آفاق النجاة… بشفاعة سيدة النجاة

 

 بقلم المونسنيور بيوس قاشا

 

            Sمذبحة الكرادة… مذبحة كنيسة سيدة النجاة… ما أبشعها… جريمة مروعة… مخجلة…  بل هي وصمة عار… راح ضحيتها أبوان في ربيع الكهنوت… أطفالٌ صغار… شباب… نساء ورجال… هؤلاء كلهم سقطوا قتلى وجرحى، ولم يخجل السفّاحون من جرائمهم، كما لم يدركوا أنهم شوّهوا صورتهم     _ هم والذين خططّوا لها _ فأصبحوا وحوشاً مفترسة، غرزوا أنيابهم في أجسادٍ بريئة عبر أسلحتهم الكاسرة.

           Sلم يسجل التاريخ مثل هذه المذبحة إلا ما حصل في منتصف الجيل الثاني من القرن العشرين… إنها إبادة جماعية، سجلها التاريخ عبر صفحاته السوداء، وكان حطبها أناس أبرياء، قصدوا كنيستهم من أجل إقامة شعائرهم المقدسة، بل أقدس الشعائر… قداسهم الإلهي الأَحَدي… فكانوا مع مسيحهم ذبيحةً ومذبحاً.

          S في هذه المذبحة ظهر نمط عنفي غريب… عنف لم تختبره مجتمعاتنا الحديثة… عنف الحرب الأهلية من أجل مصالح أنانية، فيها كان تلاميذ المسيح هم الحملان الذبيحة، كما كان المسيح هو الحَمَل الذبيح، الذي افتدى العالم بدمه، وهو الذي قال لتلاميذه إن مصيرهم لن يكون أفضل حالاً من مصيره "ستأتي ساعة يظنّ فيها كل مَن يقتلكم أنه يقرّب لله قرباناً" (يو2:16).

          S  ضحايا مذبحة سيدة النجاة، هم شهداء، يكفيهم أنهم كانوا في لقاء ربّهم، ودماؤهم غفرت ما كان يجب أن يتمّ، والأحياء الذين رافقوهم بصلواتهم ودموعهم استشهدوا معهم كونهم عاشوا الجحيم، غير فاقدين رجاءهم. فكانوا مع الشهداء شهداء، وها هم الأحياء شهداء، كون الشهادة رسالة الحقيقة.

            Sمذبحة سيدة النجاة ستُدرَج حروفها ضمن رسائل الزمن، وأبجديات التاريخ، لتعلن للملأ أن لغة الجرائم ما هي إلا وجود الشرّ وتأصّله في القلب الذي باع القيم وإنسانية الله وصورته، ولكن مهما أمعن الشرّ في حياة البارّ سيبقى الرجاء درع الخلاص، وطوبى لِمَن يثبت إلى المنتهى.

            Sمذبحة سيدة النجاة تعلّمنا أن الدماء التي سُفكت لن تكون إلا نبع سلام وتآخي… رسالة محبة وإخاء… وما المسيحية في ذلك إلا مصدر اعتزاز وفخر، فهي تحمل رسالة الحب، قيمته فداء وغفران وشفاعة… إنها كما قال قداسة البابا بندكتس السادس عشر:"ستكون التضحية بذرة سلام وولادة جديدة".

           S وأختم كلمتي بما قاله ملفاننا السرياني مار أفرام:"هيئ نفسك أيها الأخ لتلك الرحلة، لأن أمر الرحيل رهيب… والويل لمن لا يكون جاهزاً". فما حصل يدعونا أن نكون أمناء أوفياء… إنها آفاق النجاة بشفاعة سيدة النجاة… لا بل سيدة الشهداء… وأنحني إجلالاً لأرواح شهداء كنيسة سيدة النجاة.