مجلس بطاركة الشرق الكاثوليك يوجه رسالة للملوك والرؤساء العرب

عاليه \\ لبنان، 21 أكتوبر 2007 (zenit.org). 

وجه مجلس بطاركة الشرق الكاثوليك رسالة الى اصحاب الجلالة والسمو والسيادة رؤساء الدول العربية حول المؤتمر الذي عقد في عين تراز – قضاء عاليه وتناول الوجود المسيحي في الشرق.

وجاء في الرسالة بأن " الحضور المسيحي في الشرق الأوسط" يتأثر تأثيراً كبيراً بسبب الصراعات في نواحيها الدينية والاقتصادية والاجتماعية والسياسية… الأمر الذي  يتسبب بتعاظم موجة الهجرة بخاصة لدى المسيحيين ، الذين هم جزء لا يتجزأ من هذه الأوطان العربية، من حضارتها وتراثها وتاريخها، ولهم خبرة عيش مشترك مع اخوانهم المسلمين".

هذا ودعا مجلس البطاركة الكاثوليك الملوك والرؤساء العرب الى توحيد  الجهود وتكثيفها لأجل "إحلال السلام العادل والشامل والثابت في المنطقة".

"ان هذا السلام ضمانة للعيش وللحوار بين المسيحيين والمسلمين لا بل بين المسيحية والاسلام وهو الوسيلة الانجح لوقف الأصولية المتطرفة والتعصب والإرهاب التي تهدد بخاصة أجيالنا الشابة وتولد فيهم الإحباط والبغض والكراهية والروح العدائية وكلها غريبة عن قيمنا الايمانية في المسيحية والاسلام".

 

ليسمع المسيحي في الكنيسة: "أيها المسيحي، أحبب أخاك المسلم"، وليسمع المسلم نداء صريحا مثله في المساجد ومن على المآذن: "أيها المسلم، أحبب أخاك المسيحي"

نداء مجلس بطاركة الشرق الكاثوليك الى المسيحيين في البلدان العربية

في ختام مؤتمره السابع عشر، الذي عُقد في مقر بطريركية الروم الكاثوليك في عاليه، وجه مجلس بطاركة الشرق الكاثوليك نداء الى المسيحيين في البلدان العربية وبلاد الانتشار. ننشر في ما يلي نص الرسالة:

"أيها الأبناء الأعزاء، أردنا في مؤتمرنا في هذا العام أن نصلي ونفكر في الأوضاع المضطربة التي تسود جميع بلداننا العربية تقريبا، وأخطرها في العراق ولبنان والأراضي المقدسة.

نحمد الله على كل نعمه مع القديس بطرس في رسالته الأولى ونقول: "تبارك الله أبو ربنا يسوع المسيح، الذي شملنا بوافر رحمته… إن قدرة الله تحرسكم بالإيمان… ولابد لكم من الاغتمام حينا بما يصيبكم من مختلف المحن" (1 بطرس 1/ 3- 6). وبعد، فإننا نقول لكم ولجميع المؤمنين:
إننا ندرك المخاطر الجسيمة التي نتعرض لها والتي تهدد أمننا الفردي والجماعي في الكثير من بلداننا العربية وبخاصة في العراق ولبنان. إننا ندرك ما في الحياة من صعوبة وما يشوب مستقبلكم ومستقبل أبنائكم من غموض. لذلك فإن تجربة الهجرة تراود الكثيرين من بينكم. إن الصعوبات التي تمر بها بلداننا تدعونا جميعا إلى تجديد إيماننا بالله لنستمد منه القوة للصمود في وجه جميع التحديات.

ولكن، على الرغم من كل هذه المصاعب، نقول لكم: إن في بلداننا خيرا وميزات كثيرة، وقيما تحمي الفرد والعائلة وهي قادرة على أن تخرج مجتمعاتنا كلها من أزماتها مهما اشتدت. ولقد مر أجدادنا بصعوبات أشد من التي نمر بها اليوم، وإذ هاجر بعضهم في الأجيال الغابرة وصمد بعضهم الآخر، ونحن اليوم ورثة لصمودهم وصبرهم وجهودهم التي بنوا بها أوطاننا. يجب ألا ننسى كل هذا التراث أمام الصعاب التي تعترضنا اليوم، بل نعمل جاهدين، رعاة ومؤمنين، لوقف نزيف الهجرة، عالمين أن مستقبل حضورنا لا يتحمل المزيد منها. ومن ثم واجبنا جميعا هو أن نبقى ونجاهد ونزداد محبة للجميع وأن نبني في الرجاء مجتمعا جديدا. قال السيد المسيح: "إنكم تعانون الآن الشدة في العالم، ولكن ثقوا فإني قد غلبت العالم" (يوحنا 16: 33).

تشهد بلداننا اليوم تغييرات كبيرة وتمر بمراحل حاسمة، ولهذا حضوركم في بلدانكم في هذه المرحلة الحاسمة من تاريخه ضروري حتى تسهموا في رسم ملامحه الجديدة، بإنشاء مجتمع أفضل للجميع.

إيمانكم بأوطانكم يدعوكم إلى الفطنة والشجاعة والعمل على توطيد الثقة بأنفسكم، والمشاركة في التضحيات للخروج من الأزمة الراهنة، ولبناء أوطان لها وجوه جديدة يطمئن جميع أبنائها إليها.

إننا نرى أن التوترات الطائفية بات لها أثر كبير في عدم طمأنينة الناس وتدفعهم إلى الهجرة من أوطانهم. ولهذا، إننا نهيب بجميع أبنائنا وإخوتنا المواطنين كي يتعلموا أن يقبلوا بعضهم بعضا ويتعاونوا معا، فلا يجعلوا من كنائسهم أو مساجدهم حواجز فيما بينهم، بل ليجعلوها جسورا توحد فيما بينهم وتعزز في قلوبهم المحبة والتآخي.

إننا نوجه نداء واحدا مشتركا إلى القيادات الدينية، المسيحية والإسلامية، ونقول للجميع: علموا الناس أن يحبوا بعضهم بعضا وأن يتعاونوا بعضهم مع بعض. ليسمع المسيحي في الكنيسة: "أيها المسيحي، أحبب أخاك المسلم"، وليسمع المسلم نداء صريحا مثله في المساجد ومن على المآذن: "أيها المسلم، أحبب أخاك المسيحي".

ونوجه كلامنا إلى أبنائنا وبناتنا في بلدان الانتشار فنقول لهم: من واجبكم أن تحملوا مسؤولية أوطانكم في هذه الأوقات الحرجة، فتدعموا جهود الخير ومساعي السلام فيها لتعلموا مع إخوتكم في الوطن على تدعيم الإلفة والمودة والطمأنينة.