كلمة البابا قبيل تلاوة صلاة التبشير الملائكي

 

كاستل غاندولفو، الاثنين 25 يوليو 2011 (Zenit.org) 

ننشر في ما يلي الكلمة التي ألقاها بندكتس السادس عشر يوم أمس الأحد في كاستل غاندولفو قبيل تلاوة صلاة التبشير الملائكي.

***

أيها الإخوة والأخوات الأعزاء!

اليوم في الليتورجيا، تقدم لنا القراءة من العهد القديم شخصية الملك سليمان، ابن وخليفة داود. تقدمه لنا في بداية مُلكه عندما كان لا يزال شاباً. ورث سليمان مهمة في غاية الأهمية، وكانت المسؤولية الملقاة على كاهله كبيرة جداً بالنسبة إلى ملك صغير السن. في المقام الأول، قدم لله تضحية مهيبة – "ألف محرقة"، حسبما يقول الكتاب المقدس. عندها، تجلى له الرب في رؤيا ليلية ووعده بإعطائه ما يطلبه في الصلاة. هنا، نشهد عظمة روح سليمان: فهو لم يطلب حياة مديدة، ولا الغنى ولا القضاء على أعدائه، بل على العكس قال للرب: "هب عبدك قلباً فهِماً ليحكم بين شعبك ويميز بين الخير والشر" (3 ملو 3، 9). فاستجاب له الرب حتى اشتهر سليمان في العالم أجمع بحكمته وأحكامه العادلة.

لقد طلب من الله "قلباً فهِماً". ما معنى هذه العبارة؟ نحن نعلم أن "القلب" في الكتاب المقدس لا يشير فقط إلى جزء من الجسد بل إلى جوهر الإنسان، مقر نواياه وأحكامه. يمكننا القول بأنه الضمير. "قلب فهم" يعني إذاً ضميراً يعرف الإصغاء، يدرك صوت الحق، ويستطيع بالتالي أن يميز بين الخير والشر. في حالة سليمان، ينبثق طلبه عن مسؤولية إرشاد أمة، إسرائيل، الشعب الذي اختاره الله ليظهر للعالم تدبيره الخلاصي. بالتالي، ينبغي على ملك إسرائيل أن يبقى دوماً متناغماً مع الله، أن يصغي إلى كلمته، ليرشد الشعب على دروب الرب، درب العدالة والسلام. لكن مثال سليمان ينطبق على كل إنسان. لكل منا ضمير ليكون "ملكاً" بمعنى ما، أي ليمارس الكرامة البشرية الكبرى للعمل وفقاً لضمير مستقيم من خلال فعل الخير وتلافي الشر. يفترض الضمير الأخلاقي القدرة على الإصغاء إلى صوت الحق، واتباع تعليماته. وتلقى على عاتق الأشخاص المدعوين إلى واجب الحكم مسؤولية إضافية، وبالتالي يزيد احتياجهم – كما يشير سليمان – إلى مساعدة الله. ولكن، لكل واحد مهمته الخاصة في الظرف الواقعي المتواجد فيه. الذهنية المضللة تقترح علينا بأن نطلب من الله أموراً وظروفاً مجانية؛ في الواقع أن النوعية الفعلية لحياتنا والحياة الاجتماعية متعلقة بالضمير المستقيم لكل فرد، بقدرة كل فرد والجميع على تمييز الخير وتفريقه عن الشر والسعي بصبر إلى تحقيقه.

لهذا، فلنطلب معونة مريم العذراء، كرسي الحكمة. فـ "قلبها" "مطيع" تماماً لمشيئة الرب. حتى لو أن مريم متواضعة وبسيطة، فهي سلطانة بنظر الله، وهكذا نكرمها نحن. فلتساعدنا مريم العذراء لكي نكوّن نحن أيضاً بنعمة الله ضميراً منفتحاً على الدوام على الحق ومدركاً للعدل لخدمة ملكوت الله.

*** 

نقلته إلى العربية غرة معيط (Zenit.org)

حقوق الطبع محفوظة لمكتبة النشر الفاتيكانية 2011