مشاكل الطفولة ورعاية الأطفال

ندوة في المركز الكاثوليكي للإعلام


جل الديب، الأربعاء 30 مارس 2011 (Zenit.org)

عقدت قبل ظهر الثلاثاء ندوة صحفية في المركز الكاثوليكي للإعلام بدعوة من اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام بعنوان : مشاكل الطفولة ورعاية الأطفال، برئاسة الرئيس العام لجمعية الآباء المرسلين اللبنانيين، ونائب رئيس اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام الجديد، الأب ايلي ماضي، شارك فيها : رئيس المجلس الوطني للخدمة الاجتماعية في لبنان، الأب عبدو رعد المخلصي، الدكتور محمد حسين كرشت ، مدير بيت الرجاء، الأستاذ جان عتر، الأخت هدى حداد، ومدير المركز الكاثوليكي للإعلام، الخوري عبده أبو كسم، حضرها: أمين سرّ اللجنة، الأب يوسف مونس، الاب سامي بو شلهوب، وعدد كبير من المهتمين والإعلاميين,

بداية رحب الأب ايلي ماضي بالمنتدين والحضور وقال:

يسعدنا اليوم أن نلتقي في عيد الطفل مع المؤسسات التي ترعى الطفولة في لبنان، وبنوع خاص تلك التي تهتم بذوي الإحتياجات الخاصة، وأطفال الشوارع، وننتهزها مناسبة لنتوجه بالشكر الكبير للجهود التي يبذلونها في سبيل هذه الخدمة المباركة.

أحييكم جميعاً وأحيي كل معاونيكم ونقول لهم ما قاله السيد المسيح لتلاميذه: «دعوا الأَطفال يأتون إيليّ ولا تمنعوهم لأن لمثل هؤلاء ملكوت السموات».

أهلاً وسهلاً بكم في المركز الكاثوليكي للإعلام، أهلاً بالمحاضرين الكرام، ونأمل أن تصل أصداء هذه الندوة إلى آذان المسؤولين المؤتمنين على شؤون الطفولة في لبنان. وكل عيد وأطفال لبنان بخير.

ثم عرّف الأب عبدو رعد بالمجلس الوطني للخدمة الاجتماعية في لبنان قائلاً:

 هو رابطة المؤسسات الاجتماعية والتقنية، علم وخبر 323 تاريخ 1958. يعمل كل أعضائه وأعضاء هيئته الإدارية بمجانية وتطوع. وهو شهادة وطنية مهمة، ففيه تتفاعل المؤسسات من مختلف العائلات الروحية اللبنانية، بشكل مميز.، وستفيد من خدمات هذه المؤسسات حوالي 40.000 شخص. والفئات المستفيدة: فاقدو الرعاية من أيتام وذوي الحالات اجتماعية صعبة، أطفال في حالة الشارع، ذوو الحاجات الخاصة من مختلف الإعاقات، المسنون، المتدربون المهنيون، المعرضون للانحراف، الأحداث والمدمنون وغيرهم، وأهدافه: تطوير العمل الاجتماعي والرعائي وبث روحية هذا العمل، التنسيق بين الجمعيات ومتابعة حقوقها. التعاون مع الجهات الحكومية المعنية. التعاون مع مراكز الدراسات الاجتماعية والإنسانية.

واقترح من أجل تطوير الخدمة الاجتماعية ومكافحة الفقر:

– إشراك المجلس في دراسة الأوضاع وأخذ القرارات الاجتماعية الوطنية.

– تعيين لجنة دراسة سعر الكلفة التي يجب أن تقوم بدراسة سعر الكلفة كل سنتين مرة. لم تعقد منذ 2004. ولم يعمل أصلا بالدراسة التي أقرتها عام 2004.

– زيادة مساهمة وزارة الشؤون الاجتماعية في كلفة المسعفين، وهي ضئيلة جدا ولم تزاد من سنة 1996

– معالجة تأخير دفع الحولات المالية التي تتأخر دوما بسبب البروقراطية وقد يكون أيضا بسبب الفساد والإهمال. إذا تأخرت المؤسسات بدفع متوجباتها لصناديق الدولة فتدفع الغرامات التي لا ترحم، أما الدولة فتتأخر وتحسم من المستحقات دون رقيب أو محاسب. أي عدل هو هذا؟

– تحرير الهبات من رسوم TVA والجمارك وغيرها.

– إقرار برنامج الرعاية الأسرية ودعمه وإلحاقه بالمؤسسات المتعاقدة مع الوزارة.

– تسعيرة خاصة للكهرباء والمحروقات

وختم  معدداً حاجات المجلس إلى:  المكننة لتسهيل التواصل بين الجمعيات، التبادل الثقافي والاجتماعي مع المؤسسات العالمية، حاجات خاصة لكل جمعية (تدريب، تجهيز…، قوى بشرية وموظفون دائمون لمتابعة الأعمال، وهذه كلها بحاجة إلى تمويل وهو غير متوفر حاليا.

ثم تحدث السيد محمد حسين كرشت عن الرعاية الشاملة طريق التنمية المستدامة واستراتيجية جمعية المبرات الخيرية فقال:

تنطلق الرعاية الشاملة في جمعية المبرات الخيرية من حقوق الإنسان والمبادئ العلمية والتربوية الحديثة، والقيم الاجتماعية والرسالية والإنسانية من أجل بناء إنسان متوازن فكرياً وعاطفياً، فردياً واجتماعياً، جسدياً وروحياً..

أضاف تعتمد جمعيات المبرات الخيرية لتأمين خدمات الرعاية الشاملة على إشراك المجتمع الأهلي والمدني بكل أطيافه في تحمل مسؤولياته تجاه هذه الفئة، وفسح المجال أمام العمل التطوعي في جميع المجالات عبر إتحاد مجالس أصدقاء المبرات، والتعاون مع الجهات الحكومية والبرامج الرسمية والمنظمات الدولية. والشراكة الكاملة مع الأهل حيث أن المبرات لا تعتبر نفسها بديلاً عنهم، وأخذ مصلحة المسعف بشكل أساسي عند تحديد نوع الرعاية المطلوبة سواء في الأقسام الداخلية (التي تعتمد نظام الأسرة)  أو الرعاية الأسرية في بيت المسعف، واعتماد سياسة الإنماء المتوازن في المناطق وتطبيق التوازن بين المركزية واللامركزية الإدارية، وإتباع سياسة التخصص والتكامل بين المؤسسات الرعائية، وتقديم الخدمات من قبل كادر متخصص ومدرب من ذوي الشهادات الرسمية والخبرة العملية وإخضاع هذا الكادر للتأهيل والتطوير بشكل مستمر، والاستفادة من خبرات وطاقات الخريجين من المسعفين في مساعدة الجيل الجديد من المسعفين.

وختم بالقول: "تتبنى الجمعية سياسة الباب المفتوح في استقبال الزوار والوفود وهيئات التفتيش والرقابة حرصاً منها على الشفافية التامة وإفساحاً في المجال أمام تبادل الخبرات مع المؤسسات المماثلة".

ثم تحدث السيد جان عتر عن أطفال الشوارع فقال:

منذ عشرة سنوات تقريبا" طلب اطفالنا المعروفين باسم اطفال الشوارع ان لا نستعمل هذه العبارة لوصفهم وابدالها ب الاطفال الضحية لانهم بالفعل ضحية اهمال فاضح من قبل الاهل-المجتمع-الدولة. ولكن معظم هؤلاء الاطفال يمكن حصرهم حسب التعريف الاجتماعي لهذه الفئات: المتروكين، المنبوذين، المعاقين عقليا" و جسديا" ، الهاربين، العاملين، المتسولين، بائعين متجولين، المتسكعي، الرحل، المشردين،  متسربين، والذين بدون هوية.

 وحدّدت الامم المتحدة عام 2006  مصطلح اطفال الشوارع بهذا التعريف: "اي صبي او فتاة اتخذ الشارع بالمعنى الواسع لكلمة شارع، كمسكنه الاعتيادي و مصدر قوته و رزقه و انتمائه من دون رعاية و حماية و اشراف من جانب العائلة او شخص راشد و مسؤول,"

ورأى: "ان المعاناة الاجتماعية هي نتيجة لما تسببه السلطات السياسية والاقتصادية والمؤسساتية للناس، اضافة الى تأثير اشكال السلطة هذه على الحلول المقترحة للمشاكل الاجتماعية.

 وختم بالقول: "يجب وضع سياسة اجتماعية معدّة خصيصا" لصالح اطفال الشوارع.:  فلسفة اساسيّة وقيم منسجمة مع حقوق الطفل والاوجه الاجتماعية الثقافية الخاصة بالعالم العربي اجمالا"  بلبنان خصوصا"، رؤية واضحة، وعلميّة، وواقعيّة عن طفل الشارع، الذي يعتبر شخصا" فاعلا" قادرا" على تحديد حاجاته وتطلّعاته في هذا الاطار يجب معالجة التمثيل الثقافي السلبي عن اطفال الشوارع، وضع آليات لتطبيق القوانين بالاضافة الى المراسيم التنفيذية التي تصب في خطط عمل و انشاء موارد مناسبة، تطبيق القانون رقم 2002/422 بطريقة تشمل اللبنانيين وغير اللبنانيين كما الاطفال من دون اوراق ثبوتية (علما" ان هذا القانون لا يتضمّن التمييز بين الفئات)، وضع استراتيجية وطنيّة شاملة تتضمّن الوقاية الشاملة و المتخصّصة بالاضافة الى الرعاية من خلال طرق تدخّل متنوّعة (فرديّة، عائلية، مجتمعيّة)، تنسيق بين مختلف القطاعات بشكل يسمح بتعاون مختلف الوزارات المعنيّة بابعاد اشكالية اطفال الشوارع (الصحة، العدل، التعليم، الشؤون الاجتماعية، الامن الداخلي، العمل …)، تعاون بين السلطات الرسميّة و الفاعلين من المجتمع المدنيّ و من بينهم المؤسسات الاجتماعية، و التجمّعات المهنيّة، و المؤسسات التعليمية، و القطاع الاعلاميّ و  المجتمع العلميّ، توسيع لجنة "اطفال الشوارع" (التابعة لوزارة الشؤون الاجتماعية) بشكل يضمن صفتها التمثيلية كقاعدة للتعاون، و الكفاءة.، ومشروع تمويل يسهّل مساهمة المتظّمات الدوليّة و القطاع الاقتصادي الذي يبغي الرّبح. و هذا يفرض عدّة شروط منها: استراتيجية واضحة قصيرة و طويلة الامد، مؤسسات اقتصادية تسعى الى انجاز "واجبها الاجتماعي"، مؤسسات اجتماعية جديرة بالثقة و تتمتّع بالقدرة على ادارة المشاريع، ادارات رسميّة قابلة للاصلاح و التطوّر، شراكة بين الاطراف مع بنود واضحة و التزام باحترامها و تطبيقها. 

ثم تحدثت الأخت هدى الحداد فقالت:

لمّا كانت بيوت الراحة بحاجة إلى تطوّر لاستقبال المسنين، والطلب دائم بسبب ضيق مساحة المنازل وعدم توفّر الخدمة وخاصة بسبب غلاء المعيشة ومتطلبات العصر الحالي للعائلة. فالمؤسسة الأهلية أصبحت تهتم بكل المستلزمات والحاجات … والكلفة في ارتفاع مستمر.

أضافت: "نطلب من معالي وزير الشؤون الاجتماعية النظر في سعر الكلفة ورفعها بنسبة غلاء المعيشة للمسنّ وما يتوجب تأمينه يوميًا من أكل وشرب وتدفئة ونظافة وتطبيب وعناية وإنارة وماء  وتوفـُّر العنصر البشري حسب المعايير المطلوبة حاليًا… بهدف أن يعيش الإنسان بكرامة".  

وتمنّت على وزارة الشؤون الاجتماعية أن تحرص على تأمين متطلبات كل فقير ومسنّ إذ أنّ إقامته دائمة وهو بحاجة لرعاية مستمرة فعندما يدخل لا يخرج إلاّ إلى الأبدية وأن ينظر بسعر الكلفة للمسن يوميًا ، فما تدفعه الوزارة لا يكفي نصف وجبة واحدة. ونطلب مساعدتكم بتطبيق وتفعيل قانون رقم 210 الصادر سنة 2000 وبخاصة للمؤسسات التي لا تتوخّى الربح، والأهم تسديد المستحقات حسب الاتفاقية أي كل 3 أشهر. والمساعدة على تخفيض فاتورة الكهرباء والماء والهاتف والمحروقات.

واختتمت الندوة بكلمة للأب عبده أبو كسم متسائلاً: "هل تعي الدولة اللبنانية والمجتمع اللبناني ضرورة الإهتمام بالطفل والمحافظة على حقوقه؟"

 يُذهلنا في بعض الأحيان ما نشاهده من انتهاكات تطال بعض الأطفال من التحرش الجنسي والعنف إلى تعاطي المخدرات والتسّول على الطرقات إلى تعاطي المخدرات، إلى امتهان السرقة وحتى إرتكاب الجرائم.

على الصعيد الوطني تطغى الأحداث السياسية والأمنية على كل ما له صلة بالحياة الاجتماعية والإنسانية في بلدنا، فالسياسيون والمؤتمنون على الخدمة الوطنية العامة، يصرفون معظم اهتماماتهم على تحضير انتخابات وتشكيل حكومات، ومقاسمة المشاريع واستدراج العروض وتامين الصفقات. وتقاسم السمسرات، والإنسان والطفولة لا يدخلون في حساباتهم إلاّ في زمن الإنتخابات، يغدقون على الشعب الوعود التي لا تلبث أن تدغدغ مخيلتهم، حتى تتبخر بعد صدور النتائج.

وعلى الصعيد العائلي والمجتمع ترزخ معظم العائلات اللبنانية تحت وطأة الضائقة الإقتصادية التي تحاصر المجتمع اللبناني، مما يضطر، الأب والأم للعمل لتامين مستلزمات العيش الكريم وهذا الوضع ينعكس سلباً على العائلة من ناحية التفرغ للإهتمام بتربية الأولاد فينشا هذا الجيل في عهدة المربيات الأجنبيات بعيداً عن تربية الوالدين وعطفهم او يترك أمام شاشات الكومبيوتر والتلفزيون ينهل ثقافة التفلت والعنف والجنس والمخدرات في غفلةِ عن أهله، وبالتالي إن مثل هذه التربية توّلد مستقبلاً رمادياً لمجتمعنا ولوطننا.

وأضاف: "ماذا عن الأطفال الذين غدر بهم الدهر، الأيتام منهم والمشردّون فهم وجه المسيح المتألم الذي ينزف كل يومٍ أمام وجهنا فهلا مسحنا وجهه بمد يدنا؟"

وأرسل تحية من القلب إلى كل المؤسسات التي ترعى الطفولة وإلى تلك التي تهتم بالإيتام وأطفال الشوارع، وبالأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة ولا سبيل لتعدادها كي لا ننسى أيّاً منها، وفي هذه المناسبة نتوجه إلى وزارة الشؤون الاجتماعية، ومن خلالها إلى المسؤولين في الدولة اللبنانية لنطالبهم بدعم هذه المؤسسات، وحجب المساعدات عن المؤسسات والجمعيات الوهمية، وإيلاء الأطفال حقّهم في العيش الكريم، والحق في التعليم، وفي الطبابة، وفي اللعب، وفي الثقافة، وفي التعبير عن رأيهم، وفي العيش بسلام، عندها يحق لنا ان نحلم بمستقبل زاهر لوطننا لبنان. نحيّي الأطفال في عيدهم، عاشت الطفولة عاش لبنان.