البيرو: أكثر ما يحتاج إليه المقسّم هو التقرّب من الله

الأب خوسيه أنطونيو فورتيا يجيب على أسئلة الصّحفيين

ليما، الثلاثاء 3 أبريل 2012 (ZENIT.org).

يروي اللاهوتي والمقسّم الأب خوسيه أنطونيو فورتيا في دردشةٍ حوار شيّق حول طبيعة الشيطان والجحيم والمسّ الشيطاني، وذلك في أبرشيّة سانتا روزا دي ليما، في ليما، البيرو، يوم السبت 17 مارس، بحضور أكثر من ألف شخص.

لقد أجاب الأب فورتيا على الكثير من أسئلة الصّحافيين، في مؤتمر صحفي سبق هذا الحوار. وفي ما يلي الأجوبة التي تلقتها زينيت من قِبل المكتب الإعلامي لمطرانية ليما.

هل سبق أن رأيت الشّيطان؟

– الأب فورتيا: لم أرَ الشّيطان قطّ، ولم تأتني أبداً أي رؤية تفوق الطبيعة في أيّ ظرفٍ كان. ما شاهدته هو ما يسميه الكتاب المقدس بالمسكونين أو الممسوسين بروح شريرة، وهذه هي التّرجمة المناسبة للكلمة اليونانية. ثمة أشخاص يُظهرون بعض العلامات، فإذا ما شعر بها أحدٌ، كانت علامة للمس الشيطاني. على الرغم من عدم الإيمان بالأرواح بشكل مباشر، غالباً ما تشير الحالات إلى المسّ بروحِ نجس.

وبالتّأكيد يتجاهل غير المؤمنين والملحدون المتشدّدون هذا الواقع، لذا علينا أن نفسّر لهم كلّ شيء بناء على أسباب دنيوية. أمّا بالنّسبة لأيّ شخصٍ منفتح على احتمال تدخّل الرّوح، فقد تتقلّص هذه التّأثيرات فبمجرّد التمعّن بهذه المواضيع، وما يفكّر به الإنسان على الفور هو أنّ الشّرير موجود.

ما هو موقف الكنيسة من هذا الموضوع؟

موقف الكنيسة هو نفسه موقف الإنجيل، أي أنّ ما قيل لنا منذ أكثر من ألفي عامٍ نراه طوال القرن الواحد والعشرين. فبعد لقائي بالكثيرين ممّن تعرّضوا إلى تأثيراتٍ شريرة حقيقيّة ومفترضة، يجب ألا نغيّر مطلقًا أياً مما قرأناه في الأناجيل الأربعة. إنّ كلمة الله هي كاملة، وما يخبرنا به الإنجيل ينطبق في أيامنا هذه أيضاً.

إن لم ترَ الشّرير قط، فكيف يمكن لحضرتك الإيمان بما لم تره ومحاربته؟

– الأب فورتيا: على عكس ما يفكّر به البعض، فالشّيطان يهاجمني بشكل ملموسٍ أكثر من خلال العقلانية، وخصوصاً بعد تواصلي مع معالجين نفسيين، وحضور حلقات تدريبية خضعت لها قبل الالتحاق بكلية اللاهوت. أشعر دائمًا برغبة فطريّة بإيجاد تفسيرٍ دنيوي بحت، ولكنّ المنطق يقول لي "لا".

فالمنطق يقودني إلى أن أقول إنّ الطريقة الوحيدة التي يمكنني فيها أن أفسّر كلّ ما رأيته بوجود الأرواح. فإن كان الله موجوداً حقاً، فلا مشكلة إذاّ في وجود الملائكة والشّياطين. ولكنّ السؤال الذي يطرح نفسه،: "هل صحيح أنّ الله موجود أم أنّ هذا العالم هو مادي بحت وأنّ لا معنى لأي شيء، وأنّ كلّ هذا خاضع لعامل الصدفة؟ في حالتي، إنّ تنشئتي وأحاسيسي تقودني إلى العقلانيّة، ولكنّ المنطق يقول لي "لا".

هل يعود ذلك إلى ظواهر تكسر حاجز الفيزياء؟

– الأب فورتيا: قليلة هي الحالات التي أخبرني فيها شهود جديرين تماماً بالثّقة عن ظواهر لا تُفسّر إلّا أنّها عمل شيطانيّ. قليلةٌ هي القضايا، ولكنّي بالتّأكيد قد استمعت إلى كاهن لم يسبق له أن مارس التّقسيم، فأتاه أحد أبناء الرعية يطلب منه المساعدة، فراح يصلّي أمام بيت القربان المقدّس. وقد أخبرني كيف أنّ هذا الشخص الممدد بدأ بالارتفاع في الهواء. ويخبر الأب غابرييل أمورت كيف أن في بعض عمليّات التّقسيم، يتقيّأ الممسوسون أشياءً، وقد احتفظ بعدد كبير منها.

وأنا نفسي كنتُ شاهداً على كيف أنّ فتاة في الحادية عشرة من العمر كان الشّيطان يقول لها ما كنتُ أسألها وذلك بالّلاتينيّة، وكانت أشياء معقدة بالفعل. في حالاتٍ أخرى، سألتُ الشرير بالّلاتينيّة، كيف كان يبدأ المزمور 22؟، فبدأ يردّده. ما أريد قوله هو أنّ هذا استثناء، ولكن في بعض الأحيان يقول الله: أنا هنا. وفي حالاتٍ أخرى يقولها بطريقةٍ غامضةٍ أو مقدّسة، وفي بعض الحالات يسمح أيضًا بأن يعمل الشّيطان، وكأنه يقول: إن كنت لا تعتقد بالمقدّس، سوف تؤمن بقوّات الظلام، حتّى حين تراها تعود إليّ. هؤلاء الأشخاص الّذين يخالفون الدّين، كم من مرّة ذهبوا إلى السحرة، قالوا: أشعر بشيءٍ ما في جسمي. لو يبحث هذا الانسان عن الحقيقة لوجد الله، إنّنا أحرار، ويمكننا أن نحتجز أنفسنا، ولكن أصرّ على أنّ السّبل متنوّعة للوصول إلى الله.

أفهم من هذا الكلام أنّ هناك الكثير من الشّياطين، فكيف يظهرون؟

– الأب فورتيا: نعم، إنّ كلّ شيطانٍ يعمل بحسب نفسيّته وشخصيّته، وفي بعض الأحيان، تعمل الشياطين بأسمائها الخاصّة.

هل يمكن لحضرتك أن تميّز بين أسماء  الشياطين؟

– الأب فورتيا: عندما يُعطى التّقسيم، أحيانًا يقولون أسماءهم، وأحياناً أخرى يقولون معلوماتٍ تعريفيّة عن الشّيطان. حتّى إنّي أتذكّر حالةً ، لا أعلم إن كانت حقيقة، قال لي الشّيطان فيها: أنتَ تعرفني. من ثمّ قال أنّنا قد التقينا في حالةٍ أخرى من المسّ. الله وحده يعلم إن كان ذلك حقيقة.

هل يمكن العيش بسلام في حال التصدّي لعدد كبير من الشّياطين؟

– الأب فورتيا: لم أتعرّض قط لانتقام من الشّيطان، بعض المقسّمين يقولون إنّهم تعرضوا لها، ولكن أنا لا. مع ذلك، أنا لم أختر أن أكون في هذا العالم، بل تمّ اختياري لأكون فيه ، وعندما لا تقوم بالشّيء لأنّك تحب القيام به أو لأنّك اخترت أن تقوم به، فحينها يحميك الله أكثر.

لمَ يحدث المسّ؟

– الأب فورتيا: غالبًا ما لا نعرف لماذا يحدث هذا المسّ. إنّه لغز، وخصوصاً الأطفال الّذين لم يقوموا بعمل سيئ. إنّ المقسّمين في كلّ العالم يحذّرون المؤمنين دائماً من عدم التعرّض إلى التعاليم الباطنيّة،. فالـ"غويخا" والعصر الجديد والـ"سانتيريا" (التظاهر بالتقوى) وجميع أعمال السحر وسواها خطيرة وقد تفتح الكثير من الأبواب، ولكن ثمة حالات لم نتمكّن فيها من معرفة أسباب المسّ.

* * *

نقلته من الإسبانية إلى العربية كريستل روحانا – وكالة زينيت العالمية