الحوار المسكوني عبارة عن تبادل المواهب، بحسب الأخ مالّيفر

الحوار المسكوني عبارة عن "تبادل المواهب"، بحسب الأخ مالّيفر

تأكيدات تقنية من مجمع عقيدة الإيمان

روما، الأربعاء 26 يوليو 2007 (ZENIT.org)

 "الحوار المسكوني هو، بحسب عبارة غالية على قلب سلفه، "تبادل للمواهب". والتأكيدات الفنية لوثيقة مجمع عقيدة الإيمان يجب ألا تنسينا ذلك"، بحسب الأخ ميشال ماليفر، مدير القسم الوطني لأساقفة فرنسا من أجل وحدة المسيحيين، في مقابلة صدرت يوم الثلاثاء في 10 يوليو على موقع المجلس الأسقفي (http://www.cef.fr).

فقد أصدر مجمع عقيدة الإيمان في العاشر من يوليو الحالي وثيقة يُرفَق بها شرح ذات قيمة حول "بعض أوجه عقيدة الكنيسة".

وشدد مجلس أساقفة فرنسا على أن الوثيقة تتناول بشكل أساسي "معنى التأكيد المجمعي الذي يفيد بأن كنيسة المسيح "تحيا في الكنيسة الكاثوليكية"" (دستور عقائدي في الكنيسة، الفقرة 8)، وبالتالي استخدام مصطلحي "الكنيسة" و"الجماعات الكنسية" في المجمع الفاتيكاني الثاني ذاته وفي النصوص الصادرة عن السلطة الكنسية. ننشر في ما يلي القسم الأول من المقابلة مع الأخ ميشال ماليفر.

 
لقد صدر للتوّ عن مجمع عقيدة الإيمان نص جديد ذات بعد مسكوني. فما هو هذا النص؟

الأخ مالّيفر: إن هذا النص يتناول بشكل أساسي "معنى التأكيد المجمعي الذي يفيد بأن كنيسة المسيح "تحيا في الكنيسة الكاثوليكية"" (دستور عقائدي في الكنيسة، الفقرة 8)، وبالتالي استخدام مصطلحي "الكنيسة" و"الجماعات الكنسية" في المجمع الفاتيكاني الثاني ذاته وفي النصوص الصادرة عن تعاليم الكنيسة. إنه نص تقني عبارة عن خمسة أسئلة وأجوبة، يرافقه شرح ذات قيمة نشرته صحيفة الـ  Osservatore Romano. وهو يتوجه إلى اللاهوتيين القادرين على التعرف على هذا النوع الأدبي المميز. وهو لا يتناول مشكلة راعوية مباشرة، ما يعني أنه يمكن حتى لمن ليسوا معتادين على هذا الأسلوب أن يفهموه تمام الفهم.

ما هو سياق هذا النص؟

الأخ مالّيفر: لفهم هذا النص، يجب أن تعرف أن الفقرة 8 من الدستور حول الكنيسة في المجمع الفاتيكاني الثاني كانت تشير في صيغتها الأولى إلى أن الكنيسة الكاثوليكية "هي" الكنيسة التي أسسها يسوع المسيح، ما كان يوحي بأن ما من كنيسة خارج هذه الكنيسة الكاثوليكية. وإثر نقاشات تمّ التذكير خلالها بأن الكنيسة الكاثوليكية تعترف بعماد المسيحيين الأُخر وبأنه يمكننا أن نلمس عمل الروح فيهم وفي الجماعة التي ينتمون إليها، جاء القرار باستبدال كلمة "هي" بكلمة "تحيا". ومذاك، سال الكثير من الحبر حول هذه الفقرة من الدستور في الكنيسة، سيما وأن الكل لا يعيرونه البعد ذاته. فبالنسبة إلى البعض الذي رفضته وثيقة مجمع عقيدة الإيمان، من شأن ذلك أن يؤدي في الواقع إلى الإعتراف بأن الكنيسة الكاثوليكية هي "كنيسة" من بين كنائس أخرى وأن الكنيسة التي أسسها يسوع المسيح لم يعد لها وجود فعلياً. 

ما هي التأكيدات الأساسية التي يقدّمها هذا النص؟

الأخ مالّيفر: كما يوضح شرح النص، إن النص يجدّد التأكيد على القناعة بأن "كنيسة يسوع المسيح بوصفها كياناً ملموساً في هذا العالم يمكن أن تجد اعترافها في الكنيسة الكاثوليكية". فكنيسة يسوع المسيح لم تزُل مع انقسام المسيحيين: وهي ليست واقعاً مشرذماً أو مثالآً يتمّ بلوغه في نهاية الأزمنة فحسب عندما يتّحد المسيحيون مجدداً. إن الله أمين لمشروعه: لقد صان هذه الكنيسة عبر التاريخ وهي حاضرة في الكنيسة الكاثوليكية.

ولكن ماذا عن الكنائس الأخرى؟

الأخ مالّيفر: إن هذا التأكيد لا يعني أنه خارج الكنيسة الكاثوليكية ينشأ "فراغ كنسي". لقد أوضح البابا يوحنا بولس الثاني ذلك بحزم شديد (في الفقرة 13 من رسالته " Ut unum sint"). إن النص يشرح أن كلمة "تحيا" يُراد منها التعبير بوضوح أكبر على أن الكنائس أو الجماعات الكنسية الأخرى ليست مجرّدة من القيمة الكنسية، كما يذكّر، بعيد المجمع، بأن فيها الكثير من عناصر التقديس. ولكنه يذكّر أيضاً بأن هذه الكنائس والجماعات إنما تشوبها نواقص بالمقارنة مع الفكرة التي تكوّنت عندنا عن الكنيسة. وهو عند هذا الحدّ يوضح الفرق القائم بين "الكنائس" الشرقية المحلية المنفصلة القائمة على مبدأ الخلافة الرسولية إنما من غير أن تكون بشركة مع أسقف روما، و"الجماعات الكنسية" المنبثقة عن الإصلاح البروتستانتي في القرن السادس عشر التي "تفتقر إلى ذلك العنصر المكوّن للكنيسة" والمتمثل في الخلافة الرسولية في سر الكهنوت وبالتالي إلى مجمل واقع سرّ الإفخارستيا.

إذاً هو يرفض أن يعترف بالجماعات الإنجيلية والبروتستانتية ككنائس فعلية؟

الأخ مالّيفر: لقد تمّ التطرق إلى هذه النقطة في نصوص سابقة، لاسيما إعلان " Dominus Iesus" (الفقرة 17) في العام 2000 وقد أثار ذلك جلبة حقيقية أثارت دهشة البابا الحالي يومذاك. فذكّر بأن هذه الكنائس لا تريد أن تتخذ صفة الكنيسة بالمعنى الذي تعطيه الكنيسة الكاثوليكية لمفهوم الكنيسة بملئها. إن في ذلك نظرة لاهوتية بعيدة كل البعد عن خبرة المؤمنين الملتزمين في المسكونية. صحيح أنه قد يشعر المسيحيون الذين يعيشون إيمانهم في جماعة ما بالإهانة لأنه رُفض منحها صفة الكنيسة. ولكن النص لا يعتمد منطق المطلق الذي يقول بكل شيء أو لا شيء: فكما نقرأ في شرح النص، إن هذه الجماعات "تتمتع من دون أدنى شك بطابع كنسي وبقيمة خلاصية تنتج عن ذلك". مرة جديدة، إن النص هو نص تقني يعطي تطبيقاً حصريا" للتعريف الدقيق للكنيسة بنظر السلطة الكنسية الكاثوليكية.

تأكيدات تقنية من مجمع عقيدة الإيمان

روما، 27 يوليو 2007 (ZENIT.org) – "الحوار المسكوني هو، بحسب عبارة غالية على قلب سلفه، "تبادل للمواهب". والتأكيدات الفنية لوثيقة مجمع عقيدة الإيمان يجب ألا تنسينا ذلك"، بحسب الأخ ميشال ماليفر، مدير القسم الوطني لأساقفة فرنسا من أجل وحدة المسيحيين، في مقابلة صدرت يوم الثلاثاء في 10 يوليو على موقع المجلس الأسقفي (http://www.cef.fr).
فقد أصدر مجمع عقيدة الإيمان في العاشر من يوليو الحالي وثيقة يُرفَق بها شرح ذات قيمة حول "بعض أوجه عقيدة الكنيسة".
وشدد مجلس أساقفة فرنسا على أن الوثيقة تتناول بشكل أساسي "معنى التأكيد المجمعي الذي يفيد بأن كنيسة المسيح "موجودة بالكلية في الكنيسة الكاثوليكية"" (دستور عقائدي في الكنيسة، الفقرة 8)، وبالتالي استخدام مصطلحي "الكنيسة" و"الجماعات الكنسية" في المجمع الفاتيكاني الثاني ذاته وفي النصوص الصادرة عن السلطة الكنسية. ننشر في ما يلي القسم الثاني من المقابلة مع الأخ ميشال ماليفر.

لما تمّ نشر نص كهذا قد يتسبب بجرح مسيحيين آخرين؟

الأخ ماليفر: إن النص يشرح أن الغاية منه هي "توضيح المعنى الحقيقي لبعض العبارات الإكليزيولوجية التي تعتمدها سلطة الكنيسة" مقابل دراسات اعتُبرت "غير خالية من الأخطاء واللبس والغموض". ولعلّه أيضاً يترجم حرص البابا الحالي على إعادة إرساء الشركة مع مؤمنين تراودهم شكوك بأن المجمع الفاتيكاني الثاني قد "بدّل" العقيدة الكاثوليكية، ما يعمد النص على نفيه مراراً وتكراراً. ولكن علينا أن نتذكّر خصوصاً أن الحوارات المسكونية كلها تتناول اليوم مسألة طبيعة الكنيسة. في العام 2005 نشرت لجنة "إيمان ودستور" التابعة للمجلس المسكوني للكنائس والتي يشارك فيها لاهوتيون كاثوليك نصاً مهماً لتلاقي وجهات النظر تمّ رفعه إلى الكنائس والجماعات الكنسية للموافقة عليه. ويبيّن نص مجمع عقيدة الإيمان بشكل واضح أننا لم نتوصل بعد إلى اعتراف متبادل من الشركاء في الحوار يفيد بأنهم جميعاً كنيسة يسوع المسيح في ملئها وأنهم قادرون على استعادة الشركة في ما بينهم.

ألا يقدّم نص كهذا صورة متعالية عن الكنيسة الكاثوليكية؟
الأخ ماليفر: هذه هي حدود نص من هذا النوع قد لا يكون متكيّفاً بالقدر المطلوب مع وسائل التواصل الحديثة. علينا أن نبقي في بالنا أن له هدفاً محدوداً وأن التأكيدات التي يأتي بها يجب أن توازيها قناعات إضافية ترد في نصوص أخرى من المجمع الفاتيكاني الثاني والسلطة الكنسية اللاحقة. إنني أفكر في تأكيدات المجمع التي تعلن أن الكنيسة مؤلفة من خطأة ومدعوة إلى عملية تطهير ضرورية. فالقرار في الحركة المسكونية يعترف، على سبيل المثال، بأنه "مع أن الكنيسة الكاثوليكية غنية بكل حقيقة أوحاها الله وبجميع وسائل النعمة، فأعضاؤها لا يعيشون منها بالحرارة المتوجبة". ويضيف المجمع: "بحيث أن وجهها يبدو للإخوة المنفصلين عنا وللعالم قاطبةً أقل تألقاً، ويتأخر نموّ ملكوت الله" (الفقرة 4).

هل ما زال الحوار المسكوني يُعتبَر أولوية في الكنيسة الكاثوليكية؟
الأخ ماليفر: طبعاً، فمنذ لحظة انتخابه ذكّر البابا بندكتس السادس عشر بذلك وشرحُ النص يشدّد على هذه النقطة في خاتمته. فمن بين ما يقدمه لنا هذا الحوار المسكوني بالتحديد مساعدتنا في فعل التطهير التي تحدثتُ عنه للتو. وتبيّن نصوص المجمع أنه في مسيرة الإرتداد هذه، نحن بحاجة إلى بعضنا البعض الآخر، وأن "كل ما تعمله نعمة الروح القدس في الإخوة المنفصلين بإمكانه أن يُسهم أيضاً في بنياننا" (قرار مجمعي في الحركة المسكونية، الفقرة 4). وقد اعترف البابا يوحنا بولس الثاني بدوره بأننا "وبوصفنا كنيسة كاثوليكية، نعي أننا اكتسبنا غنى كبيراً من الشهادة والأبحاث وحتى من الطريقة التي أضاءت وعاشت من خلالها الكنائس والجماعات الكنسية الأخرى بعض الخيور المشتركة بين المسيحيين" (رسالة " Ut unum sint"، الفقرة 87).

إذاً إن هذا النص لا يعني أن مفهوم المسكونية ستُختصَر في فكرة "عودة" المسيحيين الآخرين إلى حضن الكنيسة الكاثوليكية؟
الأخ ماليفر: كلا، ففي خطابه الشهير الذي ألقاه خلال اللقاء المسكوني في كولونيا في 19 أغسطس 2005، ذكّر البابا بندكتس السادس عشر بأن المفهوم الكاثوليكي للوحدة لا يعني "العودة"، على عكس ما قد توحيه قراءة سطحية للنص الصادر عن مجمع عقيدة الإيمان. ففي هذا الخطاب جدّد البابا التأكيد على القناعة التي نجدها اليوم في صلب النص الحالي وقال إن الحوار المسكوني هو، بحسب عبارة غالية على قلب سلفه، "تبادل للمواهب". ولا يجوز للتأكيدات التقنية الواردة في نص مجمع عقيدة الإيمان أن تنسينا ذلك.