ما هي حاجة التكنولوجيا إلى الأخلاق؟

مقابلة مع الكاردينال لوتزانو بارّاغان

روما، 9 أكتوبر 2007 (Zenit.org)

 إن التكنولوجيا من دون أخلاق أشبه بسيارة فيراري من دون وقود، على حدّ قول الكاردينال خافيير لوتزانو بارّاغان.

ويشغل الكاردينال منصب رئيس المجلس البابوي لراعوية الصحة الذي رعا مؤخراً يالمشاركة مع معهد أكتون مؤتمراً بعنوان "الصحة والتكنولوجيا والخير العام". 

في هذه المقابلة التي أجرتها معه وكالة زينيت، يعلّق الكاردينال البالغ من العمر 74 عاماً على تحديد الصحة وتطوّر تكنولوجيا الرعاية الصحية.

س: نرى اليوم الكثير من اللغط حول مفهوم الصحة. ما هو برأيكم التعريف الصحيح للصحة؟

ج: إن "إعلان ألما أتا" حول الرعاية الصحية يحدّد الصحة بأنها حالة من الرفاه الجسدي والعقلي والإجتماعي الكامل، وليس مجرد الرعاية لمعالجة الأمراض أو الإعاقات. إن هذه الحالة من الرفاه الكامل والمطلق هي حالة وهمية، وهي عارية من كل أساس منطقي.  

لقد قال البابا الراحل يوحنا بولس الثاني في الفقرة 13 من "رسالة اليوبيل لليوم العالمي للمريض" في العام 2000 إن الصحة هي مسيرة نحو التناغم، ليس على الصعيد الجسدي  والعقلي والإجتماعي وحسب، بل أيضاً على الصعيد النفسي والروحي. وهي بالتالي ما يخوّل الشخص المعني إتمام المهمة التي أوكلها الله له، كلٌّ وفقاً لسنّه.

فالشخص يكون فعلاً بصحة جيدة عندما يعيش حياة متناغمة. والمجتمع يكون بصحة جيدة عندما يكون متناغماً. وهذه ناحية مهمة للغاية يجب تطويرها ويمكن أن نجد فيها الصحة الأزلية، لأنه من هذا المنطلق لا فرق بين الصحة الأرضية والصحة الأزلية.

س: ما هي الفرص والتحديات الناجمة عن التطور السريع للتكنولوجيا الصحية؟

ج: تكمن تحديات التكنولوجيا المعاصرة في أنها لا تهدف إلى التعزيز الفعلي للصحة. بل هي تسعى إلى تدمير الصحة بكل معنى الكلمة. ويمكننا أن نرى ذلك في مختلف تقنيات علم الأحياء الجينية التي غالباً ما تتوجه إلى قتل الشخص البشري. 

إذ يتمّ وضع حدّ للحياة بواسطة الموت الرحيم وقتل الأطفال في أحشاء أمهاتهم باعتبارهم مجرد أجنة، وهي طريقة يتخفّى خلفها من يقتلون حياة بشرية.

تلك هي ثمار الذهنية المالثوسية التي تقنّع القتل بألف تسمية وتسمية. وقد تطرّق البابا الراحل يوحنا بولس الثاني – وكذلك البابا بندكتس السادس عشر — إلى  هذا الموضوع في حديثه عن "ثقافة الموت".

س: إن الثقافة المعاصرة تعرّف الصحة بأنها حالة رفاه كامل، ولكنها في المقابل تحارب الحياة عبر الإجهاض والموت الرحيم. ما هي بنظركم الظروف التي من شأنها أن تحسّن من مستوى الرفاه البشري والخير العام؟

ج: إن الرفاه الكامل لا وجود له على الأرض لأن الله قد وعدنا بالسعادة وليس بالرفاه. وبالتالي، فإن الخطأ الرئيسي لهذا النوع من المفاهيم المعاصرة هو عدم التمييز بين الرفاه والسعادة.

فلا يمكن للإنسان أن يكون في حالة رفاه  ويكون سعيداً في الوقت عينه، أو أن يكون في حالة رفاه شديد وحزن شديد، وهذا ما تشير إليه الأرقام المرتفعة للإنتحار في الدول المتطورة جداً.

س: ما هي العواقب الناتجة عن "ثقافة الموت" التي ترفض الإنسانية في أيامنا هذه رؤيتها أو الإعتراف بها؟

ج: "نسبة الشيخوخة المرتفعة" في بعض دول العالم. فإيطاليا على سبيل المثال تسجل أكبر نسبة من التقدم في العمر في العالم، وذلك نتيجةً لنسب الولادات المتدنّية.

س: ما هي العلاقة بين تعزيز الصحة وتطوّر التكنولوجيا وتعزيز الخير العام؟

ج: لا بدّ من علاقة وثيقة بين كل هذه الأمور، بمعنى أن التكنولوجيا يجب أن تقوم على الأخلاق: فللتكنولوجيا في الواقع يمكنها أن تتطور شأن القوانين التي ترعاها، في حين أن للأخلاق غاية وهدف.

فإذا ما أبقينا التكنولوجيا كمجرد احتمال أو إمكانية، فهي تبقى مجرّدة. بمعنى أنها قد تكون مدمّرة أو بنّاءة. أما الأخلاق فتوجهها. لذا، فإن التكنولوجيا المتطورة جداً من دون أخلاق أشبه بسيارة فيراري من دون مقود.

س: ما هي أولوياتكم في المجلس البابوي لراعوية الصحة في هذا الصدد؟

ج: أن نبيّن للعالم، بوصفنا ناطقين بإسم هذه الدائرة الحبرية، معنى معاناة ومعنى ألم ومعنى موت الرب وقيامته.