بقلم إميل أمين
القاهرة، الثلاثاء 16 نوفمبر 2010 (Zenit.org)
احتفلت كلية العلوم اللاهوتية والانسانية للاقباط الكاثوليك في القاهرة بعيد شفيعها القديس لاون الكبير وذلك عبر اقامة قداس احتفالي شارك فيه غبطة الاب البطريرك الكاردينال انطونيوس نجيب بطريرك الاسكندرية للاقباط الكاثوليك وكاردينال الكنيسة الجامعة ، وعدد من الاباء المطارنة والاساقفة ، ولفيف من الكهنة والرهبان والراهبات والعلمانيين .
وقد استهل الاب الدكتور شنودة شفيق رئيس الكلية عظة الاحتفال بكلمات القديس بولس الى اهل كولوسي :
"لتحلَّ في قلوبِكم كلمةُ المسيحِ بكُلِّ غناها… رتلوا المزاميرَ والتسابيحَ والأناشيدَ الروحيَّةَ شاكرينَ الله من أعماقِ قلوبِكُمْ(كولوسي 16:3) ، واكدفي كلمته على ان الاحتفال هذا العام هو لاربع مناسبات وليس واحدة فقط :
وأولى هذه المناسباتِ: هي عيدُ شفيعِ الإكليريكيّةِ، القديس لاون الكبير، الذي لُقِّبَ بالراعي العظيمِ، حيثُ كانَتْ تعاليمُهُ وعظاتُهُ تهدفُ إلى تربيةِ ضميرِ الشعبِ المسيحيِّ واستنارتِهِ، فنالَ حًُبَّ الجميعِ من إكليروس وعلمانيين. إذ ينصح المسيحي بأن يعرف هويّته الجديدة التي اكتسبها في المسيح فيقول: "اعرف أيها المسيحي هويّتك المسيحيّة، والتي تشركك في الطبيعة الإلهية، فلا تعود إلى السلوك غير اللائق كما كان الحال فيما سبق".
وثاني هذه المناسباتِ: هي إنَّنا نجتمعُ اليومَ حولَ أبٍ لنا جميعًا لنفرَحَ ونتهلَّلَ مَعَهُ. أولاً: لاحتفالِهِ منذُ أيامٍ قليلةٍ باليوبيلِ الذهبيّ الكهنوتيّ، فَقَدْ سِيمَ غبطةُ أبينا البطريرك كاهنًا في الثلاثين من شهر أكتوبر عام ألفٍ وتسعمائةٍ وستين. وثانيًا: لنوالِهِ الرتبةِ الكارديناليّة التي شَرّفَهُ بها قداسةُ الحبرِ الأعظمِ البابا بنديكتُس السادسَ عشرَ، وذلك أثناءَ انعقادِ سينودس كنائسِ الشرقِ الأوسطِ. (أكسيوس) إنَّكم لَمستحِقٌ يا غبطةَ أبينا البطريرك لهذا الشرفِ العظيم، لأنَّكمْ وضعْتُم إرادَةَ الله وتحقيقَها في حياتِكُمْ كاهتمامِكُمْ الأولِ ومن هنا جاءَ اختيارُكُمْ لشعارِ خدمتِكُمْ الأسقفيّة كلماتِ القديسِ بولسَ الرسولِ إلى كنيسةِ أفسس "لنعمل الحقَ بالمحبةِ"، والذي مازالَ شعارَ خدمتِكُمْ البطريركيّة. وأتذكّر كلماتِكُمْ يومَ تنصيبِكُمْ البطريركيّ: "إذا كان الحقُ يُحرِّرُ فالمحبةُ تُعَمِّرُ. تُعَمِّرُ القلوبَ والنفوسَ، تعمِّرُ البيوتَ والعائلاتِ، تعمِّرُ الكنائسَ والمساجِدََ، تُعَمِّّرُ المؤسّساتِ والأنظمةَ، تُعَمِّرُ القرى والمدنَ، تُعَمِّرُ عالمَ الإنسانِ والبشرِ". فقلوبُنَا عامرةٌ بحبِكَ الأبويّ الذي تغمُرُنَا به. فبهذه المناسبةِ نهنئُ أنفسَنَا ونهنئُ الكنيسةَ الجامعةَ ونصلّي إلى الرّبِ يسوعَ المسيحِ أن يرافقَ خُطواتِكُمْ ويباركَ حياتَكُمْ. وتنتهزُ أسرةُ الإكليريكيّةِ هذه المناسبةَ السعيدةَ لتُعَبّرَ عن حبِّها وتقديرِها لغبطتِكُمْ بتقديمِ تذكارٍ بسيط.
وثالثُ هذه المناسباتِ: هو الحدثُ العظيمُ الذي عاشتَهُ الكنيسةُ الجامعةُ في الفترةِ من العاشرِ إلى الرابعِ والعشرين من أكتوبر الماضي، ألا وهو "سينودس الشرقِ الأوسطِ" والذي كان موضوعُهُ "الحضورُ المسيحيّ في الشرقِ الأوسط: شركةٌ وشهادةٌ" كما سمعْنا في عظةِ أبينا البطريرك عنوانًا مستندًا إلى كلامِ سفرِ أعمالِ الرسلِ: "وكانَتْ جماعةُ المؤمنينَ قلبًا واحدًا وروحًا واحدةً". ولَقَدْ وعدَنَا السيدُ المسيحُ قائلاً: "إذا اجتمعَ اثنانِ أو ثلاثةٌ باسمي فهناك أكونُ في وسطِهمْ". ماذا إذًا لو اجتمعَ باسمِهِ كُلُّ القائمينَ على قيادةِ سفينته في مشارقِ الأرضِ ومغاربِها ليتناقشوا حولَ وضعِ السفينةِ وركّابِها وصحةِ اتجاهِهَا والمخاطرِ التي قَدْ تُحدِقُ بها؟
ورابعُ هذه المناسباتِ وآخرها: هي تقدُّم بعضِ أبنائِنَا الإكليريكيّينَ لنيلِ بعضِ الدرجاتِ الصغرى: الأناغنسطيّة والرسائليّة. اعلموا أيُّها الأبناءُ أنّ هذه الدرجةَ هي الخطوةُ الأولى والضروريّةُ نحوَ الكهنوتِ. إنَّنَا جميعًا نُقَدِّرُ مُقَامَ الكاهنِ وخدمتَهُ، فهو يُمثّلُ الله لدى الشعبِ ويقومُ بتمثيلِ الشعبِ لدى الله، إنَّهُ نورُ العالمِ وملحُ الأرضِ، وهذه هي دعوتُكُمْ.
وقد ذكر الاب الدكتور شنودة شفيق بكلمات الحبر الاعظم البابا بندكتوس السادس عشر إلى الإكليريكيّين في ختام السنة الكهنوتيّة في 19/10/2010:
إن المسيرةَ بالإكليريكيّةِ هي مسيرةٌ جماعيّةٌ نحوَ الخدمةِ الكهنوتيّةِ. فلا يستطيعُ المرءُ أن يُصبحَ كاهنًا من تلقاءِ نفسِهِ. فهناك حاجةٌ إلى الجماعةِ، جماعةٌ تعيشُ في اتصالٍ وتواصلٍ دائمٍ مع الله عن طريقِ الصلاةِ. نُعَبّرُ له عن رغباتِنَا وآمالِنَا، وأفراحِنَا وآلامِنَا، وأخطائِنَا وفعلِ شكرِنَا على بركاتِهِ. وفي الوقتِ ذاتِهِ نتعلّمُ أن نعملَ على التحسّنِ والتقدّمِ في مسيرةِ دعوتِنَا وعلاقتِنَا بِهِ.
ولتحقيقِ كلِّ ما يوصي به قداسةُ البابا في خطابِهِ، اكد الاب الدكتور شنودة شفيق على ان الاكليريكية تبذلُ قصارى جَهْدِها في توفيرِ وتطويرِ كُلِّ ما هو أساسيّ وضروريّ لمسيرةِ تكوينِكُمْ على كافةِ الأبعادِ الروحيّةِ والدراسيّةِ والإنسانيّةِ لتساعِدَكُمْ على تحقيقِ دعوتِكُمْ في الكهنوتِ الإيبارشيّ. فَقَدْ أدخَلَتْ الإكليريكيّةُ وسائلَ التكنولوجيا الحديثةِ التي تساعِدُكم أن تواكبوا العصرَ الذي تعيشونَ فيهِ، وبنهايةِ هذا العامِ الأكاديميّ سوف ننتهي من تطويرِ مكتبتِنا بإنشاء صالةٍ للقراءةِ، إدخالِ كلِّ الأجهزةِ الهامةِ والضروريّةِ للبحثِ والاطّلاعِ، توفير كل ما هو أساسيّ من موسوعاتٍ وكتبٍ.
واضاف : اقتناعًا منّا بأهميةِ الخبراتِ الخارجيّةِ في تكوينِ الإكليريكيّ، تسعى الإكليريكيّةُ أن توفّرَ الفرصَ المناسبةَ التي تساهمُ في تكوينِكم الروحيّ والرعويّ والإنسانيّ واللُغوي على مثالِ الخبراتِ التي تقومونَ بها في خارجِ مصرَ خلال الإِجازةِ الصيفيّةِ، بالسودان أو كينيا أو لدراسة اللغةِ الإنجليزية بالجامعةِ الأميركيّةِ وخلافهِ.
واختتم بالقول : معًا نشكرُ الله وكلَّ مَنْ يضعُهُمْ على طريقِ حياتِنا لمساعدتِنا لتكملةِ مسيرةِ دعوتِنا لخدمةِ الله والنفوسِ، فأدعوكُمْ أن تستفيدوا من كلِّ ما يُقدَّمُ لكم وأقولُ مع قداسةِ البابا لن تندموا على ذلِكَ. مَعَكُمْ نضعُ مسيرتَكُمْ التكوينيّةِ بين يديّ الله ونطلبُ شفاعةَ وحمايةَ أمِّنا مريم العذراء.