مبروك وإلي الأمام في رعاية الله
تصريح من الكنيسة الكاثوليكية بمصر
تنضم الكنيسة الكاثوليكية المصرية إلي كل أبناء مصر الأوفياء ، لتشكر الله تعالي علي التوفيق الرائع لحركة شباب 25 يناير البواسل ، التي انضم إليها كل المواطنين المخلصين ، إن لم يكن بالتواجد الشخصي ، فبالمشاركة الوجدانية ، وبالدعاء إلي الله تعالي من أجل خير مصر الحبيبة ، وبمتابعة أخبارها لحظة بلحظة في تلهف وترقب وآمال عظيمة . كان من المنتظر إجراء التغيير تدريجيا مراعاة لبنود الدستور ، ولكن إرادة الشباب والشعب حسمت مسيرة الأحداث . ونحن علي ثقة أن كل التطلعات ستتحقق بإذن الله .
الشكر لجموع الشباب المحبّين للوطن ، الذين كانوا في أساس اندلاع الشرارة التي انطلقت منها هذه الحركة ، فتحوّلت إلي بركان ثائر لا يمكن إخماده ، استقطب كل القوى الرافضة للأوضاع الخاطئة المتحكّمة طويلا في البلاد ، متطلعة إلي غد أفضل وأكثر إشراقا لمصر الحضارة ، متّحدة حول قضية واحدة : حب مصر وكرامة أبنائها . إن مصر تكتب تاريخها دون انقطاع منذ 7000 سنة بحروف من نور ونار ، وها هو يتوهّج اليوم بإشراقة جديدة ساطعة .
تحيّة لأرواح الشهداء الذين بذلوا حياتهم في سبيل إشراق شمس هذا اليوم التاريخي الفارق. فليتغمّدهم الله تعالي بواسع رحمته ويضمّهم إلي الأبرار الأوفياء ، وليعط العزاء وسلام القلب لذويهم ويتولاهم برعايته . وصلواتنا من أجل المصابين والجرحى ليستردوا تمام الصحة ، ومن أجل ضحايا العنف والتخريب ليستعيدوا بناء ما ضاع أو تهدّم .
والشكر الجزيل لكل من أسهم في حماية الأشخاص والممتلكات العامة والخاصة في تلك الفترة الحرجة : اللجان الشعبية ، ورجال القوّات المسلحة ، وقوّات الأمن . لقد أفرزت هذه الخبرة واقعا غاب عنا طويلا ، ألا وهو تلاحم كل أبناء الوطن ، شبابا وكبارا وصغارا ، مسلمين ومسيحيين ، بلا أية تفرقة أو تمييز ، في وحدة الهدف والعمل والعطاء ، من أجل خير مصر وأمن وسلامة البلاد . ونحن واثقون أن هذه المشاعر التي ملكت علي كل القلوب ستدوم في المستقبل القريب والبعيد .
والآن حان وقت العمل الجاد والحاسم والملتزم ، حتى ترجع مصر في طليعة الدول اجتماعيا واقتصادياً وسياسياً ، فتتألق من جديد بحضارتها المتأصّلة التي أضاءت العالم علي مدى التاريخ . مع كل أبناء مصر ، نتطلع إلي خطوات سريعة تحقّق ما أعلنه المجلس الأعلى لقيادة القوّات المسلحة ، ألا وهو إعادة بناء الوطن علي أسس دستورية صحيحة . نريد أن تأخذ مصر مكانها ومكانتها عاليا بين الدول الحديثة ، دولةً مدنية ، دولة ديموقراطية ، تقوم علي أسس القوانين والعدالة والمساواة ، وتحترم حرية الإنسان وكرامته علي أساس المواطنة وحدها ، تفتح أبواب المشاركة لكل الأطياف دون أن تختزل الأشخاص والفئات في أحد أفرادها ، وتحقق كل ما نادى به المحللون والسياسيون والمفكرون لدرء الشروخ التي أصابت وشوّهت بنيانها في كافة الميادين . وها هم أبناء مصر الأوفياء مستعدون لبذل كل غال ورخيص من أجل خير ورفعة الوطن الغالي . والكنيسة الكاثوليكية بكل مؤسّساتها ستعمل معهم يدا بيد لإعادة البناء وتكملة المسيرة نحو غدٍ أفضل .
حفظ الله مصر ، وحفظ قادتها وألهمهم ما فيه صالح البلاد لليوم وللغد .