المقال السابع: سيأتي ليقاضى الأحياء والأموات

 

أؤمن بيسوع المسيح ابن الله الوحيد من 668 ـ682

المقال السابع

"من حيث سيأتي

ليقاضى الأحياء والأموات"

1ًـ "سيعود في المجد"

المسيح يملك منذ الآن بالكنيسة …

668 ـ "مات المسيح وعاد حيا ليسود الأموات والأحياء" (رو 14: 9 ). فصعود المسيح إلى السماء يعنى اشتراكه بناسوته في قدرة الله نفسه وفي سلطانه يسوع المسيح رب: بيده كل سلطة في السماوات وعلى الأرض. وهو "فوق كل رئاسة وسلطان وقوة وسيادة"، لأن "الآب أخضع كل شيء تحت قدميه" (أف 1: 20 ـ 22). المسيح هو سيد الكون والتاريخ. فيه يجد تاريخ الإنسان وكل الخليقة "خلاصهما"، ونهايتهما السامية .

699 ـ والمسيح، بصفته رباً، هو أيضا رأس الكنيسة التي هي جسده. وبعد أن رفع إلى السماء ومجد، متمما هكذا رسالته إتماماً كاملاً، فهو يبقى على الأرض في كنيسته فالفداء هو مصدر السلطة التي يمارسها المسيح على الكنيسة، بقوة الروح القدس "فملك المسيح هو الآن حاضر سريا في الكنيسة"، "نواة وبدء هذا الملكوت على الأرض".

6670 ـ منذ الصعود أخذ تصميم الله يتحقق. فنحن الآن في "الساعة الأخيرة" (1 يو 2: 18). "فالأزمنة الأخيرة إذن قد أتت بالنسبة إلينا، وتجديد العالم قد حصل على غير تراجع ووقع بكل حقيقة، في الأيام الحاضرة، ذلك بأن الكنيسة مزدانة الآن على الأرض بقداسة حقيقة وإن غير كاملة. وملك المسيح يظهر الآن حضوره بالآيات العجائبية التي ترافق إعلانه عن طريق الكنيسة".

…بانتظار أن يخضع له كل شيء

671 ـ ملك المسيح، الحاضر الآن في كنيسته، لم يتم بعد "في قدرة ومجد عظيم" (لو 21: 27 )، بمجيء الملك إلى الأرض. وهذا الملك تقاومه قوى الشر، وإن كانت قد غلبت في الأساس بفصح المسيح. فإلى أن يخضع له كل شيء، "إلى أن تتحقق السماوات الجديدة والأرض الجديدة حيث يسكن البر، تحمل الكنيسة إبان رحلتها، في أسرارها ومؤسساتها المرتبطة بهذا الزمن، صورة الدهر الزائل، وتعيش هي نفسها وسط الخلائق التي لا تنى تئن الآن في أوجاع المخاض، وتنتظر تجلى أبناء الله". ولهذا يصلى المسيحيون، ولا سيما في الأفخارستيا، لتسريع عودة المسيح، قائلين له: "تعال يارب" (رؤ 22: 20) .

672 ـ المسيح أكد قبل صعوده أنه لم تأت بعد ساعة إقامة الملكوت المسيانى المجيد الذي ينتظره إسرائيل، والذي كان من شانه أن يجلب للبشر، على حد قول الأنبياء، نظام البر النهائي والمحبة والسلام، فالزمن الحاضر هو، بحسب الرب، زمن الروح والشهادة، ولكنه زمن أيضا موسوم بسمة الضيق (1 كو 7: 26) وامتحان الشر الذي لا يحيد عن الكنيسة، والذي يفتح صراعات الأيام الأخيرة. إنه زمن ترقب وسهر.

مجىء المسيح المجيد، رجاء إسرائيل

673 ـ منذ الصعود أصبح مجيء المسيح في المجد قريبا، وأن لم يكن لنا "أن نعرف الأوقات التي أقرها الآب في سلطانه الخاص" (أع 1: 7 ). هذا المجيء المعادى يمكنه أن يتم في أي وقت، وإن كان "مقيدا"، هو والامتحان الأخير الذي سيسبقه .

674 ـ مجيء الماسيا المجيد معلق بكل وقت من أوقات التاريخ، إلى أن يعترف به "كل إسرائيل الذي تصلب قسم منه في "عدم الإيمان"" (رو 11: 20) بيسوع ـ والقديس بطرس يقول ذلك ليهود أورشليم بعد العنصرة: "اندموا وتوبوا لكي تمحى خطاياكم، فتأتى أوقات الراحة من قبل الرب، ويرسل الذي أعد لكم من قبل، المسيح يسوع الذي ينبغي أن تقبله السماء، إلى عهد تجديد كل شيء، الذي تكلم عنه الله منذ القديم على أفواه أنبيائه القديسين" (أ ع 3: 19 ـ 21 ). والقديس بولس يردد صداه قائلاً: "إن كان انتباذهم مصالحة للعالم، فماذا يكون قبولهم إلا حياة للأموات؟" (رو 11: 15). فدخول جمهرة اليهود في الخلاص المسيانى، في عقب جمهرة الأمم يتيح لشعب الله أن " يحقق ملء اكتمال المسيح " (أف 4: 13 )، الذي يكون فيه "الله كلا في الكل" (1 كو 15: 2).

امتحان الكنيسة الأخير

675 ـ لابد للكنيسة، قبل مجيء المسيح، من أن تجتاز امتحانا اخيراً يزعزع إيمان كثير من المؤمنين. والاضطهاد الذي يرافق زيارته للأرض يكشف "سر الجور" في شكل تدجيل ديني يقدم للبشر حلاً ظاهراً لقضاياهم ثمنه جحود الحقيقة والتجديل الديني الأعظم هو تدجيل المسيح الدجال، أي تدجيل المسيانية الكاذبة، حيث يمجد الإنسان  نفسه في مكان الله ومسيحه المتجسد.

676 ـ هذا التدجيل المناهض للمسيح ويرتسم في العالم كلماً ادعى الناس أن يحققوا في التاريخ الرجاء المسيانى الذي لا يمكن أن يتم إلا بعده في الدينونة المعادية، والكنيسة نبذت هذا التزوير للملكوت التي حتى في صيغته المخففة المعروفة بالألفية، ولا سيما صيغتها السياسية كمسيانية علمانية "فاسدة في جوهرها".

677 ـ الكنيسة لن تدخل في مجد الملكوت إلا من خلال هذا الفصح الأخير حيث تتبع ربها في موته وفي قيامته. فالملكوت لن يتحقق إذن بانتصار تاريخي للكنيسة يكون في تطور صاعد بل بانتصار لله على جماح الشر الأخير الذي سينزل عروسها من السماء. وانتصار الله على ثورة الشر سيتخذ شكل الدينونة الأخير لهذا العالم المتلاشى.

2ً. "ليقاضى الأحياء والأموات"

678 ـ بعد الأنبياء ويوحنا المعمدان، أعلن يسوع في كرازته دينونة اليوم الآخر، حينذاك يكشف سلوك كل واحد، وسر القلوب. عند ذلك يقضى على عدم الإيمان الأثيم، الذي استخف بالنعمة التي وهبها الله، وموقف الإنسان بالنسبة إلى القريب سيكشف عن حسن استقبال النعمة والمحبة الإلهية أو رفضها. سيقول يسوع في اليوم الأخير: "إن كل ما صنعتموه إلى واحد من اخوتى هؤلاء، إلى واحد من الصغار، فإلى قد صنعتموه" (متى 25: 40) .

679 ـ المسيح سيد الحياة الأبدية، وله الحق الكامل في أن يحكم نهائيا على أعمال البشر وقلوبهم بكونه فادى العالم. لقد "أكتسب" هذا الحق بصليبه. ولهذا فالآب "فوض إلى الابن كل دينونة" (يو 5: 22 ). والابن لم يأت ليدين، بل ليخلص، ولكي يعطى الحياة التي فيه. ويرفض النعمة في هذه الحياة يدين كل واحد ذاته، فينال ما تستحقه أعماله، ويستطيع حتى أن يهلك نفسه إلى الأبد برفضه روح المحبة.

بإيجاز

680 ـ المسيح الرب يملك منذ الآن بالكنيسة، ولكن لم يخضع له بعد كل شيء في هذا العالم، ولن يتحقق انتصار ملكوت المسيح بدون أن يلاقى هجوماً أخيراً من قوات الشر.

681 ـ في يوم الدينونة، عند انتهاء العالم، سيأتي المسيح في المجد ليحقق الانتصار النهائي للخير على الشر، اللذين، مثل حبة القمح والزوان، ينموان معاً على مر التاريخ.

682 ـ عندما يأتي المسيح الممجد في آخر الأزمان ليقاضى الأحياء والأموات سيكشف عن استعدادات القلوب السرية، وينيل كل إنسان ما استحقته أعماله، وقبوله أو رفضه للنعمة.