خاص بالموقع
يطلعنا الوحي الإلهي على لسان داود النبيّ قائلاً:"لأَنَّ غَيرةَ بَيتكَ أَكَلَتني وتَعْييراتِ مُعَيَريكَ وَقَعَت علَيَّ"(مزمور69/10)، وعندما يسوع المسيح طرد الباعة من الهيكل: "فَصَنَعَ مِجلَداً مِن حِبال، وطَرَدَهم جَميعاً مِنَ الهَيكَلِ مع الغَنَمِ والبَقَر، ونَثَرَ دَراهِمَ الصَّيارِفَةِ وقلَبَ طاوِلاتِهم، وقالَ لِباعَةِ الحَمام اِرفَعوا هذا مِن ههُنا، ولا تَجعَلوا مِن بَيتِ أَبي بَيتَ تِجارَة. فتَذَكَّرَ تلاميذُه أَنَّه مَكْتوب الغَيْرَةُ على بَيتِكَ ستَأكُلُني" (يو2/15-17).
في أيامنا هذه نحتاج إلى هذا الكرباج الذي صنعه يسوع المسيح لنطرد الذين يستهترون بكنيسة الله، فحاليا نسمع داخل الكنيسة أحدث النغمات، والترانيم، وأحيانًا الأغاني. فالمؤمن يدخل الكنيسة وينسي أن يغلق جهاز الموبايل، والبعض إذا جاءت مكالمة هاتفية داخل الكنيسة يسرع في الرد عليها دون جدوي، غير الحوارات الطويلة، والمناقشات العريضة، والاستفسارات العديدة، والأحاديث الجانبية في أركان الكنيسة، والدهشة الغريبة نجد الأطفال يشترون القربان من بائع القربان الكائن في فناء الكنيسة، والبعض من الأطفال يشترون الحلويات، وأكياس الفيشار، والبسكويت، وأكياس الشيبسي، وأكياس الكاراتيه، ويدخلون داخل الكنيسة ويأكلون من هذه المأكولات أثناء القداس، حتى تجرأ البعض من الأطفال في طابور المناولة وهو يأكل هذه المأكولات!، علاوة منهم يلعب داخل الكنيسة، والكبار الذين هم قدوة للأطفال يشجعون أولادهم على ذلك، وضاعت مهابة الكنيسة، إلى متى نعيش في ذلك؟… أين الوعي بقداسة الكنيسة؟… متى نتحرك؟… متى نأخذ خطوة جدية بشأن احترام الكنيسة ووقارها؟… فلابد لنا أن نميز بين فناء الكنيسة وحصن الكنيسة. حتى تطاول البعض أن يعزم الآخر على مشروبات ساخنة أو مثلجة داخل الكنيسة.
والأغرب في ذلك أثناء الاحتفال بسر الزواج المقدّس نشاهد بين جدران الكنيسة استعراض للحوم بشرية وعرض أزياء، وماكياجات غريبة الشكل، فبدل أن نذهب إلى الكوافير لنجمّل أجسادنا، لنجمّل أنفسنا بالفضائل المسيحية؟… هل ذهبنا قبل الاحتفال بسر الزواج المقدّس، ولنستعد لهذا السر المقدس؟ لماذا نهتم بالشكليات أكثر من الداخل؟ أين قدسية نعمة الجسد؟ أين عفة النظر؟…
فهل صار بيت الله سوقا تجاريا بدلاً من مكان العبادة!؟… فقد سبقني المتنيح مثلث الرحمات الأنبا يوحنّا نوير، مطران الأقباط الكاثوليك بأسيوط، حين سطر 4 نقاط عن كيف نحترم بيت الله وها نصهم:
1- بتطهير أنفسنا وأفكارنا قبل الدخول. كان أحد القديسين يقول وهو داخل إلى الكنيسة. أيتها الأفكار (العادية لا الشريرة) امكثي هنا فإني ذاهب إلى يسوع… فكم بالحري الأفكار السيئة؟!.
2- بالسكوت: يجب ألا نتحدث أبدًا في الكنيسة إلا للضرورة، وبصوت منخفض، وذلك ليس فقط أثناء الصلاة الجماعية بل في جميع الأوقات. وإذ بكى طفل يجب على أمه أن تخرج به من الكنيسة ولا تنتظر تنبيهات الكاهن. دخل الأمير كوندي في كنيسة سان سيلبيس بفرنسا، وأخذ يتحدث إلى أحد الإكليريكيين، إلا أن الإكليريكي لم يجبه بكلمة. غضب الأمير وقال: "ماذا علموكم؟"، أجاب الإكليريكي: "علمونا احترام الكنيسة بالسكوت"، ومن العادات السيئة أن يحي جمهور أفراد الشعب بعضهم في الكنيسة بعد القداس. التحية تكون خارج الكنيسة.
3- بالصلاة بانتباه حتى تستجاب صلاتنا. "والآن فإن عينيّ تكونان مفتوحتين وأذنيّ تكونان مصغيتين إلى صلاة هذا المكان" (2 أخ 7/15).
4- بروح التواضع: فلا نعمل كالفريسي في الهيكل بل نتشبه بالعشار. وأخيرًا يجب أن نهتم ببيت الله كما نهتم ببيوتنا بل أكثر. فللكنيسة احتياجات مختلفة، يجب أن نتعاون مع الراعي في سبيل سدها في محبة وسخاء.
وإليك أيّها القاريء الحبيب الوصايا العشر للاشتراك في القداس:
1- أقبل إلى القداس في الوقت المحدد.
2-اقترب من المذبح قدر المستطاع.
3-اشترك في صلوات الكاهن، والشماس، وجمهور مؤمني الرعية (ممكن الاستعانة بنص القداس).
4-اذكر الآخرين، في القداس، من أحياء وأموات.
5-اشترك فعليًّا، بجسدك،وروحك، وعقلك، وقلبك، في ما يعمله الكاهن على المذبح.
6- تناول من جسد ودمّ يسوع المسيح في كلّ قدّاس.
7- اترك تلاوة صلاة الأجبية(صلوات السواعي) والمسبحة الوردية والتقويات الروحية الأخرى لوقت آخر غير القداس.
8-غادر الكنيسة بعد منح البركة الأخيرة من مترئس الذبيحة الإلهية:"امضوا بسلام وسلام الرب معكم…".
9-اجعل من حياتك اليومية امتداد لقداسك.
10-ردد في قلبك كلام الله الذي سمعته من خلال القداس الرسائل الثلاث(البولس، الكاثوليكون، الإبركسيس)، الإنجيل، والعظة.
وأختم موضوعي البسيط هذا والمتواضع جدًا أيها القاريء الحبيب: بقول عن الحضور إلى الكنيسة للقديس فيلاريت موسكو: عندما يحين الوقت المخصص لله وللحضور إلى معبده، خاصة يوم عيد أو ساعة القداس، سارِع إلى انتزاع ذاتك من الأعمال، والاهتمامات الدنيوية، وقدّم نفسك لله طوعياً، وبغيرة في كنيسته. وإذ تدخل الكنيسة تذكّر وعد الرب للذين يجتمعون باسمه: هناك أكون بينهم (متّى 20:18)، وقِفْ بوقار في الكنيسة وكأنّك أمام وجه المسيح نفسه، وصلِّ إليه ليقدّسك بقداسته، وينشّطك بصلاته، وينيرك لكلمة الإنجيل ونعمة الأسرار. تذكّر أيضاً أنّ، في الكنيسة، تخدم الملائكة معنا، وتحفظ قداسة الدار هناك. في إحدى المرّات، في دير القديس ثيوذوسيوس قرب أورشليم، فيما كان الأب ليونديوس آتياً إلى الكنيسة لتناول الأسرار الإلهية، رأى ملاكاً واقفاً عن يمين المائدة المقدّسة، وإذ خاف، واستدار ليهرب إلى قلايته، ناداه صوت الملاك: "منذ أن كرِّسَت هذه المائدة أوكِل إليّ أن أحرسها". تذكّر ذلك أيها المحبوب، وَقِفْ بورع. وإذا أحسستَ أنّ جسدك يقف، وحده في الكنيسة فيما عقلك يفكّر بالبيت أو السوق أو مكان المرح، استجمع ذاتَك. أسرِعْ إلى استعادة فكرك الذي شرد وضمِّه إلى الله في قلبك، أرغِمْه على السعي نحو الله الذي يهتمّ بك. عندما تسمع كلمة الله، افتحْ لا أذنيك الجسديتين وحَسْب بل الروحيتَين أيضاً، افتحْ قلبَك، تقبَّل هذا الخبز السماوي وبه غذِّ لا ذاكرتك وحسب بل حياتك وعملَك أيضاً.
الأب إسطفانوس دانيال جرجس
خادم مذبح الله بالقطنة والأغانة – طما