البيان الختامي لمؤتمر أساقفة شمال افريقيا

الجزائر، الجمعة 04 فبراير 2011 (Zenit.org)

عقد مؤتمر أساقفة شمال افريقيا اجتماعه الدوري العادي في مدينة الجزائر العاصمة في الفترة ما بين 29 كانون الثاني و 2 شباط 2011. شارك في هذا الاجتماع جميع أساقفة شمال افريقيا ونوابهم العامون، ياستثناء الاب ماريو ليون دورادو، المدبر الرسولي لمنطقة العيون وذلك لأسباب صحية. ترأس هذا الاجتماع المونسنيور فانسان لانديل، رئيس أساقفة الرباظ ورئيس مؤتمر أساقفة شمال افريقيا. كما شارك في هذا الاجتماع كل من المونسنيور بيوتر تارنافسكي سكرتير السفارة البابوية في الجزائر والمونسنيور دومينيك موغافيرو، أسقف مدينة مازارا دل فالو في جزيرة صقلية الذي شرف المؤتمر بحضوره وابهج الجميع بمشاركته الفاعلة في جميع أعمال المؤتمر كعلامة على الشركة ألأخوية التي تجمعنا بمؤتمر أساقفة ايطاليا.

افتتح المؤتمر بتبادل أخوي حول الأوضاع في بلاد وكنائس المؤتمر استغرق مدة ستة وثلاثين ساعة من العمل، وسمح للمؤتمرين بمراجعة الأحداث التي تعصف حاليا بالعالم العربي، كما في تونس على الخصوص، ولكن أيضا في مصر وبلاد أخرى ومحاولة الخروج بتقييم أولي لهذه الأحداث.

ووهم يرون في الأحداث التي تعصف حاليا بتونس ومصر… مطالبة صريحة بمزيد من الحرية والكرامة لا سيما من قبل الاجيال الصاعدة في منطقتنا والتي تترجم في رغبتهم بان يعترف بالجميع بكونهم مواطنين، ومواطنين مسؤولين. وبالعودة الى رسالة قداسة الحبر الأعظم ليوم السلام العالمي في الأول من كانون الثاني 2011 بعنوان "الحرية الدينية، درب للسلام" وعلى ضوئها يرى أساقفة مؤتمر أساقفة شمال افريقيا قداسة البابا ان الحرية الدينية هي الضمانة الأكيدة لاحترام كامل ومتبادل بين الأشخاص، وتتجسد هذه الحرية الدينية قبل كل شيء في الاعتراف بحرية الضمير لكل انسان وبحرية البحث عن الحقيقة. كما انها تفترض احترام الشخص الآخر واحترام كرامته الانسانية التي تشكل أساس الشرعية الأخلاقية لكل نظام اجتماعي او قانوني. …. كما يعتقدون جازمين بان مواضيع حرية الضمير والمواطنة ستكون بلا شك وأكثر فأكثر في قلب الحوار بين المؤمنين المسلمين والمسيحيين الذين يسكنون بلاد المغرب العربي.

كما كشف استعراض موسع لما تعيشه كنائسهم العوامل المشتركة التي تجمع بينهم والتي تتلخص في رغبتهم جميعا بأن يكونوا كنيسة خادمة:

–  في الخدمة الرعوية للمسيحيين الذين يعيشون في هذه البلاد والقادمين من دول أخرى وهم في غالب الاحيان أجانب قدموا لقضاء بضع سنوات في العمل او الدراسة او بدواعي الهجرة. وتعرب الكنيسة عن قلقها من الأوضاع المأساوية للمهاجرين وهي تفعل كل ما في وسعها لتوفير أوضاع معيشية أكثر انسانية بالنسبة لهم كما انها تدعم كل الجهود التي تبذل لتحسين أوضاع هؤلاء المهاجرين.

–  وفي خدمة اهالي هذه البلاد وهم على الغالب من المسلمين وخدمة تطورهم وطموحاتهم في مزيد من الكرامة. كما انها تشيد بالعلاقات الأخوية التي تربطها بمواطني هذه البلاد وبكل المناسبات التي تسمح لها بتوثيق هذه العلاقات والروابط الأخوية: نعم، ان الحوار الاسلامي المسيحي ممكن، كما ان التعاون المشترك في خدمة الأشخاص الأقل حظا والعمل المشترك مع المؤسسات المدنية في بلاد المغرب تتيح لهم فرصة التعارف المتبادل كما انها، وابعد من التسامح، تسمح لهم بالاحترام المتبادل والتفاهم المشترك في البحث عن ارادة الله.

وقدم المندوبون الاربعة الى سينودس أساقفة الشرق الأوسط تقريرا عن مشاركتهم كأعضاء اصيلين في هذا السينودس. لقد كانت خبرة كنسية رائعة، كان الهدف منها دعم ومساندة الجماعات المسيحية في منطقة الشرق الأوسط التي تشهد في الأوضاع السياسية الحالية تهميشا لا بل اططهادا حقيقيا في بعض الأحيان. كما انهم اختبروا كيف ان الحوار الاسلامي المسيحي يعاش بطريقة مختلفة في هذه البلاد عما هو الحال عليه في بلاد المغرب وقدروا كما هو ضروري عيش لحظات تبادل أخري بين كنائسنا بهدف التقدم على طريق التحدي المشترك الذي هو السلام.

كما أجرى أعضاء مؤتمر أساقفة شمال افريقيا تفكيرا معمقا حول السؤال الصعب المتعلق بمستقبل كنائسهم:

– وأشاروا بقلق الى النقص المتزايد في تجديد أعضاء الاكليروس والرهبان والراهبات القادرين على التكلم بالعربية والى صعوبة الحصول على الفيز اللازمة في بعض البلدان. وهم يرحبون بقدوم الجمعيات الرهبانية الجديدة وبعض الكهنة المعارين من ابرشيات أخرى ومن كل القارات لاسيما افريقيا وأسيا وأعضاء "الجمعيات الجديدة" والعلمانيين الملتزمين ويعتبرون كل ذلك هبة من الله. كما يشيدون بسخائهم واندماجهم السلس في الأعمال الاجتماعية وفي الجمعيات العاملة على التطوير والنمو، كما انهم يتساءلون ويبحثون عن الطريقة الفضلى لمساعدة كل هؤلاء العاملين الرعويين على استيعاب وتبني روح الخدمة المجانية التي تتصف بها أعمال وحضور الكنيسة في بلاد المغرب.

كما أشاروا الى حضور العديد من الطلبة القادمين من كل بلاد أفريقيا والذين يكونون في بعض الأحيان عصب جماعاتنا المسيحية ويحملون اليها حماسهم ونشاطهم ويجدون فيها امكانية ممارسة مسؤولياتهم كمعمدين. :كما ان مؤتمر أساقفة شمال افريقيا نظم مع اللجنة المشتركة بين أساقفة المغرب وأساقفة اوروبا ندوة حول رعوية المهاجرين في شهر ايار القادم وقرروا المشاركة في المؤتمر الذي سيعقد في روما في شهر تشرين الثاني القادم حول العناية الرعوية بالطلبة في العالم.

وأشاروا أخيرا الى التطورات الكبيرة الجارية في بلادهم وفي كنائسهم والى الحاجة التي يشعرون بها الى تفكير أعمق حول معنى حضور الكنيسة والشهادة المسيحية للانجيل في هذه البلاد.

وقدم المونسنيور جورجر، مندوب المؤتمر في لجنة الأساقفة الناطقين بالفرنسية حول الترجمات الليتورجية، تقريرا عن عمل اللجنة وتقدم أعمالها حول ترجمة كتاب القداس اللاتيني. وقام الأساقفة بعد ذلك بالتصويت على بعض نصوص هذة الترجمات الى اللغة الفرنسية.

وبكثير من التأثر، قام أعضاء مؤتمر أساقفة شمال افريقيا تحت تساقط الثلوج بزيارة الى دير سيدة تبحرين وصلوا في الكنيسة التي طالما انشد فيها الرهبان المزامير وبحثوا عن ارادة الرب الذي يقول: "ليس هناك من حب أعطم من حب من يبذل نفسه في سبيل أحبائه" كما وقفوا بصمت على قبور هؤلاء الاخوة الرهبان واعربوا عن سرورهم بان يصبح هذا الدير اكثر فاكثر مكانا للصلاة والعبادة. ان فيلم "رجال وآلهه" يسمح للعديدين بان يدركوا معنى حضور الكنيسة في بلاد المغرب.

وفي مساء الثاني من شباط، وهو عيد تقدمة الرب الى الهيكل، التف أعضاء مؤتمر أساقفة شمال افريقيا حول المونسينيور غالب بدر وجماعة المسيحيين لكنيسة الجزائر للاحتفال بصورة رسمية بتدشين بازيلكا السيدة الافريقية بعد ان تم ترميمها وتجديدها. وكانت هذه لحظات مؤثرة، لحظات صلاة وشكر لله لعمل الروح القدس في هذه القارة الافريقية ولحظات صلاة وتوسل الى الله لكي يستمر في دعم هذا الحضور المتواضع والقائم على روح الخدمة للكنيسة في بلاد المغرب، ولحظات إعجاب وتقدير لأعمال الترميم الرائعة لهذه البازيلكا العزيزة على قلوب كل الجزائريين.

يعقد الاجتماع القادم لمؤتمر أساقفة شمال افريقيا في تونس من 12 وحتى 17 تشرين الثاني 2011.

المونسنيور فانسان لانديل

رئيس أساقفة الرباط ورئيس مؤتمر الأساقفة

الجزائر في 2 شباط 2011