البابا بيوس الثاني عشر

البابا 260 للكنيسة الكاثوليكية

( 2مارس 1939 – 9 أكتوبر 1958)

 

إعداد / ناجى كامل – مراسل الموقع من القاهرة

البابا الذي اختلفت حوله الآراء وتضاربت، البابا الذي تدخل اليهود في إعلان تطويبه

* اسمه الاصلى أوجين باتشيللي،ولد في روما، في 2 مارس سنة 1876. أبوه فيليبو باتشيللي، كان عميد المحامين في الديوان البابوي.

– سنة 1899 سيم كاهنا وهو بعمر ثلاث وعشرين سنة.

– سنة 1901 دخل في الخدمة الرسولية كمعاون لأمين سر الدولة.

– سنة 1903 أصبح أستاذاً للحق القانوني وبعد ذلك، أستاذاً لتعليم السياسة (الدبلوماسية) الاكليريكية.

– سنة 1911 عيِّن معاوناً لأمين سر الدولة البابوية،

– سنة 1912 أمين سر مجمع الأعمال الاكليريكية. ثم أمين سر لجنة تدوين القوانين للحق القانوني.

– وفي سنة 1917 أرسله البابا بندكتوس الخامس عشر إلى ميونيخ قاصداً رسولياً، ثم سامه، هو نفسه، مطراناً على ميونيخ وبرلين، فكان عليه أن يقنع ألمانيا بفكرة السلام التي ترغب البابوية المفاوضة بها، و كانت مهمته صعبة وقد بذل جهداً عظيماً لصالح ضحايا الحرب والأسرى. وفي سنة 1919 هدده زعيم السبارتاكوسيين بالقتل.

– سنة1920 اعتِمد قاصدا رسولياً في برلين، التي لم يذهب ليقيم فيها إلا سنة 1925، فكان باتشيللي عميداً للسلك الدبلوماسي في ألمانيا، وبقي لما بعد الحرب أي من سنة 1919 إلى نهاية 1929، أما في رحلاته العديدة فقد تعلم لغة وثقافة البلاد التي سار إليها وعرف عنها الكثير.

– سنة 1929 عيّنه البابا بيوس الحادي عشر كاردينالاً وأمين لسر الدولة، قد توسع نشاطه، أيضاً، عندما فوّضه البابا في المؤتمر القرباني العالمي.

– سنة 1939 تم انتخاب الكاردينال باتشيلي للبابوية في الثاني من مارس (متخذا اسم بيوس الثاني عشر)، خليفة للبابا الراحل بيوس الحادي عشر، الذي توفي في كاستل غوندلفو أثناء الحرب العالمية الثانية.

– في 18 فبراير سنة 1946 عيّن قداسته، في المجمع البابوي، اثنين وثلاثين كردينالاً تم تعيينهم في واحدة من أكبر حركة تعيينات للكرادلة ولم تحدث مثلها في تاريخ البابوية.

– أعلن في أول مايو من السنة المقدسة 1950 عقيدة انتقال العذراء بالنفس والجسد إلى السماء.

أعلن قداسة كل من : فرانسواز كابريني في سنة 1946، وفي سنة 1947 نيقولا دي فلو، وفي سنة 1950 ماريا غوريتي، وفي سنة 1954 أعلن قداسة سلفه البابا بيوس العاشر ومنصور بالوتي. وفي السنة نفسها أصدر منشوراً بإعلان عيد العذراء الملكة. ثم سمي القديس أنطونيوس البادواني معلماً في الكنيسة تحت اسم المعلم الانجيلي.

– كل الذين أتيحت لهم فرصة مقابلة البابا قد أدهشهم قداستـه وهيبته وبساطته وقوة شخصيته، و كان يتخلـى عن كل مظاهـر الأبهة لكي لا يرى إلا الإنسان المجرد فقـط في كل من يقابلـــته. وقد لفت انتباهه جميع المسائل العلمية والثقافية المعاصرة واهتم بها. ما من بابا قابل أناساً من جميع الطبقات العمالية المختلفة كما قابل بيوس الثاني عشر، وقد تكلم مع كل منهم تقريباً، بلغته الأم. وقد اهتم، أيضاً بموسيقى باخ، وبفاعلية الطب الحالي، وبالحقوق والفلسفة والأدب الأخلاقي والعلوم الرياضية.

– كان صوت البابا مدوياً بين تلك الأصوات التي حذرت العالم من أخطار القنبلة الذرية وأسلحة الدمار الشامل. كان بيوس الثاني عشر صوت الضمير العالمي، والمحامي عن الإنسانية المطارَدَة في وسط الانهيار المرعب في تاريخ مشحون بالخوف والرعب في ظل الشيوعية والنازية. قد برهن بأن البابوية، في الألف الثاني لإنشائها قد ملأت رسالتها العليا التي شعارها: "المحبة، والعدالة، والسلام" وبأنها الصخرة الثابتة للسلام والتي لا تتزعزع.

* عرف كيف يكسب ثقة المسيحيين بدون تمييز في المعتقدات، وثقة البوذيين والمسلمين أيضا. أما الإسرائيليون فلم ينسوا المساعدات التي حصلوا عليها، بفضله، في الحقبة المريعة في تاريخهم.

* انتقل إلى الأمجاد في: 9 أكتوبر 1958

لقد أعطى بيوس الثاني عشر البرهان الأخير لحقيقة عظمته الروحية كبابا، ككاهن وكإنسان في عهده القصير حيث كان يطلب بكل بساطة الغفران من الجميع ويرجو بحرارة أن لا يقام له أثر أو نصب تذكاري

* قالوا عنه :

– أعرب حاخام حيفا الأكبر شائر يتشوف كوهين : عن معارضته التامة لتوجه الفاتيكان الرامي إلى تطويب البابا الراحل بيوس الثاني عشر، وقال في تصريحات " إن بيوس الثاني عشر لم يرفع صوته للذود عن اليهود وتخليصهم للمحرقة" حسب تعبيره. كما تعرضت سمعة البابا بيوس الثاني عشر للهجوم. وقد ثارت التساؤلات اللاذعة واحتدمت المناقشات بشأن دور بابا الكنيسة الكاثوليكية الرومانية أثناء الحرب العالمية الثانية. حتى أن – قداسة – البابا الحالي بنديكتوس السادس عشر أعلن مؤخراً أنه قد يؤجل تطويب بيوس الثاني عشر إلى أن يتم فتح وفحص محفوظات الفاتيكان عن سنوات الحرب. تُرى ما السبب وراء اتهام بيوس الثاني عشر مراراً وتكراراً بأنه كان شبه شريك لألمانيا النازية، رغم أن الكنيسة الكاثوليكية في روما كانت أثناء فترة ولايته البابوية تحمي وتخبئ الآلاف من اليهود!

وأضافت الفاتيكان " إنه كان يعمل في الخفاء وانه ساعد على إنقاذ كثير من اليهود من الموت المحقق خلال الحرب العالمية الثانية، بينما لم يتخذ بيوس 12 موقفا معلنا من المحرقة إلا أنه عمل وراء الكواليس لمساعدة اليهود لان التدخل المباشر كان من شأنه أن يؤدي إلى تدهور العلاقات بين روما وألمانيا مما قد يدفع هتلر للإقدام على عمليات انتقامية،ويضيف الفاتيكان أن بيوس الثاني عشر أنقذ حياة مئات الآلاف من اليهود بإصدار تعليمات للكنائس والأديرة الكاثوليكية في ايطاليا بإخفاء اليهود وأصدر تعليماته لدبلوماسي الفاتيكان بمنح كثير من اليهود جوازات سفر مزورة لمساعدتهم على الهرب من الاضطهادات النازية ".

– هناك جدل حول ما اذا كان البابا الألماني المولد- بنديكتوس السادس عشر – سيشجع ترقية البابا الأسبق بيوس الثاني عشر ابن بلده الذي عاصر النازية لرتبة القديسين.؟؟؟

– ظل بيوس الثاني عشر لسنوات عديدة بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية يحظى بقدر عظيم من الشعبية، حتى بين أفراد الجاليات اليهودية. ثم انقلب هذا التيار أثناء الستينيات، بعد نشر مسرحية رالف هوكوث (النائب)، والتي شكلت نقطة الانطلاق للتشكيك في سمعة بيوس الثاني عشر وموقفه من محارق الهولوكوست لليهود، صحيح أن بيوس الثاني عشر لم يشجب النازية أثناء الحرب، بينما كان سلفه البابا بيوس الحادي عشر قد فعل ذلك في منشور بابوي.

 – كان بيوس الثاني عشر محباً للثقافة والحضارة الألمانية، ولكنه رغم ذلك كان مناهضاً للنازية. ربما قد أدين البابا بيوس الثاني عشر على نحو يكاد يكون عقائدياً، رغم إن كانت ألمانيا كلاوس فون شتوفينبرغ، وليس ألمانيا هتلر، هي التي أحبها بيوس الثاني عشر.

* لقد وصفه بولس السادس (خليفته)، والذي كان معاونه الخاص بأنه منفتح على طرق البحث الحديثة وعلى الثقافة، ضمن الأمانة لمبادئ العقلانية البشرية، ولحقيقة الإيمان في رسالته العامة التي صدرت في التاسع والعشرين من يونيو 1943

– قد أعلن المتحدث باسم الفاتيكان الأب فريدريكو لومباردي بعد أن أذاعت وكالة أنباء ايطالية مقابلة مع الأب بيتر جومبيل كبير القضاة بالفاتيكان الذي يحقق في مسألة إعلان تطويب البابا بيوس،ونسب إلى جومبيل وهو من كبار مؤيدي إعلان قداسته، قوله :" إن البابا بنديكتوس جمد عملية رفع البابا بيوس الثاني عشر إلى مرتبة القديسين لأنها ستضر بالعلاقات مع اليهود "

– بينما أعلنت وكالة زينيت (وكالة كاثوليكية ): عن الكشف عن شبكة أسسها بيوس الثاني عشر لإنقاذ اليهود في مقابلة مع آخر عضو في الشبكة السرية على قيد الحياة : الأب جانكارلوا تشينتيوني، آخر شاهد على قيد الحياة وقد كان عضواً في شبكة خفية أسسها بيوس الثاني عشر خلال الحرب لمساعدة اليهود على الهرب من الاضطهادات النازية. كانت هذه الشبكة تقدم جوازات السفر والمال للعائلات اليهودية لتساعدها على الهرب" و يشرح الأب تشينتيوني، الذي أوضح أن "الأب أنطون فيبير هو من كان يعطي المال وجوازات السفر التي كان يتلقاها مباشرة من دائرة وزارة الخارجية الفاتيكانية باسم بيوس الثاني عشر.!!

وقد قال البابا بنديكتوس السادس عشر بمناسبة الذكرى الخمسين لوفاة البابا بيوس الثاني عشر

لابد أن نفكر جيدا في الأوقات الصعبة التي عاشها بيوس الثاني عشر خلال فترة حبريته. كانت كلمة الله نور لدربه، المسيرة التي قام باتشيلي خلالها بتعزية النازحين والمضطهدين، و بمسح دموع الألم، والبكاء على ضحايا الحرب. وحده يسوع هو رجاء الإنسان، فقط من خلال الثقة به ينفتح القلب البشري على المحبة وينتصر على البغض. هذا الوعي رافق بيوس الثاني عشر في خدمته كخليفة لبطرس، خدمة بدأت عندما كان العالم يستعد للصراع الذي حاول تفاديه بشتى الطرق. في الرابع والعشرين من أغسطس 1939 أطلق صرخة عبر الإذاعة فقال: "الخطر كبير، ولكن لا يزال هناك وقت. ما من شيء يضيع في السلام، سلطت الحرب الضوء على المحبة التي كان يقوم بها البابا بيوس، محبة ظهرت من خلال أعمال المحبة والدفاع عن المضطهدين دون أي تمييز بين ديانة أو عرق أو جنسية أو انتماء سياسي. عندما احتُلت المدينة، طلب منه أن يترك الفاتيكان فكان جوابه: " لن أترك روما ومكاني حتى وإن كان علي الموت ".

مضيفا انه في رسالته الميلادية عام 1942،قال بصوت متأثر، معربا عن حزنه لوضع مئات آلاف الأشخاص، الذين بلا ذنب – وفقط بسبب عرقهم أو جنسيتهم – كانوا معرضين للموت"، مشيراً بذلك بوضوح إلى قتل اليهود.

وأضاف البابا بنديكتوس 16 : كان غالباً يعمل في الخفاء، لأنه بسبب الوضع التاريخي المعقد، اعتبر إنه من الأفضل العمل على هذا النحو من أجل إنقاذ أكبر عدد ممكن من اليهود. لأجل أعماله هذه تلقى رسائل تقدير عديدة من شخصيات بارزة في العالم اليهودي مثل وزيرة الخارجية الإسرائيلية السابقة ليفنى التي قالت: "عندما تعرض شعبنا للاستشهاد الأكثر فظاعة، خلال عشر سنوات من الرعب النازي، علا صوت الحبر الأعظم دفاعاً عن الضحايا، وختمت متأثرة: "نحن نبكي خسارة خادم كبير للسلام.