جل الديب، الثلاثاء 01 مارس 2011 (Zenit.org)
عقدت ظهر اليوم الثلاثاء ندوة صحفية في المركز الكاثوليكي للإعلام بدعوة من اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام بعنوان : "قراءة لأحداث الشرق الأوسط"، شارك فيها : عميد كلية العلوم السياسية في جامعة الحكمة، الخوري الدكتور كميل مبارك، رئيس تحرير جريدة اللواء، الاستاز صلاح سلام، الإعلامي والمحلّل السياسي، الأستاذ عادل مالك، ومدير المركز الكاثوليكي للإعلام، الخوري عبده أبو كسم، حضرها: أمين سرّ اللجنة الأب يوسف مونس، ، والمسؤول عن الفرع السمعي البصري في اللجنة، الاب سامي بو شلهوب، من الرابطة المارونية، العميد بردليان طربية، والدكتور أنيس مسلّم، والمحامية باتريسيا دكاش، وعدد كبير من المهتمين والإعلاميين.
بداية رحب الخوري أبو كسم بأسم رئيس اللجنة الاسقفية لوسائل الإعلام، المطران بشارة الراعي بالمنتدين والحضور قائلاً:
االمطران بشارة الراعي تغيب عنا اليوم بسبب مشاركته في اجتماعات المجلس الحبري للاتصالات الاجتماعية في حاضرة الفاتيكان. متسائلاً:
يأتي الحديث اليوم على موضوع الشرق الأوسط الجديد، في خضم الأحداث والثورات والتحركات الشعبية التي تضرب الأنظمة العربية، وهي تتهاوى بسرعة لم يكن يتوقعها أحد، لكن الأسئلة المطروحة اليوم ماذا بعد هذه الأنظمة؟ ماذا وراء هذه الثورات؟ ومن سيرسم خريطة الشرق الأوسط الجديد؟
اأسئلة لا بدّ من الإجابة عليها؟ لكن ما يهمنا هو هل ستستطيع الدول العربية تقرير مصيرها وإقامة أنظمة ديمقوقراطية تسمح بحرية الرأي والتعبير والإنفتاح على شعوب المنطقة والعالم؟
هل ستراعي حقوق الإنسان بغض النظر عن إنتمائه الديني والعرقي؟
هل ستؤمن حقوق الأقليات في هذه الدول؟ أم أنهم سيعتبرون أرقاماً لا قيمة لها؟
هل سيكون لهم الحق في المشاركة في الحياة السياسية في بلدانهم؟
هل سيكون هناك مكان للسلام في هذه المجتمعات أما سيطغى التعصب الديني عليها؟
تحربة جديدة، نمطٌ سياسي جديد، الأكيد ستتبدل صورة المنطقة، لكن كيف ؟ وما هي التطورات التي ستحملها هذه الأحداث في الأسابيع القادمة؟
وهل سيكون لها تأثير على الداخل اللبناني؟ أسئلة مفتوحة، تنتظر أجوبة وما علينا إلاّ الانتظار !
ثم كانت مداخلة الأب كميل مبارك جاء فيها:
على ضوء البيان الختامي للسينودس من أجل الشرق الأوسط والذي حمل العنوان المعبِّر: "الكنيسة في الشرق الأوسط شركة وشهادة". إنَّه نداء الحرية والعدالة الذي ينمو فينا من دون إدراك منَّا حينًا، وبوعي مغلَّف بالتساؤل والخوف أحيانًا. هذا النداء يرسم هويتنا ويحدِّد طريقنا.
وأضاف: "السينودس قراءة جديدة لواقع الشرق، لواقع الإنسان فيه، إلى أي دين انتمى أو عرق أو لون. وعلى ضوء المفهوم السامي للإنسان الذي وكَّله الله بصَوْن الأرض وبالسهر على الخير العام، الذي منه يكتسب الإنسان طيب وجوده متآخيًا مع سائر الناس، عاملاً معهم على بناء حضارة المحبَّة القائمة على أسس التلاقي، كالحوار والتضامن.
وتابع: السينودس محاولة روحيَّة وعمليَّة لتلافي ما هو أخطر من الواقع. وقد وضع آباء السينودوس في بيانهم الختامي، واقع الكنيسة والمجتمع، تحت مجهر الحقيقة والإيمان والحرية والعدالة والسلام، وهم بذلك يسلِّطون الضوء أمام أعين كلِّ المؤمنين إلى دور الكنيسة في العالم عامة وفي الشرق خاصة، وهي التي تؤمن بثبات ووعي، أنَّ الحق هو الذي يحرِّرنا إذا ما عرفناه، وأنَّ السلام الآتي من الرب الإله، مختلف عن سلام القهر والقمع والطغيان والظلم وامتهان الكرامات وخنق الحرِّيَّات.
ورأى أن السينودس نقد ذاتي ومحاولة خروج من الركود إلى التفاعل، تنطلق هذه المحاولة من السعي إلى مشاركة حقيقية وتعاون بنَّاء بين السلطات التي أوكِل إليها أمر تدبير الناس، وبين هذه وجميع المؤسسات الفاعلة الناشطة في المجتمع، التي تقوم في معظم الأحيان على المثقَّفين والشباب وهيئات المجتمع المدني. وهو دعوة صريحة وملحَّة إلى: نبذ العنف ورفض الإضطهاد وتلافي الإنقسامات،، الصلاة والعمل من أجل العدالة والسلام، أخذ دور الشباب على محمل الجد والسعي إلى اكتشاف قوَّة الحياة في أحلامهم وتطلعاتهم والحوار الدائم والبنَّاء بين اتباع الديانات وبُناة الثقافات والممسكين بالسلطات.
وأضاف: السينودس دعوة صريحة وملحَّة إلى نبذ العنف ورفض الإضطهاد وتلافي الإنقسامات، بحيث دعت الكنيسة أبناءها وأصحاب الإرادات الطيبة والنوايا الحسنة من أبناء الشرق الأوسط، إلى العمل بصدق وجهد، من أجل الوصول إلى ما يحقِّق أهداف الساعين إلى خير مجتمعاتهم من مسؤولين ومواطنين، عن طريق الحوار تلافيًا للشرور التي قد تأتي من اللجوء إلى العنف.
ويرى السينودس أنَّ الشباب أمل الحاضر وتحقيق المستقبل، فدعا الآباء إلى الإصغاء لآراء هؤلاء والتأمُّل بمطالبهم، والعمل على دمجهم بالحياة العامة لأنهم يحلمون دائمًا بالأفضل. إنَّهم قوَّة التغيير والتجدُّد والعطاء بلا حساب.
أمَّا السبيل الأسلم الذي رآه آباء السينودوس والذي تؤمن به الكنيسة فهو الحوار الذي يتَّسع ليطال أتباع الديانات كافَّة والثقافات مهما تباعدت، ويَضيق حتى يصل إلى أفراد العائلة الواحدة.
وختم متسائلاً: بعد كلِّ ما قيل، أيجوز لي أن أرى وجهًا من وجوه النبوءَة في ما قاله السينودس حتى اليوم؟ وهل يمكننا أن نقرأ في ما جرى ويجري في ديار الشرق الأوسط، بعضًا ممَّا حاول السينودس التنبيه إليه تلميحًا وتصريحًا؟ أم أن وعي الجماهير لضرورة السير في ركاب التجدُّد الفاعل والتغيير البنَّاء، إلتقى مع ما رأته الكنائس ضرورة لتفعيل رسالتها ووتثبيت أبنائها في سعيهم ليعيشوا الشركة شهادة للحق.
ثم كانت مداخلة للإستاذ صلاح سلام عن ثورات الشباب:من الدولة العسكرية إلى الدولة المدنية جاء فيها:
ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان! هذا ما تحاول ثورات الشباب التي تجتاح العالم العربي هذه الأيام أن تؤكّده من جديد، عبر انتفاضاتها على أنظمة التسلّط والظلم التي سلبت من شعوبها حق الحياة الكريمة، بكل ما تجسّده الحقوق الإنسانية الطبيعية التي بشّرت بها وكفلتها الرسالات السماوية.
ما يجري في أكثر من دولة عربية من انتفاضات وثورات شعبية غاضبة، يواجه أصحابها العزّل من السلاح الرصاص القاتل والقذائف الحارقة باللحم الحي، والأجساد الطاهرة، لأن إيمانهم بوطنهم وبحقهم في العيش على ترابه أحياء وأصحاب قرار وكرامة، أثبتت المواجهات الدامية أنه أقوى من أي سلاح آخر. ما يجري ليس تغييراً لحاكم بآخر، ولا استبدال نظام بآخر، بل هي حركة تغيير شاملة للعقليات التي كانت سائدة في السلطة، تغيير للمفاهيم التي تربط الحاكم بالشعب، تغيير في السلوك اليومي للسلطة وأجهزتها المختلفة، وتغيير أكثر جذرية في الممارسة الشعبية الحقيقية للديمقراطية.
ورأى ما يقوم به الشباب اليوم في تونس ومصر وليبيا، وغداً في اليمن والجزائر وبلدان أخرى، هو تغيير حركة التاريخ في المنطقة، بعد ركود طويل فرضته قبضة الأنظمة الاستبدادية، وممارسات الأجهزة القمعية التي كانت تمنع نور الشمس من الوصول إلى المؤسسات والبيوت، وإلى الزنزانات والسجون.
واختصر القراءة السياسية للمتغيرات المتلاحقة في النقاط التالية:
أولاً: ما نشهده اليوم من سقوط أنظمة الحزب الحاكم وما كانت تعنيه تلك الانظمة من استئثار بالسلطة، واستبداد في الحكم، وقمع للحريات، ومنع للتعددية الحزبية الحقيقية، ومصادرة الممارسة الديمقراطية، الامر الذي يعني اننا أمام أنظمة حكم جديدة تناقض في توجهاتها الانظمة السابقة وتفتح المجال واسعاً أمام مكونات المجتمع المدني لممارسة حقوقها الطبيعية في الحرية والديمقراطية.
ثانيا: طوي مرحلة "الرئيس الحاكم مدى الحياة"، والعودة الى مبدأ تداول السلطة عبر اعتماد النصوص الدستورية التي تحدد عدد سنوات الرئيس الحاكم بولاية او ولايتين، تحت طائلة المحاسبة الدستورية اذا دعت الضرورة لذلك.
ثالثاً: ان قيام الانظمة الديمقراطية الجديدة يعني فتح ابواب المشاركة السياسية والشعبية في ادارة الحركة السياسية، وفي تكوين السلطة الجديدة، فضلاً عن توسيع آفاق العمل السياسي والحزبي المنظم وفق آلية قانونية واضحة، تتيح لاجيال الشباب الانخراط في عمليات التخطيط والنهوض بأوطانهم، والمشاركة الفعلية في صناعة القرارات الوطنية بما يؤمن اكبر تمثيل ممكن للحكم الديمقراطي.
رابعاً: أدى خروج مارد الشباب من القمقم الذي حبسته فيه الانظمة الديكتاتورية إلى تفجير حالة تمرد على سياسات تخدير الشباب بالوعود المعسولة وعلى محاولات تهميش عصب المجتمع النابض وابعاده عند المواقع الطليعية في المجتمع، بالاضافة الى تفجير نقمة الشباب العاطلين عن العمل، والتي بلغت نسبتهم في تونس مثلاً 22 بالمئة معظمهم من خريجي الجامعات والمعاهد العليا.
ولا بد من التوقف عند ظاهرة التحام الشباب من مختلف الطبقات الاجتماعية في مواجهة أساليب السلطة الغاشمة في تفريقهم والإيقاع بينهم، ومن حق الشاب العربي أن يتساءل: لماذا أقرانه في المجتمعات المتقدمة قادرون على المشاركة في حياة أوطانهم وأحزابهم ومدنهم وبلداتهم؟ كيف يستطيع الشاب الأميركي أن يؤسس أهم الشركات التكنولوجية ويحقق طموحات باهرة، في حين يبقى معظم الشباب العربي عاطلاً عن العمل؟ لماذا يحتكر كهول مجتمعه السلطة والمناصب العليا في حين يتولى الشباب في أوروبا وأميركا أعلى الوزارات وأعلى المراكز القيادية ولم يتجاوزوا العقد الرابع من أعمارهم؟ ,لماذا تتكدس الثروات في أيدي الحاكم واسرته، وفي جيوب أزلامه وزبانيته، في حين يبقى إقتصاد البلد متخلفاً، ونسبة محترمة من الناس الغلابى تعيش تحت خط الفقر. وليس مستغرباً، أن تكون كل هذه العوامل مجتمعة قد أدت في النهاية إلى تفجير ثورات الشباب الملتهبة حالياً في أكثر من بلد عربي.
أضاف: "طرحت التغييرات المتسارعة في مصر وتونس ومشاركة تنظيمات إسلامية عريقة فيها أكثر من علامة استفهام حول مستقبل الأنظمة الجديدة، وحول دور أو مكانة الإسلاميين فيها، وثمة من يتخوف من قيام حكومات ذات خلفيات دينية، في مرحلة تكون فيها الأحزاب العلمانية والليبرالية الجديدة قيد التكوين".
وتايع: "ليس ما يشير في الواقع، إلى أن الأمور سائرة بإتجاه الدولة الدينية. بل على العكس تماماً فثمة مؤشرات على إنتقال تنظيمات الدولة الدينية إلى "الدولة المدنية"، بكامل إرادتها ومن خلال وعيها لطبيعة المتغيرات الجذرية التي تجتاح الأنظمة الحالية. تماماً كما هي حال المؤسسات العسكرية التي سلّمت تحت وطأة الإنتفاضات الشبابية، وبناء لنصائح من "أطراف صديقة" بضرورة الذهاب إلى الدولة المدنية.
وأخيراً لا بد من القول بأن مشاركة التنظيمات الإسلامية خاصة، والدينية في تكوين السلطة الجديدة من شأنه أن يُسقط "تابو" الخوف من وجود ودور هذه التنظيمات ذات الخلفيات الوطنية، القائمة على الحوار مع الآخر، والإعتراف بالآخر، والمتمسكة بقواعد الوسطية والإعتدال.
.وختم بالتأكيد: "أن العالم العربي أمام فجر جديد سيجعل من الديمقراطية الليبرالية شمسه الدائمة في الدولة المدنية الموعودة".
ثم كانت مداخلة للأستاذ عـادل مالـك جاء فيها:
لقد سقط النظام العربي بالضربة القاضية، وما نعنيه بالنظام العربي (هنا) هو أسلوب التعامل والتعاطي بين الحكّام والشعوب في العالم العربيّ. وما حدث خلال الأيام والأسابيع الأخيرة ليس وليد الصدفة أو البارحة. لقد بدأ مخاض ولادة الشرق الأوسط الجديد في لبنان ". الأمر الذي أدّى الى سقوط الرهان الأميركي على هذا الخيار وذلك لسببين ، الأوّل أخطاء الممارسات الأميركية بوجه عام في المنطقة ومنها اعتماد سياسة غير متوازنة في النـزاع العربي – الإسرائيلي ، والثاني بروز القوى المناهضة لهذا التوجه، ومع تنامي عوامل وعناصر المقاومة.
إذاً وباختصار شديد سقط الشرق الأوسط الجديد بطبعته الأميركية فيما اندلعت الصحوات والانتفاضات والثورات الشعبيّة في مختلف مناطق الوطن العربيّ من مشرقه الى مغاربه. وحتى اللحظة نتحدث عن تونس وعن مصر وعن ليبيا. ويبدو أن البقية آتية والساعة لا ريب فيها.
وأضاف: "لقد انتزع فريق الشباب المبادرة وثار على الواقع المترهل والمثقل بالأخطاء والعيوب، وتمكّن من فرض شرعية جديدة هي شرعية الشارع. وسقطت الشرعيان التقليدية المتهالكة في سيدي بو سعيد التونسية، وفي ميدان التحرير في القاهرة، وسائر المدن المصرية. ووصل حتى اللحظة الى ليبيا وأنتم تتابعون على الشاشات هذه الثورة العارمة على حكم العقيد معمّر القذافي الذي تواصل على مدى إثنين واربعين عاماً.
وتساءل : "هل نحن أمام بداية جديدة لنهاية شرق أوسطية انقضت الى غير رجعة ؟"
وأجاب: : "كلا. لأن خطورة ما يجري من فرض شرعيات الأمر الواقع ليس هناك من حالة توافق أو تناغم أو تطابق في الآراء بين مختلف الأطراف المشاركة في هذه الثورات والانتفاضات، وهذا ما أدّى الى حدوث حالات من الارباك". لذا فإن صورة ومشهديّة الشرق الأوسط الجديد هي حالياً في طور التكوين ولا يمكن رسم صورة نهائية الملامح لوضع المنطقة الذي يخضع وسيخضع الى الكثير من التعديلات والتحوّلات. وإن كل ما يجري في الوقت الحاضر وتحت عنوان عريض هو "التغيير". التغيير جيّد ولكن ؟ والانتقال من نقيض الى آخر ينطوي على العديد من المخاطر. فممارسة الديموقراطية أمر مطلوب تدريب الجماهير على كيفية ممارستها لهذه الديموقراطية بعد عهود طويلة من الكبت والقمع والحرمان.
لكن ما حدث في الأسابيع القليلة الماضية كبير وخطير وهو الذي يتمثّل بكسر حاجز الخوف الذي سكن الانسان العربي لسنوات وسنوات، وعهود كثيرة من الاستبداد والتسلّط.
إذاً بموضوعية سقطت الطبعة الأميركية من الشرق الأوسط الجديد حيث كانت الإدارة الأميركية من أوائل الدعاة الى دعم العديد من أنظمة المنطقة لكنها كانت أول من سحب البساط من تحت أقدام الحكّام الذين دعمتهم السياسة الأميركية وتخلّت عنهم في المواقف الحرجة.
وقرأ علينا بعض المقاطع من دراسة سرّية أعدها البنتاغون (وزارة الدفاع الأميركية) وهي بعنوان الشرق الأوسط الجديد . يبدأ التقرير بالقول : "إن الحدود الحالية لدول منطقة الشرق الأوسط هي حدود رسمتها كل من بريطانيا وفرنسا بشكل عشوائي في القرن التاسع عشر وهي حدود غير عادلة (هنا إشارة الى معاهدة سايكس – بيكو) … ويضيف: "إن هذه الحدود تعمل على إثارة الحروب والموت في هذه المنطقة من العالم ولذلك يجب العمل على تغييرها وإعادة رسمها لاعطاء الأقليات المذهبية أو القومية والإثنية الحقوق المسلوبة، ولا بد من إجراء هذا التغيير في خريطة الشرق الأوسط، بسبب التطرّف الديني أو القومي أو المذهبـي ويجب إنهاء هذا الأمر".
إذاً ، الاستنتاج واضح ، فالخطّة الأميركية في العراق فشلت. الأمر الذي أدّى وسيؤدي بالولايات المتحدة الى إدخال تعديلات على خططها في الشرق الأوسط.
وتساءل ماذا عن لبنان ؟ وأين موقعنا وسط هذه الأعاصير المدمّرة التي تعصف بالمنطقة ؟
إذا كنّا لا نستطيع تأليف حكومة … فلا يمكننا تأليف وطن متماسك. وندرك جيداً مدى الارتباط العضوي القائم بين الواقع اللبناني وواقع المنطقة حيث يؤثر فيها ويتأثر بها.
إن ما نشهده هذه الأيام أبعد ما يكون عن أزمة تأليف حكومة من لون واحد أو من ألوان متعددة … إنها أزمة تأليف وطن .
لقد حان الوقت لكي نعي وندرك ما يلي : "إن ما يجري مهين لكل مواطن لبناني، وهو التسوّل والتسكّع على ابواب الخارج الغريب منه والبعيد، من أجل إستيراد وطن ! ألم ندرك بعد أن ما يُصنع في الخارج يكون رهن هذا الخارج ويستدعي الوطن متى شاء ؟
وأُنهي بطرح التساؤل المحوري التالي : هل إن لبنان وطن موحّد فعلياً لا نظريّاً ويجب العمل على منع تقسيمه ؟ أو أن لبنان وطن مقسّم فعلياً وعملياً ويجب العمل على إعادة توحيده ؟
هذا سؤال برسم كلّ الفصائل اللبنانية على إختلاف ألوان الطيف فيها للحصول على إجابة صادقة وصريحة بعيداً عن متابعة مسيرة التكاذب المشترك. وعلينا التوصّل الى صيغة جديدة تلتقي مع نص الدستور الذي يدعو الى قيام وطن يُدعى لبنان وهو وطن نهائي لجميع أبنائه !
إننا نحتاج الى لبنان جديد وليس الى حكومة جديدة فحسب ننتظر تأليفها بعد التفاهم على تقاسم المغانم والحصص.