حواء وتفاحة العراق بمناسبة عيد المرأة

بقلم سعادة سفير جمهورية العراق لدى الكرسي الرسولي، السيد حبيب محمد هادي الصدر

روما، الثلاثاء 8 مارس 2011 (ZENIT.org)

لم يمض قليل من زمن التغيير إلا ووثبت ــ يا غادة العراق ــ الى مواقع صنع القرار في السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية، ولعبت دوراً حيوياً في إدامة زخم الفعاليات المقروءة والمرئية والمسموعة للسلطة الرابعة، وأنتجت حراكاً ملحوظاً في منظمات المجتمع المدني وشكلت حضوراً متميزاً في كل مجالات الحياة في مشهد تغيري تحولي تطاولت إليه أعناق نسوة دول المنطقة بأسرها. فيما تعاقبت عليك في الماضي عقود وعقود وأنت ترزحين في ظروف حرمان وحيف عجيب حيث فعلك الخيّر مشلول الأرادة ودورك الأنساني المطلوب مقطع الاسباب.

إن نهضتك اليوم  (أيتها الحرة) من كبوتك الطويلة، وخروجك من عزلتك الجائرة، وإنخراطك في عملية إعادة الأعمار وتحقيق النوذج الديمقراطي والمنجز السياسي والتنموي … لهو انتصار للحضارة على التخلف، وغلبة الوعي على اللاوعي، واستنفار لطاقات معطلة لنصف هو الأحلى في المجتمع إستعد لتشكيل الحلم العراقي الجديد. فأياديك الحسان ما أن تلامس الجرح العراقي الفاغر حتى تتلاشى آلامه. وفوق ارصفة أحلامك المؤجلة لا بد لدورة الدم العراقي أن تتوقف لتبدأ دورة الأحلام. وباصرارك المدهش ستجبرين الاقنعة المشبوهة أن تخلع وجوهها الغادرة. وبلواحظك الواثقة ستفرضين على البنادق المجهولة تلك التي تناسلت فجاة بيننا لتتوارى وتلفظ أخر أنفاسها وبفوح نسيماتك وبوح همساتك كان لابد للروائح النتنة أن تنسحب الى جيفها والخفافيش الى كهوفها المنسية. وباتقانك فن الصمود ستفشل الأصابع الحاقدة من أن تبث الموت في شعب يضج بالحياة. فيما تحفز قلمك التائق لاعادة انتاج الكلمات الملغمة الى كتابات مترعة بالحب ومفعمة بالاشواق. حتى أردية عرسك البيضاء تحدت الارهاب وصبغت شوارعنا المأزومة بلون الامل ونثرت على جانبيها عقود الآس والياسمين أما قلبك الطهور فما أن يخرج عن تغطية الوطن حتى يتلفت صوب العراق ليلتمس طيفاً من شمسه ويستدر قطرة من فراته ويرتجي نفحةً من عبيره فأذا به يعود لينبض في ضمير الوطن.

العراق الجديد يرى نساءه بعين كبيرة وينتظر منهن دوراً كبيراً فمقاسات الاستحقاقات عنده على قدر الادوار فهو يريدك عصفورة في البوادي لم يثنها ــ وقد الهجير ـــ من أن تشدو للحياة. ونخلةً جنوبية لم يتعب أقدامها الوقوف الطويل بل راحت ترخي على جميع من لاذوا بضلالها ضفائر الأشواق ورطب الوداد. وهو يخالك نحلة ناشطة جهدت يومها كله على امتصاص الرحيق لتضعه شهداً في افواه الاخرين وهو يتمناك ريشة مبدعة تستنزف أصباغها لتلون للناس الحياة بأفق أخضر وسماء زرقاء. فبصماتك ـــ يا تفاحة العراق ـــ المنحوتة على جدران قلوبنا واناملك الولهة التي طالما تسلقت ارواحنا كلها تروي للاجيال فصول قصتك المبهرة.

 أما انا ــ يا تفاحة القلب ــ فاني لا ارى الحياة بدونك الا يبابا قاحلاً وسراباً مفزعاً. فكما لا أتخيل الخميلة من غير زهرة والقصيدة من دون قافية فلا يمكن أبدا أن أخال بيتي من غير قمرك المتالق. أو أشتهي طعاماً ما لم تكون ملحة وزاده ونكهته المفضلة.  وان تأهبت حقائبك للرحيل تلفعت أمنياتي بفساتينك التي طوتها كفك الناعمة. ويهرع فؤادي ليحظى بالجلوس بجوار مقعدك المسافر. فاذا بالدمع يهطل مدرراً على خد ما لحظ يوما على منحدره مجرى لدمعة. واذا بالقلم المستهام يخرج عن صمته ليشغل آلية عشقه المخبوءة.  وستبقين ــ يا تفاحة العراق ــ أحلى إمراة إستراح على جبينها القمر، وازهرت من خديها نجيمات السماء واستحيى من ضوء عينيها سنى الصباح. وأن أخرجت تفاحة حواء آدم من الجنة … فان تفاحتك ـــ أيتها العراقية ـــ ستدخل كل العراقيين الجنة.