى الجذور، ومن ثم أيضاً تقدم الرتب الطقسية وعلى رأسها الذبيحة الإلهية، ذبيحة الأفخارستيا، إلى المؤمنين، ليغرفوا النِعَم الضرورية في زمنهم الحاضر. إن الإصلاح الليتورجي في الوجه اللاهوتي والطقسي والرعوي… هذه اللجنة كنا ننتظرها منذ سنوات، منذ دعا إلى الإصلاح الليتورجي المجمع الفاتيكاني الثاني منذ 45 سنة (1965)، لذلك نحن مسرورون جداً أن يكون باستطاعتنا عمل دراسة ما وتقديمها لأعضاء السينودس المقدس، ونتّكل عليها بمساعدة أخصائيين في الليتورجية حتى من سائر الناس ذات التراث الأنطاكي ولتحقيق هذا الإصلاح. عدا هذه الوجهة علينا أن لا ننسى الوجه المسكوني في كل إصلاح ليتورجي، لذلك نقول: إننا جوهرياً لن نقوم بتغييرات تبعدنا عن إخوتنا السريان الأرثوذكس، ولكن هناك إمكانيات لتعددية بعض الصلوات، وأيضاً نتوقع في القراءات التي دون شك ستُغني روحانيات، وتساعد إخوتنا السريان الأرثوذكس على الاهتمام في الانطلاقة بتجديد الليتورجية، وبالطبع ستعرف كل ما توصلنا لنكون على تواصل مستمر.

 

الزنبقة: سؤال أخير… كيف ترون أوضاع المسيحيين خاصة في شرقنا العربي… هل لا زالت التسمية "المسيحي العربي" تلعب دورها في أوطان أغلبيتها من الديانة الإسلامية؟… وهل للمسيحيين العرب حقوق في بلدانهم أم أصبحوا عاهة وثقلاً يجب أن يُزاح؟.

غبطته: المسيحيون في البلاد العربية هم المواطنون القدامى في جميع الأوطان العربية، لا نتكلم عن ديانة بقدر ما نتكلم عن حقوق ومساواة أقلية كنا أم أكثرية. فمساواة جميع المواطنين بالحرية الكاملة للجميع بما فيها حرية المعتقد والضمير. اليوم المسيحيون في البلاد العربية من حقهم أن يعيشوا بأمان وبمساواة مع إخوتهم المسلمين، في الأراضي المقدسة وإسرائيل أو فلسطين ليعيشوا مع اليهود بكامل حقوقهم. علينا أن نسعى لكي نضلّ نطالب بهذه الحقوق على المستوى الإنساني، ولا نطالب بامتيازات ولا بحقوق أكثر من الآخرين. إننا نعيش في القرن الحادي والعشرين، وقد مرّت أكثر من ستين سنة على إعلان شرعة حقوق الإنسان عام 1948، وتقول المادة 18:"أن لجميع المواطنين الحرية ذاتها في العبادة وفي اعتناق الديانة وحرية الضمير"، بمعنى لا يحق لأحد ولا للدولة ولا لأية مجموعة أخرى أن يفرضوا على أحد ديانة معينة، ويقيّدوا حريته باختيار الديانة التي هو مقتنع بها.

لذلك علينا أن نتذكر أن المسيحيين أضحوا قلّة (لا أقصد فيها أمراً سلبياً)، هناك أكثرية، المهم أن تُحتَرَم الحقوق المدنية للجميع، ومن ثم علينا أن نتذكر أن لنا دوراً في هذا الشرق بأن نتابع حياتنا بالتعلّق بوطننا من أجل الانفتاح إلى الآخر وقبوله، وأيضاً علينا أن نتذكر أن المسيحيين لم يكونوا ولن يكونوا طابوراً خامساً مرتبطين بقوى أجنبية حتى لو كانت هذه من بلاد عُرفت غالبيتها بالمسيحية. نحن لا نقدم كما نقول، لسنا من ذوي الإذعان لقوى أجنبية على حساب وطننا، وإننا نرفض أي ولاء لدول خارجية أجنبية مهما كانت على حساب خير أوطاننا المشرقية.

أعود وأقول: علينا أن نمتلئ من الرجاء حتى في أحلك الأوقات، ونصلّي ونعمل من أجل إخوتنا المحتاجين إلينا في العراق، ولتجتمع القلوب كي نكون جميعاً دعاة المحبة والسلام بروح الحق.

 

الزنبقة: شكراً غبطة أبينا الكلي الطوبى… لقد استمعتم إلينا بصبر وأناة، وقلتم حقيقة الكلمة، بل كلمة الحقيقة، والتي كان يجب أن تقال… فأنتم الحق بعينه والحقيقة بذاتها… أنتم لنا موران طوبثونو، أباً وراعياً ورئيساً… سنبقى أوفياء لكم ولكنيستنا السريانية.

غبطته: شكراً يا إبننا العزيز الخورأسقف بيوس قاشا… نتمنى لمجلتكم – الزنبقة – التقدم والإزدهار، وهي تحمل الرجاء إلى أبناء العراق العزيز… وإن شاء الله سيعم البلاد السلام والأمان كي ينعم الإنسان بحرية الرأي والعقيدة، وفي العيش المشترك… وحفظ الرب بلاد الحضارات، وتحياتي إلى العاملين في مجلة الزنبقة الغراء وإليكم يا إبننا العزيز.

 

\"\"