المسيحيون في أرض الإسلام

الإسكندرية، 12 يونيو 2007 (ZENIT.org

الإيمان لا يُفرض بل يُعرض، وعيشه في  الشرق الأوسط هو "حافز كبير".

هذا ما قاله الأب لويس مونتس، المدبر الإقليمي لمؤسسة الكلمة المتجسد (إقليم سيدة الصحراء) المقيم حاليًا في مصر.

* * *

يعيش مرسلو رهبانيتكم في بلدان مثل فلسطين، إسرائيل، الأردن، مصر، تونس، السودان وأثيوبيا. ما هو انطبعاكم بشأن العيش في دول يشكل فيها المسيحيون أقلية صغيرة؟

الأب مونتس: لقد أرسلنا المسيح إلى العالم كله لكي نعلن الإنجيل. وبهذا لم يستثن يسوع أي شعب. والعيش في أماكن يشكل فيها المسيحيون الأقلية، إنما يجعلنا نلمس لمس اليد الحاجة إلى التبشير بالإنجيل. إنه لحافز قوي يشجعنا على أن نكون أكثر أمانة لرسالتنا.

ما الذي يدفعكم إلى إعطاء أولوية للنشاط المسكوني وللحوار مع الأديان؟

 الأب مونتس: لا يمكننا أن نولد الإيمان بالقوة، فالإيمان يعرض كاقتراح. وهذا يعني أنه علينا، من جهة، أن نحترم الضمير الفردي لكل شخص. من جهة اخرى، يتوجب علينا أن نكشف للعالم العطية المجانية التي تلقيناها، وذلك لكي نسنح للآخرين فرصة قبولها.

الحوار مع الأديان هو جزء لا يتجرأ من رسالة الكنيسة، وهدفه تعزيز العدل والسلام والتفاهم بين الشعوب والأشخاص المنتمين إلى أديان مختلفة.

والحوار المسكوني يرتكز على ركيزتين كتابيتين ثابتتين: "لكي يكونوا قطيعًا واحدًا وراعٍ واحد"، و "ليكونوا واحدًا فينا، حتى يؤمن العالم أنك أرسلتني". فجرح الوحدة يعارض إرادة المسيح وهو عائق أمام التبشير بالإنجيل.

لا يمكننا إلا أن نبذل كل الجهد للعمل في هذين المجالين اللذين اعتبرهما يوحنا بولس الثاني "أولويات الكنيسة في الألفية الثالثة".

بأي شكل تعتبر الخدمات الإجتماعية وأعمال الرحمة سبيلاً مميزًا للتبشير في الدول الإسلامية؟

الأب مونتس: هناك تضيق كبير على الحريات الدينية في الدول الإسلامية. فحتى في الدول التي تعرف بـ "دول إسلامية معتدلة"، لا نستطيع أن نقوم بحرية بالتبشير.

وفي دول أخرى، يعيش المسيحيون في ظل الاضطهاد وتضييق كبير على الحريات.

وشهادة المحبة إنما تفتح أبوابًا كانت بقيت مغلفة لولاها. محبة المسيح ستخلص العالم، وأعمال الرحمة هي شهادة بليغة على ذلك.

في مصر، تقومون بالعمل في مناطق مهمشة، كما وتخدمون أطفال عائلات ميسورة، يدين معظمهم بالإسلام. ما هو تقييمكم لأعمال الرسالة هذه؟

الأب مونتس: إن مساعدة المحتاجين هي أمر جوهري، كما سبق وقلت. وهنا لا يمكننا أن نقع في شرك الجدلية.

وأم إمكانية التواصل مع الذين سيديرون العالم العربي في المستقبل فهي أمر بالغ الأهمية بالنسبة للحوار بين الأديان، وذلك لوقف الانجرار وراء مختلف أنواع التطرف.

لقد قامت المدارس الكاثوليكية بدور هام في هذا المجال، ونحن نود أن نضيف ذرة ترابنا على مجمل هذا العمل.

 

ما هي مهمة مركز "الرب الواحد" (Unus Dominus) في الإسكندرية؟

 الأب مونتس: لقد أسسنا المركز مؤخرًا بغية تقديم برامج إعدادية للنشاط المسكوني وللحوار مع الأديان لمرسلينا (www.dialogoreligioso.org)، ويقدم المركز نشاطات مختلفة: دروس، محاضرات، نشاطات وزيارات ثقافية ودينية، لقاءات…

للأسف هناك سوء فهم كبير حول موضوع النشاط المسكوني، وهذا الأمر يولد لغطًا كبيرًا لدى الكثير من الكاثوليك. إن سوء فهم النصوص الصادرة عن السلطة التعليمية في الكنيسة هو أمر مقلق. يكفي التفكير بالمعارضة التي قوبلتا بها وثيقتا "ليكونوا واحدًا" (Ut Unum Sint) و "الرب يسوع" (Dominus Iesus).

 

هل هنالك دعوات في إرض الرسالة تلك؟

 الأب مونتس: الرب يختار من يشاء وحيثما يشاء. لقد باركنا الله في مصر بدعوات كثيرة. لدينا 80 شابًا عربيًا تركوا كل شيء ليتبعوا المسيح الفقير والعفيف والمطيع. وذلك في بلد لا يزيد عدد الكاثوليك فيه على 200000!

يمكننا القول بأن السنوات العشرة الأخيرة كانت خصبة جدًا.