كنيسة العراق: شهادة وشراكة

بقلم السيدة نيران إسكندر

 

ربي وإلهي، ها هي أمنا البتول سيدة النجاة تطلب منك عوضًا عنا نحن أصحاب العرس وتقول لك: "ليس عندهم خَمر" (يوحنا 2: 3)، فبلادنا تحتاج الكثير الكثير من الماء الحي ليروي أرضه التي كادت أن تجف؛ بلادنا تحتاج ماء نهرٍ عذب ليروي شعبها، وأشجارًا مثمرةً تنمو على ضفافه ليشبع الشعب بثمارها وليشفى المرضى بورقها (حزقيال 47: 1-12). 

ربي وإلهي، رفعتَ يديكَ على شعبِك أمام الشرير فأصبحوا شجرةً خضراء لا يمسّها شيء وجعلت منها صورةً لشجرة الحياة، الشجرة الخضراء التي سيقت للكسر (لوقا 23: 31). شهد العالم أجمع ما حدث في كنيسة "سيدة النجاة" ببغداد من وجود أُناسٍ إن صحّ القول بأنهم لا يعرفونك ولا يعرفون محبتك، لا حياة فيهم ولا بدّ من أن نحزنُ عليهم ليحْيوا. وكما شاركت هذه الكنيسة برُعاتها ورعاياهم بذبيحةٍ كفّارية، كما أراد لقاتليهم أن يعتبروها، كذلك أردت أنتَ أن يُشاركوا بالشهادة للعالم أجمع ومن ذات الموقع عن مماثلتهم لإبنك الحبيب حين سيق إلى الصلب: فسمِعهم العالم من ذات الموقع يُردِّدون كلماته الأولى من على الصليب ويصلّون لك قائلين: "يا أبتِ أغفر لهم، لأنهم لا يعلمون ما يفعلون" (لوقا 23: 34) إذ إقتسم ‘مَن يتبع تعاليمٍ لا نعلم من أين أتت‘ و‘مَن جعل المال إلاهًا له‘ على ثيابهم؛ وتوجّهتْ أنظارُك إليهم لتقول كلمتك لشهدائهم الذين كانت مخافتك في قلوبهم وصُلِبوا لأنهم أبنائك: "الحقّ أقولُ لك: ستكون معي اليوم في الفردوس" (لو 23: 43) ["طوبى لكم، إذا شتموكم وإضطهدوكم وإفتروا عليكم كلّ كذبٍ من إجلي، إفرحوا وإبتهجوا: إن أجركم في السموات عظيم، فهكذا أضطهدوا الأنبياء من قبلكم" (متى 5: 11-12)].

ربي وإلهي، وإذ راودتنا من بعد هذه المأساة أفكارًا جعلتنا نصرخُ إليك كما صرخ لك إبنك الحبيب المصلوب، إبن الإنسان: "إلهي إلهي، لماذا تركتني؟" (متى 27: 46)، فنرجوا منك المعذرة إذ أن ثِقل الألم على القلبِ كان رهيبًا، لنعود فنلتصق بإبنك ونصرخ إليك قائلين: "يا أبتِ، في يديك أجعلُ [أستودع] روحي" (لوقا 23: 46)، "وليس روحنا فقط بل روح كلّ من شرب من ماء نهر بلدي وإن كان عدّوي، فمن فتات الخبز يشبعُ الآخرين. أرونا يا الله وإستجب لأمنا سيدة النجاة، فنحن عِطاش".

ربي وإلهي، ما حدث جعلني أُحسُّ بمقدار محبتك لنا نحن الخاطئين إذ لا يستطيع أحد أن يغفر لمن قتله دون أن يكون في قلبه محبة كبيرة كبيرة كبيرة جدًا، محبة تفوق الوصف، محبة ليس من السهل أن تمتلك قلب إنسانًا عاديًا بل هو فعلاً إبنًا لله. أجل، "طوبى للساعين إلى السلام،  فإنهم أبناء الله يُدعون" (متى 5: 9)، آمين.