الفصل الثاني: أؤمن بيسوع المسيح ابن الله الوحيد من 748 ـ 822

المقال التاسع

"أؤمن بالكنيسة المقدسة الكاثوليكية"

748 ـ "المسيح نور الشعوب: لذلك يرغب المجمع المقدس الملتئم في الروح القدس، رغبة حارة في أن يستنير جميع الناس بنور المسيح المتألق على وجه الكنيسة باعتلان الإنجيل للخليقة كلها". بهذه الأقوال افتتح" الدستور العقائدي عن الكنيسة" في المجمع الفاتيكاني الثاني. وبهذا يظهر المجمع أن العقيدة الإيمانية في أن الكنيسة تتعلق كلياً بالعقائد المتعلقة بالمسيح يسوع. فليس للكنيسة نور آخر غير نور المسيح. إنها، على حد ما جاء في الصورة المحببة إلى أباء الكنيسة، أشبه بالقمر الذي كل نوره انعكاس لنور الشمس .

749 ـ المادة في شان الكنيسة تتعلق كلياً بالمادة في أن الروح القدس التي تسبقها "فبعد أن أظهرنا أن الروح القدس هو ينبوع ومصدر كل قداسة نعترف الآن انه هو الذي مهر الكنيسة بالقداسة. فالكنيسة، على حد تعبير الآباء، هي المكان" الذي يزهر فيه الروح.

750 ـ الإيمان بأن الكنيسة "مقدسة" و "كاثوليكية". وأنها "واحدة" و "رسولية" (كما يضيف ذلك قانون نيقة ـ القسطنطية )، لا ينفصل عن الإيمان بالله الآب والابن والروح القدس. وفى قانون الرسل نعترف بأننا نؤمن بكنيسة مقدسة، لا بالكنيسة، لكي لا نخلط بين الله وأعماله، ولكي نرجع بوضوح إلى الصلاح الإلهي جميع المواهب التي جعلها في كنيسته

 

الفقرة 1 ـ الكنيسة في قصد الله

1ً. أسماء الكنيسة وصورها

751 ـ اللفظة "كنيسة" (باليونانية من الفعل أي دعا، ونادى) تعنى  دعوة على اجتماع؛ إنها تعنى اجتماعات الشعب، ولا سيما ما كان منها ذا طابع ديني. أنها اللفظة التي كثر استعمالها في العهد القديم اليوناني للدالة على اجتماع الشعب المختار لدى الله، ولا سيما اجتماع سيناء حيث تلقى إسرائيل الشريعة، وحيث أقامه الله شعباً له مقدساً. وجماعة المؤمنين بالمسيح الأولى عندما دعت نفسها "كنيسة" اعتبرت أنها وريثة لهذه المجموعة المختارة. وفيها "يدعو" الله شعبه من جميع أنحاء الأرض واللفظة، التي أخذت منها وتعنى "الربانية"

752 ـ في التعبير المسيحي، اللفظة "كنيسة" تدل على المجموعة الليترجية، كما تدل على الجماعة المحلية، أو على جماعة المؤمنين العامة. وهذه المعاني الثلاثة هي في الواقع غير منفصلة. "فالكنيسة" هي الشعب الذي يجمعه الله في العالم كله. إنها موجودة في الجماعات المحلية، وهى تتحقق كمجموعة ليترجية، خصوصاً إفخارستية. وهى تحيا بكلمة المسيح وجسده، وهى نفسها وتصير هي نفسها هكذا جسد المسيح .

 

رموز الكنيسة

753 ـ نجد في الكتاب المقدس عدداً كبيراً من الصور والرموز المترابطة التي يتكلم بها الوحي على سّر الكنيسة الذي لا يستقصى. فالصور المأخوذة من العهد القديم تؤلف تنوعات لفكرة أساسية هي فكرة "شعب الله" وفى العهد الجديد تجد جميع هذه الصور مركزاً جديداً من حيث إن المسيح يصبح "الرأس" لهذا الشعب والذي أصبح جسده. وقد تجمعت حول هذا المركز صوراً مأخوذة من حياة الرعاة أو الزراعة، أو مأخوذة من عمل البناء أو من الحياة العيلية أو الزواج .

754 ـ "فالكنيسة هي الخطيرة التي إنما المسيح بابها الذي لا باب سواه ولابد منه وهى القطيع الذي أعلن الله من قبل انه سيكون هو راعيه، والذي يتعهد نعاجه ويغذيها ـ وإن يكن على رأسها رعاة بشر ـ هو المسيح بالذات، الراعي الصالح ورأس الرعاة الذي بذل نفسه عن نعاجه".

755 ـ "الكنيسة هي الأرض التي يزرعها الله، وحقله؛ وفى هذا الحقل تنمو الزيتونة القديمة التي كان الآباء أصلها المبارك، والتي جرت وستجرى المصالحة بين اليهود والأمم؛ وقد زرعها الكرام السماوي كرمة مختارة الحقيقة هي المسيح الذي يعطى الحياة والخصب للأغصان، أي لنا نحن الذين بالكنيسة نثبت فيه، وبدونه لا نستطيع شيئاً".

756 ـ "وكثيراً ما تنعت الكنيسة بأنها بناء الله؛ والرب نفسه بالحجر الذي رذله البناؤون ولكنه صار رأس الزاوية" (متى 21: 42؛ أع 4: 11؛ 1 بط 2: 7؛ مز 118: 22 ). وعلى هذا الأساس بني الرسل الكنيسة، ومنه ثباتها وتلاحمها. وقد خص هذا البناء بتسميات متنوعة فهو بيت الله الذي تسكن فيه أسرته؛ وهو مسكن الله في الروح؛ وخباء الله في الناس؛ وهو بخاصة الهيكل المقدس، الممثل بالمعابد من حجارة، الذي أشاد به الآباء، وتشبهه الليترجيا بحق بالمدينة المقدسة التي شاهدها يوحنا، في ساعة تجديد الكون، نازلة من السماء، من عند الله، "مهيأة كالعروس المزينة لعريسها" (رؤ 21 :ذ1 ـ 2)".

757 ـ "وسميت الكنيسة أيضا" أورشليم العليا و "أمنا" (غل 4: 26 )، ونعتت بالعروس التي لا عيب فيها للحمل الذي لا عيب فيه، التي "أحبها المسيح وأسلم ذاته لأجلها لكي يقدسها" (أف 5: 25 ـ 26 )، وأقترن بها بعهد لا ينفصم، "ويغذيها ويعتني بها" (أف 5: 29 ).

2ً. أصل الكنيسة، وإنشاؤها ورسالتها

758 ـ لتقصّى سر الكنيسة يجدر بنا أن نتتبع أصلها أولا في قصد الثالوث القدوس وتحقيقها المرحلي في التاريخ.

قصد ولد في قلب الآب

759 ـ "إن الآب الأزلي، بتدبير حكمته وجودته الحر الخفي، قد أبدع الكون بأسره، وقضى بأن برفع الناس إلى مستوى الشركة في حياته الإلهية" التي يدعو إليها جميع الناس في ابنه: "جميع الذين يؤمنون بالمسيح، أراد أن يدعوهم لتأليف الكنيسة المقدسة" و "أسرة الله" هذه تتألف وتتحقق مرحليا على مدى مراحل التاريخ البشرى، بحسب تدبير الآب: وهكذا فالكنيسة قد "بشر بها بالرموز منذ بدء بدء العالم، وهيئت على وجه عجيب بتاريخ شعب إسرائيل والعهد القديم؛ أنشئت في الأزمنة الأخيرة، وأعلنت بحلول الروح القدس، وستتم في المجد في اليوم الآخر".

الكنيسة ـ أشير إليها بالرموز منذ بدء العالم .

760 ـ "خلق العالم في سبيل الكنيسة"، على حد قول مسيحيي العصور الأولى. فقد خلق الله العالم لكي يشرك في حياته الإلهية، إشراكاً يتم "بدعوة" البشر إلى الاجتماع في المسيح، وهذه "الدعوة إلى الاجتماع" هي الكنيسة. الكنيسة هي غاية كل شيء، والأحداث الأليمة نفسها، كسقوط الملائكة، وخطيئة الإنسان، لم يسمح بها الله إلا بمثابة حالة أو وسيلة لكي يبسط كل قدرة ذراعه، كل مدى الحب الذي أراد أن يشمل به العالم:

"كما أن إرادة الله هي عمل وانها تسمى العالم ،

كذلك قصده فإنه خلاص البشر، ويسمى الكنيسة"

الكنيسة – مهيأة في العهد القديم

761 – تجمع شعب الله يبدأ عندما تهدم خطيئة البشر مع الله وشركة الناس في ما بينهم فتجمع الكنيسة هو نوعا ما رد فعل الله علي الفوضى التي أحدثتها الخطيئة وإعادة التوحيد هذه تتم سريا في داخل جميع الشعوب "في كل امة من اتقي الله وعمل البر يكون مقبولا عنده" (أع 10: 35).

762 – الإعداد البعيد لتجميع شعب الله يبدأ مع دعوة إبراهيم الذي وعده الله بأنه سيكون أنا لشعب عظيم والإعداد المباشر يبدأ مع اختيار إسرائيل شعبا لله وسيكون إسرائيل بهذا الاختيار علامة تجمع جميع الأمم في المستقبل ولكن الأنبياء يتهمون إسرائيل بنقض العهد وبسلوك مسلك البغي وهم يبشرون بعهد جديد وابدى هذا العهد الجديد أنشاه المسيح

الكنيسة – أنشاها المسيح يسوع

763 – كان علي الابن أن يحقق تصميم أبيه الخلاصي في ملء الأزمنة وهذا هو داعي رسالته فالرب يسوع انشأ الكنيسة بإعلانه البشري السعيدة أي مجئ الله الموعود به في الأسفار المقدسة منذ الدهور فلكي يتم المسيح مشيئة الآب أنشا علي الأرض ملكوت المسيح حاضرا منذ الآن علي وجه سري

764 – يتجلى هذا الملكوت علي عيون الناس في كلام المسيح وأعماله وحضوره وتقبل كلمه المسيح هو تقبل للملكوت نفسه وبذر الملكوت وبدايته هما القطيع الصغير (لو 12: 32) من الذين كان هو نفسه راعيهم أنهم يؤلفون أسرة يسوع الحقيقية وهؤلاء الذين جمعهم هكذا حوالية علمهم طريقة سلوك جديدة ولكن علمهم أيضا صلاة خاصة

765 – الرب يسوع مهر جماعته بهيكلية سوف تستمر إلى أن يتم ملء ملكوته هنالك أولا اختيار الاثنى عشر وعلي رئسهم بطرس وإذ كانوا يمثلون أسباط إسرائيل الاثنى عشر فهم حجارة الأساس لأورشليم الجديدة الاثنا عشر والتلاميذ الآخرون يشتركون في رسالة المسيح وسلطانه ولكن في مصيرة أيضا المسيح في جميع أعماله ويهيئ كنيسته وبينيها .

766 ـ ولكن الكنيسة ولدت بنوع خاص من بذل المسيح الكامل لذاته في سبيل خلاصنا، مسبقاً في إقامة سر الإفخارستيا، ومتمماً على الصليب ."ابتداء الكنيسة ونموها يرمز غليهما الدم والماء الخارجان من جنب يسوع المصلوب". "إذ إنه من جنب يسوع الراقد على الصليب ولد سر الكنيسة العجيب". وكما أن حواء كونت من ضلع آدم النائم كذلك الكنيسة نشأت من قلب المسيح المائت على الصليب مطعوناً بحربة .

الكنيسة ـ ظاهرة بالروح القدس

767 ـ "لما أنجز العمل الذي كلف الآب ابنه تحقيقه على الأرض، أرسل الروح القدس، في يوم العنصرة، لكي يقدس الكنيسة باستمرار". عند ذلك "ظهرت الكنيسة ظهوراً علنياً أمام الجماهير وابتدأ نشر الإنجيل مع الكرازة". وبما أن الكنيسة هي "دعوة جميع الناس إلى الخلاص فهي من طبيعتها مرسلة، وقد أرسلها المسيح على جميع الأمم لتجعل منهم تلاميذ".

768 ـ لكي يحقق الروح القدس رسالته "يجهز الكنيسة ويقودها بمختلف مواهب السلطة والمنية" و "الكنيسة، وقد جهزت بمواهب مؤسسها، وتسلك بأمانة في حفظ وصاياه في المحبة والتواضع والكفر بالذات، تسلمت رسالة الدعوة بملكوت المسيح والله، وإنشائه في جميع الأمم، فكانت على الأرض بذرة هذا الملكوت وبدأه".

 

الكنيسة ـ متممة في المجد

769 ـ "الكنيسة (…) لن تبلغ تمامها إلا في المجد السماوي"، عند عودة المسيح المجيدة. وإلى هذا اليوم "تتقدم الكنيسة في مسيرتها بين اضطهادات العالم وتعزيات الله" وهى ههنا ترى نفسها في منفى، بعيدة عن الرب، وتصبو إلى مجيء الملكوت الكامل، "في الساعة التي ستكون فيها متحدة بملكها في المجد". وتمام الكنيسة، ومن خلالها تمام العالم في المجد لن يحصلا بغير محن كبيرة. عند ذلك فقط يجتمع عند الآب، في الكنيسة الجامعة، جميع الصديقين منذ آدم، من هابيل البار إلى آخر "مختار".

3 ـ سر الكنيسة

770 ـ الكنيسة في التاريخ، ولكنها في الوقت نفسه تتعالى فوق التاريخ. إننا لا نستطيع، إلا "بعيون الإيمان"، أن نرى في حقيقتها المرئية روحانية حاملة حياة إلهية.

الكنيسة ـ مرئية وروحانية معاً

771 ـ "إن المسيح، الوسيط الوحيد، يقيم على هذه الأرض ويساند أبداً كنيسته المقدسة، شركة إيمان ورجاء ومحبة، كلا مرئيا يفيض به على الجميع الحقيقة والنعمة".

فالكنيسة هي في الوقت نفسه:

"جمعية مجهزة بأعضاء ذوى سلطات، وجسد المسيح السري"،

"جماعة منظورة وشركة روحية"؛

"كنيسة أرضية وكنيسة غنية بنعم السماء".

هذه الأبعاد تؤلف معاً "حقيقة مركبة ذات عنصرين بشرى وإلهي".

"إنه من مميزات الكنيسة الخاصة أن تكون بشرية وإلهية معاً، منظورة وغنية بحقائق غير منظورة حارة في العمل ومنشغلة بالتأمل، حاضرة في العالم على كونها غريبة؛ بحيث إن ما هو بشرى فيها موجه إلى ما هو إلهي وخاضع له؛ وما هو منظور لغير المنظور وما هو من العمل للتأمل؛ وما هو حاضر للمدينة الآتية التي نسعى إليها" .

"تواضع ! سمو ! خباء قيدار وهيكل الله؛ مسكن أرضى وقصر سماوي ! بيت من صلصال وقصر ملكي؛ جسد قابل الموت وهيكل من نور؛ موضوع ازدراء أخيراً في نظر المتكبرين وعروس المسيح! إنها سوداء ولكنها جميلة، يا بنات أورشليم، تلك التي أنحلها التعب وألم الغربة الطويلة، والتي تزدان مع ذلك بزينة العلاء ".

 

الكنيسة ـ سر اتحاد البشر بالله

772 ـ في الكنيسة يتمم المسيح ويكشف سره الخاص على أنه غاية تدبير الله: "تلخيص كل شيء فيه" (أف 1: 10 ). القديس بولس يسمى اتحاد المسيح بالكنيسة "السر العظيم" (أف 5: 32 ). والكنيسة بإتحادها بالمسيح على أنه عروسها تصبح هي نفسها سراً والقديس بولس، وقد تأمل سرها، يصبح قائلاً: "المسيح فيكم رجاء المجد" (كو 1: 27) .

773 ـ هذه الشركة للبشر مع الله في الكنيسة، "بالمحبة التي لا تسقط أبدا" (1 كو 13: 8) هي الغاية التي توجه كل ما فيها من رسائل سرية متعلقة بهذا العالم الزائل. "إن هيكليتها موجهة توجيها كاملا إلى تقديس أعضاء المسيح. والقداسة تقوم بموجب" السر العظيم "الذي تجيب ففيه العروس بهبة حبها مقابل هبة العريس". ومريم تتقدمنا جميعاً في القداسة التي هي سر الكنيسة "كعروس لا كلف فيها ولا غضن". ولهذا "فمستوى الكنيسة المريمي يسبق مستواها البطرسي".

الكنيسة ـ سر الخلاص الشامل

774 ـ اللفظة اليونانية ترجمت إلى اللاتينية بلفظين وفى الشروح المتأخرة اتخذت اللفظة (…) خصوصا معنى العلامة المنظورة لحقيقة الخفية التي تدل عليها اللفظة وفى هذا المعنى يكون المسيح نفسه هو سر الخلاص الخفية التي تدل عليها اللفظة وفى هذا المعنى يكون المسيح نفسه هو سر الخلاص : "فالمسيح وحده هو السر" والعمل الخلاصي لناسوته المقدس والمقدس هو سر الخلاص الذي يظهر ويعمل في أسرار الكنيسة (التي تدعوها الكنائس الشرقية أيضا "الأسرار المقدسة"). فالأسرار السبعة هي العلامات والوسائل التي يفيض بها الروح القدس نعمة المسيح، الذي هو الرأس، في الكنيسة التي هي جسده، وهكذا فالكنيسة تحوى وتمنح النعمة النعمة الغير المنظورة التي تعنيها. وبهذا المعنى التشبيهي سميت "سرا".

775 ـ "الكنيسة هي في المسيح بمثابة السر، أي العلامة والأداة في الاتحاد الصميم بالله ووحدة الجنس البشرى برمته": غاية الكنيسة الأولى هي أن تكون سر الاتحاد الصميم بين البشر والله. ذلك أن الشركة بين البشر تتأصل في الاتحاد بالله. والكنيسة هي أيضا سر وحدة الجنس البشرى. وفيها ابتدأت هذه الوحدة إذ إنها تجمع بشراً "من جميع الأمم والأعراق والشعوب واللغات" (رؤ 7: 9)؛ والكنيسة في الوقت نفسه "علامة وأداة" لتحقيق هذه الوحدة الكامل، تلك الوحدة التي من شأنها أن تأتى أيضا .

776 ـ وإذ كانت الكنيسة سراً فهي أداة المسيح. "إنها بين يديه أداة فداء جميع البشر، "سر الخلاص الشامل"، الذي به "يظهر المسيح ويفعل محبة الله للبشر". إنها "تصميم محبة الله للبشرية المنظورة"، الذي يريد "أن يؤلف الجنس البشرى كله شعباً واحدا لله، وأن يجتمع في جسد المسيح الواحد، وان يبنى هيكلا واحداً للروح القدس".

 

بإيجاز

777 ـ اللفظة "كنيسة" تعنى "دعوة". إنها تدل على مجموعة الذين تدعوهم كلمة الله ليؤلفوا شعب الله، والذين إذا اغتذوا بجسد المسيح يصبحون هم أنفسهم جسد المسيح.

778 ـ الكنيسة هي طريق تصميم الله وغايته معاص: لقد رمز إليها في الخليقة، وهيئت في العهد القديم، وأسست بأقوال يسوع المسيح وأعماله، وحققت بصليبه الفدائي وقيامته، فظهرت سر خلاص بفيض الروح القدس. وأنها ستبلغ تمامها في المجد السماوي لمجموعة لجميع المفتدين على الأرض.

779 ـ الكنيسة منظورة وروحانية معاً، جمعية ذات سلطات وجسد المسيح السري. إنها واحدة بعنصرين بشرى وإلهي. وفى هذا سرها الذي لا يتقبله إلا الإيمان.

780 ـ الكنيسة في هذا العالم سر الخلاص، والعلامة والأداة لشركة الله والبشر.

 

الفقرة 2 – الكنيسة – شعب الله

جسد المسيح، هيكل الروح القدس

1. الكنيسة – شعب الله

781 – أن من يتقي الله ويعمل البر في كل زمان وفي كل أمه لمقبول عند الله وإنما شاء الله أن يقدس الناس ويخلصهم لا متفرقين بدون ما ترابط في ما بينهم بل أراد أن يجعلهم شعبا يعرفه في الحقيقة ويخدمه في القداسة فاختار لنفسه شعب إسرائيل شعبا وقطع معه عهدا ونشأة فشيئا مظهرا له نفسه ومقاصده في غضون تاريخية ومقدسا إياه لنفسه بيد أن هذا كله كان علي سبيل التهيئة والرمز للعهد الجديد الكامل الذي سيبرم في المسيح فهذا العهد الجديد هو العهد الذي ابرمه المسيح العهد الجديد بدمه داعيا اليهود والأمم ليجعل منهم شعبا يجتمع في الوحدة لا يحسب الجسد بل بحسب الروح

خصائص شعب الله

782 – لشعب الله خصائص تميزه تمييزا دقيقا مما في التاريخ من مجتمعات دينية وعرقية وسياسية وثقافية:

انه شعب الله: ليس الله ملكا خاصا لأي شعب ولكنه اقتنى شعبا ممن لم يكونوا قبلا شعبا جيل مختار وكهنوت ملوكي وأمه مقدسة (ا بط 2: 9)

يصير الإنسان عضوا في هذا الشعب لا بالولادة الطبيعية ولكن بالولادة من فوق بالماء والروح (يو 3: 3 – 5) أي بالإيمان بالمسيح وبالمعمودية

لهذا الشعب رئيس رأس هو يسوع المسيح الممسوح، الماسيا لان المسحة الواحدة الروح القدس تأتي من الرأس في الجسد انه الشعب المسيانى

حال هذا الشعب حال الكرامة وحرية أبناء الله في قلوبهم بسكن الروح القدس سكناه في هيكلة

شريعته الوصية الجديدة أن يجب كما أحبنا المسيح نفسه أنها شريعة الروح القدس الجديدة

رسالته أن يكون ملح الأرض ونور العالم وهو للجنس البشرية كله نواة وحدة ورجاء وخلاص بالغ الفعالية

مصيره أخيرا هو ملكوت الله الذي بدأه الله نفسه علي الأرض ملكوت يجب أن يمتد أكثر فأكثر إلى أن يتمه الله نفسه في أخر الأزمان

شعب كهنوتي نبوي وملكي

783 – يسوع المسيح هو الذي مسحة الآب بالروح القدس وأقامه كاهنا ونبيا وملكا وشعب الله كله يشترك في وظائف المسيح الثلاث هذه ويتحمل مسؤوليات الرسالة والخدمة التي تنشا عنها

784 – بدخول الإنسان في شعب الله بالإيمان والمعمودية يصبح شريكا في دعوة هذا الشعب الواحدة في دعوته الكهنوتية أن المسيح الرب الحبر المأخوذ من بين الناس قد جعل من الشعب الجديد ملكوتا وكهنة لإلهه وأبية ذلك أن المعمدين قد تكرسوا بالميلاد الثاني ومسحة الروح القدس لكي يكونوا مسكنا روحيا وكهنوتا مقدسا

785 – وان شعب الله المقدس يشترك أيضا في وظيفة المسيح النبوية وهو علي وجهه خاص بحس الإيمان الفائق الطبيعة الذي هو حس الشعب بكامله علمانيين وذوى سلطة عندما يتمسك تمسكا ثابتا بالإيمان الذي سلم للقديسين دفعة واحدة ويتعمق في فهمة ويصبح شاهدا للمسيح في وسط هذا العالم

786 – وشعب الله يشترك أخيرا في وظيفة المسيح الملكية فالمسيح يمارس سلطانه الملكي عندما يجتذب إليه جميع البشر بموته وقيامته المسيح ملك العالم وربه جعل نفسه خادما للجميع إذ انه لم يأت لكي يخدم ويبذل نفسه فداء عن الكثيرين (متى 20: 28) في عرف المسيحي الملك هو خدمة المسيح ولا سيما في الفقراء والمتألمين الذين ترى فيهم الكنيسة صورة مؤسسها الفقير المتألم وشعب الله يحقق كرامته الملكية عندما يحيا وفقا لهذه الدعوة اعني الخدمة مع المسيح " أن إشارة الصليب تجعل المتجددي الولادة في المسيح ملوكا ومسحة الروح القدس تكرسهم كهنة بحيث أن جميع المسيحيين الروحيين والسالكين علي سنن عقولهم يعدون أنفسهم أعضاء هذا الجيل الملوكي ومشاركين في وظيفة الكهنوت باستثناء خدمة وظيفتنا الخاصة فأي شيء بهذه الملكوية للنفس عندما تحكم جسدها في الخضوع لله ؟ وأي شيء بهذه الكهنوتية عندما تكرس للرب ضميرا طاهرا وتقدم علي هيكل قلبها ذبائح البر الخالية من الدنس

2. الكنيسة جسد المسيح

الكنيسة شركة مع يسوع

787 – منذ البداية أشرك يسوع تلاميذه في حياته لقد كشف لهم عن سر الملكوت وجعل لهم نصيبا في رسالته وفرحة وآلامه ويسوع يتحدث عن شركة حميمة أعمق بينه من سيتبعونه اثبتوا في وأنا فيكم أنا الكرمة وانتم الأغصان (يو 15: 4 – 5) وهو يبشر بشركه سرية وحقيقية بين جسده وجسدنا من يأكل جسدي ويشرب دمي يثبت في وأنا فيه (يو 6: 56)

788 – عندما حرم التلاميذ من حضور يسوع المنظور لم يدعهم يسوع أيتاما فقد وعدهم بان يبقى معهم إلى أخر الأزمان وأرسل لهم روحة وقد أصبحت الشركة مع يسوع بسبب ذلك اشد وأعمق نوعا ما احل روحة علي أخوته الذين دعاهم من جميع الأمم فجعلهم جسدا سريا له

789 – تشبيه الكنيسة بالجسد يلقي ضوءا علي العلاقة الحميمة بين الكنيسة والمسيح فليست هي مجمعة حوله وحسب انه موحدة فيه في جسده فثلاثة وجوه للكنيسة – جسد المسيح يجب تمييزها وحدة جميع الأعضاء في ما بينهم عن طريق اتحادهم بالمسيح المسيح رأس الجسد الكنيسة عروس المسيح

جسد واحد

790 – المؤمنون الذين يستجيبون لكلمة الله ويصبحون أعضاء جسد المسيح يصبحون متحدين بالمسيح اتحادا وثيقا في هذا الجسد تنتشر حياة المسيح في المؤمنين الذين بالأسرار يتحدون اتحادا سريا وحقيقيا بالمسيح المتألم والممجد وهذا يصح بنوع خاص في المعمودية التي بها نتحد بموت المسيح وقيامه وفي الافخارستيا التي بها نشترك اشتراكا حقيقيا في جسد المسيح ونرتفع إلى الشركة معه وفي ما بيننا

791 – وحدة الجسد لا تلغي تنوع الأعضاء ففي عمل بناء جسد المسيح تتنوع الأعضاء والوظائف فانه واحد الروح الذي يوزع مواهبه بحسب غناه ومستلزمات الخدم لفائدة الكنيسة ووحدة الجسد السري تبعث المحبة وتنشطها بين المؤمنين

 "وهكذا فغن تألم عضو تألمت الأعضاء كلها معه، وإذا أكرم عضو فرحت الأعضاء كلها معه" وأخيراً فوحدة الجسد السري تتغلب على جميع انقسامات البشر: "فأنتم الذين بالمسيح اعتمدتم قد لبستم المسيح؛ فليس يهودي ولا يوناني، وليس عبد ولا حر؛ ليس ذكر ولا أنثى، لأنكم جميعكم واحد في المسيح يسوع" (غل 3: 27 ـ 28) .

"المسيح رأس هذا الجسد "

792 ـ المسيح "رأس الجسد الذي هو الكنيسة" (كو 1: 18 ). إنه مبدأ الخليقة والفداء. وغذ رفع في مجد الآب فهو "الأول في كل شيء" (كو 1: 18 )، ولا سيما في الكنيسة التي سيبسط بها ملكوته على كل شيء.

793 ـ إنه يضمنا إلى فصحه: على جميع الأعضاء أن يعملوا على التشبه به "إلى أن يتصور المسيح فيهم" (غل 4: 19). "من أجل ذلك أشركنا في أسرار حياته (..) وإننا نشترك في آلامه اشتراك الجسد في الرأس، متألمين معه لنتمجد معه".

794 ـ وهو يتدبر نمونا: فلكي ينمينا رأسنا المسيح إليه، يعد في جسده الكنيسة المواهب والخدم التي يساعد بها بعضنا بعضاً في طريق الخلاص.

795 ـ المسيح والكنيسة هما إذن "المسيح بكامله" (Christus totus). فالكنيسة واحدة مع المسيح. وللقديسين إدراك عميق لهذه الوحدة:

"لنغبط أنفسنا إذن ونرفع الشكر لكوننا صرنا، لا مسيحيين وحسب، بل المسيح نفسه. هل تدركون، يا أخوتي، النعمة التي منحنا إياها الله عندما منحنا المسيح رأسا ؟ تعجبوا وابتهجوا، فقد أصبحنا المسيح. وهكذا فيما أنه الرأس ونحن الأعضاء، فالإنسان الكامل هو وحن (..) ملء المسيح هو الرأس والأعضاء؛ وما معنى: الرأس والأعضاء ؟ ـ المسيح والكنيسة".

"إن فادينا اظهر ذاته شخصاً واحداً هو والكنيسة التي اتخذها".

"رأس وأعضاء، شخص واحد سرى إن صح التعبير".

كلمة للقديسة جان دراك موجهة إلى القضاة تلخص عقيدة الملافنة القديسين وتعبر عن فكر المؤمن البسيط :"يسوع المسيح والكنيسة، رابي أنما واحد، وما من صعوبة في ذلك".

الكنيسة هي عروس المسيح

796 ـ وحدة المسيح والكنيسة، الرأس وأعضاء الجسد، تتضمن أيضا تميز الاثنين في علاقة شخصية. وكثيراً ما يعبر عن هذا الوجه بصورة الزوج والزوجة. وموضوع المسيح عريس الكنيسة هيأه الأنبياء وبشر به يوحنا المعمدان. والسيد نفسه دل على ذاته بلفظه "العريس" (مر 2: 19 ). والرسول يقدم الكنيسة وكل مؤمن، عضو جسده، على أنها عروس "مخطوبة" للمسيح الرب بحيث لا تكون معه إلا روحاً واحدا. إنها العروس الطاهرة للحمل الطاهر التي أحبها المسيح، والتي لأجلها سلم نفسه "لكي يقدسها" (أف 5: 26 )، واتخذها شريكة له بعهد أبدى، والتي لا يكف عن العناية بها كجسد له خاص.

"هذا هو المسيح بكامله، رأسا وجسداً، واحدا مؤلفاً من كثرة (..) سواء كان الرأس متكلما، أو كانت الأعضاء، فالمسيح هو المتكلم. يتكلم رأسا ( ex persona capitis)، أو جسداً عظيم. أقول هذا بالنسبة إلى المسيح والكنيسة" (أف 5: 31 ـ 32 ). والرب نفسه يقول في الإنجيل: " فليسا هما اثنين بعد ولكنهما جسدا واحدا" (متى 19: 6 ). وهكذا نرى شخصين مختلفين، إلا أنهما واحد في عناقهما الزوجي. (…) إنه "زوج" من حيث الرأس، و "زوجة" منن حيث الجسد"

3ً. الكنيسة ـ هيكل الروح القدس

797 ـ "الروح القدس هو لأعضاء المسيح، لجسد المسيح، أي الكنيسة، ما هي روحنا أي نفسنا لأعضائنا". "فإلى روح المسيح، كمبدأ خفي، يجب إرجاع ترابط جميع أقسام الجسد في ما بينها ،ن وفى ما بينها وبين رأسها الأعلى، إذ عن هذا الروح يقيم كاملاً في الرأس، وكاملاً في الجسد، وكاملاً في كل عضو من أعضائه" الروح القدس يجعل من الكنيسة "هيكل الله الحي" (2 كو 6: 1)

"لقد أودعت الكنيسة نفسها موهبة الله (..) وفيها جعلت الشركة مع المسيح، أي الروح القدس، عربون عدم الفساد، ورسوخ، وسلم ارتقائها إلى الله (..) فحيث تكونن الكنيسة يكون روح الله؛ وحيث يكون روح الله تكون الكنيسة وكل نعمة".

798 ـ الروح القدس هو "مبدأ كل عمل حيوي وخلاصي في كل جزء من أجزاء الجسد" إنه يعمل بطرائق متعددة على بناء الجسد كله في المحبة: بكلمة الله "القادرة أن تبنى البناء" (أع 20: 32 )، وبالمعمودية التي يكون بها جسد المسيح؛ وبالأسرار التي تنمى أعضاء المسيح وتقدم لها الشفاء؛ وبالنعمة الموهوبة للرسل والتي لها محل الصدارة بين مواهبه؛ وبالفضائل التي تحمل على سلوك طريق الصلاح؛ وأخيراً بالنعم الخاصة المتعددة (المدعوة "مواهب لدنية") التي يجعل بها المؤمنين "قادرين على تحمل المسؤوليات والوظائف المختلفة التي تساعد على تجديد الكنيسة وزيادة بنائها.

المواهب اللدنية

799 ـ المواهب اللدنية، سواء كانت خارقة العادة أو بسيطة ومتواضعة، هي نعم من الروح القدس ذات فائدة كنسية مباشرة أو غير مباشرة، وموجهة إلى بناء الكنيسة، وإلى خير البشر وسد حاجات العالم.

800 ـ يجب على من ينال المواهب اللدنية وعلى جميع أعضاء الكنيسة أن يتقبلوها بشكر. إنها ثروة نعم عجيبة للحيوية الرسولية، ولقداسة جسد المسيح كله؛ على أن تكون تلك المواهب صادرة في الحقيقة عن الروح القدس، وان يكون العمل بها موافقا تمام الموافقة لدوافع هذا الروح نفسه الحقيقة، أي بحسب المحبة، المقياس الحقيقي لهذه المواهب.

801 ـ بهذا المعنى تظهر الحاجة الدائمة إلى تميز المواهب. ما من موهبة تعفى من الرجوع إلى رعاة الكنيسة والخضوع لهم. "فإليهم بنوع خاص يعود، لا إطفاء الروح، بل اختبار كل شيء لاختيار ما هو صالح"، لكي تتضافر جميع المواهب، في تنوعها وتكاملها، في سبيل "الخير العام" (1 كو 12: 7) .

بإيجاز

802 ـ "يسوع المسيح بذل نفسه لجلنا ليفدينا من كل إثم ويظهر لنفسه شعبا خاصاً" (تى 2: 14)

803 ـ "أما انتم فجيل مختار وكهنوت ملوكي وأمة مقدسة وشعب مقتنى" (1 بط 2: 9) .

804 ـ يدخل الإنسان في شعب الله بالإيمان والمعمودية. "جميع الناس مدعوون لأن يكونوا من شعب الله الجديد" حتى "يصبح البشر، في المسيح، أسرة واحدة وشعب الله الواحد".

805 ـ الكنيسة جسد المسيح. بالروح وعمله في الأسرار، ولا سيما الإفخارستيا، يؤلف المسيح، الذي مات وقام، أسرة على أنها جسده .

806 ـ في وحدة هذا الجسد أعضاء ووظائف مختلفة. والأعضاء جميعهم مترابطون في ما بينهم، وهم مرتبطون على وجه خاص بالمتألمين، والفقراء والمضطهدين .

806 ـ في وحدة هذا الجسد أعضاء ووظائف مختلفة. والأعضاء جميعهم مترابطون في ما بينهم، وهم مرتبطون على وجه خاص بالمتألمين، والفقراء والمضطهدين .

807 ـ والكنيسة هي هذا الجسد الذي رأسه المسيح: إنها تحيا منه، وفيه، ولأجله؛ وهو يحيا معها وفيها.

808 ـ الكنيسة عروس المسيح: أحبها وبذل نفسه لأجلها، وطهرها بدمه؛ وجعل منها أما خصبة لجميع أبناء الله.

809 ـ الكنيسة هيكل الروح القدس. الروح هو بمثابة روح الجسد السري، ومبدأ حياته، ووحدته في التنوع، وغنى عطاياه ومواهبه.

810 ـ هكذا تبدو الكنيسة الجامعة، "كشعب يستمد وحدته من وحدة الآب والابن والروح القدس".

 

الفقرة 3 ـ الكنيسة واحدة ،

مقدسة، كاثوليكية، ورسولية

811 ـ "تلك هي كنيسة المسيح، التي نعترف في قانون الإيمان بأنها واحدة، مقدسة، كاثوليكية ورسولية. هذه الصفات الأربع، المترابطة ترابطاً غير قابل الانفصام تدل على خصائص جوهرية في الكنيسة وفى رسالتها. والكنيسة لم تحصل عليها من ذاتها؛ فالمسيح هو الذي، بالروح القدس، يهب كنيسته أن تكون واحدة مقدسة، كاثوليكية ورسولية، وهو الذي يدعوها إلى تحقيق كل واحدة من هذه الصفات".

812 ـ الإيمان وحده يستطيع أن يعرف أن الكنيسة تستقى هذه الخصائص من ينبوعها الإلهي. إلا أن الظهورات التاريخية لهذه الخصائص هي علامات تخاطب أيضا العقل البشرى بوضوح. والمجمع الأول يذكر "أن الكنيسة، بسبب قداستها ووحدتها الكاثوليكية، وثباتها الغلاب، هي نفسها عامل عظيم ومتواصل، وبرهان دامغ على رسالتها الإلهية".

1ً. الكنيسة واحدة

"سر وحدة الكنيسة المقدس"

813 ـ الكنيسة واحدة من ينبوعها: "مثال هذا السر الأسمى ومبدأه في وحدة الإله الواحد، الآب والابن والروح القدس، في ثالوثية الأقانيم". والكنيسة واحدة من مؤسسها: "لأن الابن المتجسد نفسه قد أصلح بصليبه ما بين جميع البشر، وأعاد وحدة الجميع من شعب واحد وجسد واحد" والكنيسة واحدة من "روحها": فالروح القدس الذي يسكن في المؤمنين والذي يمل ويسوس الكنيسة كلها، يحقق شركة المؤمنين هذه العجيبة، ويوحدهم توحيداً حميماً في المسيح، بحيث يكون مبدأ وحدة الكنيسة "فمن جوهر الكنيسة إذن أن تكون واحدة".

"يا له من سر عجيب ! آب واحد للكون، وكلمة واحد للكون، وكذلك روح قدس واحد، هو هو في كل مكان. وعذراء واحدة صارت أما، ويطيب لي أن أسميها الكنيسة".

814 ـ منذ البدء تظهر هذه الكنيسة الواحدة في كثير من التنوع الذي يأتيها من تنوع مواهب الله ومن تعدد الأشخاص الذي يتقبلون تلك المواهب. في وحدة شعب الله تتجمع الشعوب والثقافات المختلفة. يوجد بين أعضاء الكنيسة تنوع في المواهب والوظائف، والحالات، وطرائق العيش؛ "ففي داخل شركة الكنيسة توجد شرعا كنائس خاصة تتمتع بتقاليد خاصة" وهذا الغنى في التنوع لا يعارض وحدة الكنيسة. إلا أن الخطيئة أعباء عواقبها تهدد موهبة الوحدة تهديدا متواصلا. ولهذا يحرض الرسول على "حفظ وحدة الروح برباط السلام" (أف 4: 3) .

815 ـ ما هي روابط الوحدة هذه ؟ فوق جميع هذه البسوا المحبة التي هي رباط الكمال" (كو 3: 14 ). ولكن وحدة الكنيسة في مسيرتها تحافظ عليها أيضا روابط شركة منظورة:

الاعتراف بإيمان واحد منقول عن الرسل؛

الاحتفال المشترك بالعبادة الإلهية، ولا سيما الأسرار؛

التعاقب الرسولي بسر الكهنوت، محافظاً على الوفاق الأخوي في أسرة الله.

816 ـ "كنيسة المسيح الواحدة (..) هي تلك التي شملها مخلصنا بعد قيامته إلى بطرس لكي يكون لها راعياً، والتي أناط ببطرس وسائر الرسل أمر نشرها وقيادتها (.. ). هذه الكنيسة التي أنشئت نظمت كمجتمع في هذا العالم إنما تستمر في الكنيسة الكاثوليكية التي يسوها خليفة بطرس والأساقفة الذين على الشركة معه".

قرار المجمع الفاتيكاني الثاني في موضوع الحركة المسكونية يصرح أنه "بكنيسة المسيح الكاثوليكية وحدها، التي هي وسيلة عامة للخلاص، يمكن الحصول على ملء وسائل الخلاص؛ فإن الهيئة الرسولية التي بطرس رأسها هي وحدها، بحسب إيماننا، قد أؤتمنت على جميع غنى العهد الجديد، لتكون على الأرض جسداً واحداً للمسيح الذي ينبغي أن يندمج به ملء الاندماج جميع الذين أمسوا من شعب الله".

جراح الوحدة

817 ـ "في كنيسة الله هذه الواحدة ظهر منذ البدء بعض انقسامات استنكرها الرسول بشدة كشيء يستوجب الشجب، وفى غضون القرون اللاحقة وقعت انشقاقات أشد خطورة، وانفصلت طوائف ذات بال عن شركة الكنيسة الكاثوليكية التامة بذنب أفراد أحيانا من هذا الفريق وهذا الفريق الآخر" والانفصلات التي تجرح وحدة جسد المسيح (ومرجعها إلى الهرطقة، والجحود، والانشقاق) لا تجرى إلا بخطيئة البشر:

"حيث توجد الخطيئة يوجد التعدد، والانشقاق، والهرطقة، والنزاع؛ ولكن حيث توجد الفضيلة توجد الوحدة، والاتحاد الذي كان يجعل من جميع المؤمنين جسداً واحداً وروحا واحدة".

818 ـ إن الذين يولدون اليوم في الطوائف الناشئة من الانشقاقات و "يحيون من الإيمان بالمسيح لا يمكن أن يطالبوا بخطيئة انفصال، لذلك تشملهم الكنيسة الكاثوليكية إخوة في الرب".

819 ـ وإلى ذلك "فعناصر قداسة وحقيقة كثيرة" توجد خارج الحدود المنظورة للكنيسة الكاثوليكية: "كلمة الله المكتوبة، وحياة النعمة، والإيمان، والرجاء، والمحبة، ومواهب أخرى داخلية للروح القدس، وعناصر أخرى منظورة" وروح المسيح يستخدم هذه لكنائس والجماعات الكنيسة كوسائل خلاص تأتى قوتها من ملء النعمة والحقيقة الذي أئتمن المسيح الكنيسة الكاثوليكية عليه. كل هذه الخبرات تأتى من المسيح وتقود إليه، وتدعو في ذاتها إلى "الوحدة الكاثوليكية".

نحو الوحدة

820 ـ الوحدة "آتاها المسيح كنيسته منذ البدء. نؤمن أنها قائمة في الكنيسة الكاثوليكية ولا يمكن أن تزول، وتأمل أنها ستظل فيها في نمو مطرد يوما بعد يوم إلى منتهى الدهر" المسيح يمنح دائما كنيسته موهبة الوحدة، ولكن على الكنيسة أن تصلى دائماً وتعمل بلا انقطاع للحفاظ على الوحدة التي يريدها لها المسيح، وأن تقويها وتكملها. ولهذا صلى يسوع نفسه في ساعة آلامه، وهو لا يتوقف عن الصلاة إلى الآب لجل وحدة تلاميذه: "ليكونوا باجمعهم واحداً كما انك أنت أرسلتني" (يو 17: 21 ). إن الرغبة في العودة إلى وحدة جميع المسيحيين هي موهبة من المسيح ودعوة من الروح القدس.

821 ـ للإجابة الصحيحة عن تلك الدعوة لابد من:

ـ تجدد متواصل للكنيسة في أمانة أكبر لدعوتها. وهذا التجدد هو من اختصاص الحركة نحو الوحدة؛

ـ توبة القلب "في سبيل الحياة حياة أنقى بحسب الإنجيل"، إذا إن خيانة الأعضاء لموهبة المسيح هي التي تسبب الانقسامات.

ـ الصلاة المشتركة "إذ إن التجدد في الباطن والقداسة في السيرة، متجددين بالصلوات الجمهورية والفردية لأجل الوحدة بين المسيحيين، يجب أن يعدا بمثابة الروح لكل حركة مسكونية، وأن يسميا بحق "المسكونية الروحية"؛

ـ التعارف الأخوي المتبادل

ـ التنشئة المسكونية للمؤمنين، ولا سيما الكهنة؛

ـ الحوار بين اللاهوتيين واللقاءات بين المسيحيين من مختلف الكنائس والجماعات الكنسية؛

ـ التعاون بين المسيحيين في شتى مجالات خدمة البشر.

822 – الاهتمام بتحقيق الوحدة يعنى الكنيسة كلها مؤمنين ورعاة و لكن يجب أن تعي أن هذا المشروع المقدس أي مصالحة جميع المسيحيين في وحدة كنيسة واحدة ووحيدة للمسيح تفوق قوى البشر وطاقاتهم ولهذا نجعل رجاءنا كله في صلاة المسيح لأجل الكنيسة وفي محبة الآب لنا وفي قدرة الروح القدس .