الكاردينال كاسبر يتحدث عن الكنيسة الأشورية

 

الفاتيكان، 25 يونيو 2007 (Zenit.org

هناك بوادر أمل جديدة بأن العلاقات مع الكنيسة الأشورية الشرقية في تحسّن، على حدّ ما قال الكاردينال فالتر كاسبر، عميد المجلس الحبري لتعزيز الوحدة بين المسيحيين.
وكان الكاردينال كاسبر قد التقى يوم الخميس الكاثوليكوس البطريرك مار دنخا الرابع، رأس الكنيسة الأشورية الشرقية الذي زار في وقت سابق البابا بندكتس السادس عشر.
وللمناسبة، أعطى الكاردينال هذه المقابلة لوكالة زينت، لخّص فيها وضع العلاقات القائمة بين الفاتيكان والكنيسة الأشورية الشرقية.

س: نادراً ما نسمع عن الكنيسة الأشورية الشرقية. هلا أعطيتنا نبذة عن ماضي هذه الكنيسة وحاضرها؟

ج: إن الكنيسة الأشورية هي إحدى أصغر الكنائس الشرقية، أقله من حيث عدد مؤمنيها. وترجع جذورها التاريخية إلى النشاط الإرسالي للمسيحيين الأول الذين توجهوا إلى الشرق باتجاه بلاد ما بين النهرين وما كان يعرَف ببابل، خارج الأمبراطورية الروماني.
واستناداً إلى الجغرافيا المعاصرة، يمكننا أن نقول إن العراق هو الوطن الأم لمعظم المؤمنين الأشوريين. وفي الآونة الأخيرة، ونظراً إلى حقبات متتالية من الإضطهاد والمحن، اضطرت أكثرية ساحقة من الأشوريين إلى الهجرة نحو الغرب. واليوم نجد للكنيسة الأشورية رعايا في أوروبا والولايات المتحدة وكندا وأستراليا. ومقرّ البطريرك نفسه في شيكاغو.
وشأن غيرها من الكنائس في الشرق الأوسط وخارجه، إن الكنيسة الأشورية الشرقية تواجه تحديات جمّة. فهناك الوضع المأساوي في العراق، حيث حياة العراقيين من مختلف الكنائس في خطر داهم. والمؤمنون الأشوريون موزعون أيضاً في مختلف أرجاء العالم وهذا الأمر لا يسمح للخدمة الراعوية أن تتوافر في كل مكان على يد كهنتهم بالذات.
لقد ذكر البابا بندكتس السادس عشر بعض هذه التحديات في الكلمة التي وجهها إلى البطريرك مار دنخا الرابع، كما شدد على ضرورة وإمكانية قيام المزيد من التعاون بين الكنيسة الكاثوليكية والمؤمنين الأشوريين أينما تواجدوا معاً.

س: في كلمته إلى البطريرك مار دنخا الرابع، أشار البابا بندكتس السادس عشر أيضاً إلى النتائج الإيجابية التي أفضى إليها الحوار بين الكنيسة الكاثوليكية والكنيسة الأشورية الشرقية. فكيف تطورت العلاقات بين هاتين الكنيستين؟
ج: في العام 1994، قام البابا يوحنا بولس الثاني والبطريرك مار دنخا الرابع بتوقيع بيان كريستولوجي مشترك. وقد وضّح البيان بعض المسائل العقائدية الجدلية بين الكنيسة الكاثوليكية والكنيسة الأشورية الشرقية، وهي مسائل ترقى إلى عهد مجمع أفسس (431). في ذلك الوقت، لم تكن كنيسة الشرق تقبل مفهوم التجسد الكاثوليكي وبالتالي رفضت أيضاً لقب "أم الله" الذي يُطلق على العذراء مريم في الكنيسة الكاثوليكية.
وبالفعل، في تلك الفترة من تطوير العقائد، لم تكن السريانية واليونانية تعبّران عن المفهوم نفسه بالمصطلحات ذاتها. أما اليوم، فقد أصبح الكاثوليك والأشوريون يعترفون بأنهم يتشاركون الإيمان نفسه بيسوع المسيح "الإله الحق والإنسان الحق، الكامل بألوهيته والكامل بإنسانيته".
وقد أدّى توقيع هذا البيان الكريستولوجي إلى إنشاء لجنة مشتركة للحوار اللاهوتي بين الكنيسة الكاثوليكية والكنيسة الأشورية الشرقية. وقد التأمت هذه اللجنة على أساس سنوي بين العامين 1994 و2004 وقامت بعمل يُشهَد له.

وفي تلك الفترة، تناولت اللجنة بشكل أساسي مسائل متعلقة بالإحتفال بالأسرار. ومن بين النتائج الأبرز لهذا الحوار، أودّ أن أذكر اعتراف الكنيسة الكاثوليكية بصحّة نافور أداي وماري وإعداد وثيقة شاملة عن الحياة الأسرارية ، وهي وثيقة جاهزة لكي يتم المصادقة عليها رسمياً.
ولكن برأيي، إن هذه النتائج المهمة لم تلقَ بعد الإهتمام والرد اللذين تستحق. ليست المسألة مسألة توقيع وثائق، بل هي مسألة أن يتمّ قبول ما تمّ توقيعه فعلياً في الجماعة.

* * *

س: ما كان مصير الحوار بعد العام 2004؟ ما هي المخاوف والعوائق التي يشير إليها البابا بندكتس السادس عشر في كلمته إلى غبطة البطريرك؟

ج: في العام 2005، قررت الكنيسة الأشورية من دون سابق إنذار أن تعلّق الحوار وألا توقّع الوثيقة التي سبق إعدادها حول الحياة الأسرارية. إضافةً إلى ذلك، وخلال لقاء عُقد في نوفمبر 2005، قرر سينودس الكنيسة الأشورية تعليق عضوية أحد أعضائه، وهو أسقف كان من بين رواد الحوار مع الكنيسة الكاثوليكية وقد شارك بشكل فعال في تحقيق تقدم الحوار الناجز.
لا يمكن للكنيسة الكاثوليكية أن تتدخل في الشؤون الداخلية لكنيسة أخرى، ولكنها تأسف كل الأسف لها التطور الحزين. فازدياد الإنقسامات في جماعة تواجه ما تواجه من التحديات الجمة ليس في مصلحة أحد، كما ذكرتُ سابقاً.
كما أن هذه الإنقسامات الإضافية تولّد صعوبات لحوارنا المسكوني، بما أن بعض وسائل الإعلام الأشورية تسيء استخدامها لكي تشكك في الكنيسة الكاثوليكية وفي نواياها الحقيقية تجاه الكنيسة الأشورية؛ ولا بدّ من وضع حدّ لهذا الجدال. ونحن نأمل ونصلي لكي نتمكن من تجاوز هذه المشاكل. على الصفاء أن يعود سيّد الموقف، ما يسمح للجنة المختلطة للحوار اللاهوتي باستئناف نشاطاتها.
هذا هو معنى النداء الذي وجهه البابا بندكتس السادس عشر إلى البطريرك مار دنخا الرابع وإلى كل المعنيين، لكي نتوصل معاً إلى الحلّ الأفضل.

س: ماذا تتوقعون من زيارة البطريرك مار دنخا الرابع بالنسبة إلى مستقبل العلاقات بين الكنيستين الكاثوليكية والأشورية؟

ج: مباشرةً بعد انتخاب البابا بندكتس السادس عشر، أعرب الكاثوليكوس مار دنخا الرابع عن رغبته في القدوم إلى هنا ومصافحة البابا الجديد. وقد تكون هذه الخطوة بادرة أمل لمستقبل علاقاتنا.
وعلاوةً على ذلك، لدي ثلاثة توقعات.
أولاً، أنه يمكن إيلاء المزيد من الإهتمام من قبل المؤمنين الكاثوليك والأشوريين في العالم أجمع للصعوبات التي يواجهها إخوتهم وأخواتهم في الشرق الأوسط وخصوصاً في العراق؛ وهذه الصعوبات تطال بشكل مباشر حياة المسيحيين أفراداً وعائلات ويجب أن تسترعي اهتمام الجميع ونيتهم الحسنة.
ثانياً، يمكن أن يتمّ توضيح نتائج الحوار بيننا وتلقفها بشكل أوفر، بما يتيح للمؤمنين من الكاثوليك والأشوريين أن يتوصلوا إلى فهم أعمق وأن يمدوا يد العون لبعضهم البعض. أخيراً، أعتقد أن أشكالاً أفعل من الشهادة المشتركة والنشاطات الراعوية المشتركة يمكن أن تتطوّر بين الكاثوليك والأشوريين، خاصةً في الغرب حيث المسيحيون من كافة الطوائف يواجهون التحديات الراعوية نفسها.
ماذا يمكننا أن نفعل معاً لكي تفرح الأجيال الناشئة بانتمائها إلى الكنيسة ولكي تشهد لإيمانها بالمسيح؟ هذا هو نوع الأسئلة التي أرغب في أن أراها في صلب لقاءاتنا المستقبلية، مع الكنيسة الأشورية الشرقية أيضاً.

س: لقد كان لكم كذلك لقاء عمل مع غبطة البطريرك ولفيف الأساقفة الذين رافقوه. فهل حصلت أي تعهدات أو مشاريع خلال هذه اللقاءات؟

ج: خلال اللقاء الذي جمعنا، أصررتُ على ضرورة أن نفعّل علاقة جدّية وصادقة بيننا. كما أعربتُ عن أملي بأن نتوصل من خلال قرارات عادلة ومتّزنة إلى تلافي حصول المزيد من الإنشقاقات في الكنيسة الأشورية. وقد أصبح من الواضح أن التواصل بشكل منتظم أكثر بين البطريرك وسينودس الكنيسة الأشورية من جهة والمجلس الحبري لتعزيز الوحدة بين المسيحيين من جهة أخرى من شأنه أن يكون مفيداً.
لذا عقدنا العزم على الإعداد لمرحلة ثالثة من حوارنا اللاهوتي المشترك. وكلّي أمل بأننا، وبهذه الطريقة، سنتمكن من إعطاء زخم جديد للعلاقات بين الكنيسة الكاثوليكية والكنيسة الأشورية الشرقية.